هناك فجوة كبيرة بين اليهود وبين أعدائهم، وبشكل أدق بيننا وبينهم!
هذه الفجوة لا تتمثل فقط في قدرة الطرف الأول المادية والعسكرية الكبيرة، بل وفي الفارق في والثقافة وقدسية الحياة وحتى الضمير.
تبدو إسرائيل على الخارطة وكأن جيرانها سيبتلعونها غداً، ولكن من الواضح أنها التي ستبتلعنا في نهاية الأمر، إن استمر تخلفنا.
فبالرغم من أن عرب ومسلمي ومسيحيي هذه المنطقة يعيشون فيها منذ آلاف السنين، فإن ما يفرقهم أكثر مما يجمعهم. وبالرغم من أن الغالبية الساحقة من شعب إسرائيل هاجرت لها منذ عشرات السنين فقط، ومن خلفيات عرقية وثقافية لا تعد ولا تحصى، إلا أنهم استطاعوا، بالحد الأدنى من الموارد، وتحت أقسى الظروف، تحقيق ما يشبه الخرافة، مقارنة بما حققته دولنا في نفس الفترة الزمنية!
ولو لم يكن لدينا «شوية» نفط، الذي لا تملك إسرائيل قطرة منه، لكان حالنا أسوأ من الحالي بكثير!
فما السر؟
***
يعتبر تنظيم الإخوان المسلمين، بنظر الكثيرين، التنظيم الأيديولوجي والسياسي وشبه العسكري الوحيد المؤهل للقيام بدور «استراتيجي»، وتأسيس دولة الخلافة الإسلامية أو ما يشابهها، التي طالما تغنى بها البعض وسعى لتأسيسها، كما سعت الحركة الصهيونية عام 1897 في بازل لوضع أسس دولة إسرائيل.
نجحت الحركة الصهيونية خلال نصف قرن فقط في تحقيق حلمها وأسست «دولة» منيعة ومتقدمة وقادرة على فرض نفسها على العالم أجمع.
أما حركة الإخوان، فإنها تحاول، ومنذ أكثر من تسعين عاما، تأسيس دولتها الدينية، ولكنها تمنى بالفشل تلو الآخر.
يعود نجاح الحركة الصهيونية وفشل حركة الإخوان يعود لعوامل عدة منها:
الأول: نجح الصهاينة في تجنيد أفضل العقول العلمية والسياسية لخدمة القضية، وقيادتها، دون النظر لمدى إيمانها بالفكر اليهودي التقليدي. وهذا ما فشلت فيه حركة الإخوان، حيث كانت خياراتها بائسة، وبعيدة عن الصواب، ابتداء بالمستوى التعليمي المتواضع لغالبية مرشدي الحركة وانتهاء بممثليهم السياسيين، سواء لدينا أو في الدول الأخرى. فطبيعة فكر الإخوان المتخلف لا تسمح للمبدع الخلاق بأن يكون عضوا في الجماعة.
ثانيا: غياب الشفافية عن فكر الإخوان، فلا أحد يعرف شيئا عن خططهم ولا عن برامجهم للحكم، وهذا يعود غالبا لعدم وجودها أصلا، ورأينا ذلك بوضوح خلال فترة حكمهم لمصر وتونس والسودان.
ثالثا، والأهم: اهتمام اليهود، تاريخيا، بالعلوم وشغفهم المعروف بالقراءة، واهتمام الحركة الصهيونية، ومؤسسي الدولة، بضرورة تكوين المؤسسات العلمية والتعليمية والثقافية منذ اليوم الأول لتأسيس الدولة، بجانب اهتمامهم بالعقيدة الدينية وبالقوة العسكرية الرادعة، فوصلوا وتقدموا، وتجاوزونا بمراحل.
أما الفريق، الذي يفترض أنه مضاد لهم فكريا، والمتمثل بحركة الإخوان المسلمين، فقد اثبت عجزه وفشله، العلمي والسياسي والثقافي، وعلى مدى قرن تقريبا، في بناء صرح علمي واحد يمكن الإشارة له، هذا غير بغضهم لكل مواضيع الثقافة والفن والفكر والأدب.
***
بينت دراسة أجراها مركز بيو الأميركي المعروف عام 2016، أن نصيب الفرد اليهودي من التعليم يبلغ في المتوسط 13.4 سنة، يليه المسيحي، بمتوسط 9.3 سنوات، ولا داعي طبعا لمعرفة نصيب الفرد في دولنا!
a.alsarraf@alqabas.com.kw