إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
تطورت علوم الدماغ تطورات سريعة عظيمة مذهلة وبالمقابل تنشط الترجمة إلى اللغة العربية بشكل مبهج. لقد تمكن العلماء من معرفة تكوين الدماغ وشاهدوه وهو يعمل وتعرفوا على أجزائه المختلفة في حالات نشاط هذه الأجزاء. قدَّم العلماء تفاصيل رائعة توضح عمل هذا الجهاز العجيب الذي يقبع تحت الجمجمة. وأوضح العلماء أن الدماغ هو أشد أجزاء الجسم نشاطًا لذلك فإنه رغم أنه لا يمثل سوى ٢% من وزن الجسم فإنه يستهلك ٢٠٪ من الطاقة التي يستقبلها الجسم ….
شراهة الدماغ للطاقة أدت لتكوين آليات للاقتصاد في الطاقة وفق مبدأ الاقتصاد في الطاقة….
من هذه الآليات:
– أن البنية الذهنية القاعدية لا تبقى ضمن نطاق الوعي وإنما تحال إلى المخيخ فهي تعمل وتستجيب بشكل تلقائي ومن دون إشغال الوعي وبهذه الاستجابة التلقائية تتحقق الفاعلية التلقائية والسرعة وتوفير الطاقة …..
– الآلية الثانية التي يتخذها الدماغ للاقتصاد في الطاقة هي أن ما يتكرر فعله يعتاد عليه الدماغ فيحيله إلى استجابة تلقائية لا تتطلب مزيدًا من الطاقة ….
– لما كان البناء الدائم للمشابك التي تصل خلايا الدماغ بعضها ببعض هو الأكثر استهلاكًا للطاقة فإن الدماغ يغلف المشابك التي يتكرر تشغيلها بمادة المايلين فتصبح معزولة كالعزل الذي تُغطى به أسلاك الكهرباء وبهذه الآلية تتحقق سرعة الاستجابة والاقتصاد في الطاقة …..
أهم شيء في جسم الإنسان هو دماغه ومن الواجب أن يهتم الجميع بمعرفة كل ما يتعلق به:
– تكوينه
– أجزاؤه
– العلاقة بين هذه الأجزاء
– معرفة الجزء المسؤول عن التفكير المنطقي ….
– معرفة الجزء المسؤول عن المشاعر والعواطف ….
– معرفة الجزء المسؤول عن حفظ العادات وما يتكرر فعله ….
– آليات عمل الدماغ في حالات الخيال الخلاق وكذلك معرفة ما يحصل داخل الدماغ في حالات الابتهاج أو الخوف أو الغضب أو النزاع …..
وفرة احتياطية هائلة
إن تجهيزات جسم الإنسان الحيوية قائمة على مبدأ الوفرة الاحتياطية ….
وعلى سبيل المثال فإن دماغ الإنسان الأيمن هو تكرار للدماغ الأيسر ويترتب على هذا التكرار بأنه يمكن لحياة الشخص أن يعيش حياة طبيعية بعد إزالة دماغه الأيمن بأكمله بشرط أن يتم ذلك قبل بلوغ الشخص السنة الثامنة من عمره حيث ثبت أن الأطباء أزالوا جراحيًّا الدماغ الأيمن لطفل فعاش حياة طبيعية تمامًا ولم يتعثر لا في التعلم ولا في ممارسة أي شيء يمكنه أن يمارسه بالدماغين ….
وتعرض أحد الأشخاص لانفجار انتزع جزءًا كبيرًا من دماغه فلم يتأثر ذكاؤه ولا قدرته على التعلم ولا مهاراته العملية وإنما فقط اختلت عنده قدرة التقييم ….
وأصيب أستاذ جامعي بعطب شديد في دماغه وشلل لكنه بالتمارين وحث الدماغ على النمو استعاد قدراته وعاد للتدريس في الجامعة بل عاد يمارس الرياضة …
الكبد نموذج آخر على الوفرة الاحتياطية وهذه مزية ذات حدين فهي تجعل الإنسان يستمر في حياته الطبيعية مادام يوجد جزء من كبده سليما لم يُصَب بعطب لكن هذه المزية لها جانب سلبي لأن الشخص الذي تصاب كبده يستمر يجهل مرضه حتى يكتمل العطب فالكبد تستمر في أداء وظيفتها مادام فيها جزء سليم فيفاجأ الشخص بعد اكتمال العطب أن زمن التدارك قد فات وهذه معضلة الوفرة الاحتياطية الخادعة …..
الأكثر وضوحًا في الوفرة الاحتياطية تتأكد في الوظيفة التكاثرية والتلقيح فبينما أن الأنثى لا تُفرز مبايضها سوى بيضة واحدة في كل شهر فإن قذفة واحدة من الذكر تحوي ملايين الحيوانات المنوية وهي كافية لتلقيح ملايين الإناث لكن حيوانًا منويا واحدًا فقط هو الذي يلتحم بالبويضة ويخرتقها ويمتزج بها ومنهما معًا يتخلق كائن جديد ….
هذه نماذج من الوفرة الاحتياطية الهائلة التي يقوم عليها التكوين الجسدي للإنسان ……