بيروت (رويترز) – أغلقت القوات اللبنانية شوارع العاصمة بيروت بالدبابات والأسلاك الشائكة عدة ساعات يوم الأحد بعد أن أذكى مقتل محتج أمام السفارة الإيرانية توترات طائفية أججتها بالفعل الحرب الأهلية في سوريا.
ولقي الرجل حتفه في اشتباكات بين جماعات شيعية متناحرة بعد أن أطلق مسلحون من حزب الله النار عقب احتشاد المحتجين عند السفارة.
ونشر الجيش اللبناني مدرعاته وأقام حواجز الطرق لإغلاق منطقة وسط المدينة والأحياء التي يسيطر عليها حزب الله المدعوم من إيران . ولا يتمتع الجيش اللبناني بإمكانيات كافية لفرض سطوته على الفصائل المسلحة الكثيرة التي لا تزال تنشط بعد مرور عقدين على الحرب الأهلية اللبنانية.
وعادت حركة المرور إلى طبيعتها قرب حلول الليل.
ونظم متظاهرون ينتمون إلى مختلف الطوائف – ومن بينهم سنة وشيعة ومسيحيون – مسيرة في وسط المدينة احتجاجا على الدور البارز الذي يلعبه حزب الله في دعم الرئيس السوري بشار الأسد إذ ساعد مقاتلو الجماعة اللبنانية قوات الأسد على استعادة مدينة القصير الحدودية الاستراتيجية الأسبوع الماضي.
وعندما وصل محتجون ينتمون إلى حزب شيعي صغير معارض لحزب الله يستقلون حافلة إلى السفارة الإيرانية جنوب بيروت رآهم صحفي من رويترز وهم يشتبكون مع أفراد من حزب الله يرتدون ملابس سوداء.
وقال مسؤولون أمنيون لبنانيون إن متظاهرا أعزل قتل وأصيب عدة أشخاص آخرين.
وزادت المخاوف من أن تؤدي الاضطرابات في سوريا إلى تقويض التوازن الهش في لبنان بعد أن تعهد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله قبل أسبوعين بالقتال بجانب الأسد حتى النصر.
وأعيد بناء بيروت بعد حرب أهلية استمرت 15 عاما وانتهت في عام 1990 غير أنه تعذر إحلال الأمن في البلاد مما يقوض الآمال في استعادة ازدهارها.
وقال علي حمود – صاحب فندق – إن أعمال العنف التي وقعت يوم الأحد تهدد بإخافة السائحين وعزوفهم عن زيارة البلاد. وأضاف “ما حدث اليوم يجعلنا نشعر أن الفترة القادمة صعبة للغاية. فنحن نجلب لأنفسنا المصائب بالتدخل في شؤون الآخرين… لن يأتي أحد إلى لبنان الآن. وهمنا الآن هو مجرد البقاء على قيد الحياة.”
وقال عضو في البرلمان اللبناني يدعم رئيس الوزراء السني الأسبق سعد الحريري إنه على حزب الله أن يسحب مقاتليه.
وقال نهاد المشنوق إن حزب الله قاد لبنان إلى نفق لا نهاية له وأن لبنان لن ينجو من كارثة مشددا على ضرورة انسحابهم من سوريا.
ولا تخفى أعمال العنف بين الشيعة في لبنان ولكنها أقل انتشارا من تلك التي تقع بين الشيعة والسنة منذ أن أخذت الحرب الأهلية السورية المستمرة منذ أكثر من عامين منحى طائفيا واضحا.
وأذكى هذا الانقسام مواجهة أوسع نطاقا في أنحاء الشرق الأوسط بين الشيعة المدعومين من إيران والسنة الذين يحكمون معظم الدول العربية. وتدعم بعض القوى الغربية وتركيا مقاتلي المعارضة رغم الشكوك التي تحوم حول الإسلاميين المتشددين في صفوف المعارضة بينما أمدت روسيا الأسد بالسلاح.
وتسعى الولايات المتحدة وروسيا إلى حل الخلافات بدفع طرفي الصراع إلى إجراء محادثات سلام في جنيف ولكن الانقسامات بين المعارضة والخلاف بين القوى الكبرى على رحيل الأسد أثارت غموضا حول إمكانية انعقاد المؤتمر.
وانشقت بريطانيا وفرنسا عن القوى الأوروبية الأخرى والولايات المتحدة وقالتا إنهما قد تنضمان إلى السعودية وقطر في تسليح مقاتلي المعارضة باعتباره سبيلا لإنهاء الحرب الأهلية التي أودت بحياة 80 ألف شخص.
وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيج يوم الأحد إن لندن لاتزال “مترددة جدا” في تسليح المعارضة.
وأضاف “الناس لديها بواعث قلق مفهومة بشأن فكرة إرسال اسلحة إلى أي جهة في سوريا… من ناحيةأخرى يقتل الناس الآن بأعداد كبيرة في حين يحرمهم العالم من حق الدفاع عن أنفسهم.”
وقالت إسرائيل اليوم الأحد إنها تنأى بنفسها عن الصراع رغم قلقها من أن تؤدي الاشتباكات الدائرة عند خط وقف إطلاق النار الذي تراقبه الأمم المتحدة في الجولان إلى اقتراب الإسلاميين منها.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لحكومته في تصريحات بثها التلفزيون “إسرائيل لن تتورط في الحرب الأهلية في سوريا ما دامت النيران غير موجهة إلينا.”
وفي سوريا أشار نشطاء من المعارضة يوم الأحد إلى وقوع اشتباكات في شمال حلب كبرى مدن البلاد ومركزها التجاري وإن مقاتلي المعارضة في المنطقة يستعدون لهجوم من قوات الأسد عقب نجاحها في استعادة القصير قرب حمص.
وقال نشطاء إن الطائرات السورية قصفت بلدة الرقة الخاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة إلى الشرق من حلب في حين يسعى مقاتلو المعارضة إلى السيطرة على قاعدة عسكرية قريبة.