تعرضت دول ما بات يُعرف بــ“الربيع العربي” لهزات سياسية واجتماعية متفاوتة في العمق والتأثير على مسار وفرص التحول الديمقراطي وإنجاز أهداف الثورة/الانتفاضة في كل بلد. لكن في سوريا، حيث يوجد أحد أعتى وأشرس النظم السلطوية في العالم، اتخذت الثورة الشعبية، التي بدأت سلمية، منحى مختلف لا يهدد فقط خلاص الشعب السوري من نظام الأسد والبدء في خطوات التحول الديمقراطي، وإنما إمكانية الحفاظ على وحدة التراب السوري.
في هذا الإطار توجه مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان لعدد من أبرز المفكرين والكُتاب والباحثين في سوريا؛ ليجيبوا على هذا السؤال: كيف يمكن للثورة السورية تجنّب الوقوع في براثن نظام قمعي شمولي جديد؟
وتحت عنوان (الخلاص أم الخراب؟.. سوريا على مفترق الطرق) أصدر مركز القاهرة كتابًا يضم الأوراق البحثية التي قام بتحريرها وتقديمها المفكر السوري ياسين الحاج صالح، وساهم في كتابة الأوراق مجموعة من أبرز الباحثين والكُتّاب السوريين وهم أحمد حسو، أكرم البني، أنور البني ورضوان زيادة.
تواجه سوريا خطر الجماعات الدينية المسلحة- بعضها ذا صلة بتنظيم القاعدة- والتي احتشدت من كل صوب، بزعم المشاركة في القتال ضد قوات الأسد، ثم سرعان ما تورطت في جرائم بشعة ضد المواطنين السوريين تحت راية تطبيق الشريعة الإسلامية. فضلا عن اتهام بعض هذه الجماعات بالاعتداء على معارضين سياسيين للأسد ومدافعين عن حقوق الإنسان واختطافهم. هذا قبل أن تبدأ هذه الجماعات- التي يحظى بعضها بدعم تنظيمات ودول الجوار- في إشهار سلاح التكفير في مواجهة بعضها البعض؛ لتبدأ مرحلة جديدة من الاقتتال التي تهدد ببحر دماء متجدد فضلًا عن تفكيك سوريا.
كتاب” سوريا على مفترق الطرق” والمكون من قسمين رئيسيين، يناقش -من خلال مجموعة من الأوراق البحثية- في قسمه الأول مسارات الثورة السورية، حيث يستعرض وضع الثورة السورية بعد عامين ونصف من انطلاقها، ويحاول الإجابة على عدة تساؤلات حول المسار الانتقالي للثورة السورية؟ بينما يعتبر القسم الثاني من الكتاب بمثابة “ملحق وثائقي”، يتناول أهم وثائق الثورة السورية، ومنها بيان تأسيس المجلس الوطني السوري، الوثيقة التأسيسية لهيئة التنسيق الوطني، عهد وميثاق جماعة الإخوان المسلمين في سوريا، وثيقة العهد الوطني لسوريا المستقبل، وقرار مجلس الأمن رقم 2118، وغيرها من الوثائق التي تؤرخ للوضع في سوريا على مدار عامين وأكثر من الثورة.
الجدير بالذكر أنه وفي ظل تقاعس المجتمع الدولي؛ تسبب نظام الأسد، فقط منذ بداية اندلاع الثورة، في قتل أكثر من 140 ألف مواطن سوري واعتقال وتعذيب عشرات الآلاف، ونزوح ولجوء ملايين من أبناء الشعب السوري. لتغدو الأراضي السورية ساحة واسعة لممارسة الانتهاكات اليومية التي تعصف بالأمل في تمتع الشعب السوري بحقوق الإنسان والديمقراطية والحق في تقرير المصير.
تتوافر النسخة العربية من الكتاب على الرابط التالي: http://www.cihrs.org/?p=8160