“الشفاف”- بيروت – خاص
مع عودة رئيس الحكومة اللبنانية الى بيروت منهياً فترة إعتصام عن الكلام والتصريحات امضاها في المملكة العربية السعودية، بدأت تتضح معالم المرحلة الراهنة والمقبلة وصولاً الى موعد صدور القرار الظني في محاكمة قتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري وسائر قيادات ثورة الارز.
قبل سفر الرئيس الحريري لآداء مناسك العمرة كان الإرباك سيد الموقف في صفوف قوى 14 آذار ومن ضمنهم تيار المستقبل، خصوصا في ضوء المقابلة المثيرة للجدل التي أدلى بها الرئيس الحريري لصحيفة “الشرق الاوسط” والتي اعلن فيها تراجعا عن الاتهام السياسي لدمشق بالتورط في إغتيال والده فضلا عن تطرقه الى ما يسمى بـ”شهود الزور” والضرر الذي قد يكون الحقه هؤلاء بالتحقيق الدولي.
مصادر في قوى 14 آذار اعتبرت ان سقف القمة الثلاثية السعودية السورية اللبنانية التي انعقدت في بعبدا بدأ يضيق عليها خصوصا ان الحريري لم ينسق معها موقفه، إلا أنها آثرت إنتظار عودة الحريري لاستيضاحه حقيقة الموقف قبل ان تلجأ الى إتخاذ اي خطوة من اي نوع.
وفي هذا السياق تعتبر مصادر لبنانية ان الموقفين اللذين صدرا عن الحريري في “الشرق الاوسط” يختلفان في انعكاساتهما على الواقع السياسي اللبنانية والتحقيق الدولي.
فأشارت المصادر الى ان قوى 14 آذار لم تعد في حاجة الى الاتهام السياسي لدمشق لانها حققت أهدافها من هذا الاتهام وهي انسحاب الجيش السوري وتقويض النظام الامني اللبناني السوري الذي حكم البلاد من تسعينيات القرن الماضي فضلا عن المفاعيل الاخرى من تبادل التمثيل الديبلوماسي بين البلدين للمرة الاولى والاقرار، ولو شكلا الى الآن، بتشكيل لجان لترسيم الحدود بين لبنان وسوريا، وإعادة النظر في الاتفاقات المعقودة بين البلدين زمن الوصاية!
اما في ما يتعلق بموضوع شهود الزور، فأشارت المصادر الى ان هذا الأمر سيف ذو حدين وبالامكان التعويل عليه لإعادة تصويب المسار الذي تريد قوى 8 آذار جرف ملف المحكمة الدولية في اتجاهه، خصوصا ان المطلوب هو محاكمة القتلة وسوقهم الى العدالة وليس إعطاء صك براءة للضباط الاربعة سلفا وقبل صدور القرار الاتهامي وبدء المحاكمات.
وتضيف المصادر ان شهود الزور بدأوا تسلسلهم مع وقوع الجريمة من خلال شريط الانتحاري المزعوم “ابو عدس” وليس بعده. وإذا كان هناك من فبركة، فلتتم محاسبة جميع المفبركين، خصوصا من قرر حرف التحقيق عن مساره بإختراع “ابو عدس” ومن اوعز للمحطات التلفزيونية ببث الشريط الشريط ولماذا رفضت المحطات التلفزيونية المحلية بث شريط “ابو عدس” المزعوم وكيف وصل الى قناة الجزيرة الفضائية؟!! …..
وإزاء ما سبق، كان لا بد من إعادة تصويب الوضع السياسي العام في البلاد وبحث “سقف التسوية التي انتجتها القمة الثلاثية” مرة جديدة. خصوصا ان حزب الله اعلن صراحة ان سمة المرحلة المقبلة ليست شهود الزور ولا سواهم ولا تقف عند اقل من مطالبة رئيس الحكومة سعد الحريري بإلغاء المحكمة الدولية وهذا ما اعلنه صراحة “ربيب” الحزب اللواء جميل السيد في مؤتمره الصحفي، حين طالب الرئيس الحريري بـ”سجب جثمان والده من وسط العاصمة وإقامة الصلاة عليه ونسيان المحكمة الدولية وكفى”.
إرباك سوري وتصعيد “إلهي”!
وتشير المعلومات الى ان ما شهده لبنان في الفترة السابقة ناجم عن إرتباك سوري في شأن الملف اللبناني حيث تعهدت دمشق بلجم جنوح حلفائها الى تخريب السلم الاهلي وزعزعة الاستقرار، وفي المقابل شكلت زيارة الرئيس الايراني المفاجئة الى دمشق بنتائجها اللبنانية ما اعتبره المراقبون تراجعا عن الالتزام السوري مع المملكة العربية السعودية بالتهدئة.
وإزاء تدهور الاوضاع على الساحة اللبنانية بما ينذر بحال من الفلتان، عادت المملكة العربية السعودية للتدخل على خط الازمة وأعطت الضوء الاخضر لحلفائها بضرورة وقف التراجع والتصدي بما ينسجم مع حملات التصعيد التي تتعرض لها الحكومة ورئيسها وقوى الرابع عشر من آذار من دون الوصول الى إنفجار امني.
وتشير المعلومات الى ان دمشق وجدت نفسها في موقع المجبر على الدخول على خط الازمة ايضا لمنع الانفجار حفاظا على موقعها في المفاوضات المرتقبة، علما ان السلطات السورية عرضت مقايضة المحكمة الدولية بمشاركتها بالمفاوضات، فما كان من المبعوث الاميركي جورج ميتشل إلا أن أبلغ السلطات السورية بأن هذا الامر غير متاح حرصا على صدقية المجتمع الدولي والعدالة الدولية وان على دمشق ان تحسم خيارها بين المجتمع الدولي من جهة والتحالف مع ايران والذي يأتي من ضمنه موضوع حزب الله والمحكمة الدولية، حسب ما اشار مطلعون على محادثات الاسد ميتشل.