ما زالت الصدمة التي احدثها لقاء الرئيس الحريري والنائب سليمان فرنجيه ترخي بثقلهات على الحياة السياسية اللبنانية، وسط سيل من التحليلات والاستنتاجات بين من يعتبر ان فرنجية سيكون رئيسا في ١٢ من الشهر المقبل، وفي بعبدا في اليوم الذي يلي، على ان يشارك في القداس الالهي في بكركي على ما يشيّع انصاره في الشمال من الذين بدأوا يعدون العدة للانتقال معه الى بعبدا، ومنهم من بدأ فعلا بخياطة اطقم رسمية تليق بقصر بعبدا!
ترشيح فرنجية، ولكل من يرصد ردود الفعل عليه، يثير الاعتراضات داخل قوى 14 آذار، في حين ان قوى 8 آذار تتفرج وتنتظر، على ما قال فرنجيه نفسه، ان تعلن قوى 14 آذار ترشيحه رسميا لتبني على الشيء مقتضاه.
ويبقى حتى اللحظة الصامت الاكبر رئيس حزب القوات اللبنانية، الدكتور سمير جعجع، في حين نُقل على لسان الجنرال عون كلام جاء فيه انه سوف يهنيء فرنجيه في حال انتخابه!
صمت الدكتور جعجع، ونأي نواب “كتلة الاصلاح والتغيير” عن التعليق على ترشيح فرنجيه، يثير ريبةَ اللفاء والخصوم على حد سواء.
وعلى هذه الضفّة ايضا، يتم تناقل سيناريوهات متعددة لمواجهة احتمال إسكان النائب سليمان فرنجية في قصر بعبدا.
من بين السيناريوهات المحتملة ان بتبنى الدكتور جعجع ترشيح العماد عون للرئاسة، إلا أن هذه الخطوة دونها محاذير عدة، ليس اقلها، ان الـ”حكيم”، سيخسر الكثير من صدقيته وهو الذي ما انفك يردد منذ اندلاع ازمة الرئاسة من انه لن يقترع لمرشح من قوى 8 آذار. فإذا كان لن يقترع لفرنجيه فكيف سيقترع ويتبنى ترشيح الجنرال عون، على رغم التزام القوات بـ”ورقة إعلان النوايا”، مع التيار العوني، إلا أن الورقة لم تلحظ في اي من بنودها ان يتنازل اي من الجنرال عون او الحكيم للآخر.
كما ان تبني الحكيم لترشيح الجنرال عون لن يشجع أطرافا مسيحية أخرى، في قوى 14 آذار، على الالتزام بهذا التبني، خصوصا حزب الكتائب، وبعض المستقلين الذين لا يرون فرقا بين عون وفرنجيه، وهؤلاء يفضلون فرنجيه في بعبدا ضمن سلة متكاملة للتسوية، على ان يقترعوا كيدياً للجنرال عون.
والى ما سبق، سوف يخسر الحكيم ورقة ترشحه الى الانتخابات مع “الحلفاء” والخصوم على حد سواء في مغامرة قد لا تكون محسوبة العواقب أقله في صفوف قوى 14 آذار.
وتخلص التحليلات الى هذا الحد باستبعاد اتفاق الثنائي عون جعجع على ان يتنازل “الحكيم” للجنرال.
تحليلات اخرى تقول أنه، في حال سقوط خيار تبني ترشيح الجنرال، ماذا لو رشّح كل من الجنرال عون والدكتور سمير جعجع الرئيس السابق امين الجميل للرئاسة، في مقابل النائب سليمان فرنجية، وتشير هذه التحليلات الى ترشيح الجميل سيضع فريق 14 آذار امام امتحان صعب.
على المستوى السياسي، ترشيح الجميل ينجم عن اتفاق مسيحي بين 3 ممن وصفوهم بالاربعة الاقوياء، في مقابل مرشح تمت تسميته على يد الثنائي الحريري جنبلاط، ما سيحرج الكنيسة المارونية، خصوصا اذا جاء الترشيح من الصرح البطريركي. فهناك مرشح “صناعة مسيحية”، وآخر “صناعة إسلامية”، وإن كانت لبناني!
على المستوى السياسي ايضا، يسحب ترشيح الجميل ورقة تأييد الكتائب للنائب فرنجيه، ويغري الكثير من المستقلين المسيحيين بتأييده بدلا من ان يصوّتوا مرغمين لفرنجيه، الذي لم ينفك يوما عن اتهامهم بالعمالة.
وعلى المستوى الاخلاقي، لا يمكن لاحد في قوى 14 آذار، ان يُعيب على الجميل اي موقف. فهو والد الشهيد بيار الجميل، الذي تدمع ذكراه أعين رفيقه الرئيس سعد الحريري، وهو رفيق النائب الشهيد انطوان غانم في عز حملات تصفية رموز وقادة قوى 14 آذار.
وتاليا سيضع ترشيح الجميل، مدعوما من عون وجعجع الكل، من الصرح البطريركي إلى الآخرين، امام الحائط المسدود. وهذا ما سيستدعي على الأرجح رفضا من حزب الله لوصول الجميل الى بعبدا، بذريعة أنه وقع اتفاق ١٧ أيار مثلاً، ما يعيد ازمة انتخاب رئيس الى المربع الاول.