بقصة إبريق الزيت بدأ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله خطابه بالأمس. خطابٌ توجّه به إلى اللبنانيين وإلى ما تبقى من رصيده العربي, في الذكرى السنوية السادسة لحرب تموز.
لم يكن السيد خلاقاً في خطابه ولم يفاجئ أحداً، فكما جرت العادة في كل عام من الذكرى أخذ يحدثنا على مدى ثلث ساعة عن الإنجازات والبطولات التي سطرها الحزب في مواجهة العدو والتي لا يتنكر لها أحد في الداخل حتى ألدّ اخصامه في السياسة.
ولكن السيد أبى إلا أن يمنّنا! “يربحنا جميلة”، في معركةٍ فرضها على اللبنانيين واختار هو زمانها ومكانها وأهدافها، فيما كان يخوض معركة أشرس مع حكومة اتهمها بالاستئثار.
على كل حال، وبعيداً عن الخوض في تكلفة الحرب ووقعها المادّي والمعنوي والسياسي على اللبنانيين، ثلث ساعة “تربيح جميلة” من عمر خطاب السيد نصرالله يدحضه كلام السيد نفسه عشية الأحد 27 آب/أغسطس 2006 حين قال “لو علم حزب الله بأن عملية أسر الجنديين الإسرائيليين كانت ستقود إلى الدمار الذي لحق بلبنان، لما قمنا بها قطعاً”.
لم يكتف السيد بتربيح الجميلة بل ذهب إلى أبعد من ذلك، وشن حملة تخوين وتشهير، و”فحص دم” بالوطنية لكل من يخالفه الرأي. حملةٌ لم تسلم منها عائلتي وجيراني ورفاقي وأصدقائي ممن استقبلوا أهاليهم وشركائهم بالوطن من النازحين وحموهم من آلة الحرب الإسرائيلية. لكن، حتى مع هذه النبرة والسقف العالي بدا السيد فاقداً لعنصر المفاجأة. لم يفاجئ أحداً! فقد اعتاد اللبنانيون، وما تبقى من عرب يتابعونه، على نمط الكلام ذاته من السيّد على مدى السنوات الست الماضية وأصبح الصراخ والتهويل والتهديد بالنسبة لهم عادة مكتسبة.
لم يغب عن السيّد الحدث السوري الجلل، فقد نعى قتلى أركان حرب نظام الأسد معتبراً أنهم “شهداء كبار” قدموا الكثير للبنان والمقاومة.
أكثر من عشرين ألف شهيد مظلوم أعزل “قتلى”، وعصابة مجرمين يديرون الأزمة ويمارسون التشبيح والتعذيب والتهجير “شهداء”. هكذا هي المعادلة برأي السيد.
التعليق يترك للثوار وللشعب السوري البطل التي باتت ملامح انتصاره تلوح في الأفق. لربما يغفر ويسمح، أو لا! حين إذن يدرك اللبناني الذي يقول “إن السيد يمثلني” حجم الأزمة التي فرضها عليه السيد نصرةَ لمشروع إقليمي لا ناقة له فيه ولا جمل.
وبعد صمت مطبق تكلم السيد مؤكداً على متانة التحالف مع شخص العماد عون وكوادر التيار الوطني الحر وقاعدته الشعبية.
كلام مقنع. إذ لا مصلحة لأحد الطرفين بفك أو توتير التحالف الذي يؤمن غطاء مسيحيا وإن كان في تراجع للحزب من جهة، ويكاد يشبع شهوة عون وتياره للسلطة من جهة أخرى. وهو كلام تجلى بالأمس باعتداء شباب التيار العوني على فريق عمل ومراسل “إم تي في” الزميل هيثم خوند مباشرة على الهواء. وكانت قد سبقته تحركات وإشكالات متنقلة وقطع طرقات للقاعدة الشعبية نفسها.
كلها أحداث تدل على دقة كلام السيد عن عمق التحالف الاستراتيجي بين الحزب والتيار وما حصل ليس إلا عملية تبادل خبرات.
اللافت في خطاب نصرالله تغييب الكلام عن المخطوفين اللبنانيين في سوريا، لأسباب مجهولة أو معلومة، ربما لضيق وقت البث السلكي!!
كاتب لبناني- بيروت