حينما صدر التقرير التالي عن منظمة العفو الدولية في شباط/فبراير ١٩٨٧، مطبوعاً على “الدكتيلو”، لم يجرؤ أحد على نشره في لبنان! وظلّ هذا التقرير “مطموراً” حتى الآن، وينشره “الشفاف” لأول مرة!
التقرير يؤرّخ لمجزرة منطقة “التبّانة في طرابلس في ٢١ و٢٢ كانون الأول ١٩٨٧ ثم لمجازر الضنية وعكار
في الأيام التالية، وقد سقط فيها ما لا يقلّ عن ٧٠٠ قتيل معظمهم من الأبرياء. تلك المجزرة التي كانت بمثابة “تكرار” لمجزرة حماه في شباط/فبراير ١٩٨٢.
وإذا كان دور غازي كنعان وعلي حيدر، وخصوصاً وزير داخلية سوريا الحالي محمد الشعار (أو “كلب طرابلس” كما يقول عنه السوريون، والذي كشفنا دوره في مجزرة التبانة في العام الماضي، وهو نفسه “جزار صيدنايا”)، بات معروفاً، فالجديد هو أن تقرير منظمة العفو الدولية يؤرّخ لدور أيتام رفعت الأسد، وتحديداً “علي عيد” الذي رفض قبل أيام
الحضور أمام القضاء اللبناني الذي استدعاه للتحقيق في تفجير مسجدي طرابلس قبل أشهر.
في التقرير التالي ينكشف دور علي عيد، وطارق فخر الدين (الذي ورد إسمه في “تقرير ميليس” عن اغتيال الرئيس الحريري!)، في إزهاق أرواح مئات الشبان الطرابلسيين، وفي دفنهم في مقابر جماعية، في جبل محسن وفي “مرمى نفايات طرابلس”..!
يقترح “الشفاف” على القضاء اللبناني أن يضيف تقرير منظمة العفو الدولية إلى قضية المتّهم علي عيد. فقبل ارتكابه لجريمة المسجدين في طرابلس في العام الحالي (٦٠ قتيلاً و٧٠٠ جريح)، فإن الرجل يحمل في عنقه جرائم كثيرة، بالمئات، من عهد الإحتلال الأسدي البشع للبنان!
للقارئ العربي الذي لا يعرف: “حركة التوحيد الإسلامي”، المذكورة في التقرير، باتت أداة للنظامين السوري والإيراني منذ “الصفقة” السورية-الإيرانية التي مهّدت لاغتيال خليل عكاوي التي كانت الشرارة الأولى لمجزرة التبّانة!
“الشفّاف”
*
ماذا يقول تقرير “منظمة العفو الدولية”؟
التقرير يؤرّخ لجرائم قامت بها القوات السورية وأتباعها في منطقة “التبّانة” بطرابلس. وهو بعنوان “لبنان: اعتقالات تعسّفية و”اختفاءات” وإعدامات غير قانونية من قبل القوات السورية والقوات الموالية لها في طرابلس”. (رقم التقرير: AI Index: MDE 24/02/87 EXTERNAL).
يبدأ التقرير على النحو التالي:
تلقت منظمة العفو الدولية تقارير تشير إلى مقتل ما ينيف على مائتي شخص على أيدي القوات السورية والقوات الموالية لها في مدينة طرابلس في شمال لبنان، خلال الأسبوع الثالث من شهر كانون الأول (ديسمبر) ١٩٨٦. وتبيّن هذه التقارير أن كثيراً من أعمال القتل تمت عمداً ولا يمكن عزوها إلى القتال. إضافة إلى اعتقال مئات الأشخاص في المدينة نفسها والقرى المجاورة، و”اختفاء” آخرين في خلال الفترة نفسها، وبقي مصيرهم مجهولاً حتى الآن.
لقد تمت عمليات القتل على مدى ست وثلاثين ساعة في يومي ٢١ و٢٢ كانون الأول (ديسمبر). وتشير التقارير التي تلقتها المنظمة إلى مصرع خمسة عشر جنديا سورياً في ١٩ كانون الأول (ديسمبر) عقب هجوم شنّه رجال ميليشيات مسلحون على حواجز تفتيش سورية في المدينة. وفي الوقت نفسه قام الجنود السوريون بإغلاق طريق طرابلس-عكار الرئيسي إلى الشمال، وطريق طرابلس-بيروت إلى الجنوب، وبسد منافذ منطقة التبانة في غربي المدينة، حيث أكثرية السكان من المسلمين السنة. وعند فجر ٢٠ كانون الأول، دخلت القوات السورية النظامية، بالإضافة إلى رجال “المغاوير” التابعين لـ”الوحدات الخاصة” التي يرأسها علي حيدر، المنطقة من جهاتها الشمالية والشرقية والجنوبية، بزعم البحث عن رجال ميليشيات “حركة التوحيد الإسلامية” السنّية التي ذّكر بأنها مسؤولة عن الهجوم. وقد أشارت التقارير إلى أن عناصر من مجموعتين من الميليشيات التي ترعاها سوريا، وهما “الحزب العربي الديمقراطي”، العلوي، الذي يرأسه “علي عيد”، و”المقاومة الطرابلسية” التي يرأسها “طارق فخر الدين”، قد اشتركتا في هذه العملية.
ومنع الجنود السوريون المرابطون عند متاريس مداخل المدينة الرئيسية أي مشبوه من مغادرة المنطقة، كما منعوا أيضاً رجال الصحافة من دخول التبّانة، حيث جرى الكثير من أعمال القتل والإعتقال. وقد زُعم أن سيارات الإسعاف التي كانت تحاول الوصول إلى الجرحى، مُنعت أيضاً من دخول المنطقة لعدة ساعات، وذلك للحؤول دون هروب المشبوهين.
وحسب ما ورد في التقارير الصحفية، استخدم الجنود السوريون ورجال “المغاوير” المدافع الرشاشة والقنابل اليدوية المقذوفة صاروخياً والدبابات خلال عمليات التفتيش التي جرت من بيت إلى بيت. وكان بعض الذين لاقوا حتفهم قد قتلوا في الصدام المسلح الذي نشب نتيجة لذلك بين القوات السورية وعناصر ميليشيا “حركة التوحيد الإسلامي”. غير أن معلومات منظمة العفو الدولية تبيّن أن أكثرية القتلى هم مدنيون عزل من السلاح ينتمون إلى السنّيين من أهالي طرابلس. وجاء على لسان شهود عيان أن كثيراً من أعمال القتل في التبّانة قد جرت على أيدى “الحزب العربي الديمقراطي” (الذي تُعرف عناصره بإسم “الفرسان الحمر”) و”المقاومة الطرابلسية” بعد أن حاصر الجنود السوريون المنطقة. وحسب روايات الصحف وشهود العيان، جُرَّ مدنيون عزل من السلاح إلى خارج بيوتهم وأطلقت عليهم النار في الشوارع. وذُكِر أن آخرين قد لاقوا حتفهم عندما انهارت بنايتان سكنيتان في التبّانة نتيجة تفجير الطابقين الأرضيين منهما. ويبدو أنه لم تجرِ أية محاولات لإخلاء البنايتين أو تفتيشهما قبل نسفهما. كما جرى تدمير عدة بيوت على امتداد شارع سوريا تدميراً تاماً.
وأشارت التقارير إلى أن أعمال القتل قد حدثت في معظم مناطق التبّانة، بما فيها حي الغرباء، وشارع بعل الدراويش وشارع سوريا وشارع المغفر وحي حربا وسوق الخضار وسوق القمح ودوّار كورنيش النهر وعقبة الحراوي. وذكرت هذه التقارير أنه كان بين القتلى نساء وأطفال قد أصيبوا بجروح في رؤوسهم نتيجة لإطلاق عيارات نارية. وجاء في التقارير الصحفية أن جثث عدد من الأجانب، من بينهم عشرة باكستانيين من عمال الفنادق، قد وُجدت تحت الأنقاض، في حين عثر على ضحايا آخرين وهم في ملابس النوم. كما روت أن أقارب عناصر “حركة التوحيد الإسلامي” وغيرهم من المشتبه بإيوائهم للمقاتلين المسلحين، قد لاقوا مصرعهم أيضاً.
أهالي القتلى لم يجرؤوا على “التعرّف” على أبنائهم!
لم تستطع منظمة العفو الدولية التحقق من عدد قتلى هذه الحوادث، مدنيين أو عسكريين. إلا أن التقديرات غير الرسمية المعتمدة على بيانات تلقتها المنظمة، وعلى أنباء صحفية معتمدة على روايات شهود عيان وعمال المستشفيات ورجال الإنقاذ في طرابلس، تشير إلى أن عدد القتلى وصل إلى مائتين ونيف. وقد جرى نقل كثير من الضحايا إلى برادات حفظ الجثث في “المستشفى الحكومي” في منقطقة القبة و”المستشفى الإسلامي” في منطقة التل، جنوبي التبّانة. وبناء على عدة روايات تلقتها منظمة العفو الدولية، جرى عرض أكثر من مئة جثة موضوعة ضمن أكياس من البلاستيك خارج “المستشفى الإسلامي” بانتظار من يتعرف عليها. وجاء في روايتين أن شخصاً مصاباً بجروح أحضر إلى المستشفى، كان لا يزال على قيد الحياة عندما وضع داخل كيس البلاستيك. وروى شهود عيان أن ذوي الضحايا أحجموا عن التعرف على جثث ضحاياهم أو المطالبة بها خشية التعريف بأنفسهم أمام موظفي المخابرات السورية الموجودين في المستشفى.
مقابر جماعية في جبل محسن وفي.. نفايات المدينة!
وقيل بأن بعض الجثث دُفِنت في قبور جماعية حُفِرت من اجل هذه الغاية بواسطة جرافات آلية، من بينها قبر جماعي في في “مقبرة الغرباء” في ضواحي التبانة. وذكر أن عدداً من معتقلي التبّانة قد نقلوا إلى منطقة بعل محسن العلوية، شمال-شرقي طرابلس، حيث أعدموا دون محاكمة: وروي أن أكثر من ٤٠ جثة دُفِنت في قبر جماعي في “مقبرة العلويين” بجوار “نادي المعرفة” في بعل محسن. وفي حادث آخر، روي أن عدداً من الجثث وجدت في مرمى نفايات المدينة الواقع في ضواحي التبّانة على الطريق المؤدي من دوّار كورنيش النهر إلى منطقة ميناء طرابلس.
…………….
في ٢٥ كانون الأول (ديسمبر)، وسّعت القوات السورية نطاق عمليات التفتيش لتشمل قرى سهل عكار وإقليم الضنية إلى الشمال والشرق من طرابلس وقامت هذه القوات، بدباباتها ومركباتها، بإنشاء متاريس عند الطرق المؤدية إلى عدد من القرى، من بينها حوارة وسفيرة وبقرصونة وسير الضنية وبيت الفقس وقطين وعين التينة وكفر بنين وحبشيت وقبعيت وحرار وبرقايل وبزال وبينين………..
…..
وفي ٣٠ منه وسّعت القوات السورية نطاق عملياتها التفتيشية لتشمل قرى بحنين والمنية على السهل الساحلي شمالي طرابلس… وفي ٣ كانون الثاني (يناير) ١٩٨٧، علم أن عمليات التفتيش
وفي ٣٠ منه عُلم أن عمليات التفتيش في إقليمي الضنّية وعكار قد انتهت.
بقية التقرير “المحظور” في ما يلي:
إقرأ أيضاً:
هل تجرؤ “العدالة” اللبنانية؟: “إخبار” ضد الشعّار بتهمة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي
وزير داخلية سوريا الجديد: مآثره اغتيال خليل عكّاوي و”مجزرة باب التبّانة” في 1986
وزير داخلية سوريا، جزّار باب التبانة وصيدنايا، ضمن قائمة العقوبات الأوروبية
التقرير المحظور: “علي عيد” في “مجزرة التبّانة ١٩٧٨”، الإعدامات والمقابر الجماعية
You are mixing between what happenned in 1978, 1982 and 1986
on 1978, Tawhid was still non existing. Khalil Akkawi (Abu Arabi) led the lebaration of Tripoli.Syrian army was
kicked out of tripoli
The report is written in 87 not in 78.
Just sit with any intellectual in Tripoli to get the correct whole history of that period ..