أعلن رئيس لجنة التحقيق الدولية في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري القاضي سيرج براميرتز في تقرير هو التاسع للجنة قدمه أمس للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ان التحقيق يحرز تقدماً، رافضاً كشف تفاصيله لأسباب أمنية، وشدد على ضرورة توخي «حذر متزايد في التعامل مع المعلومات المتعلقة بالتحقيق» وحرصاً على السرية اعتبرت اللجنة في تقريرها انه «لا يجوز لها ان تضع في متناول الرأي العام والجمهور إلا طائفة محدودة من المعلومات» حفاظاً على «نزاهة التحقيق والعملية القانونية وسلامة الأشخاص».
وفي هذا المجال، اقترحت وضع «برنامج شامل لحماية الشهود» كاشفة انها «تمكنت من تحديد عدد إضافي من الأشخاص المهمين لمسار التحقيق».
وجاء في التقرير ان اللجنة «عمّقت ووسعت مفهومها للتورط الممكن لعدد من الأشخاص حددت هويتهم اخيراً، وربما كانوا متورطين في بعض نواحي إعداد الجريمة وإطلاقها أو ربما عرفوا بالتخطيط لارتكابها».
وتحدث عن وجود «روابط تشغيلية بين بعض الأشخاص الذين ارتكبوا الجرائم الـ18»، مضيفاً ان «مجموعة المنفذين كانت ولا تزال تتمتع بقدرات تشغيلية واسعة ومتطورة في بيروت».
واستطراداً كشف التقرير ان تحليل «الموجات الزلزالية المسجلة بعد تفجيرات برمانا ونيو جديدة وجونيه يُظهر بعض أوجه الشبه مع الانفجار في قضية الحريري».
وأفاد بأن اللجنة قامت بتضييق «نطاق الدوافع الممكنة لاغتيال الحريري وحصرتها بالصلة بأنشطته السياسية في الأشهر والسنوات التي أوصلت الى موته (…)». ويشتمل ذلك على «اعتماد مجلس الأمن القرار 1559 والدور الممكن او المشكوك فيه لرفيق الحريري في إصدار هذا القرار وتطبيقه والتمديد لولاية الرئيس اميل لحود».
وأضاف التقرير انه «نظراً الى إمكان ان تكون مجموعة من العوامل انعكست على الدافع لاغتيال الحريري، فإن اللجنة تعمل على دراسة دقيقة لإمكان ان يكون فريقان أو أكثر من الجناة شاركوا في الإعداد للتفجير وارتكابه».
وكشف ان اللجنة جمعت أكثر من 330 نتيجة لتحليل الحمض النووي و160 بصمة مختلفة و24 رسماً تشبيهياً لأشخاص على صلة بالجريمة وأجرت 109 مقابلات خلال الأشهر الأربعة الماضية.
وأكد التقرير ان مكتب المدعي العام للمحكمة الخاصة بلبنان سيتمكن من مباشرة العمل فوراً في حال استطاع الاعتماد على الخبرة التي اكتسبها فريق موظفي لجنة التحقيق منذ إنشائه عام 2005، وكشف ان اللجنة واصلت استعدادها للانتقال الى مكتب المدعي العام الدولي، لافتاً الى تعاون سورية وجهات أخرى مع طلبات التحقيق الدولي.
التقرير التاسع للجنة التحقيق الدولية المستقلة التي أنشئت بموجب قرارات مجلس الأمن 1595 (لعام 2005) و1636 (2005) و1644 (2005) و1686 (2006) و1748 (2007).
سيرج براميرتز
مفوض التحقيق
لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة
بيروت
تشرين الثاني (نوفمبر) 2007
ملخّص
طلب مجلس الأمن من لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة، إعداد تقرير كل أربعة أشهر حول التقدم الذي أحرزته، والتعاون الذي تلقته من السلطات السورية.
يلخّص هذا التقرير التقدم المحرز منذ 12 تمّوز (يوليو) 2007 في التحقيق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، بالإضافة إلى الدعم الفني المقدم إلى السلطات اللبنانية في النشاطات الاستقصائية التي تجريها في 18 قضية أخرى، لا سيما اغتيال النائب أنطوان غانم في 19 أيلول (سبتمبر) 2007. –>
وبناء على توحيد كل نتائجها في فترة إعداد التقارير السابقة، ركّزت اللجنة على تطبيق خطط عمل مفصَّلة في ميادين التحقيقات كافة. وكانت وتيرة نشاطات اللجنة والتقدم المحرز مشجعيْن، وسمحا للجنة بالتوصل إلى فهم عدد متنام من ميادين التحقيق في صورة مرضية، فضلاً عن تحسين أولويات التحقيق للأشهر المقبلة.
وفي ظل تقلّص نطاق التحقيقات، تأخذ اللجنة في شكل متزايد مقاربة حذرة لإدارة المعلومات، وهي مقاربة ضرورية لحماية سلامة التحقيق وأي عملية قانونية في المستقبل، ولضمان أمن الأفراد الذين ينسِّقون أو يبدون رغبة في التعاون مع اللجنة، بالإضافة إلى أمن فريق عملها.
وخلال فترة إعداد هذا التقرير، واصلت اللجنة استعدادها للانتقال إلى مكتب المدعي العام للمحكمة الخاصة بلبنان عندما ستباشر المحكمة أعمالها. وتتضمن نشاطات اللجنة في هذا المجال مشاريع استقصائية وتحليلية خاصة، والإعداد لنقل بيانات اللجنة وملفاتها ومستنداتها وأدلتها.
ومنذ رفع آخر تقرير إلى مجلس الأمن، استمرت اللجنة في العمل عن كثب مع السلطات اللبنانية، وتلقت إجابات إيجابية عموماً عند السعي إلى نيل مساعدة من لبنان والجمهورية العربية السورية، ودول أخرى.
وعلى رغم الإجراءات التخفيفية المتخذة، لا تزال البيئة السياسية والأمنية المتشنجة في لبنان تترك أثراً على نشاطات اللجنة.
I- المقدمة
1- رُفع هذا التقرير طبقاً لقرارات مجلس الأمن 1595 (2005) و1636 (2005) و1644 (2005) و1686 (2006) و1748 (2007) التي طلب فيها المجلس من لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة إعداد تقرير كل أربعة أشهر، حول التقدم الذي أحرزته، وحول التعاون الذي تلقته من السلطات السورية.
2- ويوفِّر هذا التقرير، وهو التاسع الذي تصدره اللجنة، أحدث النتائج حول المسائل التي تناولتها التقارير السابقة، إلى مجلس الأمن، كما يشير إلى التقدم المحرز في عمل اللجنة منذ صدور آخر تقرير لها في 12 تمّوز 2007 (S/2007/424).
3- خلال فترة إعداد التقرير، بقيت الحالة الأمنية والسياسية في لبنان متشنجة جداً. وخلال إعداد التقرير في صيغته النهائية، لم يكن المجلس النيابي اللبناني انتخب رئيساً جديداً ليخلف الرئيس إميل لحود الذي انتهت فترة ولايته في 23 تشرين الثاني (نوفمبر) 2007. وعلى رغم ان الحالة الأمنية لا تزال هادئة نسبياً خلال الأزمة، تتخذ القوات الأمنية في البلاد أقصى درجات الحيطة والحذر، وهي مستعدة لمواجهة أي تدهور محتمل في حال عدم الخروج من حالة الجمود الراهنة. كما شهدت فترة إعداد التقرير عدداً من الحوادث الأمنية، أهمها اغتيال النائب أنطوان غانم وخمسة أشخاص آخرين في 19 أيلول 2007.
4- تم التركيز، كما أشير إليه في آخر تقرير رفعته اللجنة إلى مجلس الأمن، خلال فترات إعداد التقارير السابقة على جمع كل معلومات اللجنة ونتائجها وتوصياتها في كل التحقيقات الجارية. ونتج من عملية التوحيد هذه عدد من التقارير السرية الشاملة، بما في ذلك تقرير يتألف من ألفي صفحة حول التحقيق في قضية الحريري. ومكّنت هذه العملية المكثفة اللجنة إعداد لائحة بكل النتائج الحالية التي توصلت إليها، وبتقويم الأدلة وتحديد الفجوات المتبقية في التحقيق، فضلاً عن الخيوط الجديدة المحتملة. وستشكل هذه التقارير الداخلية التي تخضع لتحديث دائم، إحدى الأدوات الأساسية في الانتقال من اللجنة إلى مكتب المدعي العام للمحكمة الخاصة بلبنان.
5- وبناء على جهود التوحيد، تحوَّل التركيز في فترة إعداد التقرير إلى تطبيق خطط العمل المفصَّلة في 150 صفحة التي طوِّرت استناداً إلى التقارير الموحَّدة. وعلى رغم التحديات التنظيمية التي واجهتها اللجنة، كانت وتيرة التقدم مشجعة بإجراء 109 مقابلات خلال الأشهر الأربعة الماضية.
6- وفي ظل تقدّم التحقيق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري و22 شخصاً آخرين في 14 شباط (فبراير) 2005، استطاعت اللجنة في شكل متزايد تقليص نطاق التحقيق، من خلال التوصل إلى استنتاجات أولية أدقّ في ما يخص الظروف المحيطة بالجريمة، واستبعاد بعض الفرضيات السابقة. وبفضل التقدم المحرز خلال فترة إعداد التقرير، توصلت اللجنة إلى فهم عدد متنام من ميادين التحقيق في صورة مرضية، وطوّرت بعض خيوط التحقيق الجديدة، كما حدّدت مزيداً من الأشخاص ذوي الصلة بالأمر.
7- ومع تضييق نطاق التحقيقات وتحديد أولويات الاستقصاء، تأخذ اللجنة مقاربة حذرة في شكل متزايد في إدارة المعلومات ذات الصلة بالتحقيقات. وتم اتخاذ هذه المقاربة بهدف حماية سلامة التحقيقات الجارية، بالإضافة إلى العملية القانونية في ضوء الانتقال المقبل إلى المحكمة الخاصة بلبنان. كما ان اللجنة مجبرة على الحفاظ على سرية عملية التحقيق من أجل تفادي تعريض تقنيات الاستقصاء وتكتيكاته للخطر، والتي قد تعيق في حال اكتشافها تقدم التحقيقات.
8- تدرك اللجنة الحاجة إلى تفادي النفوذ غير الملائم، أكان فعلياً أو ملموساً، على شهود محتملين أو مستقبليين، لا سيما عبر توفير معلومات قد تسمح بتحديد مصدر المعلومات. وتولي اللجنة أهمية بالغة للحفاظ على سرية الأشخاص الذين يتعاونون أو يرغبون في التعاون معها. كما تقرّ بمخاوف محتملة حول السلامة المتعلقة بأشخاص يتم تحديدهم في صورة مباشرة أو غير مباشرة على أنهم أشخاص ذوو صلة بالأمر قد يكونون ضالعين في بعض أوجه الإعداد للجرائم وإطلاقها، أو كانوا على علم بإعداد خطة لتنفيذها. كما تدرك اللجنة مهمتها في حماية أمن فريق عملها، وطبّقت بالتالي عدداً من الإجراءات الأمنية الإضافية التي من شأنها حماية الفريق وزيادة إدارة أمن المعلومات إلى أقصى حدود.
9- في ضوء هذه المقاربة، يجب ان ينظر مجلس الأمن إلى هذا التقرير بوصفه استعراضاً عاماً لنشاطات اللجنة في الأشهر الأربعة الماضية، بدلاً من كونه وصفاً شاملاً للتقدم المحرز في التحقيقات. إشارة إلى ان هذه المقاربة اتخذت باتفاق كلي مع السلطات القضائية اللبنانية.
10- عقب تبني قرار مجلس الأمن الرقم 1757 (2007) الذي يدعو إلى إنشاء محكمة خاصة بلبنان، كانت اللجنة تستعد لتسليم عملها إلى مكتب المدعي العام في المحكمة عندما ستبدأ الأخيرة عملها. وأظهرت اللجنة نشاطاً كبيراً خصوصاً في الإعداد لنقل بياناتها الإلكترونية الضخمة إلى مكتب المدعي العام. كما عملت مع الفريق المؤلف للإشراف على عملية النقل، من أجل إنشاء العناصر الأولى لبرنامج حماية شهود يتلاءم مع ظروف المحكمة المحددة. علاوة على ذلك، تعمل اللجنة مع فريق النقل على بعض الأوجه الإدارية المهمة لعملية التسليم بين المؤسستين.
11- حافظت اللجنة طيلة فترة إعداد التقرير، على تفاعل وثيق وتعاوني مع السلطات اللبنانية في كل المسائل ذات الصلة بعملها. وعند طلب المساعدة، واصلت اللجنة تلقي إجابات مرضية عموماً من كل الدول، بما فيها سورية. وترى اللجنة انه من أجل تطبيق التفويض المعطى لها، لا بدّ من ان تواصل اعتمادها على التعاون الكامل والملائم من كل الدول.
II- تقدّم التحقيقات
أ- التحقيقات في ملف اغتيال الحريري
12- استمرّت لجنة التحقيق، منذ التقرير الأخير الذي رفعته إلى مجلس الأمن، في تسخير معظم مواردها للتحقيق في اغتيال رفيق الحريري. وكما أشير في التقرير السابق الذي وضعته اللّجنة، وضعت خطط العمل المفصّلة استناداً إلى مجهود موحّد وموسّع ساهم في جمع معلومات ونتائج مهمة حول جميع جوانب التحقيق في عملية الاغتيال. وحدّدت خطط العمل هذه الأهداف ذات الأولوية التي سعت وراء تحقيقها اللّجنة قبل نهاية مدة تفويضها وتحضيراً للانتقال إلى مرحلة المحكمة الخاصة بلبنان في كلّ جانب من جوانب التحقيق. وكما كان متوقعاً، كان التركيز خلال مرحلة إعداد التقرير مسلّطاً على تطبيق خطط العمل هذه.
13- كان التقدّم مشجعاً. وأجريت 70 مقابلة خلال فترة إعداد التقرير في لبنان والخارج، من أصل 200 مقابلة حددت أولويتها في إطار التحقيق في ملفّ الاغتيال. واتخذت اللجنة عدداً آخر من خطوات التحقيق الحاسمة ولا سيما في مجالي الأدلّة الجنائية وتحليل الاتصالات، ما ساهم في تقدّم اللّجنة في فهم الأحداث التي وقعت في 14 شباط (فبراير) 2005 وتعرّفها على أشخاص إضافيين على صلة بالأمر.
1- مسرح الجريمة والمسائل ذات الصلة
14- في ما يتعلّق بجوانب التحقيق الخاصة بمسرح الجريمة، تمكنت اللّجنة من حلّ عدد من المسائل الباقية خلال فترة إعداد التحقيق هذه. وتمكّنت اللّجنة، منذ رفعها التقرير الأخير إلى مجلس الأمن، من إجراء 26 مقابلة مع شهود عيان في إطار التحقيقات المتعلّقة بمسرح الجريمة، كما أنها حصلت على نتائج عدد من التحاليل الجنائية التي ساهمت في توصّل اللّجنة إلى بعض الاستنتاجات الأولية والإضافية.
15- واختتمت معظم التحقيقات الجنائية التي تولتها اللّجنة. ويبقى 23 تحقيقاً جنائياً مفتوحاً من ضمنها ثمانية تحقيقات جديدة بدأت خلال فترة إعداد هذا التقرير، وذلك من أصل 66 تحقيقاً جنائياً تولّت اللّجنة منذ شباط (فبراير) 2006 في إطار التحقيق في ملف الاغتيال. وستركّز لجنة التحقيق جهودها خلال فترة إعداد التقرير المقبلة على الحصول على نتائج التحقيقات الجنائية المتبقية للتمكّن من إنهاء العمل الموسّع الذي تولته في هذا المجال منذ سنة 2005. وكما هي الحال في مجالات التحقيق الأخرى، ستضاف النتائج الجديدة إلى تقارير اللّجنة الموحدة والتي سيتم تحديثها قبل نهاية مدة تفويض اللّجنة.
أ) عبوة ناسفة يدوية الصنع
16- كما سبق أن تمت الإشارة في تقرير اللّجنة الأخير، ستجمع ضمن تقرير موحّد النتائج المتعلقة بنوع المتفجرات وكميتها، ونوع جهاز التفجير، ونوع الحاوي الذي حمل العبوة الناسفة اليدوية الصّنع ووضعيته، والتوقيت المحدّد الذي حدث فيه الانفجار. وأكّدت التقارير التي توافرت حديثاً النتائج الأولية التي توصّلت إليها اللّجنة. واللّجنة مقتنعة أنها قامت بالمقارنات المحتملة وذات الصلة المتعلقة بنوع المتفجرات المستخدمة في التفجير. وبفضل التقدم الكبير الذي تحققت خلال فترة إعداد هذا التحقيق لمعالجة المسائل المتبقية في ما يتعلّق بالعبوة الناسفة اليدوية الصنع، فإن اللّجنة مقتنعة أنها توصّلت إلى فهم شامل لمعظم جوانب هذه الجريمة.
منفذو بعض جرائم الاغتيال يتمتعون بقدرات متطورة في بيروت
17- خلال فترة إعداد التقرير، تم التشديد خصوصاً على تقفي مصدر المتفجرات. وتراجع اللّجنة حالياً معلومات جديدة حول أشخاص، ومجموعات ومؤسسات كان ربما لها القدرة على النفاذ إلى أنواع هذه المتفجرات خلال الفترة التي سبقت التفجير. كما تراجع اللّجنة حالات اختفاء محتمل لمتفجرات خلال الفترة التي سبقت التفجير.
18- ولقد مكّن تحليلٌ، مستندٌ إلى بيانات للنشاط الزلزالي، اللّجنة من التوصّل إلى مقارنات مهمّة بين الإشارات الزلزالية التي سجّلها مركز الجيوفيزياء الوطني في لبنان بعد وقوع الانفجار في ملف اغتيال الحريري والتفجيرات الأخرى، ومن ضمنها الحالات الأخرى التي تؤمن فيها اللّجنة المساعدة التقنية إلى السّلطات اللّبنانية، كما ساهم هذا التحليل في وضع آخر على أساس مقارنة يتعلّق بهذه الإشارات الزلزالية للتمكن من تقويم حجم الانفجارات أو العناصر الفعلية الأخرى المتعلّقة بكلّ تفجير وتأكيدها. وخزّنت هذه البيانات بطريقة تسمح بمقارنات سهلة لقوة هذه الانفجارات المختلفة خصائصها. –>
19- وبعد اتخاذها خطوات تحقيق إضافية خلال فترة إعداد التقرير، اللّجنة مقتنعة أن إمكان أن تكون العبوة الناسفة اليدوية الصنع قد سُلِّمَتْ من طريق الجو هي إمكانية قابلة للاستبعاد.
ب) شاحنة الميتسوبيشي
20- من خلال توحيد النتائج التي توصّلت إليها خلال فترة إعداد التقرير الأخيرة، توصّلت اللّجنة إلى فهم مرضٍ لمصدر شاحنة الميتسوبيشي المستخدمة في التفجير وسجلها. وخلال فترة إعداد التقرير، ركّزت اللّجنة على المسائل المتبقية والمتعلّقة ببيع الشاحنة إلى الجهات الأخيرة التي استخدمتها. وأجريت أربع مقابلات إضافية منذ وضع اللّجنة تقريرها الأخير للتوصل إلى فهم أكثر تحديداً للإطار الزمني وظروف عملية بيع الشاحنة. كما حصلت اللّجنة على أقوال ووثائق سمحت لها بتعزيز تقويمها لسلسلة الصفقات التي أدّت إلى بيع الشاحنة.
21- وتملك اللّجنة معلومات تشير إلى قيام رجلين بشراء الشاحنة باستخدام أوراق ثبوتية مزوّرة. كما قدّم الرجلان تفاصيل عقد مزورة إلى البائع خلال عملية شراء الشاحنة. وتعمل اللّجنة على تحديد الرجلين واستيضاح خلفيتهما وتورطهما المحتمل بالجريمة.
22- وتركّز اللّجنة حالياً أيضاً اهتمامها على مرحلة تحضير الشاحنة. ونظراً الى حجم التفجير وحِرَفِيّته، فمن المرجح أن تحميل الشاحنة بالمتفجرات وتحضيرها للتفجير كان عملية طويلة تحتاج إلى مشاركة عدد من الأشخاص، ومن بينهم أصحاب خبرة في التعامل بالمتفجرات. ويخطّط للقيام بعدد من المقابلات خلال فترة إعداد التقرير المقبلة لإحراز تقدّم في هذا المجال من التحقيق. وتشير نتائج لجنة التحقيق المستندة إلى الأدلة التي وجدت في مسرح الجريمة إلى أن المتفجرات غطّيت بلوح خشب منصة تحميل المتفجرات لشاحنة المتسوبيشي. وستستمرّ اللّجنة في استجواباتها لتتقدم في فهمها لعملية تحضير الشاحنة للتفجير وفهمها النهائي للموقع المحدد وتخطيط المتفجرات.
ج) هوية منفّذ التفجير
23- استمرّت اللّجنة في صقل فهمها للأصل الجغرافي للرجل المجهول الهوية الذي يفترض أن يكون هو منفّذ التفجير. وكما أفيد سابقاً، تمكنت اللّجنة من وضع نبذة مفصّلة عن تاريخ هذا الشخص.
24- من خلال التحاليل المتعلقة بعلم الأسنان، والمقارنات الإحصائية لتوزيع رسومات الحمض النووي، إلى جانب التحقيقات من خلال مقارنة النظائر، طوّرت اللّجنة فرضية أساسية متعلّقة بالمنطقة المحدّدة من الشرق الأوسط التي يفترض أن يكون الرجل المجهول الهوية قد أتى منها. وتشير النتائج التي توصل إليها الخبراء خلال فترة إعداد التقرير إلى أن منفّذ التفجير الانتحاري المفترض كان معرّضاً إلى كميات كبيرة من مادة رصاص معيّنة، ربما من خلال قربه لذخائر عسكرية بين السادسة عشرة والعشرين من عمره. وقد يكون ذلك مؤشراً إلى عيشه قرب منطقة نزاع أو منطقة كان يستخدم فيها السلاح بانتظام مثل معسكرات تدريب. وتؤمن نتائج الخبراء الجديدة مزيداً من المعلومات حول مكان الولادة المحتمل للرجل المجهول الهوية إضافة إلى تفاصيل أخرى حول المكان الذي أمضى فيه طفولته. وتنتظر اللّجنة نتائج تحليلات جنائية إضافية لتأكيد هذه المعلومات.
25- على رغم أن النتائج في هذا التوجه من التحقيق سبق وأثمرت معطيات مفيدة ولا تزال تنبئ بأخرى واعدة، تبقى اللجنة مدركة إلى ضرورة إخضاع هذه الاستنتاجات الأساسية لتفسير دقيق وضرورة معرفة حدودها. وستحتاج هذه النتائج إلى مزيد من الدرس في فترة التقرير المقبلة وربطها بمجالات أخرى من التحقيق بغية إحراز تقدّم في هذا الاتجاه.
26- إن النتائج المتعلقة بأصول منفذ التفجير الانتحاري التي تم التوصل إليها خلال فترة إعداد التقرير استقطبت انتباه اللّجنة لرجالٍ تنطبق أوصافهم على أوصاف المشتبه به والذين كانوا دخلوا عبر الحدود اللّبنانية خلال الفترة التي تُدرس. وتلي هذه الخطوة تحليل أكثر من مليوني حالة دخول سجّلتها اللّجنة. وتدرس اللّجنة حالياً سجلات الشخص المفقود الموجودة لدى عدد من البلدان. إن هذه التحقيقات الواسعة النطاق والتي تتطلب موارد كثيرة ستستمر خلال فترة إعداد التقرير المقبلة.
د) مسائل جنائية أخرى
27- كما أُشير في التقرير السابق الذي رُفع إلى المجلس، جمعت اللجنة أكثر من 330 نتيجة لتحليل الحمض النووي و160 بصمة مختلفة و24 رسماً تشبيهياً لأشخاص على صلة بالجريمة في إطار تحقيقات اللجنة. وقد وُضعت كل هذه النتائج في قواعد بيانات قابلة للبحث شُغّلت أخيراً واستُخدمت من قبل اللجنة بغية إجراء مقارنات مع قواعد البيانات الإجرامية الدولية والوطنية المتوافرة. وبدأت هذه المقارنات بإعطاء ثمارها من خلال فتح آفاق جديدة للتحقيق والسماح للجنة بتتبع خيوطٍ أخرى مرتبطة بالتحقيق.
28- وحصل تطور على مستوى إكمال قاعدة البيانات الخاصة بالدلائل التي توصلت إليها اللجنة. وحتى الساعة، جُمع أكثر من 3000 دليل مادي وحيوي خلال التحقيقات، وأُدرجت هذه الدلائل في قاعدة البيانات، وستسعى اللجنة إلى إتمام هذا المشروع خلال فترة التقرير المقبلة. وسترتبط قاعدة البيانات هذه بمشروع تصوري ثلاثي الأبعاد لمسرح الجريمة.
29- وبغية التأكد من أنّ الدلائل تُدار بطريقة شاملة ومنسقة تحضيراً للمرحلة الانتقالية إلى المحكمة، قامت اللجنة بحراسة معظم الدلائل الجنائية التي وُجدت في موقع جريمة اغتيال الحريري، بعد أن كان جزءٌ منها في عهدة السلطات اللبنانية. وستستكمل اللجنة مراجعة هذه العناصر وإعداد جردة عنها، كما ستجري تحليلات جنائية إضافية متى اقتضت الضرورة.
ه) تحقيقات أخرى لجهة مسرح الجريمة
30- سمحت جهود اللجنة لتوحيد المعلومات بإنشاء الظروف المتصلة بالطريق التي استقلها موكب الحريري، وأعضاء الموكب الذي كان يرافق رئيس الوزراء الأسبق يوم اغتياله وأجهزة التشويش المستخدمة في سيارات الموكب والظروف المتصلة بالمدة البسيطة التي قضاها الموكب للانتقال من مجلس النواب إلى منطقة السان جورج، إضافة إلى وجود ورش أعمال مثيرة للشك على الطرق القريبة من فندق سان جورج ووجود مركبات معينة على مسرح الجريمة أو بالقرب منه، كما الإعلان عن التلاعب المحتمل بمسرح الجريمة وإعاقة التحقيق. وتود اللجنة أيضاً أن تعرب عن ارتياحها لجمع لائحة شاملة تضم أسماء أفراد كانوا على علم بتحركات الموكب يوم حصول الجريمة.
31- خلال الفترة التقريرية هذه، استمرت اللجنة بجمع مزيد من التفاصيل حول نشاطات رفيق الحريري خلال الفترة التي سبقت وفاته مباشرة. وأجرت اللجنة ثماني مقابلات مع الشهود خلال الشهور الأربعة الماضية بهدف اتباع هذا الخيط من التحقيق، بما فيها مقابلات مع أشخاص كانوا على علاقة وثيقة برفيق الحريري في آخر أيامه.
32- ولا تزال اللجنة تجمع معلومات إضافية حول الأشخاص والمركبات التي كانت موجودة إمّا على مسرح الجريمة أو على مقربة منه يوم الاغتيال. وأخيراً حصلت اللجنة على كميات كبيرة من أشرطة الفيديو التي تصور نشاطات الرئيس الحريري في أيامه الأخيرة. وأثبتت هذه الصور التي تتضمن 61 لقطة صُوّرت في الشهور الـ14 التي سبقت عملية الاغتيال، فعاليتها في تحديد عدد من الأفراد الذين اتصلوا بالحريري في الفترة التي سبقت الجريمة، وفي توضيح رؤية اللجنة وفهمها لتسلسل الأحداث ما قبل الجريمة.
33- كما حصلت اللجنة على أشرطة التقطتها كاميرات المراقبة، تظهر مواقع في جوار مسرح الجريمة وغيرها من المواقع المهمة وتغطي بعض الفترات السابقة للجريمة التالية لها. وحالياً تخضع هذه الأشرطة لإعادة النظر والتحليل، متى أمكن، بمساعدة الخبراء الدوليين. ويشار إلى أنّ مراجعة هذه الأشرطة أُدخلت ضمن الأشرطة التي صورتها كاميرات المراقبة وغيرها من الصور، والتي باتت بحوزة اللجنة.
2- الأشخاص المتورطون في الجريمة
أ) أحمد أبو عدس
34- تبعاً لجمع الدلائل التي وجدتها اللجنة بخصوص أحمد أبو عدس، الرجل الذي يظهر في الشريط المصور مدعياً ضلوعه ومسؤوليته في اغتيال الحريري، فإنّ اللجنة تود أن تعرب عن ارتياحها لتمكنها من فهم خلفية أبو عدس وظروفه العائلية ورؤيته السياسية والدينية وقصة استخدامه، فهماً شاملاً. وكما أُشير في تقرير اللجنة السابق واستناداً إلى النتائج التي تمّ التوصل إليها حتى الساعة، استخلصت اللجنة أنّ أحمد أبو عدس ليس الانتحاري الذي نفذ عملية الاغتيال التي أودت بحياة رفيق الحريري.
35- لا يزال عددٌ من النواحي المتصلة بالدور الذي لعبه أحمد أبو عدس في الجريمة يخضع لتحقيقات اللجنة. ومن خلال المقابلات الـ16 التي تضمنتها الفترة التقريرية والتحليلات الجنائية وغيرها من التحقيقات، توصلت اللجنة إلى فهم مفصل لنشاطات أبو عدس في السنوات التي سبقت جريمة الاغتيال، لا سيما تلك التي وضعته على صلة بشخص أو أكثر على علاقة بمجموعات متطرفة معروفة. وأُحرز تقدم خاص لجهة تحديد هوية الشخص الذي اختفى بصحبة احمد أبو عدس في 16 كانون الثاني (يناير) 2005.
36- تنتظر اللجنة صدور نتائج عددٍ من التحاليل المهمة التي من المتوقع أن تسلط الضوء على الروابط بين أحمد أبو عدس وشركائه واغتيال رفيق الحريري.
37- كما أحرزت اللجنة تقدماً ملموساً خلال فترة التقرير لجهة تحديدها تسلسل الأحداث التي أدت إلى بث الشريط الذي يدعي أحمد أبو عدس فيه ضلوعه في الجريمة على قناة “الجزيرة”. وتمكنت خصوصاً من تعزيز فهمها للقطات التي بُثّت وسلسلة من الاتصالات التي تلقاها مكتب “الجزيرة” في بيروت يوم حصول الجريمة، إضافة إلى تلقي فريق عمل “الجزيرة” الشريط المصور. واستناداً إلى معلومات ذات الصلة باللهجات المختلفة والمفردات المستخدمة من قبل الأشخاص الذين اتصلوا هاتفياً بمكتب “الجزيرة”، تؤكد الاستنتاجات الأولية للجنة أنّ عدداً منهم ليس من أصلٍ عربي. غير أنّ المسألة تبقى قيد التحقيق. كما راجعت اللجنة وحللت الصور التي التقطتها كاميرات المراقبة الموضوعة في المكان الذي وُضع فيه الشريط، وتمكنت من تحديد بعض الصور المفيدة بالنسبة إلى التحقيقات.
38- حللت اللجنة 30 بصمة أخذتها من على الشريط المصور والمواد التي أُرسلت معه، وهي تتبع حالياً سياسة حذف الأسماء بالتوالي لتحديد هوية المشتبه بهم المحتملين وغيرهم من الأشخاص الذين لمسوا الشريط خلال تسجيله أو توصيله. وحتى الساعة، حددت بصمات تعود لـ13 شخصاً ينتمون لوكالات تطبيق القانون أو وسائل الإعلام أُبعدوا بعدها من لائحة المشتبه بهم.
39- قامت اللجنة أيضاً برصد مصدر شريط الفيديو المستعمل لتسجيل رسالة الادعاء بالمسؤولية. وأكّدت اللجنة أن الشريط أنتج في الصين. وقد وزّعته شركة كوريّة جنوبيّة في تشرين الثاني (نوفمبر) 2003 كجزء من رزمة تضمّنت 27 ألف شريط تمّ تصديرها إلى لبنان. وتحاول اللجنة حالياً معرفة سلسلة الصفقات المؤدية إلى بيع الشريط للمستخدم النهائي. وسيستمر استكشاف الأمر في فترة إعداد التقرير التالي.
ب) تحليل الاتصالات
40- يبقى تحليل كميات كبيرة من تسجيلات الاتصالات والرسائل الإلكترونية وغيرها من معطيات الاتصالات من بين أهم أدوات التحقيق التي تستعملها اللجنة ضمن تحقيقها في قضية الحريري وفي قضايا أخرى تمنح فيها دعمها للسلطات اللبنانية. وقد كرّست اللجنة مؤخراً موارد فنية وبشرية إضافية لهذا الجانب من التحقيق. وتعمل اللجنة حالياً على معطيات يزيد عددها على 6.5 بليون سجل اتصالات يغطي فترات زمنية مختلفة تعتبر مهمة للتحقيق.
41- لا تزال عناصر تحليل الاتصالات ضمن التحقيقات تشكل عنصراً أساسياً لاختبار ودعم النتائج والاستنتاجات التي تم تطويرها في مجالات التحقيق. ويعتبر تحليل تسجيلات الاتصالات ذا أهمية خاصة وهو جزء أساسي لإعداد المقابلات مع الشهود.
42- استمرت اللجنة في التقدم في تحرياتها حول أفراد يبدو أنهم كانوا يستعملون عدداً محدوداً من بطاقات التخابر SIM الخليوية لمراقبة رفيق الحريري في الفترة المؤدية إلى الانفجار. وأجرت اللجنة عدداً من المقابلات وغيرها من الأنشطة في مجال التحري حول موضوع بيع بطاقة التخابر SIM وعدد من أجهزة الهاتف إلى هؤلاء الأفراد. وسلطت اللجنة الضوء على منطقة معينة يسود الظن أن البطاقات بيعت فيها. واللجنة مرتاحة حالياً لمفهومها للدور الذي قام به الأفراد الذين باعوا بطاقات SIM هذه.
43- أُجريت دراسة للاتصالات في زهاء 15 موقعاً ذا صلة بقضية الحريري خلال فترة إعداد التقرير. وتهدف هذه الدراسات الى تحديد أبراج الهواتف الخليوية التي لربما كانت توفر تغطية لهواتف يعيرها التحقيق أهمية معينة في بعض الأماكن المهمة خلال فترات معيّنة. وتجرى دراسات إضافية لإنجاز تحريات اللجنة في هذا المجال.
44- تم نقل نتائج العمل على تحليل الاتصالات الجاري إلى صيغة برمجية تحليلية تشكل منصة مشتركة تستعملها المؤسسات المعنية بالأمن. ويسهّل الأمر البحث عن المعطيات والتحاليل ويساعد على نقلها السريع.
3- الدوافع والأشخاص ذوي الصلة
45- بحسب الوصف في التقرير الأخير للّجنة، بذلت جهود كبيرة منذ أن بدأت اللجنة تستوعب المفهوم الشامل للعوامل التي ربما صقلت البيئة التي ظهرت فيها الدوافع لاغتيال رفيق الحريري. واستناداً إلى مراجعة حاسمة لما تمتلكه اللجنة من أدلة حول الدوافع الممكنة، تعرب اللجنة عن رضاها عن التقدم الذي أُحرز في هذا المجال.
46- كما ورد في تفاصيل التقارير المتكاملة للّجنة، أقدمت هذه الأخيرة على تضييق كبير لنطاق الدوافع الممكنة للاغتيال، وحصرتها بالصلة بأنشطته السياسية في الأشهر والسنوات التي أوصلت إلى موته. وخلال فترة إعداد التقرير، بقيت اللجنة توسع نطاق مفهومها للعلاقة القائمة مع بين بعض الأحداث السياسية والدوافع الممكنة. وتشتمل هذه الأحداث على اعتماد مجلس الأمن القرار 1559 (2004) والدور الممكن أو المشكوك فيه لرفيق الحريري في إصدار هذا القرار وتطبيقه، والتمديد لولاية الرئيس إميل لحود واقتراح إصلاح القانون الانتخابي، فضلاً عن موقف الحريري السياسي حيال الانتخابات النيابية في العام 2005.
47- كما أشير في السابق، تستمر اللجنة في تقييم أهمية المحاولات التي أجريت لتسهيل عملية التقريب ما بين رفيق الحريري وبعض الأفراد الآخرين الذين ربما كان على خلاف معهم في الفترة السابقة للاغتيال. واللجنة راضية أيضاً عن تحقيقاتها في شأن بعض التهديدات والتحذيرات والضمانات المنقولة إلى الحريري في شأن سلامته في الأشهر السابقة للانفجار.
48- خلال فترة إعداد التقرير هذه، أُجريت 27 مقابلة واتخذ عدد من الخطوات في مجرى التحقيق استناداً الى مخططات العمل التي تم تحديدها في التقرير السابق. وساعد عمل اللجنة في هذا المجال خلال فترة إعداد هذا التقرير على صقل عدد من الافتراضات القائمة في شأن الدوافع المحتملة للتفجير. وعملت اللجنة أيضاً على تحري وتقويم الطريقة التي تربط بين الدوافع الممكنة للقضايا الأخرى، التي توفر فيها اللجنة الدعم للسلطات اللبنانية، واغتيال الحريري.
49- في حين أن اللجنة راضية الآن عن مفهومها العام لهذه الأحداث وعن صلتها الوثيقة بالدوافع الممكنة للجريمة، سيبقى اتباع خطوط تحقيق معينة مستمراً في فترة إعداد التقرير التالي.
50- فضلاً عن ذلك، وخلال فترة التحقيق، أدّت اللجنة واجبها القائم على التدقيق المناسب للافتراضات ودراسة افتراضات بديلة عنها. وكما ذكر في التقرير السابق، يشتمل الأمر على إمكان أن يكون الحريري قد استُهدف على يد جماعات متطرفة لعدد من الأسباب الممكنة، من بينها أنه كان يعتبر شخصية رائدة في مجتمعه. وقد يكون الدافع لاغتيال الحريري قد انبثق من مجموعة من العوامل السياسية والطائفية، وقد استمرت اللجنة في التدقيق في هذه المسائل للتوصل إلى طريقة فهم صحيحة وتقييم لصدقية كل افتراض. ونظراً إلى إمكان أن تكون مجموعة من العوامل قد انعكست على الدافع لاغتيال الحريري، فإن اللجنة تعمل على دراسة دقيقة لإمكان أن يكون فريقان أو أكثر من الجناة قد شاركوا في الإعداد للتفجير وارتكابه.
51- منذ التقرير الأخير للّجنة، تمّ التشديد في شكل خاص على تحليل، بحكم القانون وبحكم الواقع، لبنى بعض المؤسسات التي تعتبر ذات أهمية خاصة بالنسبة إلى التحقيق بسبب دورها في لبنان خلال الفترة التي أوصلت إلى الاغتيال. وتستمر اللجنة في التدقيق في خطوط العمل ودفق المعلومات والوسائل والطاقات التشغيلية لدى هذه المؤسسات خلال الفترة التي تهتم بها اللجنة. وأعطى التدقيق اللجنة نبذة قيّمة وفكرة عن هذه المؤسسات، تبين أنها أساسية لفهم وتقييم صحيح للوضع الذي كان قائماً في لبنان قبيل الاغتيال.
52- أدى عدد من المقابلات، في شكل خاص، مع مسؤولين رفيعي المستوى من سوريين ولبنانيين، خلال فترة إعداد التقرير، إما إلى تأكيد، وإما إلى تعزيز مفهوم اللجنة لبنى بعض هذه المؤسسات، وحض اللجنة على جعل أولوياتها في التحقيق أكثر دقة. وخولت هذه المقابلات اللجنة تعميق مفهومها لمدى التعاون الذي كان قائماً بين الهيئات الأمنية السورية واللبنانية خلال الفترة المعنية.
53- كما وأن اللجنة عمّقت ووسّعت مفهومها للتورط الممكن لعدد من الأشخاص ذوي الصلة، بمن فيهم أشخاص حددت اللجنة هويتهم مؤخراً، لربما كانوا متورطين في بعض نواحي إعداد الجريمة وإطلاقها، أو ربما عرفوا بإعداد مخطط لارتكابها. وفضلاً عن التقدم الذي أُحرز في مجال ربط أشخاص ذوي صلة مختلفين بإطلاق الجريمة، أكّدت اللجنة وجود روابط بين البعض من هؤلاء الأشخاص. وسيستمر العمل على خط التحقيق هذا في فترة إعداد التقرير التالي.
ب- المعونة الفنية في قضايا أخرى
54- بتفويض من مجلس الأمن استمرت اللجنة في تأمين معونة فنية للسلطات اللبنانية في تحقيقاتها الجارية حول 18 قضية أخرى بما فيها اغتيال عضو البرلمان النائب أنطوان غانم في 19 أيلول (سبتمبر) 2007.
55- وفي خلال فترة إعداد التقرير هذه ركزت اللجنة على تطبيق خطط العمل المعدة استناداً إلى مصادقة معلومات اللجنة واكتشافاتها حول كل قضية من تلك القضايا. ومن بين المقابلات الأساسية الواردة في خطط العمل الخاصة بالقضايا الثماني عشرة، تم إجراء 40 مقابلة في خلال فترة إعداد التقرير هذه. كما أجرت اللجنة زيارات متابعة لمسارح الجرائم التي وقعت فيها الاعتداءات فضلاً عن زيارة أماكن أخرى ذات صلة بها بغية استكمال عمليات تقييم مسرح الجريمة.
56- ونظراً إلى أن تركيز اللجنة منصب على اغتيال الحريري، وأن عليها فضلاً عن ذلك تأمين معونة إلى السلطات اللبنانية في تحقيقاتها حول عدد متزايد من القضايا الأخرى على رغم محدودية الموارد فإن التقدم المحرز إبان فترة إعداد التقرير هذا كان مرضياً.
57- إبان فترة إعداد التقرير، بدأت اللجنة بجمع تقارير مرجعية عن الجرائم المرتكبة في القضايا الـ18 بدءاً من الاعتداءات التسعة التي استهدفت كل من مروان حمادة وسمير قصير وجورج حاوي والياس المر ومي شدياق وجبران تويني وبيار جميل ووليد عيدو وأنطوان غانم. وتضم هذه التقارير البيانات والصور ورسوم مسرح الجريمة وتقارير الأدلة الجنائية الأكثر صلة بالجرائم فضلاً عن معلومات أخرى ذات صلة تتعلق بكل قضية من القضايا. وفي حين ركزت التقارير الموثقة على التحقيق وأدارته بنجاح عبر تحديد الثغرات والأدلة فإن التقارير المرجعية للجرائم ستؤمن مصدراً مكملاً من شأنه تمكين المحققين من النفاذ إلى كافة المواد المتعلقة بالقضايا ذات الصلة في موقع واحد. وسترفع هذه التقارير إلى مدعي عام المحكمة الخاصة بلبنان لإتاحة الفرصة للمدعي العام لتقويم وجود أي روابط في ضوء اختصاص المحكمة.
58- في الأشهر الأربعة المنصرمة، عقدت اللجنة اجتماعات مع كل قضاة التحقيق الموكلين بقضايا الاعتداءات التسعة ومع المدعي العام بغية مناقشة أدلة التحقيق إضافة إلى تقويم وضع كل تحقيق وتحديد المجالات التي يمكن فيها للجنة تأمين معونة فنية إضافية. كما ساهمت الاجتماعات في ضمان التنسيق بين خطوات اللجنة وخطوات السلطات اللبنانية. وقد أثبتت هذه المناقشات فعاليتها وحالياً تجري مراجعة النتائج. وسيقوم كل من اللجنة والسلطات اللبنانية بخطوات متابعة. كما يجري التخطيط للاجتماع إلى قضاة التحقيق في القضايا الأخرى في خلال فترة إعداد التقرير المقبلة. وتم تسليم عدد كبير من التقارير الفنية الإضافية أخيراً إلى السلطات اللبنانية.
1- مجالات المعونة الفنية
59- أمنت اللجنة معونة فنية للسلطات اللبنانية في عدد من المجالات بما فيها إجراء تحاليل على الأدلة الجنائية وتحليل الاتصالات ومقابلات الشهود في القضايا الـ 18. وإبان فترة إعداد التقرير هذه، أرسلت اللجنة 29 طلب معونة إلى السلطات اللبنانية بما يخص هذه القضايا. وجددت اللجنة جهودها بغية ضمان إيصال نتائج تحقيقات اللجنة في القضايا الـ 18 إلى السلطات اللبنانية على وجه السرعة وبشكل منتظم.
أ) تحاليل الأدلة الجنائية
60- إبان فترة إعداد التقرير، أجرت اللجنة تحاليل على أدلة جنائية رئيسة عدة تتعلق بالقضايا الـ 18 وبعضها تمخضت عنه نتائج هامة.
61- لهذه القضايا الـ18 تم إطلاق 39 مشروع تحقيق خاص بالأدلة الجنائية متصلة بشكل أساسي بالتحقيق في مسارح الجرائم وتحليل المتفجرات والبحث عن البصمات والتحاليل البالستية وتحديد بصمات الحمض النووي وبحث بقع الدماء والتصوير الرقمي والتحاليل الزلزالية والتحاليل البيولوجية للأدلة الجنائية. وقد اكتمل 19 مشروعاً من هذه المشاريع وتم عرض النتائج النهائية مع المدعي العام وقضاة التحقيق. –>
62- وأتاح تحليل البيانات الزلزالية التي سجلها المركز الوطني للفيزياء الجغرافية في لبنان للجنة فرصة إجراء بعض المقارنات المفيدة حول الخصائص الزلزالية للانفجارات في بعض الاعتداءات. ويشير هذا التحليل مثلاً إلى أن الموجات الزلزالية المسجلة بعد الانفجارات في برمانا ونيو جديدة وجونيه تظهر بعض أوجه الشبه مع الانفجار في قضية الحريري وتظهر خصائص مختلفة مقارنة مع الانفجار الواقع في الزلقا.
الموجات الزلزالية لانفجارات برمانا والجديدة وجونيه تشبه موجات تفجير السان جورج
63- في إطار التحقيق بقضية اغتيال النائب بيار الجميل، أجرت اللجنة عدداً من الفحوصات المهمة خلال فترة إعداد التقرير. كما أجرت تحاليل لعينات من الحمض النووي التي وجدت في مسرح الجريمة، وعزلت عينات من الحمض النووي تعود إلى أفراد لم يتم تحديد هويتهم، باعتبارها قد تكون مرتبطة بالمنفذين المحتملين لعملية الاغتيال. وبناءً على طلب المساعدة التي تقدمت به السلطات اللبنانية، أجرت اللجنة عدداً من التحاليل الجنائية على جثتين عائدتين لشخصين يشتبه بتورطهم بالاغتيال استناداً إلى التحقيقات التي أجرتها السلطات اللبنانية. وتشير النتائج التي توصل إليها خبراء اللجنة إلى أن عينات الحمض النووي التابعة لهاتين الجثتين لا تتطابق مع العينات العائدة إلى الأفراد الذين لم يتم تحديد هويتهم، والذين يعتبرون المنفذين المحتملين لعملية الاغتيال.
64- وفي ما يتعلق أيضاً بقضية اغتيال النائب بيار الجميل، أجرت اللجنة تحقيقات دقيقة حول سيارة الهوندا السوداء من طراز “سي في أر” (CVR) التي احتجزتها في الأصل السلطات السورية قبل تسليمها إلى السلطات اللبنانية، والتي يشتبه باستخدامها من قبل منفذي الاغتيال وباصطدامها بسيارة النائب الجميل، استناداً إلى ما جاء في شهادة أحد الشهود العيان. وأجرى الخبراء الدوليون العاملون مع اللجنة فحوصات جنائية معمقة مرتبطة بهذه السيارة، بما فيها فحوصات على بصمات وعينات شعر وألياف وزجاج ومواد بلاستيكية وطلاء السيارة، فضلاً عن تحاليل على بقايا قذائف النار وعلى عينات من الحمض النووي، إلى جانب فحوصات دقيقة على أنبوب عادم السيارة وتحليلات في شأن الرصاص الذي استخدم خلال عملية الاغتيال. واستناداً إلى نتائج أولية، لا يمكن للجنة التوصل إلى استنتاجات حاسمة في هذه المرحلة في شأن ارتباط هذه السيارة بالجريمة.
65- كما حصلت اللجنة على معلومات أكثر دقة في شأن مختلف أنواع الأسلحة التي استعملت في الهجوم ومسار الرصاص الذي أطلق، والمكان التقريبي الذي استخدم فيه كل من الأسلحة المذكورة. وقامت اللجنة والسلطات اللبنانية بمقارنات مع أسلحة مماثلة احتجزتها السلطات اللبنانية في إطار قضايا أخرى.
66- وفي ما يتعلق بالتحقيق في التفجيرات التي نفذت في منطقة عين علق في 13 شباط (فبراير) 2007، أجرت اللجنة فحوصات على 175 عينة وجدت في مسرح الجريمة، بما فيها عينات من الحمض النووي وعينات من المتفجرات، وحاملات كروية وآثار نقل المتفجرات من مكان إلى آخر. ومن ضمن عينات الحمض النووي الثلاث عشرة التي وجدت في مسرح الجريمة، استخرجت ثلاث عينات مهمة من أربعة أماكن مختلفة في الحافلات. وأدت التحاليل التي أجرتها اللجنة على عينات الحمض النووي في إطار تفجيرات عين علق إلى نتائج مهمة مرتبطة مباشرة بالمنفذين المحتملين لهذه الهجمات. كما توصلت اللجنة إلى استنتاجات إضافية في شأن نوع ومكان وجود أجهزة التفجير اليدوية الصنع، فضلا ًعن الطريقة التي نفذ بها الجناة المحتملون العملية. وتم تقديم نتائج التحاليل كافة إلى السلطات اللبنانية، كما أن اللجنة ستستمر في تقديم أي معلومات إضافية تتوصل إليها إلى السلطات اللبنانية التي هي في طور محاكمة عدد من المشتبه بهم.
67- وتوصلت اللجنة إلى المزيد من النتائج بفضل الفحوصات التي أجريت على العينات المستخرجة من المكان الذي اغتيل فيه النائب وليد عيدو في 13 حزيران (يونيو) 2007 في بيروت. ورفعت اللجنة إلى السلطات اللبنانية عدداً من التقارير الجنائية تتضمن معلومات عن المتفجرات التي استخدمت في عملية الاغتيال، والسيارة التي يزعم أنها حملت أجهزة التفجير المرتجلة، فضلاً عن سيارة النائب عيدو.
ب) تحليل الاتصالات
68- تطبق اللجنة تقنية تحليل الاتصالات نفسها التي استخدمتها في قضية اغتيال رفيق الحريري على القضايا الـ 18 الآخرى. وخلال فترة إعداد هذا التقرير، أجرت اللجنة عدداً من الاستقصاءات حول الاتصالات التي أجريت في المناطق حيث حدثت الهجمات التسع التي لم تستهدف شخصيات سياسية محددة، أي في الكسليك وسد البوشرية وبلازا سنتر في برمانا، وفي جوار مبنى راديو “صوت المحبة” في جونيه، وفي شارع مونو في الأشرفية، وفي منطقة الزلقا، وشارع نعوم لبكي في الأشرفية، وفي عين علق في المتن، وفي منطقة نيو جديدة. وتم إدخال البيانات التي تم التوصل إليها إثر هذه الاستقصاءات وغيرها من البيانات المرتبطة باتصالات مسجلة بالغة الأهمية إلى الأدوات المتكاملة لتحليل الاتصالات الخاصة باللجنة وهي تخضع حالياً للتحليل لكل قضية. وإلى جانب مساعدة اللجنة على فهم حركة الاتصالات التي أجراها المنفذون المحتملون، تسمح هذه الأدوات بالقيام بمقارنات بين القضايا الـ 18، وقضية الحريري.
2- تحديد الترابط بين القضايا
69- إلى جانب المساعدة التقنية المقدمة للسلطات اللبنانية في القضايا المذكورة، ركزت اللجنة على تحديد الترابط المحتمل بين هذه القضايا، وبينها وبين قضية اغتيال رفيق الحريري. وتستمر اللجنة في درس أوجه الشبه بين هوية الضحايا وطريقة عمل المنفذين والدوافع المحتملة التي أدت إلى ارتكاب هذه الهجمات. وتحقيقاً لهذه الغاية، استحدثت اللجنة عدداً من الأدوات والمشاريع التحليلية الرامية إلى إبراز الترابط المحتمل بين القضايا المذكورة، فضلاً عن أوجه الاختلاف المحتملة بينها.
70- وخلال فترة إعداد التقرير السابق، أطلقت اللجنة عدداً من المشاريع التحقيقية المشتركة بين قضية الحريري والقضايا الـ 18 الأخرى. وتشمل هذه المشاريع تحاليل جنائية وتحاليل اتصالات، ومقارنات بين نوع المتفجرات المستخدمة، وفحوصات حول السيارات المستخدمة في بعض هذه الهجمات، وتحقيقات في شأن أوجه الشبه في طرق تأمين وتسجيل السيارات التي استخدمت في عدد من هذه الهجمات، وتحليل شامل للبيانات المتعلقة بدخول بعض الأفراد إلى لبنان وخروجهم منه، فضلاً عن مشاريع تحليلية مشتركة أخرى.
71- وكما حُدد في تقرير اللجنة السابق الذي رُفع إلى مجلس الأمن، أولت اللجنة اهتماماً خاصاً بالتحقيقات المتعلقة بالدوافع المحتملة لهذه الجرائم، لا سيما ما يتعلق بالنشاطات السياسية والعامة لضحايا الهجمات التي استهدفت شخصيات لبنانية محددة، لأنه يرجح أن هذه النشاطات كان لها دور كبير في إعطاء دوافع لتنفيذ هذه الجرائم. وبهدف تحقيق المزيد من التقدم في هذا الصدد، ومن ضمن جملة من المشاريع المشتركة الأخرى، أطلقت اللجنة مشروعاً لتحليل المعلومات التي صدرت في وسائل الإعلام بهدف درس المواقف والتصريحات والبيانات والمقالات العلنية التي صدرت عن ضحايا الهجمات أو تعلقت بهم. وسيتم التطرق إلى هذا المشروع، الذي سيشمل التحقيق بقضية اغتيال رفيق الحريري، في فترة إعداد التقرير المقبل.
72- ومن طريق تحليل الدلائل التي تم الحصول عليها حتى الآن، واستخدام الأدوات التحليلية والمشاريع المذكورة أعلاه، تمكنت اللجنة من التركيز على التحقيقات الجارية في شأن أهم الاستقصاءات الرامية إلى إبراز الترابط بين القضايا.
73- وأثبتت التحقيقات التي أجريت خلال فترة إعداد التقرير فرضية اللجنة في احتمال وجود ترابط بين بعض المنفذين المحتملين لمختلف الجرائم المذكورة. وستتم متابعة هذه التحقيقات كأولوية في فترة إعداد التقرير المقبل، مع الإشارة إلى مقاربة اللجنة إزاء إدارة المعلومات الحساسة. وعلاوةً على ذلك، فإن التقارير الموحدة التي تدعمها التقارير المرجعية للجرائم، سيتم تحديثها لإلقاء الضوء على التقدم المحرز في كل من هذه القضايا وفي تحديد الترابط المحتمل بينها.
74- وستساعد هذه الأدوات والمصادر على تحويل الملفات إلى المحكمة الخاصة بلبنان من طريق تزويد مكتب المدعي العام للمحكمة بمعلومات متينة تعكس المراحل التي مر بها التحقيق بهذه القضايا والعمل التحليلي التي أجرته اللجنة حتى الآن.
3- قضية النائب أنطوان غانم
75- في التاسع عشر من أيلول (سبتمبر) 2007، قُتل النائب أنطوان غانم مع خمسة أشخاص آخرين عندما انفجرت سيارة مفخخة قرب مركبته فيما كان يغادر اجتماعاً في منطقة حرش تابت شرق بيروت. أصيب أكثر من سبعين شخص بجروح في هذا الهجوم. السيد غانم، الذي كان عضواً في الأكثرية النيابية، هو النائب السادس المغتال في لبنان منذ 2005.
76- في 21 من أيلول (سبتمبر) 2007، وبناءً على طلب من رئيس الوزراء السيد فؤاد السنيورة إلى الأمين العام (للأمم المتحدة)، أنيطت باللجنة مهام تزويد السلطات اللبنانية بالمساعدة الفنية في التحقيق في هذا الاعتداء. فأُرسل فريق خبراء من اللجنة رأساً إلى موقع الجريمة.
77- في 22 أيلول (سبتمبر) 2007، وصل الخبراء الجنائيون الدوليون في اللجنة وعملوا لعشرة أيام على التوالي على مسرح الجريمة بالتعاون مع السلطات اللبنانية. جُمع 108 أدلة وأُرسل معظمها للتحليل العلمي وما زال التحقيق في هذا الاعتداء في مراحله الأولى، إلا أنّ اللجنة استطاعت أن تعزل أربع عينات مختلفة من الحمض النووي ذات صلة بالجريمة و12 (علامة حذاء) على مواقع عدة ربّما استُخدمت للمراقبة. وتفيد الاكتشافات الأولية للخبراء، استخدام متفجر ثلاثي التريازين السداسي الهدروجين (RDX) في هذا الهجوم. استطاعت كذلك اللجنة تحديد وقت الانفجار: 17:21:12.
78- أجرت اللجنة مقابلتين في هذه القضية، ويتم حالياً التحضير لمقابلات أخرى خلال فترة إعداد التقرير المقبل. وضعت كذلك اللجنة نبذة عن حياة الضحية وسلسلة الأحداث التي سبقت الهجوم. كذلك بدأت اللجنة بالنظر إلى إمكان وجود صلة بين هذا الهجوم والاعتداءات الأخرى.
79- بعد غياب طويل، عاد أنطوان غانم إلى لبنان قبل ثلاثة أيام فقط من اغتياله، مما يشير إلى سرعة مراقبة مرتكبي الجريمة لتحركاته. في وقت الهجوم، كان غانم مغادراً من اجتماع تحدد مع صديق من دون تخطيط مسبق ودام حوالي ساعة. وتفيد المكتشفات الأولية في التحقيق بأنّ المرتكبين استطاعوا إتمام المراقبة واستخدام مركبة محمّلة بعبوات ناسفة يدوية الصنع للقيام بالهجوم في وقت قصير جداً. وتشير هذه المعلومة إلى قدرات المرتكبين المتقدمة في إتمام العمليات وربما أيضاً إلى إمكان وجود عدد من العبوات الناسفة ايدوية الصنع المحمّلة على المركبات المحضّرة مسبقًا في مواقع عدّة، لتجنيدها من دون سابق إشعار.
III- التعاون الخارجي
أ – التفاعل مع السلطات اللبنانية.
80- تتعامل اللجنة عن كثب مع السلطات اللبنانية حول المسائل المتعلقة بقضية اغتيال رفيق الحريري والقضايا الـ 18 الأخرى. تستمر الاجتماعات المنتظمة بين اللجنة والمدعي العام وفريقه وقاضي التحقيق المعيّن أخيراً في قضية اغتيال رفيق الحريري. خلال فترة إعداد التقرير التقت اللجنة قضاة التحقيق المسؤولين عن التحقيقات في العمليات المستهدفة السابقة. ووفّرت هذه الاجتماعات مع المدعي العام وقضاة التحقيق فرصة ممتازة لضمان التواصل والتعاون بين مختلف الأفرقاء. ويسهّل كذلك هذا التنسيق الوثيق عملية الانتقال إلى المحكمة الدولية الخاصة للبنان.
81- خلال فترة إعداد التقرير جددت اللجنة جهودها للتأكد من بقاء السلطات اللبنانية على اضطلاع بنشاطاتها وبتقدم التحقيق. حصلت اجتماعات منتظمة مع السلطات اللبنانية لتنسيق النشاطات ومراجعة الدلائل المتعلقة بالتحقيق. استمرت اللجنة كذلك بمشاركة السلطات اللبنانية في كمية مهمة من المعلومات، بما فيها مقابلات مع شهود وتقارير جنائية. سعت اللجنة إلى تزويد السلطات اللبنانية المعنية بجميع المعلومات التي جمعتها لكي تقوم هذه الأخيرة بتقويم مستقل حول الدلائل المجموعة حتى الآن والعمل بناءً عليه.
82- خلال فترة إعداد التقرير، أرسلت اللجنة 98 طلباً بالمساعدة إلى المدعي العام، طالبةً المساعدة في أخذ مواعيد للمقابلات أو الحصول على وثائق، أو تأمين الوصول إلى دلائل أو القيام بالتحضيرات لنشاطات اللجنة في لبنان. استمرت السلطات اللبنانية بالاستجابة كلياً إلى هذه الطلبات وتود اللجنة أن تعبر عن امتنانها لهذا التعاون المثمر.
83- تحافظ كذلك اللجنة على علاقة عمل وثيقة مع السلطات اللبنانية المسؤولة عن أمن موظفي اللجنة وتسهيلاتها. وتود اللجنة بموجبه أن تعبر عن امتنانها للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي لدعمهم اللامتناهي.
ب – التعاون مع الجمهورية العربية السورية.
84- وفقًا لواجبات الجمهورية العربية السورية في قرارات مجلس الأمن رقم 1636 (2005) و1644 (2005)، والتفاهم المتبادل بين اللجنة والجمهورية العربية السورية عام 2006، يبقى التعاون بين سورية واللجنة مقبولاً بشكل عام.
85- أرسلت اللجنة 11 طلباً للمساعدة إلى سورية في الأشهر الأربعة الأخيرة، مما يجعل مجموع هذه الطلبات المرسلة إلى سورية إلى 68 (طلباً) منذ كانون الثاني (يناير) 2006. خلال فترة وضع التقرير زودت سورية اللجنة بالمساعدة بناءً على الطلب ضمن إطار المهل الزمنية المقبولة. تعترف كذلك اللجنة بالدعم الذي قدّمته سورية من حيث تنظيمها لمختلف أعمال التحقيق على أراضيها، بما فيه تسع مهمات تحقيق للجنة خلال فترة وضع التقرير.
86- ستستمر اللجنة بطلب تعاون سورية التام في تطبيق مهماتها.
ج – التعاون مع الدول الأخرى
87- خلال فترة إعداد التقرير، تم إرسال 14 طلباً إلى 11 بلداً إضافة إلى الطلبات التي أرسلت إلى لبنان وسورية، ما يرفع عدد الطلبات الموجهة إلى الدول الأخرى منذ شهر كانون الثاني (يناير)، 2006 إلى 120 طلباً. وعندما تم تقديم الأجوبة الكاملة وفي الوقت المحدد، تمكنت اللجنة من إحراز تقدم مهم بفضل المساعدة التي قدمتها الدول الأخرى.
88- تعبر اللجنة عن امتنانها للدعم وللمعلومات وللخبرة التي تلقتها من عدد من الدول والمؤسسات الدولية خلال فترة إعداد التقرير. وكما أشارت في التقارير السابقة التي رفعتها إلى مجلس الأمن، لن تتمكن اللجنة من استكمال مهمتها بشكل فعال إلا في حال حظيت بتعاون الدول كافة لتزويدها بالدعم والمعلومات المطلوبة.
برنامج لحماية الشهود… وأبو عدس ليس انتحاري الميتسوبيشي
IV- الأنشطة الانتقالية
89- بعد أن أعتمد مجلس الأمن القرار 1757 في العام 2007 الذي يدعو إلى إنشاء محكمة خاصة بلبنان وبالتوافق مع التقرير الذي قدمه الأمين العام حول متابعة تطبيق القرار 1757، كرّست اللجنة موارد في فترة إعداد هذا التقرير لتخطيط تسليم عملها إلى مكتب المدعي العام للمحكمة الخاصة بلبنان. وتصبّ أنشطة اللجنة في هذا الإطار باتجاه تأمين انتقال سلس بين المؤسستين.
أ- تحضير بيانات ووثائق وملفات ومستندات اللجنة
90- تولت اللجنة العمل على عدد من المشاريع المتعلقة بإدارة وحفظ والتسليم المحتمل للكميات الكبيرة من المعلومات والوثائق والمستندات وغيرها من المعلومات التي تحتفظ بها حالياً.
91- كما أشارت اللجنة في التقرير الأخير الذي رفعته إلى مجلس الأمن، فهي أجرت جردة شاملة للبيانات وللوثائق التي في حوزتها. وفي نهاية فترة إعداد هذا التقرير، جمعت اللجنة حوالى 1500 جيغابايت من البيانات المحفوظة في حوالى 850000 ملف. فضلاً عن ذلك، تملك اللجنة حوالى 1100 جيغابايت من البيانات المتعلقة بأعمال تحليل الاتصالات و960 جيغابايت من البيانات العدلية بما في ذلك أكثر من 40000 صورة متعلقة بالتحقيقات.
92- تم حفظ واسترجاع وتحليل معظم البيانات الإلكترونية التي تملكها اللجنة باستخدام البرامج التحليلية المتخصصة. وتحتاج عملية نقل البيانات إلى هذه البرامج إلى موارد كبيرة كما أنها تستهلك كمية من الوقت لكن عندما يتم الانتهاء منها، من المتوقع أن تكون مورداً مهماً لمكتب المدعي العام في المحكمة الخاصة بلبنان.
93- تملك اللجنة كميات كبيرة من الأدلة المادية والوثائق، فضلاً عن بيانات المراسلة التي تم حفظها بغية تسهيل الوصول إليها ونقلها مع المحافظة على وحدة ورعاية هذه المواد.
94- كما ذكر سابقاً، توثق تقارير اللجنة المعززة بشكل شامل تاريخ التحقيق في كل حالة. فضلاً عن ذلك، بدأت اللجنة بتجميع تقارير متعلقة بالجرائم التي تجمع معاً المعلومات الدقيقة كافة بما في ذلك المقابلات مع الشهود والصور لكل حالة. وتم تصميم هذه التقارير للمساعدة في عملية الانتقال عبر تزويد المحكمة الخاصة بلبنان بموارد شاملة ومنظمة ومفهرسة وسهلة لكل حالة.
95- تم تنظيم الإجراءات الهادفة إلى تأمين وحدة وسهولة انتقال المعلومات كافة الموجودة بحوزة اللجنة وتتوقع اللجنة أن يحصل هذا الانتقال خلال فترة قصيرة. وتستمر اللجنة في العمل مع الفريق الانتقالي الذي تم تعيينه للنظر في هذه المسائل ضمن أمانة سر الأمم المتحدة.
ب – مسائل حماية الشهود
96- كما أشارت اللجنة في التقرير الأخير الذي رفعته إلى مجلس الأمن، يجب تنظيم الإجراءات الهادفة إلى الحفاظ على أمن الشهود المحتملين الذين من الممكن استدعاؤهم لتقديم شهادتهم أمام المحكمة الخاصة بلبنان حتى يتمكن الشهود المحتملين من التعاون مع المحكمة من دون خوف من العقوبات. وبالتنسيق مع الفريق الانتقالي، صممت اللجنة مسودة لإستراتيجية تهدف إلى حماية الشاهد، تقترح فيها أن يتم اتخاذ الخطوات الأولى باتجاه إنشاء برنامج شامل لحماية الشاهد، تتم أقلمته مع الأوضاع الخاصة بالانتقال إلى المحكمة الخاصة بلبنان. وتحتاج مسودة الإستراتيجية هذه إلى تنقيح كما يجب اتخاذ عدد من الخطوات الإضافية قبل أن يتم تطبيق هذا البرنامج. وتعبّر اللجنة عن استعدادها للعمل مع الفريق الانتقالي لكي تتم عملية الانتقال بشكل مناسب وفي الوقت المحدد.
ج – المسائل الإدارية
97- بدأت اللجنة بالتحضير لاحتمال انتهاء تفويضها وسحب أنشطتها من لبنان عبر تجديد جرداتها وخططها لتصفية أصول اللجنة، توافقاً مع قوانين الأمم المتحدة المناسبة.
98- تشير اللجنة إلى أن نجاح الانتقال من اللجنة إلى المحكمة الخاصة بلبنان لا يعتمد على التقديم الفاعل للنتائج والأدلة التي توصلت إليها اللجنة فحسب بل على الذاكرة المؤسساتية للجنة. وتعتبر اللجنة أن مكتب المدعي العام للمحكمة الخاصة بلبنان سيتمكن من المباشرة بالعمل فوراً وبشكل فاعل في حال استطاع الاعتماد على الخبرة التي أكتسبها فريق موظفي اللجنة منذ العام 2005. وتعمل اللجنة حالياً مع الفريق الانتقالي ومع أقسام الأمم المتحدة المعنية لإرساء آليات مناسبة قادرة على بناء الجسور بين المؤسستين.
V- الأمـن
99- تميّزت فترة إعداد التحقيق الحالية بدرجة عالية من التوتر والغموض حول مستقبل لبنان السياسي. وكان اغتيال النائب أنطوان غانم وخمسة أشخاص آخرين الحدث الأمني الأبرز منذ تقديم تقرير اللجنة السابق إلى المجلس في 19 أيلول (سبتمبر) 2007.
100- في 2 أيلول، انتهت الحرب المديدة بين القوات المسلحة اللبنانية ومجموعة فتح الإسلام في مخيم اللاجئين في نهر البارد، قرب مدينة طرابلس الشمالية، بعد أشهر من القتال المكثّف. ولقي أكثر من 160 عنصراً من الجيش اللبناني حتفهم خلال المواجهات، فضلاً عن 220 مقاتلاً من فتح الإسلام. وأدى القتال إلى تدمير واسع للبنى التحتية في المخيم، كما دفع مئات العائلات إلى النزوح. ويبقى الوضع في المخيمات الفلسطينية في أنحاء لبنان متوتراً إذ تشوبه مواجهات متقطعة بين الفصائل الفلسطينية المختلفة.
101- لدى وضع اللمسات الأخيرة على هذا التقرير، وعلى الرغم من مرور أسابيع من المفاوضات المطوّلة بين الغالبية البرلمانية والمعارضة، لم ينتخب البرلمان رئيساً جديداً ليحل مكان الرئيس إميل لحود الذي انقضت فترة ولايته في 23 تشرين الثاني (نوفمبر). وعلى الرغم من استمرار الهدوء في أعقاب انتهاء ولاية الرئيس لحود، ارتفعت حدة التوتر بشكل ملفت نتيجة لهذا الوضع، ولا يمكن استبعاد احتمال حصول تدهور سريع.
102- نظراً إلى الأجواء السياسية والأمنية العامة في لبنان، فضلاً عن بعض التهديدات المعيّنة غير المباشرة التي تلقتها اللجنة خلال فترة إعداد التقرير، ومن خلال العمل المشترك مع السلطات اللبنانية ووكالات أخرى تابعة للأمم المتحدة، أجرت اللجنة مراجعة شاملة لتقويمها للمخاطر الأمنية واتخذت تدابير أمنية إضافية ورفعت مستوى الحيطة التي تتخذها في جميع نشاطاتها.
103- حتى مع تطبيق هذه التدابير الوقائية الإضافية، تستمر الأجواء الأمنية المتوترة في التأثير سلباً في قدرة اللجنة على تنفيذ مهمتها.
VI- الدعم التنظيمي
104- خلال فترة إعداد التقرير الحالية، واجهت اللجنة بعض الصعوبات المتعلقة بالحفاظ على الموظفين بسبب درجة من الغموض المرتبط بالآفاق المستقبلية للموظفين الذين تستخدمهم اللجنة حالياً، نظراً إلى الانتقال المحتمل إلى المحكمة الخاصة المتعلقة بلبنان. ومن بين المناصب الدولية الـ 88 الموافق عليها، ثمة 141 منصباً مشغولاً مقارنة مع 125 منصباً عند نهاية فترة إعداد التقرير السابقة. ومن بين 51 منصباً محلياً موافقاً عليه من اللجنة، ثمة 47 منصباً مشغولاً. وحالياً، تتألف شعبة التحقيق من 47 موظّفاً دولياً، من ضمنهم 30 محققاً ومحللاً وخبيراً تقنياً. ونظراً إلى الفترة القصيرة المتبقية لتفويضها والانتقال المرتقب، تتوقع اللجنة احتمال مواجهة بعض الصعوبات في الحفاظ على الموظفين وتوظيف غيرهم خلال الفترة المقبلة.
105- وبحسب التنويه الذي تكرر في التقارير السابقة، تستمر اللجنة كذلك في مواجهة صعوبات في جذب موظفين مؤهلين في مجال اللغات والمحافظة عليهم لترجمة ومراجعة الوثائق والتصاريح من العربية وإليها. وفي نهاية فترة إعداد التقرير، كان 21 عضواً من الموظفين الدوليين المتخصصين باللغات يعملون لدى اللجنة، من ضمنهم سبعة على أساس دوام جزئي. وعلى الرغم من بعض التدابير المتخذة لمعالجة هذا الوضع، تشير اللجنة إلى أن هذه النقطة كانت وستبقى موضع قلق.
VII – الاستنتاجات
106- مع إنجاز عدد متزايد من التحقيقات ومع تضييق رقعة التحقيقات، تبنت اللجنة مقاربة حذرة حيال إدارة المعلومات المتصلة بالتحقيق. فقد طبّقت عدداً من التدابير والإجراءات التي صبت في هذا الاتجاه. كما لم تألُ جهداً للحفاظ على نزاهة التحقيق والعملية القانونية وسلامة الأشخاص. فنفّذت لهذه الغاية إجراءات ملائمة متصلة بإدارة المعلومات. ونتيجة لذلك، تعتبر اللجنة أنه لا يجوز لها أن تضع في متناول الرأي العام والجمهور إلاّ طائفة محدودة من المعلومات المتعلقة بالتحقيقات المتواصلة التي تجريها.
107- منذ التقرير الأخير إلى مجلس الأمن، ركّزت اللجنة في المقام الأول على تطبيق خطط العمل المفصَّلة التي وضعها في نهاية مرحلة إعداد التقرير الأخيرة. وبفضل التقدم الذي أحرزته في الأشهر الأربعة المنصرمة، باتت اللجنة قادرة بصورة متزايدة على استخلاص نتائج أولية حول عدد مهم من النواحي المتصلة بالتحقيق في جريمة اغتيال رفيق الحريري، يتعلق بعضها بالمعاينات في ساحة الجريمة ونوع المتفجرات اليدوية الصنع وشاحنة ميتسوبيشي التي استُعملت في الهجوم فضلاً عن الأشخاص المتورطين في مراقبة الحريري وتعقبه. كذلك، أحرزت اللجنة تقدماً في فهمها أحمد أبو عدس ومدى تورطه، فضلاً عن هوية الانتحاري المزعوم. بالمثل، أحرزت تقدماً في استيعاب الدوافع المحتملة وراء اغتيال رفيق الحريري. وبفضل هذه الخطوات، تمكنت اللجنة من تحديد عدد إضافي من الأشخاص المهمين لمسار التحقيق.
108- ستكرس اللجنة المرحلة المقبلة من إعداد التقرير لنواحي التحقيق التي لم تتوصل بشأنها إلى أي أجوبة شافية. وبشكل خاص، استناداً إلى ما توصلت إليه في مجالات عدة متصلة بالتحقيق، ومنها العوامل التي شكلت الدوافع وراء الهجوم، ستواصل اللجنة إقامة روابط إضافية بين الأدلة في ساحة الجريمة والدوافع المحتملة والأشخاص الذين قد يثيرون اهتمامها لاحتمال تورطهم في بعض النواحي المتصلة بالتحضير للجريمة وتنفيذها. وخلال مرحلة إعداد التقرير الأخيرة، برزت عدة خيوط واعدة سندرجها في صلب أولوياتنا.
109- كذلك، واصلت اللجنة توفير الدعم إلى السلطات اللبنانية في التحقيقات التي أجرتها في 18 قضية تتناول الاغتيالات المستهدفة والتفجيرات التي هزت لبنان منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2004، ومنها اغتيال النائب أنطوان غانم في 19 أيلول (سبتمبر) 2007. وعلى الرغم من ارتفاع عدد القضايا ومحدودية الموارد الاستقصائية المتاحة، قدمت اللجنة يد العون إلى السلطات القضائية اللبنانية ولاسيما في ما يتصل بالمعاينات الجنائية ومقابلة الشهود. وتماشياً مع صلاحية المحكمة الخاصة بلبنان، أولت اللجنة عناية خاصة إلى تحديد الروابط المحتملة والقواسم المشتركة بين قضية الحريري والقضايا الأخرى التي يطاولها التحقيق. وقد أكدت عدة نتائج تم التوصل إليها خلال فترة إعداد التقرير، فرضية اللجنة التي رجّحت وجود روابط تشغيلية بين بعض الأشخاص الذين ارتكبوا هذه الجرائم. لذلك، ستحرص اللجنة في مرحلة إعداد التقرير المقبلة على التأكد من صحة هذه الروابط وإقامة روابط أخرى.
110- تشير اللجنة إلى أنّ الأدلة التي عثرت عليها لدى اغتيال الحريري وفي بعض الهجمات الأخرى، منها جريمة اغتيال أنطوان غانم مؤخراً، تؤكد أنّ المنفذين أو مجموعة المنفذين كانت ولا تزال تتمتع بقدرات تشغيلية واسعة ومتطورة في بيروت تقوم على خبرات ومعدات وموارد محددة جداً.
111- حافظت اللجنة خلال الأشهر الأربعة الأخيرة على علاقة عمل مهنية ووثيقة مع السلطات اللبنانية، ولاسيما المدعي العام وفريق عمله والقضاة المحققين الذين أُسنِدت إليهم القضايا المختلفة. وخلال فترة إعداد هذا التقرير، ارتفعت وتيرة التحقيق مجدداً كما يُظهر عدد المقابلات التي أجريت وطلبات المساعدة التي رفعت والتي واصلت السلطات اللبنانية الاستجابة لها بالكامل.
112- كذلك، تشير اللجنة إلى أن سورية ودولاً أخرى واصلت الرد على طلبات المساعدة التي قدمتها. تعترف اللجنة بهذه الإجابات وتجدد دعوتها الدول كلها لكي تزودها بالمعلومات والدعم الضروري في الوقت المناسب.
113- نظراً للتوتر السياسي الحاد المخيم على لبنان، وفي ضوء بعض التهديدات المحددة التي تواجهها اللجنة بسبب طبيعة عملها، تعرب اللجنة عن خالص امتنانها إلى القوات المسلحة اللبنانية لأنها توفّر الحماية لفريقها كما مقر عملها. فهذا الدعم مهم، إذ يعزز قدرة اللجنة على تنفيذ مهمتها بصورة فعالة.
114- تستعد اللجنة لكي تسلم نتائج تحقيقها إلى المدِّعي الذي سيُعين على رأس المحكمة الخاصة بلبنان، حين تباشر المحكمة عملها. فبيانات اللجنة ووثائقها وملفاتها وأدلتها تُجمع وتوثَّق في الأرشيف وتوضَّب بطريقة تسهِّل تسليمها ونقلها في وقت قصير. كذلك، تعمل اللجنة بالتعاون مع الفريق الذي شُكِّل للإشراف على المرحلة الانتقالية في عدد من المسائل التي لا بد من معالجتها والتطرق إليها حرصاً على إتمام هذه العملية الانتقالية بين المؤسستين بنجاح.
* نقل نص التقرير الى العربية قسم الترجمة في «دار الحياة»