قارئ “الشفاف” (الذي يدخل الآن سنته الرابعة) لن يفاجأ بكلام الشيخ الترابي عن “الرجم” وعن مرجعية القرآن الكريم وحده.
فكلام الترابي “الجديد” هو ذرة من بحر الفكر الإسلامي المستنير الذي كتبه العشماوي العظيم، المستشار محمد سعيد العشماوي، على صفحات هذا الموقع وفي كتب ومقالات عديدة. وهو نذر قليل مما كتبه “شيخ القرآنيين” جمال البنّا، الذي حاصره أمثال الترابي وما يزالون. وهو بعض قليل مما كتبه سيّد القمني، الذي هدّدوه بالقتل بتهمة المروق عن الإسلام. والكلام عن “الرجم كشريعة يهودية” هو أحد “إختصاصات” العفيف الأخضر الذي حظر عليه الأمير خالد بن سلطان الكتابة في جريدة “الحياة” لأنه اعتبر “الرجم” شريعة يهودية.
لماذا تذكّر الترابي (الذي أهدر دم مفكّر السودان العظيم محمود طه)، الآن، أن هذا هو الإسلام الصحيح؟ ربما يكون السبب، وبكل بساطة، هو أن الترابي الآن خرج من السلطة ولم يعد لديه أمل بالعودة إليها. أي أنه لم يعد يملك مصلحة في “تسييس الإسلام”.
تصريحات الترابي تذكّر بمقال نشره الكاتب السعودي مشاري الزايدي ونقلناه عن “الشرق الأوسط” في مارس 2004. وكان المقال بعنوان: “بانتظار فقيه شجاع”. وجاء فيه هذا المقطع الذي نورده كاملا:
” لكن هناك فقيه نموذج لما اتحدث عنه، هو الشيخ الفقيه العظيم محمد ابو زهرة.. يذكر الباحث زهير ظاظا حادثة معبرة للشيخ ابي زهرة حدثت له آخر عمره، وحكى عن الشيخ القرضاوي عند حديثه عن مؤتمر ندوة التشريع الإسلامي المنعقدة في مدينة البيضاء في ليبيا عام (1972)، قوله: «وفي هذه الندوة فجر الشيخ أبو زهرة قنبلة فقهية، هيجت عليه أعضاء المؤتمر، حينما فاجأهم برأيه الجديد. وقصة ذلك: أن الشيخ رحمه الله وقف في المؤتمر، وقال: إني كتمت رأيًا فقهيًّا في نفسي من عشرين سنة، … وآن لي أن أبوح بما كتمته، قبل أن ألقى الله تعالى، ويسألني: لماذا كتمت ما لديك من علم، ولم تبينه للناس؟. هذا الرأي يتعلق بقضية «الرجم» للمحصن في حد الزنى، فرأيى أن الرجم كان شريعة يهودية، أقرها الرسول في أول الأمر، ثم نسخت بحد الجلد في سورة النور. قال الشيخ: ولي على ذلك أدلة ثلاثة: الأول: أن الله تعالى قال: «فإذا أُحصِنَّ فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب» (النساء: 25)، والرجم عقوبة لا تتنصف، فثبت أن العذاب في الآية هو المذكور في سورة النور:«وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين» (النور 2) والثاني: ما رواه البخاري في جامعه الصحيح عن عبد الله بن أوفى أنه سئل عن الرجم..هل كان بعد سورة النور أم قبلها؟ فقال: لا أدري. فمن المحتمل جدًّا أن تكون عقوبة الرجم قبل نزول الاية في سورة النور التي نسختها. الثالث: أن الحديث الذي اعتمدوا عليه، وقالوا إنه كان قرآنًا ثم نسخت تلاوته وبقي حكمه أمر لا يقره العقل، لماذا تنسخ التلاوة والحكم باق؟ وما قيل: إنه كان في صحيفته فجاءت الداجن وأكلتها لا يقبله منطق، وما أن انتهى الشيخ من كلامه حتى ثار عليه أغلب الحضور، وقام من قام منهم، ورد عليه بما هو مذكور في كتب الفقه حول هذه الأدلة. ولكن الشيخ ثبت على رأيه».
ويتابع القرضاوي حكايته: «وقد لقيته بعد انفضاض الجلسة، وقلت له: يا مولانا، عندي رأي قريب من رأيك، ولكنه أدنى إلى القبول منه. قال: وما هو؟ قلت: جاء في الحديث الصحيح: «البكر بالبكر: جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب: جلد مائة، ورجم بالحجارة». قال: وماذا تأخذ من هذا الحديث؟ قلت: تعلم فضيلتك أن الحنفية قالوا في الشطر الأول من الحديث: الحد هو الجلد، أما التغريب أو النفي، فهو سياسة وتعزير، موكول إلى رأي الإمام، ولكنه ليس لازمًا في كل حال…»، ثم يخبرنا القرضاوي ان الشيخ ابا زهرة لم تعجبه هذه «التخريجة». وقال له : يا يوسف، هل معقول أن محمد بن عبد الله الرحمة المهداة يرمي الناس بالحجارة حتى الموت؟…
متى “يتقاعد” الشيخ القرضاوي ويقرّر أن يبوح بما “يكتمه في نفسه منذ عشرين سنة” وأكثر؟
*
الترابي: رجم الزاني شريعة يهودية
ولا مرجعية في الدين الإسلامي غير القرآن الكريم
شهادة المرأة العالمة بأربعة رجال جاهلين
الخرطوم: «الشرق الأوسط»
واصل الدكتور حسن عبد الله الترابي، الأمين العام للمؤتمر الشعبي المعارض، فتاواه الدينية المثيرة للجدل، وأفتى في ندوة بشمال السودان بعدم شرعية «عقوبة الرجم» في جريمة الزنى للمتزوجين وغيرهم. لكن الترابي الذي ظل خلال العامين الماضيين يفتي في شتى القضايا الدينية متى ما سنحت له الفرصة، قال إن ما يطرحه ليس فتاوى ولكن آراء. واعتبر الترابي أن الرجم من شريعة اليهود، وأن عقوبة الزنى حسب الشريعة الإسلامية هي «الجلد فقط»، وقال إن الرجم لا محل له في الدين الإسلامي، وذكر أن ما طبق منه في عهد الرسول صلي الله عليه وسلم كان قبل نزول التشريع بشأن الزنى.
وقال الترابي إن شهادة المرأة العالمة تعادل شهادة أربعة رجال جاهلين، ونفى بشدة ما نسب إليه بشأن إنكاره للحجاب، وقال إن تناول الكلمة في سياقها اللغوي بمعنى الستار. وأوضح أن الحجاب (النقاب الكامل) قصدت به نساء الرسول فقط، وذكر أن حجاب المؤمنات المعني في القرآن الكريم يقضي بظهور الوجه والكفين.
وقطع الترابي بأنه لا توجد مرجعية في الدين الإسلامي غير القرآن الكريم، وقال إن «السنن يمكن أن تجدد». وأشار الزعيم الإسلامي في هذا الخصوص الى أن البخاري جمع ألفي حديث وأخرج 2 في المائة، ومن هذه النسبة يمكن ان نخرج 2 في المائة منها غير صحيحة. وقال الترابي «لا يوجد فقيه، فكلنا فقهاء في كل العلوم، وليس هناك علماء، فكل الناس علماء ومجتهدون، ولا توجد شروط للمجتهد».
ودعا طلاب الجامعات السودانية كافة الى الثورة على الحكومة بهدف إسقاطها والإطاحة بها، مؤكداً مقدرة الطلاب على ذلك، مستشهداً بتجربة إسقاط حكومتي أكتوبر ومايو العسكريتين في وقت لم يتجاوز فيه طلاب الخرطوم 500 طالب. وجدد الترابي اتهامه للحكومة ممثلة في المؤتمر الوطني بالفساد، سيما في أموال البترول، مشيراً الى الحصار الاقتصادي العالمي الذي فرض عليها في بدايات الإنقاذ، وقال «لكنها بعد أن فتح الله عليها بالبترول أفسدت فيه وأكلت أمواله».
*
وكانت “الشرق الأوسط” قد نقلت التصريحات التالية للترابي في عدد يوم الجمعة:
الترابي: «سدرة المنتهى» لا وجود لها وحواء وآدم مخلوقان من نفس واحدة
قال إن معظم من في السلطة عندنا فاسدون
الخرطوم: اسماعيل ادم
أفتى الدكتور حسن عبد الله الترابي، الامين العام لحزب المؤتمر الشعبي المعارض، بأن سدرة المنتهى لا وجود لها، واصفاً الحديث عنها «بالغريب»، وأضاف : «ولماذا لم تذكر شجرة النخيل بدلا من شجرة النبق التي يوجد تحتها عرش الرحمن؟». واعتبر ان خلق حواء «لم يكن من جزء من سيدنا آدم، بل هما مخلوقان من نفس واحدة قسمت الى نفسين، وإنها النصف التي تنجب الذكر»، وقال: «وإذا كان الذكر يأتي بالنفع وحده لما خلقت الأنثى، ولكنا ذكورا ننتج ذكوراً».
واعتبر الترابي ان زواج المكرهة لا يعدو ان يكون اغتصاباً، مشترطاً مثول المرأة والرجل أمام كاتب العقد، مصوباً ان المتزوجة هي الأصل والوكيل يأتي بعد ذلك، وقال إن وجود الرجل والمرأة ضروري لقيام أي عمل، فلا مجلس شورى ولا مجلس لقوات مسلحة أو غيرهما يمكن ان يستقيم إلا بوجود الذكور والإناث.
وقال الترابي، لدى مخاطبته مؤتمرا لحزبه في مدينة عطبرة شمال الخرطوم، ان «جل من في السلطة في السودان فاسدون، الا قليلا»، وأضاف ان نسبة الفساد التي كانت فقط نحو 9% في السنوات الاولى لحكم الانقاذ، بلغت الان اكثر من 90%. وكان الترابى قبيل المفاصلة بينه وبين البشير في عام 2000، قال ان %9 من الاسلاميين في حكومة الانقاذ فاسدون، ما اثار غضب الكثير من القيادات الحكومية وقتها.
وأضاف ان «قيادات الانقاذ لم تكن صاحبة وعي وتجربة سابقة بفتنة السلطة». وأضاف «لقد قفزت الحركة الاسلامية الى السلطة من دون وعي او تجربة او برامج، ونزلت عليهم أموال الشعب بلا رقيب، ففسدوا كلهم الا قليلا». وتابع: «السلطة افسدتنا، وصلواتنا وحجنا كانت معلولة وأصبح الامين عندنا لصا بعد السلطة».
واعترف بان الحركة الاسلامية لم تكن مؤهلة لتسلم السلطة في عام 1989، وقال ان المشروع الإسلامي في السودان ارتد، وقال في هذا الخصوص، «نحن كإسلاميين ارتددنا، لأن كل العالم وضع آماله في المشروع الاسلامي السوداني، باعتباره المخلص للعالم من الهيمنة المادية على الروح». وحسب الترابي فان «الماسكين بزمام الامر في البلاد الان، أشد اثما لأنهم استمرأوا النكوص عن المشروع الاسلامي».
وقال الترابي إن السرية هي التي أدت لما وصفه بالفساد الكبير في السودان، خاصة في فترة ما قبل المفاصلة، وقال «كان يتم فصل الناس من وظائفهم بدعوى ان الشيخ قال ذلك، ونحن لا نكون قد سمعنا بهذا الأمر أصلا». وأضاف «السرية قتلتنا».
الترابي “يقلّد” العفيف الأخضر وجمال البنّا معاذ محمد صالح — muaz_mohamed@yahoo.com ان اراء الترابى ليست حديثة كما يظنها من يقرا هذا الخبر بل انها منذ السبعينيات عندما تحدث عن حديث الذبابة وزواج المسلمة من الكتابى وزواج المتعة ورأيه فى عدالة الصحابة بل انه ذهب فى المؤتمر العالمي الرابع للفكر الإسلامي عن المنهجية والعلوم السلوكية والتربوية- الخرطوم عام 1987م الى طرح منهج واضح فى التعامل مع السنة منها ما اقام ضده الحضور حيث قال اذا كان راوى الحديث لديه مصلحة منظورة من رواية الحديث فذلك يضعف الحديث ومنها ان السنة لا تأتى باحكام جديدة لم ترد اشارة اليها فى القران الكريم… قراءة المزيد ..