وطنية- 21/8/2007 (سياسة) أكد البطريرك الماروني الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير في حديث الى صحيفة “السياسة” الكويتية تنشره غدا “أن تشكيل حكومة جديدة يتم بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية”، معتبرا “أن المطالبة بهذه الحكومة ولو قبل نصف ساعة من الانتخابات الرئاسية بمثابة تحد، والتحدي لا يبني الأوطان”.
وجدد موقفه الرافض للتعديل الدستور إلا إذا كان ذلك لتجنب خراب البلد.
أضاف: “يزعم البعض أن قائد الجيش العماد ميشال سليمان وحده يمكن أن ينقذ لبنان، وهذا يقتضي تعديل الدستور، فقلنا ليعدلوا الدستور لأن إنقاذ الوطن أولوية”.
ورفض رفضا مطلقا الدخول في تسمية المرشحين، وقال: “إذا سميت أحدا فلن يأخذوا به، بل سينقضون عليه ويحترق اسمه من دون جدوى”.
وكرر موقفه من موضوع النصاب قائلا: “إن مقاطعة النواب لجلسة الانتخاب هي مقاطعة للوطن، وان نصاب انعقاد الجلسة هو الثلثان، ولكن بعد ذلك يمكن انتخاب الرئيس بالنصف زائدا واحدا، والدستور اللبناني وغير اللبناني لحظ أن الرئيس يجب أن يحوز الأكثرية وإذا جاء بأقلية هزيلة فلا يمكنه أن يحكم”.
وكشف استمرار الاتصالات برئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري بالواسطة، وذلك لأسباب أمنية.
ولم ينف التدخل الخارجي في الموضوع الرئاسي، متمنيا على الأفرقاء اللبنانيين وقف الاتصال بهذا الخارج.
وأكد “وجود نفوذ ما لسوريا في لبنان لأن كثيرين يتقيدون برأيها، ولكن لا أطماع للسعودية في لبنان”، رافضا الدخول في أسباب الحملة عليها، ومشيدا بالدور الكويتي في لبنان.
وعن احتمال تشكيل رئيس الجمهورية اميل لحود حكومة ثانية، قال: “ربما يفكر بهذا الأمر ولكن من يخرج عن القواعد الديموقراطية الدستورية يلاق الصعوبات، وإذا تعطل الدستور والديموقراطية فإن البلد يدفع الثمن.
سئل: كلامكم في موضوع تعديل الدستور فسره البعض في غير موضعه، فما هي حقيقة هذا الموقف؟ وهل غبطتكم مع تعديل الدستور لمصلحة أشخاص معينين أم ضد التعديل بالمطلق؟
أجاب: “عندما طرح موضوع قائد الجيش، قلنا ان الدستور يمنع ليس فقط ترشيح قائد الجيش، بل كل صاحب وظيفة، وهذا يتطلب تعديلا للدستور، والدستور لا يعدل ساعة يشاؤون. الدستور يعدل لأسباب بالغة، ولذلك كان موقفنا واضحا وصريحا، إن الدستور يجب الإبقاء عليه، ويجب إيجاد حل خارج التعديل. ولكن عندما رأينا أن الأمر متفاقم جدا، وأنه لا ينقذ لبنان في زعم بعضهم إلا قائد الجيش، وهذا يقتضي تعديل الدستور، قلنا فليعدلوا الدستور لإنقاذ الوطن، لأن إنقاذ الوطن أولوية بالنسبة إلى تعديل الدستور. وإذا كان هناك من مفاضلة أو مقارنة بين أن يخرب الوطن أو أن يعدل الدستور فالأفضل أن يعدل الدستور ليبقى الوطن هذا ما قلته”.
سئل: يقول الرئيس نبيه بري إنه يسير بالحل خلف غبطتك، هل لديكم تصور واضح للحل تداركا للانقسام بين اللبنانيين؟
أجاب: “نحن نشكر دولة الرئيس بري على تصريحه هذا، ولكن نأمل أن تتوافق كل القوى السياسية في البلد لإيجاد حل. نرى أن الحل ربما يكون صعبا، ولكن على الساسة اللبنانيين بوجه خاص، أن يقلعوا عن أي اتصال خارجي وأن يقبلوا على البحث عن مصلحة الوطن حيثما يجدونها، وهي التي تطغى على أي اعتبار آخر”.
سئل: هناك أصوات كثيرة رافضة لتعديل الدستور، خصوصا في صفوف المسيحيين، ما هو تعليقكم؟
أجاب: “نعم، هذه هي القاعدة. القاعدة ألا يعدل الدستور. وإذا أمكن إيجاد حل خارج التعديل فهذا أمر مرحب به. ولكن على ما أشرنا إليه، إذا خيرنا بين خراب الوطن وتعديل الدستور، فالأولى أن يعدل الدستور كي لا يخرب الوطن”.
قيل له: البعض فسر هذا الكلام كأنكم تميلون لانتخاب قائد الجيش رئيسا للجمهورية؟
أجاب: “نحن كنا دائما، وهذا معروف لدى كل اللبنانيين، ضد تعديل الدستور، وعندما جاء إلى الحكم الرئيس الحالي، قلنا نحن ضد تعديل الدستور، ونحن لا نزال عند رأينا هذا. ولكن نعود لنكرر القول، إذا خيرنا بين إنقاذ الوطن أو تعديل الدستور، نحن نفضل إنقاذ الوطن على خراب الوطن”.
سئل: ما هي كلمتكم للنواب المسيحيين الذين يقولون صراحة إن عدم حضور جلسة انتخاب الرئيس هو موقف سياسي؟
أجاب: “صحيح أنه موقف سياسي، ولكن نحن قلنا إذا كان هذا الموقف السياسي سيعطل الوطن، فمن الأفضل عدم تعطيل الوطن. لأن مقاطعة النواب، ربما بقرار من الحزب الذي ينتمون إليه، ولكن لا أحد بإمكانه أن يقاطع الوطن كوطن. وأن يترك الخراب ليحل به متشبثا برأيه، صحيح أننا أعطينا مثال الفرنسيين الذين عندما تساوت القوى بينهم فلجأوا إلى رجل حيادي آخر وانتخبوه رئيسا، وهذا يجب أن يكون عندنا. المقاطعة للمقاطعة ليست مقبولة”.
سئل: هناك تركيز من جانب المعارضة على حكومة وحدة وطنية ولو قبل نصف ساعة من انتخابات الرئاسة، ما هو تفسيركم لهذا الشرط؟
أجاب: “هناك أقوال… يقولون يجب تغيير الحكومة ولو قبل نصف ساعة. ويجب أيضا أن يكون هناك رئيس قبل نصف ساعة، هذه أمور فيها تحد. يجب أن يتفاهم جميع الأفرقاء على أن يكون هناك انتخاب رئيس، وهذا الرئيس عندما ينتخب يأتي بحكومة. لأن الحكومة تشكل عندما يكون هناك رئيس جديد. يجب أن تؤخذ الأمور بالتروي والتفاهم والحكمة. أما بالتحديات فلا مجال لحل أي شيء”.
سئل: عندما تحدثتم عن نصاب الثلثين حصل التباس كبير حول هذه النقطة. هل غبطتكم مع نصاب الثلثين كشرط لانعقاد الجلسة، ومن ثم يمكن الانتخاب بالنصف زائدا واحدا؟
أجاب: “إذا لم يكن هناك من طريقة إلا بنصف النواب زائد واحد بعد أن يكون قد اجتمع النواب بأكثرية الثلثين في الجلسة الأولى… نعم هذا لا يمنع.. والدستور اللبناني وغير اللبناني قد لحظ أن الرئيس يجب أن يحوز على الأكثرية وإذا جاء بأقلية هزيلة فلا يمكنه أن يحكم”.
سئل: بعض النواب المسيحيين يتمنى عليكم تسمية من ترونه مناسبا لمنصب الرئاسة، وهم على استعداد لدعم هذا الاسم؟
أجاب: “لا، لن أسمي لأنهم لا يلتزمون، وهذه المسألة خبرناها. كلهم يقولون هذا القول، ولكن إذا سمينا أحدا، يحترق الاسم من دون فائدة”.
سئل: تحدثتم عن مواصفات الرئيس، وانطلاقا من هذه المواصفات، ربما إذا أعلنتم الاسم الذي ترونه مناسبا فقد يلتزمونه؟
أجاب: “لن يلتزموا بل ينقضون عليه. لا يمكنني أن أسمي أحدا لأني لست متأكدا من أنهم سيأخذون بهذا الاسم. سنحرقه من دون فائدة، لا بل سنتجنى عليه. ولذلك لتأخذ اللعبة الديموقراطية مجراها”.
سئل: أين أصبحت الاتصالات بينكم وبين الرئيس بري؟
أجاب: “نحن على اتصال بالواسطة طبعا. ونحن نقدر دولة الرئيس بري، ولكن ليس هناك اتصال غير هذه الوسيلة لأنكم تعرفون أن رجال السياسة في لبنان لا يمكنهم أن ينتقلوا بسهولة، وأصبحوا ملاحقين بأكثريتهم”.
سئل: يحكى أن الرئيس الجديد سيكون خاضعا لمشاورات إقليمية ودولية. هل تعتقدون أن اختيار الرئيس ما زال كما كان في السابق؟
أجاب: “أعتقد أن رئيس لبنان، لا يشترك اللبنانيون فقط في انتخابه، إنما أيضا الدول المجاورة والبعيدة لها رأي فيه. ولذلك يؤخذ رأي الجميع”.
سئل: في ظل الانقسام المسيحي، كانت لديكم رغبة في ألا يحصل الانتخاب الفرعي في المتن، على أن تتم تسمية خلف للوزير والنائب بيار الجميل، ولكن على ما يبدو البعض لا يريد الأخذ بالرأي ولا بالنصيحة في ظل هذا الانقسام، هل تتوقعون انتخاب رئيس قوي؟
أجاب: “نحن نتمنى أن يكون هناك رئيس قوي، وبما أنك أشرت إلى الانتخابات الفرعية، هناك شبه تقليد في لبنان. كلما توفى الله أحد النواب، يحل محله أقرب الناس إليه، ويجنبون المواطنين انتخابات جديدة. ولكن هذه المرة لم يؤخذ بهذا الرأي. وكانت النتيجة كما تعلم.
سئل: بعض القوى السياسية تتهم سوريا بأنها تحاول العودة إلى لبنان مجددا، وأنها تقف وراء ما يحصل من اضطرابات وفوضى. بتقدير غبطتكم، هل ما زال العامل السوري سلبيا في لبنان؟
أجاب: “لا يمكننا أن ننكر أن لسوريا، وهي الجار، نفوذا في لبنان، فهناك أناس كثيرون يتقيدون برأيها، وهم على علاقة بها. لذلك هناك من يقول إن سوريا تحاول أن تعرقل بعض الحلول أو أن تسيطر على لبنان مجددا. لا أدري ما هي نسبة صحة هذا القول”.
سئل: هناك اتهامات ضد المملكة العربية السعودية بأنها تؤدي دورا سلبيا في لبنان، كيف تنظرون إلى هذا الاتهام؟
أجاب: “إن المملكة العربية السعودية على علاقة بلبنان، وإن تكن بعيدة عنه بالجغرافيا، ولكن حتى اليوم لا يظهر أنها تريد أن تطمع بلبنان أو لديها مطامع فيه، ولا أن تحكمه مباشرة كما تعلمون”.
سئل: لماذا برأيكم الحملة على المملكة إذا؟
أجاب: “هناك أسباب ولا يمكنني أن أحددها”.
سئل: في الخطاب الأخير كشف السيد حسن نصرالله عن كميات كبيرة من الصواريخ لدى “حزب الله”، ووعد بحصول مفاجآت في حال اعتدت إسرائيل على لبنان. بتقديركم هل مسموح لحزب معين ضمن دولة إعلان حرب أو التهديد بحرب بمعزل عن الدولة التي ينتمي إليها؟
أجاب: “القاعدة معروفة ولا مجال للتذكير بها. ولكن لبنان فيه بعض الأشياء الشاذة”.
سئل: كيف تنظرون إلى الدور الكويتي في لبنان؟
أجاب: “طبعا الكويت هي أشبه بلبنان. ورأينا ما حل بها عندما حاول العراق أن ينقض عليها. وعلى كل بلد مثل الكويت أن يحافظ على خصائصه، وعلى ذاته ومقوماته وحدوده”.
سئل: هل غبطتكم متفائلون بالوضع القائم؟
-أجاب: “لا يمكننا أن نكون متشائمين إلى حد اليأس. ولكن نأمل أن يعود أصحاب السياسة إلى عقولهم وإلى ما أعطاهم الله من حكمة، لينقذوا البلد من هذه الورطة التي وقعوا فيها، وأن يسود العفو والحكمة”.
سئل: رئيس الجمهورية يهدد بالإقدام على شيء ما، ويقول إن الدستور بجانبه. هل تخشون إمكان أن يقدم على تشكيل حكومة ثانية ويسلم المقاليد إلى سلطة عسكرية؟
أجاب: “لا أدري، ربما يكون هذا ما يفكر به، وهذا سؤال يوجه إليه. ولكن نحن نعرف أن كل بلد يخرج عن القواعد الديموقراطية الدستورية الموضوعة، خصوصا لبنان، فإنه يلقى الصعوبات”.
سئل: البعض يسعى الى إلغاء الاستحقاق الرئاسي. بتقديركم هل سيحصل هذا الاستحقاق في الشهرين المقبلين؟
أجاب: “أنا لست نبيا. ولكن هذا يعود إلى إرادة الناس، وهم يعرفون أنه كلما تعطل الدستور والديموقراطية في البلد فإن البلد هو الذي يدفع الثمن. فإذا كانوا يريدون أن يدفعوا البلد الثمن، ويؤدي ذلك إلى هجرة الشباب اللبناني للبحث عن رزقهم خارج الوطن فهذا يعود بالضرر على البلد”.