هذا العنوان يُشكل جزءاً من البحوث الاجتماعية المهمة التي دأب الصديق والزميل الدكتور عبدالله بن احمد المدني على الاشتغال عليها على مدى شهور طويلة «تنشرها الأيام كل يوم جمعة» أضافت وأضاءت الذاكرة الجمعية الخليجية في جوانب اجتماعية وإبداعية للعديد من الأسماء التي أعطت في مجالات عديدة عطاءً ما أحوجنا لتوثيقه ولإعطاء الجيل الجديد والاجيال القادمة فكرة ومادة ووعياً بنشطات الاسماء والفعاليات والعائلات الخليجية في النهوض الحضاري والمدني على كل صعيد لبناء وتأسيس الدولة الخليجية الحديثة في أفقها المدني وفضائها العصري الذي هيأ للتحديث في منطقتنا.
وهو اجتهاد مضاف للصديق بوتيمور لاشك ملأ به فراغاً في المكتبة الخليجية العربية أتمنى وأتشوق لأن يستمر فيه ويتفرغ له اكثر فأكثر ليثري جانباً اجتماعياً ومعرفياً بأسلوبه السهل الممتنع، كما في إصداره الاخير «البحرينيون في الخبر والدمام» فهو بجانب توثيقه المبسط والاقرب الى اللغة الصحفية اليومية التي اعتاد القارئ عليها استطاع ان يُلقي نظرة بانورامية موسعة على مرحلة خليجية وبحرينية سعودية بالاخص يمكن ان نطلق عليها المرحلة التأسيسية للمشروع العصري والمدني بين عطاء البلدين.
وفي إطلالته التأريخية هذه المرة لم يتوقف أمام دور البحرينيين في إنشاء خطوط التابلاين وهو الموضوع المهم الذي خصص له الصديق بوتيمور احد بحوثه الاسبوعية وتم نشره سابقاً.. ولكنه هذه المرة رحل بنا مع أسماء وشخصيات وثق أدوارهم بصورهم الشخصية ما استطاع إلى ذلك سبيلا في مجالات الانشطة المهنية والتجارية والابداعية والمصرفية وفي غيرها من مجالات بما فيها المجال الرياضي ودور البحرينيين في الخبر والدمام في تلك الانشطة والفعاليات والمهن والاعمال مع نبذة قصيرة مكثفة عن كل اسم استطاع الحصول على معلومات عن نشاطه ومجاله وعلاقاته آنذاك.
والجميل ان الباحث الدكتور بوتيمور توقف أمام ذاكرة بعض الفرجان في الخبر والدمام التي أقام فيها البحرينيون في الفترة الممتدة ما بين العشرينات حتى السبعينات من القرن الماضي ومن خلال ذلك قدم لمحات وصوراً عن تلك الفرجان واسمائها والعلامات البحرينية فيها.. فقد عاش الصديق شطراً من طفولته وصباه وشبابه البكر في تلك الفرجان والتصقت بذاكرته كأحد من عايش تفاصيلها الصغيرة وعرف دروبها وسككها فجاءت اللمحات نابضةً بالحياة تكاد معها السطور ان تتحرك بك بين الشوارع الضيقة والاماكن والعناوين.
نحتاج إلى مثل هذا التوثيق وهذا الاستذكار المهم ليس فقط للاحتفاظ به قبل ان تبهت ألوان ذاكرتنا عن جيل مطلع الستينات وهو الجيل الذي عاش بين مرحلة فصل ووصل.. ولكننا نحتاجه كبرهان على أصالة الدولة المدنية الحديثة في المنطقة التي جاءت في سياق طبيعي وليس قسرياً وهو سياق النهضة المعاصرة، أو فلنقل التطور المعاصر الذي استقبلته منطقتنا بتفاعل ودون استنكار بل باندماج مع الدولة المدنية الحديثة.
وللصديق بوتيمور حِسّ خاص في اختزان صور جميلة وطريفة ولديه قدرة على استعادتها بكل طرافتها ولينه يضمن تلك الطرائف «وهو يعرف جيداً» في بحوثه الاسبوعية، حيث كانت لي معه «سوالف» كثيرة عنها لاشك يتذكرها فلا يحرم القارئ منه. وشكراً بوتيمور على جهودك الطيبة في هذا المجال واحرص يا صديقي ان يظل أسلوبك سهلاً وبطريقة الكتابة الصحفية بعيداً عن الجمود والتقعر الذي أحسنت حين ابتعدت عنه ما أكسب بحوثك هذا الاستقبال الجميل. ولعل أحداً من جيلنا الجديد يمضي في استكمال مشوارنا في تأصيل بحوثٍ سسيولوجية في هذا المجال الخصب.