سعد كيوان- “الشفاف” بيروت
هل ستحصل الانتخابات النيابية في لبنان في، الربيع المقبل؟ سؤال بدأت تتداوله الألسن بقوة، على ضوء الزيارة التي قام بها ميشال عون الى سوريا، والكلام العالي النبرة الذي أطلقه طلال إرسلان قبل أيام إثر عودته من دمشق، وغيرها من الأحداث التي تؤشر الى إحتمال عدم حصول الانتخابات في موعدها.
فبعد “إتفاق الدوحة”، الذي أدى الى سحب سلاح غزاة بيروت والجبل من الشارع، وكذلك محتلي وسط العاصمة بيروت لسنة ونصف السنة، ومهد الطريق الى إنتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة “وحدة وطنية”، إنصرف الجميع الى تنقية الأجواء عبر السعي لاجراء “مصالحات”، ثم يتوجه كل طرف بخطابه السياسي الى إنتخابات حرة من أجل إعادة تركيب الدولة وبناء المؤسسات على أسس ديموقراطية…
إلا أن المعطيات تشير الى انتهاء حركة “المصالحات” على نتائج هشة، حتى في حدها الأدنى بتحقيق “فك إشتباك” في المناطق التي شهدت سخونة في أيار الماضي، والتزاما ب”إتفاق الدوحة” الذي حظر اللجوء الى العنف وإستخدامه لأهداف سياسية.
– أولا، “المصالحة المسيحية” لم تتم، وإصطدمت بقرار النظام السوري، الذي عبّر عنه سليمان فرنجيه، بتهربه منها واضعا شروطا تعجيزية، ودعم عون له تارة بطلب إعتذارات، وتارة بالقول إنه غير معني بها، وثالثة بالقول من سوريا أن المسيحيين ليسوا بحاجة الى “مصالحات”.
–
– “المصالحة” في الجبل إقتصرت على ما جرى من لقاءات، وعلى لجنة مشتركة، عند إرسلان، في خلده، ومحاولة تحويل هذه “المصالحة” مؤخرا عبر التلويح الى وليد جنبلاط بـ”7 ايار جديد”، لأنه لم “يهذب” خطابه تجاه النظام السوري، كما جاء في المؤتمر الصحفي الذي عقده إرسلان قبل أيام. ناهيك عن سعي الأخير لدى جنبلاط من أجل ضمان مقعد نيابي له في عاليه.
– أما “المصالحة” بين “تيار المستقبل” و”حزب الله” فلم تذهب أكثر من اللقاءات الشكلية، ولم تتمكن من إزالة ذيول غزوة بيروت، فيما إستمر إعلام “حزب الله” بخرق التهدئة التي نص عليها “إتفاق الدوحة”.
– إستمرار المربعات الأمنية، واللجوء الى العنف كما فعلت مؤخرا عناصر ميليشيا الحزب (القومي) السوري في بيروت، التي إعتدت على الصحافي الزميل عمر حرقوص، من تلفزيون “المستقبل”، قبل إسبوعين.
أما في ما يخص زيارة الجنرال المتقاعد الى سوريا، قبل أشهر من موعد الانتخابات النيابية، فان عدم مبالاة دمشق بتوقيت الزيارة يثبت ان النظام السوري ليس مهتما، أو على الأصح ليس واثقا من أن حلفاءه سيربحون الانتخابات. وهو لذلك، يسعى الى تعطيلها بكافة الوسائل. كما إن تدخله المكشوف، سواء عبر بحثه موضوع الانتخابات مع عون، الذي ذهب يطلب ضمانات حول اللوائح والمقاعد، أم عبر توجيه رسائل التهديد التي حملها إرسلان من دمشق، إنما يؤكد ان مرحلة الاختبار لدوره في لبنان، التي أخضعه لها المجتمع الدولي، وفرنسا تحديدا، قد إنتهت.
واذا ما أخذنا في الاعتبار أن عون جاهر بدعوته الى إعادة النظر في “إتفاق الطائف”، بما هي دعوة سورية ومطلوبة منها، فهذا يعني أن تعطيل الانتخابات و”اعادة النظر” في الصيغة يتزامنان ويتوازنان. وبدعوته هذه يحاول عون الايحاء أن “الطائف” أصبح مكروها في مزاج الشارع المسيحي!
ان كل هذه المعطيات والمؤشرات تدلل الى أن حلفاء وأتباع سوريا في لبنان غير مرتاحين الى نتائج الانتخابات المقبلة، ولذلك فهم لجأوا مثلا الى تسريب كلاما عن أن البديل من الانتخابات – أي البديل من تعطيلها – هو بدعة “تقاسم حبي” للمقاعد النيابية على أساس 60 لـ”قوى 14 آذار” و60 لـ”فريق 8 آذار” و8 مقاعد لرئيس الجمهورية، رغم رفض عون فكرة وجود كتلة نيابية مقربة من ميشال سليمان… تسريبة بمثابة نكتة سمجة تقوم على “العصا” (أي التعطيل) و”الجزرة”.
ويصبح من البديهي الاستنتاج أن عدم حصول الانتخابات سيؤدي الى سقوط ما تبقى من الدولة، والى بقاء رئيس الجمهورية في وضع “المعلق” وفي دائرة الاستهداف. وهو الذي يسعى جاهدا لعلب دور الوسيط والحكم، الا أن فريق 8 آذار، وتحديدا “حزب الله”، يريده أن يكون منحازا الى موقفه وأسيرا له. وفي هذا المجال علق أحد السياسيين، بشيء من المرارة، قائلا أنه “اذا ربحت الأكثرية الحالية الانتخابات، فان سليمان سيتقدم خطوة باتجاها. أما اذا فاز حلفاء سوريا بها فانه سيكون مضطرا للسير معهم كيلومترا…”. كما ان عدم حصول الانتخابات سيضع “إتفاق الطائف” في مهب الريح، وبالتالي إدخال البلد في حال من الفوضى، يصعب التكهن بمضاعفاتها.
وقد وصلت الرسالة الى رئيس الجمهورية، الذي رد على الحفاوة التي لقيها عون في سوريا، وعلى ما جاء على لسانه من دمشق، طالبا من الدول “أن تتعاطى مع الدولة اللبنانية وتحديدا مع رئيس الدولة المسؤول عن علاقاتها مع الدول الأخرى”، وأضاف: “هناك حجم للتعاطي مع رئيس الدولة وحجم للتعاطي مع الآخرين”. فاذا ربح حلفاء سوريا الانتخابات، هل يبقى بوسعه القول مثل هذا الكلام؟
واذا كان هذا ما يسعى له “فريق 8 آذار”، فكيف ستتعاطى “قوى 14 آذار” والأكثرية مع المرحلة المقبلة، وهل ستكتفي بالاصرار على حصول الانتخابات في موعدها؟ وما هي نوعية التحرك السياسي الذي ستطلقه؟ وهل ستغادر موقع المدافع، والتعامل بردة الفعل، أم ستنطلق الى الهجوم سياسيا وشعبيا، اتجاه توحيد صفوفها ولوائحها في كافة المناطق والدوائر اللبنانية؟ وهل ستسعى الى ترشيح الأفضل والأكفأ في صفوفها؟ وتحديدا، هل ستسعى الى إستعادة وهج ومضمون حركة 14 آذار الاستقلالية، عبر توسيع إطار تحركها لكي يشمل غير الحزبيين والمستقلين، الذين يمثلون أكثرية هذه الحركة، وقواعد إنتفاضتها منذ 14 شباط 2005؟
أمام حلفاء سوريا أكثر من خيار، تعطيل الانتخابات أو السعي الى خوضها وربحها عبر اللجوء الى كافة الوسائل. وفي كلا الحالتين سيحافظون على سيطرتهم الفعلية على القرار. ففي حال التعطيل، سيبقى الوضع مشلولا على ما هو عليه الآن، وفي وسعهم اللجوء الى العنف كما فعلوا في 7 ايار، أو الابتزاز والتهديد به. وفي حال الفوز سيسيطرون بشكل رسمي وشرعي ودستوري على مقدرات البلد، أقله لأربع سنوات، ويصبح لبنان ملحقا بـ”حلف الممانعة” الايراني-السوري… الا إذا شرعت المحكمة الدولية، التي ستبدأ عملها في آذار المقبل، الأبواب على مفاجآت من العيار الثقيل.
أما الاكثرية فليس أمامها الا خيار واحد ووحيد، هو ربح الانتخابات!
s.kiwan@hotmail.com
الانتخابات النيابية في لبنان في مهب الريح… فهل ستمكَّن قوى 14 آذار حلفاء سوريا من الفوز بها أو تعطيلها؟
Mr. Kiwan, please enlighten us and, whenever you get a chance considering how busy Aoun is keeping a bunch of you historians, write about the heroes of the Farteen of March, one by one. After all, nobody is better at writing memorable historical facts as you, among only three or four others, as everybody else writes, or so they think, fiction. Thanks again Mr. Kiwan. Alla ydimak
الانتخابات النيابية في لبنان في مهب الريح… فهل ستمكَّن قوى 14 آذار حلفاء سوريا من الفوز بها أو تعطيلها؟
Mr. Kiwan, what happened? You’re giving Michel Aoun a break? What? I can’t hear you. Speak up, please! Did you say it is Hazem Saghieh’s task this week to hammer Aoun? No? Oh, OK! Ah, Paul Chaoul (aka Bechir Oubary), La Fontaine of the Middle Beast. Great. Thanks