شغلني دائما المنظور الاجتماعي للعلاقة بين الدين والإنترنت، وطرحت فى كتابات عديدة من قبل بعض الأسئلة التى نزعم أنها تقدم مزيدا من الأسئلة لفهم تأثيرات تقنيات المعلومات والاتصالات، خاصة الإنترنت على الثقافة وبالأخص الدين: هل سوف نتكلم فى العالم لغة واحدة يوما ما، أو عدة لغات؟ وهل ستنجح تكنولوجيات المعلومات والاتصالات فى تسهيل عبء الترجمة، وتقلل الاختلافات بين لغات العالم؟ هل سيتكرر السيناريو التوراتي لبابل – بتبعثر القبائل فى الكلام بألسنة غير مفهومة، أم ان مهارتنا العالية فى التقنية تشجّعنا للارتفاع إلى مستويات جديدة؟ هل ستقلل الإنترنت الاختلافات بين الثقافات، أو ستصبح تلك الاختلافات أكثر تعقيدا؟ وإذا كانت الثقافات تملك أنماطا وممارسات متميّزة، وان تلك الفروق والتمايزات مهمة للإنسانية، فهل ستتوفر فرص متساوية توفر للناس إمكانية الوصول السهل والرخيص إلى ثقافات أخرى على الإنترنت؟ هل سيتعلّم الناس أن يتحمّلوا ثقافات أخرى، ويتسامحون معها على حساب ثقافتهم؟ هل يصبح كوكبنا متجانس أو اكثر تنوّعا ثقافيا؟ هل يتباطأ التطور الثقافي أو يسرّع؟ فالثقافات تتغيّر ببطيء، ويعتقد البعض ان تقنية المعلومات والاتصالات ستساعد جيدا على إبقاء وصيانة وإبلاغ العناصر الرئيسية للثقافة ! وأنها يمكن ان توقف التغييّرات في العديد من المعتقدات والممارسات التى يمكن أن تأتى من الآخر ! لكن ألا يحتمل أن التعرّض المستمر إلى المعتقدات والممارسات البديلة، يسرّع فعلا من سرعة التغيير الثقافي؟! هل سوف يزيد تفاعلنا مع بعضنا البعض، ام يقل ذلك التفاعل؟ تتضارب نتائج الدراسات التى نشرت حول الكيفية التى تجعل تقنية معلومات والاتصالات تميل إلى عزل الناس أو تنجح فى تجمعهم سويا. وتحت هذه الادّعاءات السهلة، هناك أسئلة مهمة حول تأثيرات التكنولوجيا على كمية الوقت الذى نقضيه مع الناس الآخرين؟ وماذا نعنى “بقضاء الوقت مع الآخرين ” هل تصبح الأديان على حدّ سواء ويزداد التسامح بين أصحابها، وتتقارب أكثر؟ هل سوف يتفق أصحابها أو سيتباعدون؟ كان هناك دفع عظيم في السنوات الأخيرة لإثارة التشابهات بين الأديان المختلفة، بدلا من اختلافاتها. هل تنجح تقنية المعلومات والاتصالات فى تقديم الأديان المختلفة إلى العديد من الناس؟ وهل الناس سيكونون أحرار لاختيار دينهم من بين الخيارات المطروحة؟ إذا كان الأمر كذلك، ما معنى الجوهر العميق للمعتقد الديني إذا تحولت الأديان للاختيارات مجرّدة؟ هل تجعل تقنية المعلومات الأمر أكثر سهولة على الأديان لجذب وتجنيد الأعضاء الجدّد، أو تصعب الموقف، بسبب عدد الخيارات المتوفرة؟ هل يمكن أن تتماثل وتندمج الأديان؟ أسئلة مشروعة طرحتها من قبل، وطرحت بصيغ مختلفة فى المستخلصات والمراجعات والتعليقات التى نشرت فى مواقع دور النشر العالمية تعرض أفكار كتاب هام منشور عام 2005 بالإنجليزية فى 224 صفحة تحت عنوان : الدين والإنترنت Religion and Cyberspace وهو إعداد Morten T. Højsgaard و Margit Warburg الأول هو محرر جريدة دينية يومية ومحاضر فى قسم تاريخ الأديان فى جامعة كوبنهاجن، وناقش أطروحة الدكتوراه عام 2004 وكان عنوانها الدين الشبكى ” networked religion ” والثاني أستاذة فى علم اجتماع الأديان بجامعة كوبنهاجن أيضا، ونشر لها على نطاق واسع نظرية وطريقة بحث فى الدين و الأقليّات الدينية، ومن أشهر مؤلفاتها الدين الجديد والتدين المفرط مع Eileen Barker عام 1998 , والبهائية عام 2003.
ومن التعليقات والمراجعات التى نشرت عن الكتاب فى مواقع دور النشر العالمية، والتى جاءت من مفكرين وقارئين وباحثين فى العلوم الاجتماعية نفهم أن القرن الواحد و العشرين شهد تحول متزايد ومثير فى الحياة الدينية حيث التوجه إلى الإنترنت بدلا من الكنائس و المساجد والمعابد. لكن السؤال ما هو الدين religion؟! كان محور تساؤل بين معظم المراجعات؟ لكنى أزعم أن الإجابة سهلة ! لدرجة لا نستطيع ان نأتى بجواب شافى، وإذا بحثنا عن الإجابة بطريقة عشوائية فى القواميس ودوائر المعارف نجد مصطلح religion فى قاموس وبستر مثلا هو مجموعة المعتقدات التى تتعلق بفلسفة الخلق وطبيعة وهدف الكون، خصوصا عندما نعتقد كمخلوقات فى قوة عليا فوق طاقة البشر تسيير هذا الكون، وتقتضى تلك المعتقدات ممارسة عبادات وطقوس وشعائر، و غالبا ما تحمل أيضا رموزا وتشريعات أخلاقية لتدبير شئون البشر. تعريف آخر يقول أن الدين هو مجموعة مبادئ خاصة ومحددة من المعتقدات والممارسات أتفق عليها عادة عدد من الأفراد أو الطوائف أو الفرق أو الملل مثل الديانات اليهودية والمسيحية. وتعريف ثالث يقول أن الدين هو هيئة أو حزب أو كتلة من الأشخاص الذين يلتزمون بمجموعة معينة من الاعتقادات والممارسات مثل المجلس العالمى للأديان. وتعريف رابع يقول أن الدين هو حياة أو حالة الراهبان والناسكين للدخول فى الدين. وفى التعريف الخامس الدين هو ممارسة المعتقدات الدينية من خلال أتباع الطقوس والشعائر الإيمانية. وتعريف سادس يقول الدين هو شيئا ما يؤمن به الشخص ويتبعه وينتهجه ويثابر عليه بولاء. تعريف سابع يقول ان الدين قديم، وهو الإخلاص والصدق والولاء الصارم. وببساطة حالة الدين هى مجموعة المعتقدات والقواعد الأخلاقية والشعائر. ودرس علماء الاجتماع الدين كظاهرة اجتماعية وتأثيراتها على الناس، وهم يأملون فى الوصول إلى فهم أفضل للحاجة إلى الدين فى المجتمعات وبين الأفراد. والدين يمكن أن يكون المسيحية، الكاثوليكية، الإسلام، البوذية، أو ديانة الويكان، أو الأساطير الإغريقية أو تسميات أخرى. أميل دوركايم (1858 – 1917): فيلسوف و عالم اجتماع فرنسي. يعتبر أحد مؤسسي علم الاجتماع الحديث, وقد وضع لهذا العلم منهجية مستقلة تقوم على النظرية والتجريب في آن معا ودرس تفاصيل عظيمة على الدين، وألف كتابا ميز فيه مكونات وعناصر الدين. وهى مهمة تبدو مستحيلة وسط التنوع الدينى فى المجتمع. ولاحظ دوركايم أن كل الأديان تفرق بين المقدس و الوثنى أو العلمانى، ودون ملاحظاته عن ذلك من دراسة الأشكال الأولية للحياة الدينية. ولاحظ أيضا بأن الناس يتجمعون عموما ويشكلون مجتمعا محليا لممارسة دياناتهم. والدين عموما يتكون من بنية عقائدية (طوطم)، وممارسات مقدسة (طقوس وشعائر)، ومنظومة أخلاقية ( كنيسة) , وأنهى دوركايم كتابة بهذه الكلمات: أن الدين هو نظام موحد من الاعتقادات والعقائد والممارسات المنسوبة إلى المقدس، وبمعنى آخر، هو أشياء محرمة وضعت جنب بعض، وهو مجموعة موحدة من المعتقدات والممارسات فى منظومة أخلاقية واحدة تسمى كنيسة، وكلهم يخلصون ويلتزمون بها. إن الوظيفة الأساسية للدين هو الإجابة عن أسئلة الناس المتعلقة بتلمس الإحساس بالأمن الشخصى حيث يريد الناس عموما أن يعرفوا ماذا تكون الحياة، ولماذا نرغب بالعيش فيها؟! والناس عموما أما يشكلون أجوبتهم الخاصة أو يتجهون إلى الدين. وهؤلاء هم الذين يعتقدون فى نفس ما تؤمن به مجموعة معينة ويلتزمون بتوجيهاتها وطقوسهم الدينية. الدين أيضا يسمح للناس بالتكيف مع المواقف الجديدة، ويغرس حب الوطن. والاختلال الوظيفى للدين مهم أيضا، فالدين يسبب آلام ومعاناة مروعة.فالحروب الدامية والحملات الصليبية تمت كلها باسم الإله ! ويمتزج الدين مع السياسة وينتج دول تحارب دول أخرى، بل تندلع الحروب الأهلية داخل الدولة الواحدة باسم الدين.فى السابق الدين كان يبرر ويتيح الاضطهاد الديني، والظلم، وأفعال الوحشية. والمنظور الرمزى التفاعلى يقول عن الرموز الدينية التى يستعملها الناس، أنها تعطى هوية اجتماعية، وتماسك اجتماعى. بمعنى آخر الناس يتعرفون على الناس الذين من نفس دياناتهم باستعمال الرموز ( الصليب، الحجاب ). وقديما كان المسيحيون يستخدمون الكلمة اليونانية fish اختصار للحروف الأولى لعبارة ” يسوع ابن الرب”، واستعملوها كرمز للاتصال سرا، ولتجنب الاضطهاد، فالكثير من المعارف معبأة وراء الرموز الدينية. ويهتم هذا المنظور بالطقوس والتجربة الدينية، فهى فى رأيه مهمة جدا، فهى تخلق قربا وانسجام مع الإله و ترتبط بمقياس دنيوى. والناس يربطون المعانى بالأجسام والأحداث. وهذا التحليل السيسولوجى للدين الذى قدمة دوركايم يجب أن يعاد قراءته وتفسيره فى ضوء تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ففي يومنا هذا يمكن لأي شخص أن يستخدم الإنترنت في البحث عن شكل جديد من التعبير الديني بدون الذهاب إلي أي مكان للعبادة أو اللجوء إلي رجل الدين أو المعلم ديني، او الواعظ أو الكاهن وغيرهم مثل الشيوخ، والرهبان، والقساوسة، والحاخامات، فإن العصر الرقمي يقدم عبادة افتراضية و صلوات علي الإنترنت، ومنتديات نقاش عن الديانات العالمية الرئيسية، بالإضافة إلي المنظمات الوثنية و الحركات الدينية الجديدة، كما أدي العصر الرقمي إلي الإكثار من التضليل و التعصب الديني وإرهاب المعلومات، لهذا فإن علماء الدين في حاجة أن يفهموا ظاهرة بزوغ مناقشات الدين التي تقدمها وتوفرها شبكة الإنترنت، وهم أيضا في حاجة إلي أن يفهموا أنواع التفاعلات الاجتماعية و الدينية التي تجعلها شبكة الإنترنت متاحة و ممكنة للجميع وفى كل مكان، وأوضحت فصول الكتاب علاقة الدين بالإنترنت، وكيف يتجاوب كل من الأفراد والجماعات المتدينة (كلمة متدينة هنا لا تعني شديد التدين كما هو شائع بل تشير إلي هؤلاء الذين يعتنقون ديانة معينة) مع الفرص والتحديات التي تقدمها شبكة الإنترنت، كما يطرح الكتاب سؤالا ! وهو كيف تتجسد الخبرات الدينية علي شبكة الإنترنت؟! و كيف يتم تشريعها؟! وكيف تتشكل العقيدة من خلال عدة عناصر مثل توفر فرصة الاختيار بلا حدود، وعدم وجود سلطة أو رقابة دينية، والصراع بين أشكال العبادات المعترف بها ونظائرها غير المعترف بها؟! ونزعم أن فكرة الكتاب متأثرة بمقالة هامة نشرت مبكرا وتناولت علاقة الدين بالإنترنت، كتبها David E. Gordon عام 1999، بعنوان “Religions.Net: An Exploration of the Internet’s Influence on the World’s Religions ” وكانت على الموقع التالى: http://www.goethe.de/br/sap/macumba/endindex.htm، ثم اختفت من على الإنترنت، وكنت أحتفظ بنسخة منها منذ عدة سنوات، ولأهميتها نقدم للقارئ قراءة لأهم أفكار هذا المقال الذى رصد علاقة الدين بالإنترنت فى فترة مبكرة خاصة فى الوقت الذي يتسابق فيه الكثير من الناس و يندفعون نحو استخدام الإنترنت، قلة قليلة فقط هي التي توقفت لتفكر في النتائج الحتمية الني سوف يجلبها استخدام الإنترنت لمجتمعاتنا. و حتى أعداد قليلة جدا منهم هي التي قد أدركت كيف إن الإنترنت بتطوراته المستقبلية سوف يؤثر علي الدين، الذي يعتبر سمة أساسية و غير متغيرة في حياة الأفراد خاصة وأن الإنترنت لم يعد استخدامه محصورا فقط علي المهندسين أو الطلبة أو المثقفين، بل إن استخدامه أصبح يتزايد بمعدل هائل في مختلف أرجاء العالم. فبسبب سهولة الاتصال ونظم شبكة الإنترنت والأعداد الغفيرة التي تتوجه لاستخدامها، فإن شبكات الإنترنت تشكل وسوف تظل تشكل مجتمعاتنا. ويرتبط الدين والإنترنت كظواهر اجتماعية ارتباطا جوهريا ببعضهما البعض عن طريق المجتمع. فإن الإنترنت و تطوراته المستقبلية سوف يساعد في استحداث تغيرات مهمة في المعتقدات والممارسات الدينية من خلال الطبيعة الانعكاسية للتأثير الاجتماعي للإنترنت. كما أن نظم الإنترنت -ليست بالضرورة المعلومات التي يتم نقلها – عنصر أساسي في عملية المعايشة الاجتماعية، وبالتالي لها تأثيرا هاما جدا علي الدين ليس فقط من القدر هائل من المعلومات التى يسهل الوصول إليها لكن يضاف إليها التغيرات الهائلة التي حدثت في العالم، وأهمها ظاهرة العولمة التى سوف تؤدي بكل تأكيد إلي تطورات دينية عكسية.
إن شبكة الإنترنت تحتوي علي واحدة من أكبر المجموعات من البيانات المتوفرة عن الأديان فى العالم، حيث تمثل المنظمات والمعتقدات الدينية لعدد كبير من مستخدمي الإنترنت جزءا هاما من المعلومات التي تقوم شبكة الإنترنت بتوفيرها.انظر مثلا قائمة مواقع المجموعات الدينية التالية http://www.yahoo.com/Society_and_Culture/Religion/
ومثل هذة المواقع تنمو بسرعة كبيرة جدا وتعطي المستخدمين فرص أكبر و أسهل للتعرف علي أديان التي لم يعرفوا عنها شيئا من قبل. وإذا أدخلت هذة الأيام مصطلح Religion فى بوابة google المشهورة سيظهر حوالى 250 مليون موقعا ( 245,000,000 ) مرتبطا بالدين بشكل أو بآخر. وهذا الفيض من المواقع والمداخل السهلة، معظمها يفضل تركيز الأديان علي العلاقة المستقلة بالتعددية الدينية والتطورات الدينية، وتعمل علي تحسين وترسيخ الأديان التي تركز علي الشخص أو العلاقة ذو الدافع الذاتي مع عالم ما وراء الطبيعة.
وسواء كان هناك آلية بحث تساعد أم لا فإن أي شخص يقوم باستعمال الإنترنت يجب أن يكون قادر علي البحث بشكل إيجابي، وأن يقرر ما هو مهم وأن يقوم بعملية ترشيح للمعلومات التي لا يرغب بها، لأن هناك العديد و العديد من المعلومات المتاحة علي شبكة الإنترنت، ومعلومات أخري كثيرة سوف تكون متاحة. لذا فإن الشخص القادر علي القيام بعملية البحث بطريقة إيجابية واستخلاص المعلومات المهمة سوف يصبح الأفضل بكثير، وإن مسؤولية الفرد في البحث عن معلومات يمكن أن تقارن بمسئوليته في البحث عن الحقيقة. وتزداد أهمية البحث الذاتي قوة عند القيام بمقارنتها بإستراتيجيات البحث الأخرى، وبالرغم من أن وظيفة الإنترنت الأساسية هي جعل المعلومات متاحة، فإن بعض الناس يسوءون استخدام هذا النظام.فمثلا الجماعات الدينية التي تستخدم الإميل الإلكتروني email لإعلان ولنشر رسالتهم “الدعوة”، قد يقابله غضب و استياء من المسئولين الرسميين والمستخدمين لتلك الأنظمة، فتعطل هذة الجماعات الدينية عن نشر دعوتها ولا تتمكن من نشرها إلا عن طريق الاتصال بالأفراد.
وبسبب طريقة تركيب الإنترنت سوف تزدهر الأديان التي تشجع المستخدمين علي استخدام الإنترنت باستقلالية ووفقا لرغباتهم. وبينت دراسات فى موقع: http://dir.yahoo.com/Society_and_Culture/Religion أن التعددية الدينية توصلت لأبعاد جديدة على الإنترنت بسبب غياب أهمية الموقع المادي. فعلي سبيل المثال يمكن لشخص ما أن يعتنق الديانة المورمونية (طائفة دينية منسوبة لمؤسسها) أن يدردش مع شخص آخر مثله، كما يدردش مسلم مع مسلم أخر أو ملحد مع ملحد أخر أو وثني مع وثني أخر أو مسيحي مع مسيحي أخر أو أي أشخاص آخرون من ديانات أخري. فإن الإنترنت وأثاره المستقبلية سوف يسمح بتعددية دينية حقيقية أكثر من التعددية الدينية الموجودة في يومنا هذا لأن الإنترنت سوف يتيح الفرصة لمستخدميه لإقامة حوار حقيقي مع أشخاص يدينون بديانات مختلفة، كما يتيح فرصة القراءة من المواقع الدينية ويوفر طرق أخري كثيرة للتعلم. فالتعددية الدينية أصبحت أهم بكثير من درس يدرس في محاضرة تاريخ أو في قسم في جامعة ما لأننا أصبحنا في عالم يعتمد أساسا علي التعددية بسبب سهولة وسائل الاتصالات، إلا إن مجرد القول إن الإنترنت يعطينا بدائل دينية أكثر قد يؤدي إلي الفهم الخطأ للعلاقة الحقيقية بين الدين و الإنترنت.و بالرغم من أهمية الاختيار فإن التنوع الزائد الذي يوجد بسهولة بالغة علي الإنترنت سوف يؤدي إلي ظهور ظاهرة أخري وهي إن الناس سوف يشعرون بضغط زائد لإجبارهم علي الاستجابة والاعتراف بصالحية الأديان الأخرى. ففي أول الأمر لم يكن الأمر كذلك لأن الإنترنت لم يؤثر بعد تأثيرا مباشرا ودائما علي تنشئة الأجيال الحالية، لكن عندما ينشىء الأطفال في سياق التنوع مثل معظم الأطفال في يومنا هذا فإنهم سوف يعتادون علي رؤية هذا التنوع كشيء عادي.هؤلاء الأطفال سوف يقبلون وجهات النظر المختلفة الخاصة بموضوعات كان يعتبرها آبائهم حقائق، وسوف يؤمنون بالرأي الذي يريدون أن يستخدموه.إن عملية الاختيار والانتقاء أصبحت منتشرة، و إذا نظرنا للدين علي انه نوع ما من بين أنواع طعام عديدة مقدمة في بوفية فإن عملية الاختيار سوف تنتشر وتصبح أقوي في هذا العصر الحديث، وسوف تنمو بسبب التنوع الحالي وبسبب نمو الاختيار للأديان المختلفة، في هذة البيئة فإن هؤلاء الممارسين للاختيار،الأطفال أو الأفراد الذين نشئوا في هذا التنوع سوف يعترفون بوجود التعددية الدينية،فالأديان كأصناف طعام مختلفة و علي الفرد أن يختار من هذه الأصناف ما يناسبه، وسوف يعترفون أيضا بصالحية قواعد الأديان المختلفة. و الضغط الذي يعاني منه الفرد للاعتراف بصالحية ووجود الأديان الأخرى سوف يتحول لضغط لقبول المعتقدات الأكثر انتشارا و مشاركة من قبل الأفراد.
ومع التطور البطيء للإنترنت و وانتشاره عالميا فإن عناصر أخري كثيرة أيضا ظهرت وانتشرت منها ظاهرة المجتمع الديني الواحد الذى لم يعد مقيد بالوجود في مكان واحد.فيمكن أن تجد مجموعة من الناس تؤمن بديانة واحدة في أماكن مختلفة حول العالم. فمع تطور التكنولوجي أصبح من السهل علي و سائل الاتصالات أن تنقل الرسالة الدينية (الدعوة) لعدد أكبر وأن تكون لهذه الرسالة أثر حسي أكبر.إلا أن هذه التكنولوجي التي تساعد علي هيمنة ديانة معينة تساعد أيضا علي التنوع الديني داخل الدين الواحدة (ظهور عدة طوائف داخل ديانة واحدة)، وبما أن اشهر الأديان في العالم الآن لها تنوعات فرعية فهل يؤثر الإنترنت حقا علي الأديان؟ تزعم المقالة أن الأديان يمكن أن تنموا عالميا، ولأن ذلك يعتمد علي الاهتمامات الفردية فإن إمكانية ظهور أديان أو عقائد مختلفة وفقا للتأثيرات السيكولوجية المختلفة سوف تزداد.فكل دين سوف يصبح لديه القدرة علي التأثير علي عدد أكبر ونوعيات مختلفة من الناس.فعلي سبيل المثال تأثير نص ديني ما يمكن أن يكون له تأثيرا عالميا ولكن نتائج الإيمان بعقيدة ما أو ممارسة شعائر هذه العقيدة تختلف وتتنوع وفقا للبيئة الثقافية والاجتماعية والسياسية، وإن نمط التنوع والتنوع الغير المحلي ليس جديدا.فمثلا تأثير الكتب المقدسة للديانات السماوية تجاوز دائما حدود المنطقة التي نشأت فيها الديانة المقصودة،ومع انتشار الدعوة فان تفسيرات الكتب المقدسة لتلك الأديان اختلفت قليلا باختلاف الثقافات والبيئات المختلفة التي انتشرت فيها. وقدم الكاتب مثال على ذلك بما قام به القديس( باول) بتشكيل فكره عن المسيح والله في إطار مبدأ الولجوس ( المبدأ العقلاني للكون في الفلسفة اليونانية القديمة ) كما ربط القديس (باول) بين رسالته (دعوته) وبين الثقافة اليونانية القديمة، كما كان يتم تشخيص المسيح في هيئة محارب في الثقافات الجرمانية، كما ظهر علي سبيل المثال فى واحدة من أشهر القصائد الإنجليزية القديمة التي عنوانها حلم من الصليب(the Dream of the Rood ).وقد نشأت الآلاف من الطوائف المختلفة من المسيحية مثل مذهب Lutherans و Puritans والمذهب البروتستنتي المنسوب لجون كالفن Calvinistsوطوائف البروتستنتية المتعصبة والطوائف الكاثوليكية الرومانية و المذهب الأورثودكسي الشرقي وحركات العصر الحديث و طوائف الكارجو في أفريقيا و طوائف أخري كثيرة بسبب إعادة تفسير الكتاب المقدس بطرق مختلفة.وبم أن الإنترنت يجمع الأفراد المتنوعين اجتماعيا مع بعضهم البعض عن طريق الاهتمامات المشتركة بينهم، فهذا سوف يؤدي إلي التنوع الديني الداخلي.
إن أهمية الإنترنت تنبع أساسا من مستخدميه.فإن الإنترنت قد ازدهر بدون أن يكون له زعيم مهم أو سلطة مركزية أو مجلس أمناء أو محور اتصالات أو مجموعة معايير مفروضة.إن السبب الأساسي في ظهور الإنترنت يكمن في تسهيل وصول الأفراد إلى المعلومات، وتمكينهم من السيطرة عن طريق قدرتهم علي انتقاء المعلومات المهمة.ويتنبأ بتطورات مماثلة في المجالات الدينية مثل التركيز علي تعريف الدين و تحول الزعماء الدينيون من الموقف القيادي إلي الموقف الاستشاري.وفي سياق الحديث عن تحكم المستخدمين فهناك عوامل عديدة قد ساهمت في تعريف دين ما من الأديان بدون وجود سلطة مركزية مصممة لتعريف تفاصيل عقائد هذا الدين.وعلاوة علي ذلك فبسبب زيادة التعددية الدينية فربما يتجه الكثير من الناس إلي الطريق الأيسر وهو تعريف الدين علي أساس مجموعة من المعتقدات والممارسات المناسبة لهم في إطار سياق اجتماعي معين.وعلي سبيل المثال فإن التنوع بين مجموعة ما من الناس أصبح سمة أساسية في المسيحية.وبنفس الطريقة فإن النصوص الدينية التي يدعي شخص ما أنها أساسية لمعتقداته يمكن أن تتنوع هي الأخرى.فشخص ما مثلا يمكن أن يجمع بين البوذية و فلسفة الذرائع من أجل إنشاء نص خاص به.و لأن القليل من الناس فقط هم الذين سوف يهتمون بالمحافظة علي النص الأصلي فإن النصوص الدينية التي ظلت كما هي (جامدة) علي مدي عصور طويلة مضت سوف تتغير.وعلي سبيل المثال عندما قام الناس برفض سلطة البابا و قامت عملية الإصلاح فإن المسيحية تقسمت إلي طوائف عديدة وكل طائفة تدعي أن طريقتها في التفسير أنسب من الطرق الأخرى.لذا فإن المسيحية (توجه رسالتها الآن إلي أفراد متنوعين) تركز رسالتها علي مستمعين متنوعين.فبدون وجود السلطة المركزية، وهو أمر مهم للغاية بنسبة لتطور الإنترنت،فإن انتشار وارتكاز الأديان سوف يصبح متوقفا علي اهتمامات الأفراد واحتياجاتهم.
وكما ذكرنا إن جزء من تطور علاقة الأديان بالإنترنت هو تحول دور (رجال الدين) إلي الأدوار الاستشارية. ففي أديان عديدة مثل الكاثوليكية الرومانية ترتكز السلطة علي هيمنة نص ما أو مجموعة من المبادئ.و لكن بدون وجود نص ما أو مجموعة من القواعد المتفق عليها لم يعد هناك أي مصدر محسوس للسلطة، وعلاوة علي ذلك مستخدمين الإنترنت يتأثرون بعدد هائل ومتنوع من مجموعات النصوص الدينية، لهذا لم يعد (رجال الدين) قادرين علي القول بأن مجموعة معتقدات معينة هي الطريقة الوحيدة التي تقود إلي حياة جيدة، و هنا يصبح رجل الدين المصر على أن نصوصه هى الحقيقة الوحيدة المطلقة معزولا تماما عن تابعيه، وهذا سوف يقلل من أهميته، وسوف يصبح رجل الدين مجرد شخص يقدم النصيحة، أي شخص يعبر عن رأيه بناءا علي تخصصه.
وكما يبدو أن مستخدمين شبكة الإنترنت لهم السيطرة الكاملة أو علي الأقل لهم سلطة علي قرار الانتقاء.إلا إن هذا ليس الأمر في جميع الأحيان حيث أن هناك مناطق تكون فيها شبكات الإنترنت لها تأثير محدود للغاية على المستخدمين، فمراكز القوى التى توجد عادة فى شركات الإنترنت التى تملك المال والمعرفة وضعت الكثير من القيود على سيطرة المستخدمين ونشأت عن ذلك ظاهرتان :الأولى ظاهرة الدين للمستهلك، والثانية هى ظاهرة widecasting of religious icons بمعنى استحضار وتجميع الرموز والأيقونات الدينية من مصادر عديدة. وبالنسبة للظاهرة الأولى يلاحظ ان سيطرة شركات الإنترنت على قيود الاستخدام أنتجت العقلية الاستهلاكية تجاه الدين.وفي يومنا هذا فإن تدفق الشركات إلي تجارة الإنترنت لم يعد سرا. فتواجد هذة الشركات في حياتنا اليومية قد أصبح أمر مسلم به كما أن هذة الشركات تتنافس للوصول للشهرة. والتنافس يؤدي إلي خلق الحاجة إلي زيادة العروض التي تجذب انتباه. لهذا فإن الإنترنت بالتأكيد تؤدي إلي زيادة كل أنواع العروض التي تجذب انتباه مستخدمين الإنترنت مثل زيادة استخدام المؤثرات الصوتية و الصور والفيديو وتحمليها بأيقونات ورموز دينية.فإن لم يجد مستخدم شبكة الإنترنت ما يبحث عنه فى موقع ما فإنه بكل سهولة سوف ينتقل إلي موقع آخر أكثر جاذبية.وفي هذة البيئة يتحول اهتمام مستخدمي شبكة الإنترنت من البحث عن التسلية إلي البحث عن العروض الدينية المختلفة.فدعونا نجرب موقع مثل http://www.umc.org/ فهذة الصفحة تحتوي علي كثير من الصور المصممة لجذب الانتباه وهى واحدة ضمن ملايين المواقع. وفي حالة التعددية الدينية فإن الأديان المختلفة سوف تلجأ إلي استخدام هذة الطرق لجذب انتباه القارئ ولتجعل آراءها مسموعة.فبسبب التقدم التكنولوجي فإن المنافسة الدينية سوف تزداد، وسوف تزداد معها الحاجة إلي استخدام العروض التي تلفت الانتباه. والظاهرة الثانية، وهى القدرة على تجميع widecasting المعلومات والمعانى والرموز الدينية من مصادر عديدة متخصصة، و تختلف هذة العملية عن عملية نشر المعلومات broadcasting وأذاعتها عبر الإذاعة أو التلفزة، لأن عملية النشر هي رسالة واحدة من مصدر واحد إلي أفراد عديدة أو جماهير متنوعة، أما عملية التجميع widecasting إذا جاز التعبير، عبارة عن تجميع معلومات عديدة عن موضوع معين من مصادر مختلفة لدي شخص واحد. لذا فإن المتخصصين في الدين سوف يجدون أنفسهم مرتبطين بطريقة او بأخرى مع آخرين، بل، وفى وضع مقارنة مع متخصصين فى أديان أخرى.
إن التطورات التي تنجم عن الإنترنت ليست فقط ممكنة و لكنها محتملة أيضا. فعلي مر التاريخ هذه التطورات كانت تحدث وتنتشر، فمثلا حركة الأصولية المسيحية، التي كانت تأمل لإعادة الدولة الدينية السابقة(سيطرة الكنيسة في روما) لم تكن لتظهر، لولا ظهور حركات مثل الحركة التحديثية modernism، و نظرية التطور. ومن ناحبة أخرى سوف تتغير بسرعة العلاقة بين العداء للتكنولوجيا والمشاعر الدينية لصالح التكنولوجيا بزيادة أعداد مستخدمين الإنترنت، وزيادة أعتماد الجماعات الدينية التقليدية على الإنترنت فى دعوتها الدينية.
إن الظاهرة الدينية في العالم بأسرة سوف تتغير تغييرا كبيرا.فإن نظم شبكة الإنترنت أصبحت لديها أكبر تأثير سيكولوجي علي ملايين من الناس، والمجتمعات التى اعتنقت بيئة الإنترنت واستعملته و تأثرت بنظمه و غناه بالمعلومات، سوف تتشكل فيها الظاهرة الدينية لتصبح في انسجام تام مع نظم الإنترنت، و هذا سوف يؤدي إلي ظهور أديان و مجتمعات مختلفة عن يومنا هذا ! و هذة التغيرات سوف تظهر في الجيل القادم بسبب انخفاض أسعار أجهزة الكمبيوتر و تكاليف الاتصال بشبكة الإنترنت مما يؤدي إلي انتشار استخدام شبكة الإنترنت و زيادة أثر شبكة الإنترنت علي الناس والأديان.فالطفل الذي يتراوح عمره بين خمس إلي عشر سنوات الآن سوف ينشأ في عالم مختلف،وواحدة من آثار شبكة الإنترنت علي هؤلاء الأطفال أنهم لن ينشئوا علي دين آبائهم أو علي الأقل لن يتبنوا طرق آبائهم القديمة في العبادة. إن الإنترنت ظاهرة اجتماعية دائمة و ليست ظاهرة عابرة، لذا فإننا في حاجة إلي تحليل انتقادي لهذة التطورات الاجتماعية الجديدة. فبدون اختبار شبكة الإنترنت ونتائجها الاجتماعية خصوصا علي الدين وربما لا يصبح بإمكان كل من الإنترنت والمجتمع إلي الوصول إلي علاقة إيجابية ولغة مشتركة،وهنا سوف تصبح الخسارة كبيرة.
saleh221@yahoo.com
عن طريق قدرتهم علي انتقاء المعلومات المهمة.ويتنبأ بتطورات مماثلة في المجالات الدينية مثل التركيز علي تعريف الدين و تحول الزعماء الدينيون من الموقف القيادي إلي الموقف الاستشاري.وفي سياق الحديث عن تحكم المستخدمين فهناك عوامل عديدة قد ساهمت في تعريف دين ما من الأديان بدون وجود سلطة مركزية مصممة لتعريف تفاصيل عقائد هذا الدين.وعلاوة علي ذلك فبسبب زيادة التعددية الدينية فربما يتجه الكثير من الناس إلي الطريق الأيسر وهو تعريف الدين علي أساس مجموعة من المعتقدات والممارسات المناسبة لهم في إطار سياق اجتماعي معين.وعلي سبيل المثال فإن التنوع بين مجموعة ما من الناس أصبح سمة أساسية في المسيحية.وبنفس الطريقة فإن النصوص الدينية التي يدعي شخص ما أنها أساسية لمعتقداته يمكن أن تتنوع هي الأخرى.فشخص ما مثلا يمكن أن يجمع بين البوذية و فلسفة الذرائع من أجل إنشاء نص خاص به.و لأن القليل من الناس فقط هم الذين سوف يهتمون بالمحافظة علي النص الأصلي فإن النصوص الدينية التي ظلت كما هي (جامدة) علي مدي عصور طويلة مضت سوف تتغير.وعلي سبيل المثال عندما قام الناس برفض سلطة البابا و قامت عملية الإصلاح فإن المسيحية تقسمت إلي طوائف عديدة وكل طائفة تدعي أن طريقتها في التفسير أنسب من الطرق الأخرى.لذا فإن المسيحية (توجه رسالتها الآن إلي أفراد متنوعين) تركز رسالتها علي مستمعين متنوعين.فبدون وجود السلطة المركزية، وهو أمر مهم للغاية بنسبة لتطور الإنترنت،فإن انتشار وارتكاز الأديان سوف يصبح متوقفا علي اهتمامات الأفراد واحتياجاتهم.
وكما ذكرنا إن جزء من تطور علاقة الأديان بالإنترنت هو تحول دور (رجال الدين) إلي الأدوار الاستشارية. ففي أديان عديدة مثل الكاثوليكية الرومانية ترتكز السلطة علي هيمنة نص ما أو مجموعة من المبادئ.و لكن بدون وجود نص ما أو مجموعة من القواعد المتفق عليها لم يعد هناك أي مصدر محسوس للسلطة، وعلاوة علي ذلك مستخدمين الإنترنت يتأثرون بعدد هائل ومتنوع من مجموعات النصوص الدينية، لهذا لم يعد (رجال الدين) قادرين علي القول بأن مجموعة معتقدات معينة هي الطريقة الوحيدة التي تقود إلي حياة جيدة، و هنا يصبح رجل الدين المصر على أن نصوصه هى الحقيقة الوحيدة المطلقة معزولا تماما عن تابعيه، وهذا سوف يقلل من أهميته، وسوف يصبح رجل الدين مجرد شخص يقدم النصيحة، أي شخص يعبر عن رأيه بناءا علي تخصصه.
وكما يبدو أن مستخدمين شبكة الإنترنت لهم السيطرة الكاملة أو علي الأقل لهم سلطة علي قرار الانتقاء.إلا إن هذا ليس الأمر في جميع الأحيان حيث أن هناك مناطق تكون فيها شبكات الإنترنت لها تأثير محدود للغاية على المستخدمين، فمراكز القوى التى توجد عادة فى شركات الإنترنت التى تملك المال والمعرفة وضعت الكثير من القيود على سيطرة المستخدمين ونشأت عن ذلك ظاهرتان :الأولى ظاهرة الدين للمستهلك، والثانية هى ظاهرة widecasting of religious icons بمعنى استحضار وتجميع الرموز والأيقونات الدينية من مصادر عديدة. وبالنسبة للظاهرة الأولى يلاحظ ان سيطرة شركات الإنترنت على قيود الاستخدام أنتجت العقلية الاستهلاكية تجاه الدين.وفي يومنا هذا فإن تدفق الشركات إلي تجارة الإنترنت لم يعد سرا. فتواجد هذة الشركات في حياتنا اليومية قد أصبح أمر مسلم به كما أن هذة الشركات تتنافس للوصول للشهرة. والتنافس يؤدي إلي خلق الحاجة إلي زيادة العروض التي تجذب انتباه. لهذا فإن الإنترنت بالتأكيد تؤدي إلي زيادة كل أنواع العروض التي تجذب انتباه مستخدمين الإنترنت مثل زيادة استخدام المؤثرات الصوتية و الصور والفيديو وتحمليها بأيقونات ورموز دينية.فإن لم يجد مستخدم شبكة الإنترنت ما يبحث عنه فى موقع ما فإنه بكل سهولة سوف ينتقل إلي موقع آخر أكثر جاذبية.وفي هذة البيئة يتحول اهتمام مستخدمي شبكة الإنترنت من البحث عن التسلية إلي البحث عن العروض الدينية المختلفة.فدعونا نجرب موقع مثل http://www.umc.org/ فهذة الصفحة تحتوي علي كثير من الصور المصممة لجذب الانتباه وهى واحدة ضمن ملايين المواقع. وفي حالة التعددية الدينية فإن الأديان المختلفة سوف تلجأ إلي استخدام هذة الطرق لجذب انتباه القارئ ولتجعل آراءها مسموعة.فبسبب التقدم التكنولوجي فإن المنافسة الدينية سوف تزداد، وسوف تزداد معها الحاجة إلي استخدام العروض التي تلفت الانتباه. والظاهرة الثانية، وهى القدرة على تجميع widecasting المعلومات والمعانى والرموز الدينية من مصادر عديدة متخصصة، و تختلف هذة العملية عن عملية نشر المعلومات broadcasting وأذاعتها عبر الإذاعة أو التلفزة، لأن عملية النشر هي رسالة واحدة من مصدر واحد إلي أفراد عديدة أو جماهير متنوعة، أما عملية التجميع widecasting إذا جاز التعبير، عبارة عن تجميع معلومات عديدة عن موضوع معين من مصادر مختلفة لدي شخص واحد. لذا فإن المتخصصين في الدين سوف يجدون أنفسهم مرتبطين بطريقة او بأخرى مع آخرين، بل، وفى وضع مقارنة مع متخصصين فى أديان أخرى.
إن التطورات التي تنجم عن الإنترنت ليست فقط ممكنة و لكنها محتملة أيضا. فعلي مر التاريخ هذه التطورات كانت تحدث وتنتشر، فمثلا حركة الأصولية المسيحية، التي كانت تأمل لإعادة الدولة الدينية السابقة(سيطرة الكنيسة في روما) لم تكن لتظهر، لولا ظهور حركات مثل الحركة التحديثية modernism، و نظرية التطور. ومن ناحبة أخرى سوف تتغير بسرعة العلاقة بين العداء للتكنولوجيا والمشاعر الدينية لصالح التكنولوجيا بزيادة أعداد مستخدمين الإنترنت، وزيادة أعتماد الجماعات الدينية التقليدية على الإنترنت فى دعوتها الدينية.
إن الظاهرة الدينية في العالم بأسرة سوف تتغير تغييرا كبيرا.فإن نظم شبكة الإنترنت أصبحت لديها أكبر تأثير سيكولوجي علي ملايين من الناس، والمجتمعات التى اعتنقت بيئة الإنترنت واستعملته و تأثرت بنظمه و غناه بالمعلومات، سوف تتشكل فيها الظاهرة الدينية لتصبح في انسجام تام مع نظم الإنترنت، و هذا سوف يؤدي إلي ظهور أديان و مجتمعات مختلفة عن يومنا هذا ! و هذة التغيرات سوف تظهر في الجيل القادم بسبب انخفاض أسعار أجهزة الكمبيوتر و تكاليف الاتصال بشبكة الإنترنت مما يؤدي إلي انتشار استخدام شبكة الإنترنت و زيادة أثر شبكة الإنترنت علي الناس والأديان.فالطفل الذي يتراوح عمره بين خمس إلي عشر سنوات الآن سوف ينشأ في عالم مختلف،وواحدة من آثار شبكة الإنترنت علي هؤلاء الأطفال أنهم لن ينشئوا علي دين آبائهم أو علي الأقل لن يتبنوا طرق آبائهم القديمة في العبادة. إن الإنترنت ظاهرة اجتماعية دائمة و ليست ظاهرة عابرة، لذا فإننا في حاجة إلي تحليل انتقادي لهذة التطورات الاجتماعية الجديدة. فبدون اختبار شبكة الإنترنت ونتائجها الاجتماعية خصوصا علي الدين وربما لا يصبح بإمكان كل من الإنترنت والمجتمع إلي الوصول إلي علاقة إيجابية ولغة مشتركة،وهنا سوف تصبح الخسارة كبيرة.
saleh221@yahoo.com