“في يوم الجمعة 4 أيار/ مايو 2012، ألقى مؤسس «حزب المصريون الأحرار» – الليبرالي العلماني – ورجل الأعمال نجيب ساويرس، الخطاب الرئيسي للحاضرين في مؤتمر مؤسسي واينبرغ لعام 2012 في معهد واشنطن.”
وقال ساويرس أنه ليس أمام الولايات المتحدة خيار سوى تقديم الدعم الاقتصادي للحكومة المصرية التي يستأثر بها الإسلاميون نظراً للدور المحوري الذي تلعبه مصر في الشرق الأوسط. وتابع السياسي المصري قائلاً “إن انهيار مصر سيأتي بنتائج لا يمكن قياسها”.
وانتقد ساويرس المؤسسة العسكرية في مصر لاستعجالها بإجراء الانتخابات بدون إعطاء الفرصة للأحزاب غير الإسلامية لتجهيز نفسها كما ينبغي مضيفاً أن جماعة «الإخوان المسلمين» كانت تعمل منذ عقود بشكل سري في ظل نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك.
وتابع رجل الأعمال – وهو مسيحي قبطي – أنه ليس متفائلاً بشأن المستقبل السياسي لمصر في ظل الأحزاب الإسلامية لكن وطنيته لم تجعله يفكر في ترك البلاد.
وأعرب ساويرس عن اعتقاده بأنه بغض النظر عن إقدام الحكومة الإسلامية القادمة على إنهاء معاهدة السلام مع إسرائيل من عدمه إلا أنه يرى أن الجيش المصري لا يريد التورط في حرب أخرى مع إسرائيل كما أن مصر لا تستطيع خوض تلك الحرب بفعالية لأنها تعتمد على نظم التسليح الأمريكية التي لن تسمح واشنطن بأن يجري استخدامها على هذا النحو.
وفيما يلي مجموعة مقتطفات من تصريحاته.
“أود أن أقضي بضع دقائق لتأكيد بعض الحقائق، لأنني لا أعتقد أن جميع الحقائق واضحة بصورة جلية هنا في الولايات المتحدة، كما تعلمون.
“هناك حقيقة مهمة وهي أن ما نسميه اليوم بالإسلاميين لم يشاركوا في هذه الثورة منذ بدايتها. فلقد قفزوا على ثورة الخامس والعشرين من كانون الثاني/ يناير بعد اندلاعها بأربعة أيام راكبين موجتها، عندما شعروا أن الثورة في طريقها إلى النجاح. فجميع الشباب، بمن فيهم التيار الليبرالي، وجميع الأطياف المختلفة من الشعب كانوا متواجدين في «ميدان التحرير»، واعتقدوا بأنهم قاموا بدورهم، وأن نظام مبارك قد سقط، وأنهم بحاجة للعودة إلى منازلهم الآن، وغادروا «الميدان» وخطفت الثورة.
“إن الشعور العام في مصر هو أن الجيش قرر بالفعل ضرورة [إبرام] صفقة مع الإسلاميين وكنا نخوض نحن الأحزاب العلمانية والليبرالية معركة غير عادلة تماماً….فلقد بدأنا في محاولة تشكيل أحزاب ليبرالية، ولكن الحقيقة أنه كان أمامنا ثلاثة أو أربعة أشهر لتأسيس حزب، وتحركنا ضد حزب كان يعمل في الخفاء منذ ثمانين عاماً. فإذا ما سألني أحد اليوم عن أكثر شيء ألوم السيد مبارك [عليه]، أو أكرهه من أجله، فأود أن أجيبه بحقيقة أنه [لم] يكن ليسمح بوجود أي حزب ليبرالي أو علماني بينما كان يتمتع حزبه بكافة الصلاحيات، لأنه لو كان قد سمح لنا بإنشاء هذه الأحزاب، لكنا قد تلقينا التدريب الكافي آنذاك وأصبحنا سياسيين محنكين كهؤلاء ولتمكنا من المنافسة النزيهة في العملية الديمقراطية. لذا، إذا كنت تعتقد أن الديمقراطية في مصر أسفرت عن فوز الإسلاميين، فإن هذا الاعتقاد ليس صحيحاً. ولكن الحقيقة هي أن الإسلاميين يحظون بتأييد الجيش، وأنه تم تفصيل العملية الانتخابية برمتها لإعطاء ميزة للأحزاب كبيرة الحجم والتي هي أكثر تنظيماً. فلقد تم توسيع المناطق والدوائر الانتخابية. ورأينا أن اختيار 70 في المائة من القائمة الحزبية، و30 في المائة فقط من الفردي ليس من الأهمية بمكان نظراً لقلة خبرتنا آنذاك. ولكن اتضح عكس ذلك. ونتيجة لذلك، حصلت الأحزاب الليبرالية بالفعل على أصوات 11 مليون ناخباً، وحصل الإسلاميون على 13 مليون صوتاً، وهي مسألة حسابية رائعة للغاية. لذا، حسابياً، كان ينبغي أن نحصل على نسبة 45 في المائة من [المقاعد في] البرلمان. أنا لا أعرف لماذا انتهى بنا المطاف إلى 15 أو 20 [في المائة] وذلك لأن النظام المعمول به آنذاك كان ينص على أن أي حزب يحصل على نسبة أقل من 5 في المائة، فإن نسبته ستنتقل إلى أعلى حزب في عدد الأصوات.”
وأضاف قائلاً “إن تحليلي للموقف الآن هو أن «الإخوان المسلمين» يرون أنهم إذا أرادوا شيئاً فسيحصلون عليه. كما يرون أنهم يمثلون الأغلبية في البرلمان الآن، فهم يمتلكون الشرعية. ومن ثم يجب عليهم استخدامها لاستكمال اللعبة والسيطرة على البلاد. . . . وأود هنا أن أضرب المثل بإيران. لأننا إذا نظرنا كما تعلمون إلى الثورة الإيرانية في بداياتها، سنرى أن الشباب هم من كانوا ضد القمع وغيره من الممارسات الدنيئة. ولكن فجأة قفز آية الله روح الله الخميني على السلطة، واستمر هذا الوضع طوال ثلاثين عاماً. وكذلك الحال مع «الإخوان المسلمين»، فهم يقولون علناً بأنهم يريدون إقامة خلافة إسلامية. وبأن نشاطهم لا يقتصر على مصر فحسب. كما أنهم يريدون فعل هذا وذاك. فإلى أين نلجأ نحن الليبراليون إذاً؟ نحن بالفعل نشعر بأن الولايات المتحدة قد خذلتنا، فأنت ترى مثلاً أن كل من يأتي من أعضاء مجلس الشيوخ ومن أعضاء الكونغرس إلى مصر يذهب إلى «ميدان التحرير» ويلتقط بعض الصور الجميلة له مع الأطفال هناك ثم يذهب فيقابل مرشد جماعة «الإخوان» مع بعض الإيماءات والمصافحات ثم يظن أن كل شيء على ما يرام. فأين الدعم إذاً؟ — لم يتم تقديم أي دعم لا لليبراليين ولا للعلمانيين ولا لأي شخص لا يقبل بهذا الوضع. ولا أرى أنهم سيقدمون أي دعم من هذا القبيل. بل نرى فقط أنهم يعتقدون بالفعل أن ما يحدث في مصر الآن هو ديمقراطية. إنها ليست ديمقراطية. أما الآن، فإن كل ما تراه هو…. . . الفوضى التي تنشأ بسبب شعور عدد كبير من أفراد الشعب المصري بالقلق. فهم يشعرون أن «الإخوان المسلمين» يريدون السيطرة على كل شيء، وبأنهم سوف يتعرضون للاضطهاد، وأن الموقف سيصبح أكثر خطورة. كما يمكنك الثقة بما يقولون إن شئت. تريدون منا أن نقول بأننا سنحافظ على علاقات جيدة مع إسرائيل وسوف نحترم بنود اتفاقية كامب ديفيد، فإننا بالفعل نحب الأمريكيين – بل ونتقابل معهم بالفعل. . . فماذا عسى يكون بعد ذلك؟”
وأردف قائلاً “أولاً، ينص القانون على عدم السماح بتأسيس أحزاب دينية. قانوننا يقول ذلك. ولكن ما الذي حصلنا عليه في النهاية؟ حزبُ سلفي وآخر إخواني. فإذا لم تكن هذه أحزاب دينية، فما هي الأحزاب الدينية إذاً؟ فعندما أسست حزبي كان أول شيء تأكدت منه هو أن يكون معظم أعضاء الحزب من المسلمين. كما أن معظم أعضاء حزب المصريين الأحرار هم بالفعل من المسلمين. ولكن ما الذي دفعني إلى هذا؟ لأنني كمسيحي لم أرد تأسيس حزب مسيحي. وإلا فإنني ألعب نفس لعبتهم. فأنا شخص علماني ليبرالي ولذا فقد تجنبنا ذلك في الحزب. ولكن هذا هو الحال الذي وصلنا إليه. فنحن الآن لدينا حزبان دينيان.”
“والحقيقة هي أنني أشعر بالقلق الشديد على مصر. فأنا لست متفائلاً على الإطلاق. كما أنني أثق في أنكم تراقبون ما يحدث الآن. فما هي طبيعة الحدث الأخير الذي يلقي بظلاله على الساحة اليوم؟ إن ما يحدث الآن بوضوح هو محاولة من قبل «الإخوان المسلمين» لتوصيل رسالة للجيش مفادها ‘نحن نريد كل شيء وسنحصل عليه ولا يوجد خيار لديكم سوى التعامل معنا الآن’، فما هو شعور الجيش حيال ذلك؟ يشعر الجيش الآن بأنه هو من خلق هذا الوحش. ولكن الوحش أصبح الآن أكبر مما كان متوقعاً، ولا يدرون ما يفعلون الآن.”
وأضاف أيضاً “حسناً، ربما يمكننا التحدث قليلاً عن المرشحين للرئاسة… السيد عمرو موسى، الذي تعرفونه جميعاً، وأرى أن معظم الليبراليين سيدعمونه اليوم، ليس لإيماننا به، ولكن لإيماننا بالشباب الذين قتلوا في «ميدان التحرير»… الشباب الذين قتلوا على يد الشرطة… الشباب الذين قاموا بهذه الثورة. . . فلقد كنا نأمل في وجود مرشح آخر أصغر منه سناً من الجيل الجديد ليقود هذا البلد ولكن هذا هو الحال، فنحن مجبرون الآن على اختيار هذا أو ذاك.
“…. وفي الحقيقة أرى أننا أمام ثلاثة مرشحين في الانتخابات الرئاسية. أحدهم هو السيد مرسي مرشح جماعة «الإخوان المسلمين» والذي لا أعتقد أنه سيفوز لأن المصريين لا يصوتون لمن يفتقد روح الدعابة — كما أنه يفتقر إلى ما يتطلبه الرئيس من قوة الشخصية وحضورها. أما الثاني فهو الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح صاحب الشخصية القوية الجذابة والذي يجب أن أشهد له بالصدق وحسن الخلق الشديدين. فهو طبيب بالفطرة. كما أن سجله حافلُ بالمواقف الداعمة دائماً للثورة والثوار. ولكنه أحد مؤسسي جماعة «الإخوان المسلمين». ولذا فبعض زملائي الليبراليين يرى أنه ليبرالي. وهو ما لا أراه صحيحاً لأنني قلقُ جداً على الدوام. ففي المبنى الذي أعمل به في مصر لا يمكن لرجل دين أن يأتي إلى مكاتبنا لأننا نؤمن بأن هذا مكان للعمل. فلو كنت أريد الصلاة، كنت سأذهب إلى الكنيسة… ولكنى مع الأسف أرى أن المتنافسين أصحاب الحظ الأوفر في المنافسة هم الدكتور أبو الفتوح والسيد عمرو موسى. وأعتقد بأن الإسلاميين سيتحدون جميعاً في الجولة الثانية خلف السيد أبو الفتوح وهو ما يمكن أن يرجح كفته في الانتخابات.”
وأردف قائلاً “لا أتوقع حدوث أي مفاجئات كبيرة في الانتخابات، هذا إن أجريت الانتخابات أصلاً. لأنك قد تتساءل: لماذا يحاول آلاف المتظاهرين اليوم اقتحام وزارة الدفاع ونحن على بعد أربعة أسابيع فقط من الانتخابات الرئاسية؟ هل هذا معقول؟ سوف يتم إجراء الانتخابات الرئاسية بعد أربعة أسابيع. فما الدافع إذاً؟ لا أحد يعلم. إنها فقط مظاهرة لاستعراض القوة – صراع على السلطة، وما يتعلق بها. وكما ذكرت فإن بعض الفوضويين وبعض الأحزاب الليبرالية قد شاركت اليوم أيضاً في هذه المظاهرات… ولكني لا أعرف السبب”.