السؤال الآن هو: لماذا خرجت ليبيا عن مخرجات الربيع العربي؟
دول الربيع العربي، وعندما نأخذ الجارتين تونس ومصر: في مصر كفّت الدولة منذ السبعينات عن أن تكون لها تنمية مستدامة وعلى أن تعتني بالجماهير. فتركت الشعب لجماعات الإخوان المسلمين يبتلعون ما يستطيعون من فئات الشعب المهمشة. فأصبحت لهم مدارسهم، وبنوكهم، وجمعياتهم الخيرية. واستطاعوا ان يحلوا محل الدولة في الكثير من الأحياء المهمشة والعشوائية. لذلك كان انتصارهم في مصر ممكناً.
أما في تونس، وبالرغم من رقي المجتمع، وعلمانيته البورقيبية، إلا أنه عندما بدأت الثورة، تولّى أمر المجتمع المدني مجموعات مناضلة من العلمانيين والليبراليين هي أجيال السبعينات والثمانينات التي كانت تعرف كيف تعارض ولكن لم يكن لها جاهزية لأن يكون لها برنامج حكم. فتشرذمت على مجموعة كبيرة من الأحزاب. وكانت النتيجة انتصار التيار الإسلامي الموحّد في مسارين: مسار الإخوان المسلمين وتمثلهم النهضة، والمسار السلفي.
أما ليبيا، فهي لم تكن مثل الوضع المصري، وكذلك استفادت من الحالة التونسية، فذهبت إلى الإقتراع موحدة.
الشيء المذهل في التجرية الليبية والذي في علمي لم يحصل في التاريخ البشري أنه لأول مرة في التاريخ يكون عدد الناخبات أكبر من عدد الناخبين. ونتيجة للخوف من تدمير كافة المنجزات التي استطاعت المرأة الليبية أن تحققها منذ الإستقلال في ١٩٥٢، والمخاوف التي كانت هاجسَها من خطاب السلفيين والإسلاميين، وخطاب مصطفى عبد الجليل “الإسلاموي” في يوم تحرير ليبيا، الذي قال في ذلك اليوم المشهود كلاماً مجحوداً أرجو أن ينساه التاريخ في أنه يحق للرجل الزواج بأربع نساء.
لهذه الأسباب وغيرها، خرجت المرأة الليبية تقاتل من أجل كرامتها ومستقبل بناتها وأبنائها.
هذا شيء.
الشيء الآخر، لماذا اختارت شريحة كبيرة من الشباب الليبي الليبراليين؟
اختارتهم لأنهم لم يرفعوا واجهات أيديولوجية، وإنما أرادوا أن يجترحوا لغةً يفهمها الشباب في التنمية المستدامة، ومحاربة الفساد، وإنهاء حالة البطالة المزمنة، وإطلاق العنان لقوة الإقتصاد الخاص الخلاقة.
لهذا السبب انتصر الليبراليون! وسقط حاملو الشعارات الأيديولوجية البائسة!
إذا أردنا أن نحلل هذا الحدث الذي استطاع الليبيون به أن يهشموا ذلك القوس الرمادي ما بين المشرق والمغرب، فيجب أن نذكر ونتذكر، إلى جانب ما أسلفنا، بأن الشعب الليبي يرفض رفضاً قاطعاً فكرة “الكهنوت الديني” المدنّس بالسياسة. ويريد أن يخلق فضاءً حضارياً يستطيع أن يعيش فيه هو وجيرانه في رغد العيش وبدون أيديولوجيات مدمرة!
ومما زاد في اصراره على انتخاب الليبراليين، هو تعلقه وتمسكه بعدم التبعية، لأنه رأى أنظمة ودولاً تحاول من خلال منظمات وأحزاب أن تسيطر على مقدراته. ويكفي أنه في يوم الإنتخاب رأى على قناة “الجزيرة” القطرية إستجلاب أحد الليبيين النكرات ليهاجم وبالإسم المتحدث والدكتور محمود جبريل وعبد الرحمن شلقم، ويتهمهم بالعمالة للأجنبي! ويتهمهم بـ”الجوسسة”! عندما يرى الليبيون هذا المشهد المضحك المبكي، لا شك أنهم كانوا اكثر إصراراً في التصويت ضد هؤلاء ومن يقف وراءهم.
ليبيا انتخبت في عرسٍ سياسي بديع. ليبيا، وشكرا لنسائها أولاً، ثم لرجالها، استطاعت أن تري العالم شيئاً أجمل من المعروض على يمينهم وشمالهم.
شكراً لليبيا التي، وللمرة العاشرة، تعطي العالم نموذجاً جميلاً يفتخر به كل عربي.
بهذه الإنتخابات، وبالرغم من الإستحقاقات العسيرة القادمة، في خطوة جميلة إلى الإمام، اليوم يتقلّب شهداء ليبيا على ارائكهم، فرحين بما تناهى إلى أسماعهم من بقعة صغيرة على البحر المتوسط.
ليبيا اليوم، وبهذه الإنتخابات، استطاعت أن تردّ الجميل لكل تلك الدول ساندتها في ثورتها بدون أجندة أنانية، وأعطت صفعة لأولئك الذين ساعدوها إستسخاءً، ونذكر بيت المتنبي:
وفي النفسِ أخلاق تدلّ على الفتى
أكان سخاءٌ من أتى أم تساخيا
الإستثناء “الليبرالي” الليبي، لماذا؟رساله الي محمد الهوني من كلامك ومقالك ومن بعدت مقابلات اجرت معك وضحت ان سيف الاسلام كان امل شباب ليبيا وكان ضد الفساد وكان فقير لا يملك المال باعتقادي اذا الكلام هذا صحيح فيجب ان تقول كلمة الحق وتقف بجانبه لا نعلم حقيقه تغير المفاجأ لردت فعله وتوجهه لربما هناك امر ما خارج عن ارداته ولكن بما انك كما تقول المقرب منه وتعلم تماما حقيقة نوايا اتمنى ان تقف بجانبه او علي الاقل تحاول ان تصل اليه وتستفسر عن مابدر منه لربما يكن مظلوما ولكن انا ضد مافعل والده المجرم في ليبيا وقتل الشعب لبريء والفساد علي… قراءة المزيد ..
الإستثناء “الليبرالي” الليبي، لماذا؟على صفحتي الفايس بوك نشرت هذا الموضوع مع سابقه وكذا على مدونتي نقلا عن الشفاف مع عبارة مبروك لليبيا. وقد نالا اعجابا متنوعا و واسعا . وجرت تعليقات فايسبوكية فيما يلي صورتها: Ali Hamdan مع إرتياحي لحصول الانتخابات الليبية ونتائجها ارى ضرورة التمهل في قراءة الاستنتاجات والكلام عن انتصار الليبراليين وذلك بإنتظار التفاصيل الفعلية لما جرى … اعتقد، واتمنى ان اكون مخطئا، ان البنية القبائلية والمناطقية بإنعقادها على مخاوف انصار النظام القديم، وبعيداعن التوصيفات المجردة، لعبت دورا رئيسيا في الانتخابات ونتائجها ! منذ 3 ساعات · حُرر · أعجبني Farouk Itani يا علي انا عشتُ بليبيا 1991-1996… قراءة المزيد ..