هل يتصوّر «الممانعون»، بفروعهم ونحلهم كافة أنّهم يمتلكون بالفعل مفاتيح الدعاية السياسية؟ انّهم من بين كل حيل وفنون الدعاية السياسية لا يهرعون الا لواحدة: بث الإشاعات التي لا تستطيع أن تصمد لبضع ساعات قبل أن تتهافت.
الا أن ذلك ليس مما يخجل الممانعين، بل هم يتابعون الاعتماد على الإشاعات نفسها، حتى من بعد تفنيدها وتبديدها بالشكل الدامغ أو الحاسم. فنظرية المؤامرة التي تستلب بها كل الممانعة هي من النوع الذي يسمح بالاحتكام الى الاشاعات اياها، حتى من بعد تبديدها.
وترتبط هذه الاشاعات المتهافتة للممانعين عادة، مع اتجاه ثابت عندهم لاظهار الشيء ونقيضه، أي اظهار عدوانية العدو وعدم استعداده للحرب في آن واحد. فأميركا، في مقال الممانعة، هي وحش متعطّش للدماء، مع ذلك فلا صبر له على تحمّل مستنقع الدماء الأميركي. كما أن الممانعين يحبّون التأكيد في الوقت نفسه بأن أعداداً متزايدة من المستوطنين تتمادى في العيش ضمن الضفة الغربية، وأن أعداداً متزايدة من الاسرائيليين قد خرجت من اسرائيل نهائياً، ولم تعد مقتنعة بكامل التركيبة. ليس من تناقض بين الأمرين. لكن المشكلة أن الممانعين عادة ما يعطوهما نفس القدر من الأهمية، ولا يمكن أن تفهم هذه الأهمية الا ان كان أولئك الذين يخرجون من اسرائيل ينتقلون منها الى الضفة الغربية!!
الطريف في كل هذا أن القوى الأكثر غلواً وتطرّفاً في منطقة الشرق الأوسط هي نفسها القوى التي تصرّ على أن عدوّها غير راغب في الحروب.
أما اذا استعرض المرء أرشيف الاشاعات المتهافتة التي أطلقتها الممانعة لبنانياً، طيلة العام الفائت، وجد أنها ترتكب يومياً الخطأ نفسه وليس من يدفعها الى تصحيحه. يقول الممانعون مثلاً أن زيد هو السيء في قوى الحلف الذي يناهضهم، أما عمرو فيمكن الاستمرار في مخاطبته والتحاور معه. ثم يعودون ويقولون بأنه تبيّن أن عمرو هو أسوأ من زيد، وأنه ربما أمكن التفاهم مع زيد بدلاً منه. ولطالما ينتظر الممانعون أن ينفرط عقد الحلف الذي ينبري لمنازلتهم، مرة يقولون بأن عمرو سيخرج منه، ومرة يقولون بأن زيد حزم أمره وسينتقل الى ضفة الممانعة أو يسلّم رأسه لها. يتفاجأون بعد ذلك بأن كلاً من زيد وعمرو ما زالا حيث هما، يرابطان ويواجهان، بالقول وبالعمل. مع ذلك لا يراجع الممانعون اشاعاتهم ـ توقعاتهم. بل يشنعون على زيد وعمرو أضعافاً، ليس لأنهما لم يتركا هذه الخانة النقيضة بعد، بل لأنهما «انقلبا» على ما اختاره «العقل الممانع» بنفسه لهما من توجهات مستقبلية.
ليس لدى الممانعة دعاية سياسية لأنه ليس لدى الممانعة عقل سياسي. العقل الممانع هو عقل أمني بالكامل، سواء من حيث طريقة صنع ووزن القرارات، ومن حيث طريقة ايجاب تنفيذ وتقييم ما نفّذ من قرارات. فاذا كان العقل السياسي يمتلك أدوات الدعاية السياسية، فان كل ما يتملكه العقل الأمني لقوى الممانعة هو طائفة لا آخر لها من الاشاعات سريعة التهافت.
هذا يرتبط أيضاً مع عدم استعداد معظم الممانعين للمداخلة في أي موضوع يعرض عليهم. هكذا رأينا العجب في الأسابيع الأخيرة: مرة يطالعك التحليل الممانع بأن نيقولاي ساركوزي من قوى 8 آذار، ومرة يشهر به أنه انقلب على مواقفه، وانه يأخذ تعليماته، لا ليس من جورج بوش، ولا من السفير الأميركي في فرنسا، انما من السفير الأميركي في لبنان. ثم جاءت جريمة آخر السنة الباكستانية، فلم يتردّد ممانعون في أن يشمتوا هذه المرة بزعيمة لكتلة جماهيرية تاريخية في بلدها، بحجة أن سقوطها يمثل سقوطاً للـ«مشروع الأميركي».
المشروع الأميركي! المخطط الأميركي! هذه من مفردات الممانعين. لكن ما يتعجب له الممانعون وهو الحقيقة الحسية الأولى أن الولايات المتحدة الأميركية بعيدة جغرافية عنا، مع احترامنا لكل النظريات عن الامبريالية، وأن ظلم ذوي القربى هو الما لا يطاق التي تعاني منه أكثر من جماعة في هذه المنطقة من العالم، وقد ازداد ظلم ذوي القربى لما وجد في شماعة «المشروع الأميركي» ضالة نظرية المؤامرة (وهي نظرية يمكن باسمها تنفيذ مؤامرات الاغتيال ونسبها الى متآمر خيالي أبدي)، مع أن بعضاً من الاشاعات الممانعة سريعة التهافت تتركز على تظهير امكانية «الصفقة» بين الممانعين والأميركيين.
يتباهى الممانعون بصفقة مع الغرب لن تحصل، ويخونون من لا يتباهى بتلك الصفقة. يكفي أن تجيب ممانعاً بأنك لست مقتنعاً بأن هذه الصفقة لن تحصل حتى يتهمك بالخيانة أو العمالة. أما اذا أجبت الممانع بأنك تتمنى لو أن هذه الصفقة ستحصل بينه وبين أميركا، بحيث تكفل اقتراب الممانع من أخصامه الحاليين فلا تعود له عليهم حجة ويصير ممانعاً ـ سابقاً، فعندئذ، كذلك الأمر، سيتهمك الممانع بالخيانة والعمالة. التخوين قائم في الحالتين. ماذا نفعل؟ احترنا. الأفضل لو تبطل الممانعة. هذه أمنية يمكن تجديدها مطلع كل عام، من الآن حتى نهاية القرن.
(السفير)
الأمنية الأمنية: لو تبطل الممانعةإن كنت لاتدري فتلك مصيبةٌ وان كنت تدري فالمصيبة أعظم المنطق واعقل وارشد والحكمة تقول لا سلاح الا سلاح الجيس وكفى استخدام شعار المقاومة في تدمير الشعب اللبناني والمنطقة نعم انها دولة داخل الدولة ان العمامات الملالية الشيطانية دمرت البلاد العربية. وما هي المشكلة بنزع سلاح حزب طائفي في دولة ذات سيادة ( أنا أرى أن مطلب مجلس الأمن في هذا المجال مؤيد لما يتضمنه اتفاق الطائف ولما هو مطلوب في لبنان. انه أمر غير معقول، أين هي الدولة العربية التي يوجد فيها سلاح في الشوارع ومقاومة في الشوارع ؟(الأخضر الإبراهيمي-المستشار السابق للأمين العام للأمم المتحدة)أليس… قراءة المزيد ..