نستمر في هذه الحلقة الثالثة والأخيرة مع تقرير “سنوات الخوف”، مناقشة روبيرت فيسك الذي وجدنا في مقالته عن تقرير “سنوات الخوف” مستثمرا جديدا لقضايا العرب للتعيّش على أزماتهم بعد أن طمع بهم كل الطامعين ممن هو أهل لذلك ومن هو غير أهل من أمثال (ملالي ايران)، أي يطمع بهم من هم أكثر تشبثا في الإقامة في الماضي والسكن في بيوت مؤلفة من سحر الكلمات: كلمات ملتصقة بأسنانهم وجلودهم لتصك هوية ماضويتهم المزدوجة الأبعاد (المللية الطائفية الشيعية والقومانية الفارسية)، هوية عتيقة تمتح من أحقاد الماضي وثاراته، إذ تعرف نفسها ومميزات هويتها من خلال العداء للآخر (العالم)، وما دام من الصعب على الذات القومية المتشنجة الأوداج أن تكون قادرة على التهام العالم القوي، فإنها تجعل من الآخر الأقرب والأضعف اللقمة الأسهل التي تسكن جوعها للمجد والعظمة الوهمية (العظامية): مثلما كانت شهية الملالي لتعميم نموذجهم الظلامي عالميا، لكنهم سرعان ما ارتضوا في المآل بالاكتفاء بالعظمة الإقليمية لكن على العرب من خلال التسلل للعب بقضاياهم خلال ثلاثين سنة، فعندما لم تتمكن من فرض ذاتها على العالم الذي نبذها اليوم، لم يبق لها سوى العصابات الطائفية في سوريا وحزب الله وحماس مريدين والمؤتمرات العربية-الإسلامية لتمارس عليهم دور الدولة العظمى.
ولهذا فقد قدم الإيرانيون مثلا ناجحا أمام الكثيرين من الطامحين والطامعين في ضعف العرب، وذلك عبر إبداء الشفقة نحو سوء الحظ التاريخي للعرب الذين هانت عليهم أمورهم إلى الحد أن تنصب لهم إيران قائدا يستعيد (صلاح دين ) استعادة طائفية مضادة في صورة قائد حزبها الإيراني (حزب الله) وسيده الذي عمد سوريا باسم طغاتها (سوريا الأسد) على حد تعبير وكيل ولي الفقيه الإيراني حسن نصر الله…!
إذ لم يكتفِ السيد فيسك أن يلعب لعبة التخوين عبر الإيحاء والإيماء بما يشير إلى اتهام الآخر بشبهات الصلة بـ (العدو الإمبريالي الأمريكي والصهيوني) وفق الخطاب البعثي –الملتي الذي أصبح الآخر في إيران اليوم هو (عدو لله ورسوله)، حيث يعدم في عاصمة النضال الثوري طهران، سيما الأكراد والعرب الأهواز وطائفة السنة التي تقف طليعتها الأخوانية عربيا وفلسطينيا (حماس ) تحت مظلة نشر التشيع باسم المقاومة والجهاد لتحرير القدس والمقدسات..!
لم يكتفِ السيد فيسك بالتخوين (الإمبريالي) لأي مختلف وفق خطاب النظام الثيوقراطي القروسطي والفاشي البعثي الطائفي، بل راح يستخدم حجج الخطاب البعثي الإعلامي في تبرئة الذات صراحة، عبر لجوئهم الدائم إلى مقارنة أفعالهم نحو شعبهم بموقف اسرائيل تجاه الشعب الفلسطيني بإسرائيل، فإذا ما تدخلت إحدى الجهات القانونية والحقوقية الدولية للحديث عن انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، فإن الرد الرسمي يكون بصيغة التساؤل الاستنكاري: ولماذا لا تتحدثون عن السجون الإسرائيلية، حيث آلاف السجناء والأسرى الفلسطينيين…!
يقولون ذلك بلا خجل من هذه المقارنة، إذ يتحدث إعلامهم ووزير إعلامهم ومسؤوليهم بكل سلاسة عن صمت المنظمات الدولية الحقوقية على القمع الإسرائيلي، بينما لا تصمت منظمات حقوق الإنسان (الإمبريالية الصهيونية) هذه على حقوق قمع النظام السوري لشعبه، مستنكرين ازدواجية المعايير التي تمنح إسرائيل حقوق وامتيازات قمع وقهر الشعب الفلسطيني في حين يحجب عنهم هذا الامتياز في قهر شعبهم وسجنه واعتقاله…!!!؟
يطالبون بالتساوي مع إسرائيل في حقوق التسلطية القهرية دون أن يحرجهم وضع شرعية علاقتهم بشعبهم السوري بنسق واحد للمقارنة مع علاقة إسرائيل الاستيطانية بالشعب الفلسطيني، وكأنهم يستشعرون داخليا بحقيقة أن علاقتهم علاقة استيطانية بمجتمعهم فعليا، حيث لا تختلف عن العلاقة الاستيطانية الإسرائيلية مع الفلسطينيين الذين يراهن الكثيرون من المقيمين منهم في دمشق على النظام الطائفي المافيوي بتحرير أسراهم، عبر الصمت المطبق -بل وعلى حساب- أسرى أشقائهم السوريين في السجون الأسدية الأكثر قبحا وبشاعة من السجون الإسرائيلية….!
وفق هذا المنطق يقوم السيد فيسك بتلطيف الجرائم الأسدية عبر مقارنة مفتعلة ومصطنعة مع قيام الحكومة الأمريكية بتسليم معتقلين من المشتبهين من جماعة القاعدة إلى دمشق، مع معرفة الأمريكان أنهم سيتم تعذيبهم وتجاهل الدستور السوري الذي ينص البند الثالث من المادة 28 من الدستور السوري، على سبيل المثال، على أنه “لا يسمح بتعذيب أي شخص جسديا أو نفسيا أو معاملته بطريقة مهينة”، يقول فيسك:
وللسخرية المزدوجة- التي لا يذكرها “زيادة” (أي القرير)- أن الحكومة الأميركية التي تدعم الحريات، أرسلت بسرور معتقلين إلى دمشق لعلمهم (الأميركيين) أن السوريين سيتجاهلون دستورهم ويعذبون المشتبه بهم حتى يعلموا مكنونات قلوبهم… هذه اللفتة الإنزياحية عن السياق مؤداها: أن لا فرق بين الحكومة الأمريكية التي تدعم الحريات، والنظام في سوريا الذي يعذب مساجينه ما دامت هذه الحكومة ترسل له مساجين تعرف أنه سيعذبهم… ولذا فلا داعي لإدانة جرائم النظام ما دام يقوم الأمريكان بما يشبهها…
إن البناء الأسلوبي للمعنى في مقطع فيسك لا يتيح المجال لقراءة تأويلية مضادة لحقيقة صريحة وفاقعة وهي أن النظام في سوريا أصبح يمتلك فائضا من الوحشية ومن ازدراء واحتقار حقوق الإنسان، حد أنه بات يصدر منها إلى الخارج، حيث ينفذ مهمات تعذيب قذرة نيابة مأجورة عن الآخرين الذي يحرصون على سمعتهم، ولا يريدون تلويث أيديهم بما اعتادته أيدي جلادي مخابران عصابة التسلط الأسدية أن تنفذه….!
وعلى هذا وباسم مقارعة الإمبريالية الأمريكية، وهو أمر شعبوي مرغوب شعبيا بدهيا وحكوميا بعثيا انتهازيا، يقوم فيسك باللعب على (الأوندكسا) العربية، ليقول لها ما ترغب سماعه من جهة، وممالأة النظام السوري بالتخفيف من أثر جرائمه عن طريق مقارنته بالأمريكان دعاة الحرية..!
ويعطف على هذه المقارنة أن يقوم بإبراز دور خاص لغازي كنعان لم يتطرق له التقرير، إذ يحاول فيسك عبره ربط المحاكم الميدانية باسم غازي كنعان الضابط من الجيل الثاني الذي لم يكن له أن يعطى دورا مميزا على هذا المستوى الذي يتخيله فيسك، إذ كان هذا الدور مناطا بواقع الأمر بوزير دفاع حافظ أسد الذي يستخدمه للتمويه الطائفي وهو العماد ( مصطفى طلاس) الذي يشير التقرير إلى دوره هذا، سيما إلى تصريحاته للدير شبيغل حول توقيعه اسبوعيا على 150 حكما في الإعدام بدمشق، إذ يعود الاستخدام الطائفي لهذا الرجل إلى سنة 1964 عندما رئس المحكمة العسكرية الميدانية عقب أحداث حماة كما يشير التقرير (ص99)، ولقد كافأه حافظ أسد بمرسوم تشريعي رقم 57 تاريخ اكتوبر 1979 يعمده فيه شرعيا كمسؤول أول عن القتل (القانوني)، حيث يفوض هذا المرسوم وزير الدفاع بصلاحيات رئس الجمهورية في المحاكم الميدانية والتصديق على أحكام الإعدام (ص99)، لكن مع ذلك يصر فيسك على نسبها لغازي كنعان المنشق عن النظام لتبرئة طلاس الذي يشتغل أمنيا – طائفيا لدى النظام الطائفي برتبة عماد ووزير دفاع لتوقيع أحكام الأعدام، إذ يقول: مرة أخرى، يستخدم (زيادة: أي التقرير) الأدلة التي نشرها عبد الله الناجي ليثبت أن “المحاكم الميدانية” العديمة الرأفة التي تبناها نظام الحكم – والتي أقيمت أصلاً للتعامل مع “العدو” الإسرائيلي وليس مع “الأعداء” السوريين لحزب البعث – كان يديرها غازي كنعان، الرئيس السابق لاستخبارات الجيش السوري في لبنان والذي صار لاحقاً وزيراً للداخلية. ويضيف فيسك: وقد عرفت كنعان – وكان رجلاً مرحاً مخيفاً ساعدني ذات مرة في الهرب من الخاطفين في بيروت بأن طلب مني الانضمام إليه في ركضه الصباحي عبر بيروت الغربية. وقد انتحر لاحقاً بعدما زعم من انه تآمر، كوزير، ضد بشار الأسد، بغض النظر عن هذه الاستطرادات العديمة الفائدة، لابد لنا من التساؤل: لماذا يقوم الصحفي البريطاني الشهير بـ(صداقته للعرب) بهذه التصحيفات والمواربات والتمويهات؟
لسنا نريد تبرئة غازي كنعان من مجازر المحاكم الميدانية، لأن للرجل مهمات في ارتكاب مجازر أخرى لا تقل فظاعة أو بشاعة كان ينفذها بإخلاص وبراعة كمدير لفرع الأمن العسكري بحمص، لكن السيد فيسك حريص على صداقة العرب من خلال صداقته للنظام العربي (القومي الممانع)، ولهذا فهو يقوم بتصحيف الوقائع في خدمة مصالح النظام السوري الذي يسره تحميل تاريخ هذه الجرائم لوزير منشق عن نظامه ككنعان، كما ويسره أن يقرر فيسك –ببساطة-أن كنعان هذا قد انتحر، في حين أن الشعب السوري جميعا يعرف بأنه “نُحر”، حيث كان بداية فتح الباب أمام أمال الشعب السوري في أن يرمي الله كيد العصابة الطائفية بنحرها.
بل ويحاول البرهنة –التي لا مبرر لها- سوى استرضاء النظام السوري بالقول: “ولكن قيادة كنعان لـ”المحاكم الميدانية” تتطابق مع المنطق. فقبل أكثر من 15 سنة، في فندق بمدينة بوسطن، قال لي سوري آخر احتجز في “تدمر” أنهم كانوا يعرفون متى ستنفذ عمليات إعدام. وأوضح: “كنا نقف عند نوافذ الزنازين وكنا جميعاً نعرف عطر كنعان المفضل. عندما كنا نشمّه، كنا نعرف انه ستكون هناك فرق إعدام باطلاق الرصاص”. ويعلق التقرير على هذه الإعدامات بالقول: “لا احد يعلم أين دفن أولئك الذين اعدموا او توفوا تحت التعذيب”. هل يمكن للمرء أن يفهم هذا الإصرار على تجاهل الحقائق التي ساقها التقرير، ومن ثم تثبيت (قيادة كنعان للمحاكم الميدانية) إلا تلبيس التهمة لرجل مات وانقضى ومن ثم تمويت جرائمه هذا من جهة؟! بالإضافة إلى خدمة السلطة إعلاميا بإلصاق جرائمها بأحد المنشقين عليها، ومن ثم تبرئتها من هذه المجازر…!
بل إن ما يعزز مغزى قراءتنا ودلالة تأويلنا لمقال الكاتب البريطاني صديق العرب (حكامهم)، هو دفاعه عن الرئيس الوريث (الصغير/القاصر) بالدعوة إلى عدم تحميل الوريث وزر أخطاء أبيه المورث، متسائلا: هل يجب تحميل أوزار خطايا الآباء- أياً قد تكن تلك “الخطايا” – للأبناء دائماً؟ ربما يسأل رئيس جمهورية نفسه أحياناً لماذا ينبغي تحميله خطايا والده. ولكن من الأكيد أن وقتاً طويلاً سيمر قبل أن ينثر أهالي تدمر الورود على تلك القبور”…
كان من الممكن أن يكون لهذا السؤال معناه ومبرراته لو أتى بعد وفاة الطاغية (الأب)، سيما وأن بعض قطاعات المعارضة في المجتمع السوري حاول أن يراهن على البعد المدني للشاب الطبيب الذي عاش في بلاد الكاتب البريطاني. لكن الغريب أن السيد فيسك ينتهي إلى هذه التبرئة بعد أن بزّ الإبن أباه فسادا وذلك بعد أن انتقل بالفساد إلى مستوى مؤسسي! وفاق أباه عدوانية وشراسة وعنفا بعد أن حوّل العنف الموجه ضد شعبه إلى مصفوفات مقوننة تصدر عن أجهزة قضائية تم الإجهاز نهائيا في عهده على أية استقلالية لها أو أية مهابة قانونية للقضاء بعد أن راح ينفذ الأوامر الأمنية!
بل وبرز كـ(وريث قاصر ملتاث) بما أبداه ويبديه يوميا من كره لأهله ومجتمعه تخطى فيها همجية أبيه، بعد أن راح يسجن الأطفال (طل الملوحي وأيات أحمد) والشيوخ، شيخ القضاء السوري وآخر قاضي مستقل محترم في سوريا الشيخ الثمانيني (هيثم المالح). ولا نعرف ماذا سيكون رأي صديق العرب (فيسك) بالحكم الذي صدر اليوم بسجن المالح ثلاث سنوات في ظل ربيبهم الذي عاش كطبيب في لندن، والذي لا يريدنا أن نحاكمه بوزر أخطاء أبيه… أليس الحكم على ثمانيني بالسجن ثلاث سنوات هو حكم صريح بالإعدام مع سبق الإصرار والتصميم الإجرامي الوحشي….!!!
لقد قمنا بتقديم وقراءة تقرير “سنوات الخوف” من خلال مناقشة صحفي غربي مرموق كفيسك، بهدف إبراز مضامين التقرير من خلال تقاطع حواري بين منظورين له، كما وكانت فرصة بالنسبة لنا أن نلقي الأضواء على فكر إستشراقي مضمر ومستمر يوحي بمحبة العرب والمسلمين واحترام ذاتياتهم الحضارية والثقافية والوطنية بهدف تثبيتها وثباتها باسم احترام خصوصياتها (الإستبدادية) وثوابتها التكرارية، وذلك لكي تبقى تعيش الاحتضار الذي تحدث عنه ربيبه الانكليزي كرومر، وتمارس حركة اعتمادها بالمكان للحفاظ على المسافة القائمة بين غرب متقدم مفترض وشرق متأخر (لن يلتقيا) حسب أطروحة كيبلنغ الاستعمارية الشهيرة: (الشرق شرق والغرب غرب… ولن يلتقيا) ومن ثم اشتقاقاتها في صيغة هينتنغتون عن حرب الحضارات، التي يطابقها في المصلحة، ويكون وجهها القلوب القول (السلفوي) في صيغة لأطروحة المضادة عن العالم الفسطاطين: فسطاط دار الإسلام وفسطاط دار الحرب، أي فسطاطا الإيمان والكفر، حيث هذا القول هو الوجه المقلوب للفلسفة الاستعمارية عن علاقة التوازي والتناظر الذي لا يلتقي بين الشرق والغرب!
لكن لابد لنا من التوقف عند ما تجاهله فيسك في التقرير، ليس على مستوى الأحداث والوقائع فحسب، بل وعلى مستوى السرديات والحكايات الشفوية والمعلومات ذات الدلالة البالغة التي لا زالت تمارس أثرها على البيئة السياسية والثقافية والسوسيولوجية في المجتمع السوري. وهو ما يمكن تسميته بقيام (اقتصاد ريعي أمني –عسكري/ فيما يمكن أن يوصف بأنه “اقتصاد الأسْر”)، الذي كان نتاج تعامل الأسدية مع المجتمع السوري بوصفه “غنيمة حرب” بعد فتنة الثمانينات وما اعتبره النظام انتصارا على المجتمع باسم هزيمة عصابات مسلحة، بعد ما افترضت أنها قد انتصرت عليه بالضربة القاضية التي لم يشفَ منها حتى اليوم. إذ تعتاش نخبه الأمنية ولاحقا العسكرية (ثمن الإعفاء من خدمة العلم وانتقال موقع الخدمة أو الإجازات) على النهب المنظم للمحيط العائلي للسجين أوالمعتقل والمفقودين البالغين عدد 17 ألف مفقودا، حيث كان هناك ثمن لأية معلومة عن مصير مفقوديهم وثمنا للزيارة عن طريق الرشى العلنية والإكراهية بالضرورة التي كان يرغم عليها أهالي المساجين والمعتقلين لقاء معلومة عن مصيرهم أو زيارة للمشاهدة….الخ
وهؤلاء الأهالي الذين نالتهم كارثة أن يكونوا أهلا أو أقارب للمفقودين تقدر اتساع شريحتهم إلى ما يتجاوز المليون من الذين نالهم ضرر الاعتقالات ((الابن –الأب-الأخ –الزوج-الخال –العم….إلى آخره من العلاقات الوشائجية لمجتمعاتنا الأهلية. وقد أحسن التقرير عندما توقف موثقا لبعض الأسماء التي لعبت دور الخيانة الوطنية لمجتمعها وشعبها في صورة جرائم وحشية جماعية وطائفية وضد الإنسانية مثل: فيصل الغانم مدير سجن تدمر (أحد المشرفين المباشرين على مجزرة تدمر وكان من المفضل أن يتوقف التقرير عند الشريك الآخر للمجزرة “معين ناصيف” الذي استقبل جنود عمه (والد زوجته) رفعت الأسد مهنئا ومجزلا لهم في العطاء، وذلك قبل أن ينال لقب دكتور في الفلسفة (الابستمولوجيا). والتساؤل هو: هل كان قسم الفلسفة الذي منحه الدكتوراه في الفلسفة يعرف تاريخه الذبحي المجيد؟ ولو كان يعرف أليس الأولى منحه لقب دكتور في (الذبح الابستمولوجي)، كتتويج لممارسته الذبح الجسدي!؟
يشير التقرير إلى اعتماد “فيصل الغانم” على أمه (أم فيصل “حمالة الحطب” المقيمة في القرداحة) كمديرة لأعماله في إدارة (اقتصاد الأسْر الفائض عن غنائم الحرب)، مقابل أثمان باهظة حتى منتصف الثمانينات. كما وقد نما على هامش (الغانم وأمه) ومحيطه زبانية من الرقباء والعرفاء الأمنيين الذين يبيعون معلومات كاذبة لأهالي الضحايا.
إن ضرورة تقصي وتثبيت هذه المعلومات ضرورية لتنفيذ إرادة التاريخ في تحقيق إتاواته العادلة وإنصاف ضميره القانوني والحقوقي في يوم الفيقوقة الكبرى للشعب السوري لطرح سؤاله الكبير: بأي ذنب حبس واعتقل وأهين وشرد وسرق ونهب وقتل…!!!!
ولعل الأهم وظيفيا وإجرائيا للتقرير هو تلمسه للإمكانات الواقعية والفعلية لهذه الفيقوقة الحقوقية والقانونية بوصفها المدخل الآمن لمواجهة وحشية الجلاد الأسدي، وذلك عبر التعويل على القيم العالمية لحقوق الإنسان وتفعيلها عبر دورنا وفعاليتنا. فالعالم لن يدافع عن حقوق الإنسان للشعوب إذا لم تدافع هي عن نفسها وعن كرامتها وحقوقها. ولهذا فإن التقرير يقدم لنا هذه التوصية الثمينة في صيغة نصيحة: “الطريق الآمن للبحث عن المختفين قسريا بالنسبة لذوي الضحايا الذين يخشون على أنفسهم من إجراءات انتقامية من قبل الأجهزة الأمنية هو لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة التي تملك اتخاذ إجراءات التدخل الفوري فيما يتعلق بأعمال التخويف أو الاضطهاد أو الانتقام التي تستهدف أقارب الأشخاص المختفين أو أماكن وجودهم، وتوجه رسائل طلب “التدخل الفوري” إلى الحكومة المعنية، مع مناشدة لها بأن تتخذ على الفور خطوات لحماية جميع الحقوق الأساسية للأشخاص المتأثرين”. وبالإمكان الإبلاغ عن طريق منظمات حقوقية مستقلة تتمتع بالصفة الاستشارية تجنبا لأي أعمال تخويف أو اضطهاد قد تمارسه الأجهزة الأمنية” ( التقريرص96 ).
فهل وصلت الرسالة لذوي الضحايا والمحامين والمنظمات الحقوقية والقانونية والسياسية الديموقراطية؟؟؟
mr_glory@hotmail.com
• كاتب سوري- فرنسا
الأسدية: سوريا “غنيمة حرب” (3) جمال — petra1973@hotmail.fr للسيد روبيرت فيسك روائع أيضاً في اللون السياسي-السياحي-الإستشراقي، فيما خص لبنان. مثل فيسك مثل قطيع من “المحللين” الأوروبيين (آخرهم ولو في مقلب مختلف، يدعى تييري ميسان، الناكر الهذياني لمسؤولية القاعدة في 11 سبتمبر، وقد جنى أرباحاً طائلة بالدولارات من روائعه التي شهدت انقضاضاً قُرّائياً مثمراً بالدولار من قبل ما يسمى الشارع العربي). فيسك يساري، وأوروبي، وبريطاني، وبالتالي، فهو صاحب ضمير/وعي ناصع حكماً، من أعلاه يفسر ويحلل ويعلق على مآسي المدنيين العرب وكأنه يفعل من مدرج يشاهد منه مباراة كرة قدم. وأليس ذروة النشوة بنصاعة الضمير/الوعي أن يلوم صاحبه ذاته؟ ومتى فعل، استنصع… قراءة المزيد ..
الأسدية: سوريا “غنيمة حرب” (3)نزار المالكي — nizarmaliki@yahoo.com استاذ عبد الرواق عيد، تحية لك على هذه السلسلة التي تصف مأساة الشعب السوري منذ تسلم الاسد الاب الحكم ثم توريثه اياه الى الاسد الابن وتوزيع “المغانم” و”الغنائم” على كل من له صلة رحم بآل الاسد. القلب يدمى والعين تدمع عندما يقرأ الانسان كل ما وصفته من مجازر ومآسٍ يتحملها هذا الشعب الشقيق البطل وأنا متأكد من ان لسان حاله يقول اليوم ما قاله نفس الشعب عام 1961 عندما اشتدت وطأة عبد الناصر وزبانيته من رجال المخابرات على السوريين :”بدّك تطوّل بالك” اي بالعربية الفصحى : “مهلا، فالفرج قريب”. فقد روى لنا… قراءة المزيد ..