مراسل “لوموند“، “غزال غولشيري”
يبدو أن الهدنة بين رئيس إيران، حسن روحاني، وخصومه المحافظين قد انتهت.
كان الرئيس المعتدل قد وعدَ، إبان حملته الإنتخابية في يونيو ٢٠١٣، بتسوية النزاع حول الملف النووي الإيراني بغية رفع العقوبات الدولية التي تم فرضها لردع طهران عن مواصلة برنامجها النووي. وحقّق روحاني تعهّده مع إبرام اتفاق بين إيران والدول الخمس الأعضاء، ومعها ألمانيا، في مجلس الأمن في فيينا، في ١٤ يوليو.
ولكن، يبدو أن الدعم شبه الكامل من جانب المحافظين الذي تمتّع به روحاني أثناء المفاوضات، وحالة الهدوء التي سادت بين الجانبين، قد وصلت إلى نهايتها.
فقد أكّد جهاز استخبارات “حرس الثورة”، الذي يمثل وحدة نُخبة لا تخضع لسلطة رئيس الجمهورية، في يوم ٣ نوفمبر، اعتقال اللبناني-الأميركي “نزار زكا” في طهران بتهمة “التجسّس” لصالح الولايات المتحدة.
إن اعتقال اختصاصي المعلومات “نزار زكّا”، في ١٨ سبتمبر، يمثّل إحراجاً شديداً لروحاني لأن السيد “زكا” كان قد تلقّى دعوة من نائبة رئيس الجمهورية، “شاهندوخت مولافردي”، المكلّفة بشؤون المرأة والأسرة، للمشاركة في مؤتمر حول الإنترنيت.
ومساء اليوم نفسه، أعلن “حرس الثورة” (الباسداران) اعتقال ٥ ” متسلّلين” يعملون لصالح الأميركان وينشطون في”الصحافة الإيرانية” وفي “شبكات التواصل الإجتماعي”. والصحفيون الخمسة متّهمون بأنهم “أثاروا مشكلة حقوق الإنسان بدون مبرّر” وأنهم”قاموا بالتمهيد لحضور أميركي رسمي” في إيران. والصحافيون الخمسة مقرّبون من “الإصلاحيين”، وهم: “عيسى سحرخيز”، و”إحسان مازانداراني”، و”سامان سفرزاي”، و”عفارين شيتساز”. أما الخامس فيظل مجهولاً.
تحذير “المرشد”
من جهة أخرى، اعتُقل رجل الأعمال والإستشاري الإيراني الأميركي، المقيم في “دبي”، “سياماك نامازي”، في ١٤ أكتوبر. ويُرجّح أن يكون معتقلاً لدى “حرس الثورة”، وتتّهمه وسائل الإعلام المحافظة بـ”التجسّس”.
وباعتقاله يرتفع عددُ الأميركيين-الإيرانيين المعتقلين في إيران إلى ٤، بينهم مراسل “الواشنطن بوست”، “جيسون رزايان”، الذي اعتقل في يوليو ٢٠١٤ بتهمة “التجسّس”. جدير بالذكر أن صحف المحافظين تلوم حاشية رئيس الجمهورية بصورة ضمنية لأنها سمحت لذلك الصحفي بالإقتراب من الرئيس.
ومن الواضح أن”حرس الثورة” المقرّبين من علي خامنئي، والحريصين على نفوذهم، يسعون إلى تخويف كل الداعين إلى تهدئة، أو حتى إلى تقارب، بين طهران وواشنطن. وكان سيناريو التقارب قد أصبح متداولاً منذ “الإتفاق النووي”، ومؤخراً بعد مشاركة طهران لأول مرة في مؤتمر سوريا الذي انعقد في فيينا في آخر شهر أكتوبر.
يُسنِدُ “حرس الثورة” هجومهم على روحاني إلى تصريحات علي خامنئي الذي كان أول من حذّر من “الإختراق الأميركي”. فقد أعلن، في شهر أغسطس، أن “الولايات المتحدة كانت تسعى، في إطار الإتفاق النووي، لشق طريق للتسلّل إلى إيران… سوف نسدّ ذلك الطريق سدّاً محكماً”.
بمواجهة تلك التوترات المتزايدة، انتقدَ الرئيس روحاني بحزم، في ٤ نوفمبر، الإعتقالات المذكورة وأولئك الذين “يسيئون استخدام” أقوال المرشد “لخدمة مصالحهم الخاصة”. وأعلن أنه “لا ينبغي أن نهمّش، أو أن نتّهم، أولئك الذين نختلف معهم في الرأي”.
أخيراً، فإن المنازلة الجارية بين حسن روحاني و”حرس الثورة” ترتبط، كذلك، باقتراب موعد الإنتخابات التشريعية المقررة في فبراير ٢٠١٦. ويمثّل ذلك مسألة حاسمة سواءً للمحافظين الذين يملكون أغلبية في “المجلس” حالياً، أو معسكر روحاني الساعي إلى تعزيز قواعده.
الأصل الفرنسي: