فكرة توريث السلطة في الأنظمة الجمهورية
فكرة خبيثة وقاتلة، ونتائجها وخيمة على كل
المستويات .
إنها لا تكتفي بقتل كل أحلام وطموحات
الشعوب في بناء دولة عزيزة وعادلة لكل
مواطنيها وحق كل مواطن فيها في الوصول إلى
أي موقع فيها بكفاءته وإبداعاته، بل أنها
تبدأ أول ما تبدأ بقتل السلطة نفسها،
والتعجيل بسقوط صاحبها وكل من أراد أن
يتملكها ويسعى إلى تأبيدها ومدها إلى ما
بعد الحياة الدنيا خلافا لقوانين الحياة
والسلطة معا.
في كتاب “الأطراف المعنية” لمحمد احمد
نعمان، أشار إلى حكاية غير موثقة ظلت
الطبقة السياسية اليمنية تتناقلها منذ
أكثر من نصف قرن، ومفادها أن عددا ممن تبقى
من ثوار 48م في سجن نافع الرهيب بينهم
“الارياني والنعمان” هم من ادخل فكرة توريث
السلطة إلى رأس الإمام احمد حميد الدين،
وما إن بدأت الفكرة تستقر في وعي الامام
المتهالك بالمرض والسن، وبدأ يعمل لها في
الواقع حتى كانت سببا رئيسيا في التعجيل
بتهاوي سلطته ودولة بيت حميد الدين برمتها
وعلى يد ولي العهد وبعد أيام معدودة من
وفاة والده.
لا مجال للمقارنة بين النظام الجمهوري
ونظام الإمامة في الفكر الزيدي فكل واحد
منهما له سياقه التاريخي والأيدلوجي
المختلف عن الآخر، ولكن هناك نقطة التقاء
جزئية يمكن الإشارة إليها في هذا السياق
وهي أن كلاهما يرفض فكرة توريث السلطة
للأبناء والأقارب، ولذلك فان رغبة الإمام
احمد بتعيين ابنه البدر وليا للعهد ومعرفة
الناس بهذه الرغبة لم تعمل شيئا لتثبيت
سلطة ولي العهد بقدر ما هزت شرعية سلطة
الأب الدينية في وعي الناس ولدى النخبة
الحاكمة والمتطلعة للحكم تحديدا الأمر
الذي عرض سلطة بيت حميد الدين بكاملها
للانكشاف وجعلها محلا للابتزاز اليومي من
قبل المتطلعين للسلطة من داخل الأسرة ومن
خارجها ، وهذا بالضبط ما يعاني منه رئيس
الجمهورية اليوم ومنذ اللحظة التي دخلت في
رأسه الفكرة الخبيثة فكرة “توريث السلطة” .
أنا على يقين أن رئيس الجمهورية لم يفكر
ولو للحظة واحدة بتوريث السلطة حين تولاها
عام 1978م في ظروف بالغة التعقيد والتداخل
على مستوى الداخل الشطري والمحيط
الإقليمي، وكيف له أن يفكر حينها بهذه
الفكرة الخبيثة وهو يعلم جيدا بأن النظام
الجمهوري هو من فتح له الباب واسعا ولغيره
من اليمنيين للوصول إلى المنصب الأول في
الجمهورية العربية اليمنية بدون أن يكون
له لا شرعية دينية ولا شرعية بطيخية ولا أي
مؤهل يذكر سوى انه طموح ومواطن يمني
بالدرجة الأولى وهو أمر يحسب له وليس عليه.
لقد اثبت الرئيس علي عبدالله صالح طوال
السنوات الأولى من حكمه انه يتمتع بالجرأة
والذكاء الفطري والقدرة على توسيع قاعدة
التحالفات الداخلية والإقليمية والدولية
لحماية سلطته وحتى قيام الوحدة اليمنية
ودوره المحوري فيها والرجل في أوج عطائه
وحيويته، غير أن الانتصارات السهلة التي
حصل عليها بالمجان وخلو الساحة من أصحاب
الهمم العالية وسقوط العديد من الرجال في
وحل الفساد وتحول العديد من المثقفين
ورجال الدين والكتاب والصحفيين إلى مجموعة
من الموظفين وحملة المباخر ومبرري
الأخطاء، هو من اخرج الرجل عن سياقه
الطبيعي وجعله يستسهل فكرة توريث السلطة
التي لن يورثها لأحد بعد أن يكون قد دمر كل
بنيانها من اجل فكرة وهمية هي فكرة تولية
منصب ولاية العهد لرجل غير طموح ولا شرعية
له سوى انه ابن رئيس الجمهورية .
التأمل في مشهدين
في ظل توريث الجمهورية اليمنية ثمة
مشهدان ينبغي التأمل فيهما الأول هو أن
سلطة الرئيس علي عبد الله صالح تضيق
مساحتها يوما بعد يوم وينفض من حولها
الحلفاء زرافات ووحدانا ويتنازع كعكتها
الأبناء وأبناء العمومة مثلما تتنازع
النسور والضواري بقايا جيفة في صحراء
قاحلة، ويتحول صاحب السلطة ورأسها إلى محل
للابتزاز من قبل الانتهازيين والمنافقين
والأفاقين من كل حدب وصوب..الخ
…. في المقابل هناك مشهد آخر من اللوحة وهو
اتساع شعور اليمنيين – كل اليمنيين –
بالقهر وبسقوط الأحلام الكبيرة والطموحات
الواسعة، والتأكد من أن فكرة التوريث
تلتهم اليوم وأمام أعينهم ثورتين
وجمهوريتين ووحدة وديمقراطية خلال سنوات
معدودة ودون أن تتيح لنفسها فرصة للابتلاع
والهضم والتجشؤ.
.كانوا يحلمون بأنهم سيكبرون بالوحدة وإذا
بهم يصغرون، وبأنهم سيغتنون بالنفط والغاز
والثروة السمكية وإذا بهم يزدادون فقرا
وبؤسا، وبأنهم سينعمون بنعمة الحرية
والديمقراطية وتتوسع خياراتهم بالأحزاب
والانتخابات وإذا بها تضيق بهم وتضيق
عليهم وتهمشهم وتقذف بهم إلى دائرة
الاقتتال والتطرف والتعصب والمعتقلات
والملاحقات.
إنها مفارقة عجيبة – ضيق السلطة من داخلها
واتساع الشعور بتوسعها من خارجها- ازعم
أنها سبب رئيس للحراك الجنوبي ولحروب صعدة
الدامية ولدعوات الانفصال والفدرالية
وثقافة الكراهية والاقتتال الداخلي وسبب
للتدخل السعودي والإقليمي والأجنبي في
شؤوننا الداخلية ولجعل اليمن وكل ثوابتها
وقيمها الوطنية على طاولة الجدل السياسي
والفضائي وعلى قائمة الخطر والدمار
والذهاب إلى المجهول.
ليس المطلوب من الأخ الرئيس المسارعة إلى
إقالة نجله من قيادة الحرس الجمهوري حتى
نقول بأنه ضد التوريث فقد تكون هذه الخطوة
غير واقعية في هذه اللحظة بالذات، فقط هو
بحاجة إلى تحريره من فكرة توريث السلطة
التي تبدو وهمية وغير منطقية وإذا ما حدث
وان تحرر من هذه الفكرة الخبيثة التي سيطرت
على وجدانه وشلت حركته وتفكيره فسيكون
الوضع أفضل والمشهد اليمني أجمل ،وسنفكر
بهدوء وروية معا وتجاه كل قضايانا
المصيرية .
يبقى أن أقول بان استعادة النظام
الجمهوري من براثن التوريث والتمليك
الفردي والأسري والمناطقي هي الخطوة
الأولى على طريق استعادة الوحدة
والديمقراطية والمواطنة، فهل نعمل وتعمل
أحزابنا لهذا الهدف الكبير والنبيل الذي
سيتوحد عليه اليمنيون ولن يكون في أي يوم
من الأيام مصدر انقسام بين الجنوب والشمال
وبين أبناء صعدة والمهرة وأكتوبر
وسبتمبر.
aleshteraki@gmail.com
تعليق واحد
استعادة الجمهورية أولا
موت صالح لن يضع نهاية الميثولوجيا – الثوريت الجبري- في اليمن .
لقد ورث الايرانيين في اليمن الشمالية وظيفة مستشارين للامام ابا عن جد بعد 1948, فلا شك بان الايرانيين هم الناطقين علانا لافكارالحكام الخفية في اليمن الشمالية مند دلك التاريخ الى اليوم- فالارياني يهدد العرب الاغنياء علنا , وهو بحد ذاتة الافصاح ما يدور في راس صالح – فالايرانيين مستشار الرئيس هم من يقفوا امام فكرة اعادت الجنوب الى احضان ( الام ) لارضاعها من ثدي الجاهلية العربية الاسلامية , الجنوب لم يكون حديقة لصنعاء ابدا . ابدا .
ان عام 1948 هي نقطة التحول الاساسية في الوطن العربي كاملا بظهور دولة اسرائيل – اول من قام بترحيل اليهود الى فلسطين هم الاتحاد السوفيتي , وايران وكدا ايضا شمال اليمن عبر مينا الحديدة اي ” الإمام “- التي كانت مثل المطر الساخن في يوم صحو وجميل,العروسة العربية كانت في نوم سعيد من الاحلام الوردية بعد ان تحررت من الدولة العثمانية بفضل الغرب ( لورنس) وليس هي كانت بحاجة الى التحرر والتقدم , وبدلا من الحرية والتقدم والازهار الطموح الشرعي لاي شعب مع مثقفية , جاء جأ لنا الجهل العربي العظيم مع النفط ( في مثل شعبي يمني قديم يقول: صحنا منة, جائنا حامل جدة ), بدلا من ان نتخلص من الدولة العثمانية كاستعمار اسلامي تركي , جائنا استعمار عربي اسلامي اكثر تخلفا وشراسة ,بسبب جهلة للعبة الدولية الكبرى , رغم ان الشرق معروف بالرفاهية الفكرية في السياسة لان السنوات المئة الاخيرة من حياتنا اصبحت تسود الشرق صلافة سياسية لا مثيل لها , لو تعيشوا في مجتماعات غير عربية سوف تدركوا الى أي درجة العالم يكرة الاسلام و العرب في السنوات الاخيرة الثلاثين وكيف مشوة سمعتنا , لقد ساهمت كل الاطراف في نشر افكار عنا , باننا مثل الاطفال نفرح عندما نعذب الاخرين لعدم الطاعة لقائد العصابة, على فكرة رئيس العصابة في المجتمعات العربية منتشر, وملحوظ بشكل واضح , ونبكي عندما نفقد العبة المحببة لنا الكرسي , التاريخ مليْ بالامثال . من هم الاسرائيلين قبل 1948؟ , اين هم اليوم؟ , قريبا رئيسهم السابق سوف يقدم للمحاكمة للتحرش بالنساء , صالح تحرش على شعب كامل , مع قيادتة وشعبة وارضة, والعالم العربي يتغنى بالوحدة العربية , لقد فشلت و انتهت الوحدات في الوطن العربي مرة والى الابد استقيضوا من النوم , بداء بتدمير الوحدة صدام , وانهاها صالح ليس بدون مساعدة الايرانيين مستشارين الامام مند عام 1948 في ثوريت السلطة .
صاح جاء لنا باغنية الوراثة بعد 1994 ونهاية عصر صدام ,كان لابد ان بصل الة هدة الفكرة في نهاية المطاف ,كنهاية طبيعة لاي دكتاتور , واليمن ليس استثناء على القاعدة العربية ,
-“على دكرالنبي القاعدة ” القاعدة منظمة ارهابية يجري تولى السلطة فيها ليس بالوراثة هدا استثناء عن القاعدة في الوطن العربي التي تحارب الارهابي الديمقراط في عملية تولي القيادة المكشوف في تولى القيادة – فهناك طابور من الابناء جالسين في الكرسي الاحتياطي للسلطة, في انتظار موعد مغادرة ابائهم طوعا او كرها من كرسي السلطة , الكرسي المدهون بالعسل والصمغ , للا نتصاب على راس السلطة متى سنحت الفرصة المناسبة , قطر مرت بهدة الحدث عام 1995 بطريقة ذكية , الابن كان بحاجة ماسة للسلطة الان وهنا , فخرج عن المعتاد .
فادا فشلت محاولة صدام الوراثية في العراق لاسباب كثيرة اهمها انفصال الطبقة الحاكمة عن الواقع كاملا بعد الهزيمة النكراء في بداية 1991 فان ابنائهم لازالوا يؤمنون بالاعجبة . ماذا فعلوا اطفال صدام في داخل العراق يمكن ان ندرك الى أي درجة كانوا كلهم ( الاسرة ) تعاني من مرض الانفصام مند زمنا طويل أي مند ظهور صدام على الحياة 1937 . فالاسديين في سوريا كانوا اكثر حظا من الصداميين و من القيادة المصرية ,اما اليمن فاصبح موضوع الوراثة هو الهروب من المحاسبة اولا قبل كل شيء, خاصة بعد احداث العراق في مارس 2003 , عندما احذية الجيوش الغربية بدأت تزحف على – ممتلاكاتهم الخاصة – على الصحراء العربية الكبرى…….. .
اما اوضاع ليبيا اكثر درامة , لانها تكرر قصة صدام وابناؤة , لن نطيل الحديث كل العادة بل نريد ان يدرك القاريْ العزيز ان وضع المللوك ,السلاطين ,الاممة, سنة ,شيعة, وان عادوا فقط لوقتا قصير في الوطن العربي لن يضل الوقت طويلا لعبثهم المستمر, لان العالم يشهد تحولات تكنالوجية بشكل سريع , فالحروب القادمة من اجل الموارد الخامة وكدا الاسواق لتصديرها يسير بخطوات ثابتة في اتجاة الوطن العربي , حرب سلايعة النتائج , فالعراق هو اول اوراق الربيع ( في اليابان يسمى هدى الوقت عندما- ساكورا- تتفتح الزهور ” على شجرة فيشنا” بالروسية لا اعرف بالعربية ترجمتها للاسف الشديد ( (Cherry)) , وفي الحروب الاقتصادية كل الوسائل نافعة من دعاية وتحريض, ومدفعية من طراز جديد , وقبلات وهمسات, لقد تم استمعار عدن من قبل بريطانيا في يناير عام 1939 بحجة ان الصيادين العدنيين سرقوا من السفينة البريطانية التجارية- المدججة بالمدفعية الحديثة – بعض من البضائع , وادا لم يدفع ثمنها الباهض حاكم عدن سوف تشب حرب بين بريطانيا والسطان , صدام بغباء كرر موقف السلطان ,, ولكن ليس بضاعة انما ملح في قنيية صغيرة اسمها الاسلحة الفتاكة ضد البشرية المتحضرة وعلى راسهم اسرائيل ,كهدا تم استعمار عدن اكثر من 130 عام, الان بغداد , ورحلت بريطانيا والان ستعود من جديد والسلاطين والإئمة في اليمن لم تتغير عقليتهم, لا زالوا يتحاربوا فيما بينهم من اجل شقة ,حديقة ,مزرعة انهما مهزلة تاريخية عجيبة ! .
للاسف الشيد رجل جمهوري كان جندي في ثورة 1962- (السادات كان يسمية بالطريقة المصرية ” شاويش صالح” تعال هنا, روح هناك )- يتحول الى كهنوتي مع مر الزمن , فقد قلنا تناوبوا سلميا بالسلطة يا امة العرب قبل ان تتحول الى “مونستر ” لان السلطة تفسد الحجر ما بالكم بالبشر ,من هم من لحم وعظم , فصالح هو احد اشكال الانظمة في الشرق تعتي , ومن ثمة تخاف من المحاسبة , فلا تخاف ياصالح بعد الموت ادا نزعوا جلدتك , فانت جسد هامد , والجسد الهامد لا يشعر بالأم ,لانة تجرد عن الحياة والانسانسة مع بعض بتحالفاتة مع الشيطان من اجل الكرسي , من اجل تخليد الزيديين في اليمن , فلا بد ان من دفع ثمن غطرستك في صيف 1994 عاجلا او آجيلا, اللة يمهل ولا يهمل ابدا, فالرب يسمع الدعاء الصادق في اسقاط هدا النظام , انا من اجل المشاركة بروح رياضية عالية فقط, ادعوا اللة في نهايتك نظامك العشوائي الهمجي , ليس لديا طموحات مثل غيري من يطموحوا في الوصول الى السلطة , ليس لدي ادنى طموح اطلاقا , انا فنان تشكيلي قنوع في نشاطي الفني , اما السياسة فهي بلا اخلاق اولا فمن الافضل الابتعاد عنها من اجل الحافظ على نقاوت روحي, وثانيا انا غادرت اليمن عام 1982 فلا اعاني من الهلوسة وانفصام شخصي في العودة لعيش في اليمن بعد 27 عام من الهجرة المجبرة في البداية بسبب الحزب الاشتراكي الان بسبب صالح بعد الجريمة و المأساة الكبرى اليمنية عام 1994 .
فموت صالح ليس نهاية المطاف في الوطن العربي وبشكل خاص اليمن , انما بداية الطريق
لحروب مريرة بين الجميع ضد الجميع , قنبلة مؤقتة تنفجر في كل بلد يختار طريق الجهل و التخلف والوراثة – جمهوري او ملكي, إمامة او سلطنة ,جماهيرية , دكتاتورية – رمزا لة .
موسكو.