استطلاعات الرأي أحد أهم أدوات التحليل الإجتماعي والسياسي، ولكنها عموماً غائبة عن المجتمعات العربية، أحياناً لأنها تزعج الأنظمة التي لا تحسب حساباً للمواطن أو للرأي العام. سبق لـ”الشفاف” أن نشر استطلاعات سابقة أجرتها د. فاطمة السالم، آخرها كان عن موقف الرأي العام في بلادها من “داعش”. ولا يكشف الإستطلاع الجديد مفاجآت، سوى أنه يؤكد استياء الرأي العام في الكويت من أداء خدمات التعليم التي لا تليق ببلدٍ كان “الرائد” في منطقة الخليج، وأيضاً في مجال الخدمات الصحية رغم سخائها على المواطنين والمقيمين.
ويتمنى “الشفاف” لو تكاثرت استطلاعات الرأي في كل المنطقة العربية، التي تظل قارة مجهولة في هذا الميدان.
بيار عقل
*
كشفت نتائج استطلاع للرأي العام الكويتي حول اداء الدولة (حال مؤسسات وافراد الدولة) أن 42.7 % من الكويتيين غير راضين بشدة عن التعليم في الكويت في حين تبين ان 39.7 % غير راضين بشدة و13.5 % غير راضين عن اداء الخدمات الصحية من مستشفيات وخدمات صحية تقدمها الدولة.
في المقابل، أظهر الاستطلاع الذي أجرته “القبس” أن اكثر من ثلث المواطنين (بنسبة 37.8 %) راضون «بشدة» عن مستوى الحريات العامة في الكويت و36.5 % من المواطنين راضون «بشدة» عن سياسة الكويت الخارجية على سند من الدورين الدبلوماسي والسياسي الذي لعبتهما الكويت في مبادرة الصلح الخليجية ودور الكويت الفاعل دوليا والذي توج بمنح سمو الأمير لقب القائد الإنساني.
وركزت الدراسة على قياس توجهات المواطن الكويتي حيال اداء للدولة بشكل عام من خلال قياس آرائهم حول اداء اجهزة الدولة المختلفة ورأيهم حول الاداء العام في ميادين مختلفة ومدى موافقتهم على مستوى المعيشة العام للاسرة الكويتية في ظل ما توفره الحكومة.
أداء الصحة
وقد تبين من النتائج ان 39.7 % من الكويتيين غير راضين بشدة عن اداء الخدمات الصحية في الكويت و13.5 % غير راضين عليها، أي أن نسبة عدم الرضا العام عن مستوى الخدمات الصحية تجاوزت 50 %.
في المقابل بلغت نسبة الرضا عن اداء الحكومة بشأن الصحة 15 % و9.8 % راضون بشدة.
التعليم الأكثر سوءاً
حصل التعليم في الكويت على النسبة الأكثر من حيث عدم قبول الاداء العام، حيث بلغت نسبة الكويتيين غير الراضين بدرجة كبيرة على اداء الحكومة في التعليم 42.7 %، في حين بلغت نسبة غير الراضين 16.8 % مما يشير الى ان اكثر من نصف المواطنين غير راضين عن اداء التعليم في الكويت من مناهج ومخرجات تعليم ومدارس وجامعات.
في المقابل اكد 8 % من الكويتيين موافقتهم على الأداء الحكومي في التعليم، و10.1 % راضون بدرجة كبيرة.
انتشار العنف
وانسجاما مع تنامي معدلات جرائم العنف أخيرا تبين أن نسبة الكويتيين غير الراضين عن أداء الحكومة للحد من انتشار العنف بلغت 42.4 %.
وفي مؤشرات مثيرة للقلق، تبين من النتائج ان 26.2 % من الكويتيين يلتزمون موقف الحياد حيال الاداء العام في مسألة الاخلاقيات العامة في الدولة، الا ان النتائج تشير الى ان 9.7 % من المواطنين راضون عن الأداء العام تجاه الاخلاقيات العامة و16.7 % راضون بدرجة كبيرة. ومن جهة اخرى تبين ان 43.3 % من الكويتيين غير راضين عن وضع الاخلاقيات العامة في الكويت.
السياسة الخارجية
وتشير نتائج الدراسة الى ان 53.2 % من الكويتيين راضون عن سياسة الكويت الخارجية و25.3 % امتنعو عن الاجابة، وتأتي تلك النتائج متناغمة مع مكانة الكويت عالميا لا سيما في ظل لقب «قائد الإنسانية» الأممي الذي استحقه سمو الأمير والدور الذي لعبته القيادة السياسية على مستويات رأب الصدع الخليجي والعربي، فضلا عن الدور الإنساني العالمي.
وخلافا لتنامي الحديث في الآونة الاخيرة عن تدني مستوى الحريات العامة في الكويت كشفت نتائج الدراسة أن 37.8 % من الكويتيين راضون بدرجة كبيرة عن الاداء العام للدولة اتجاه الحريات، فيما بين 20.5 % من المواطنين رضاهم.
وفي المقابل اوضحت النتائج ان 11.3 % غير راضين بدرجة كبيرة عن مستوى الحريات العامة في البلاد.
مؤشرات متباينة
تزامن الدراسة التي أجرتها القبس مع أزمات وقضايا محلية وإقليمية عكس مؤشرات متباينة بشأن تقديرات الرأي العام عن حال الدولة، ففي حين استدر إغلاق جريدة الزميلة “الوطن” تجاذبات على مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن نسبة الرضا عن مستوى الحريات العامة في الكويت جاءت مرتفعة بنسبة بلغت 37.8 % من الراضين بشدة. في المقابل، انعكست القرارت العشوائية، وتراجع مستوى الخدمات بالدولة على مؤشرات الرأي العام بشأن الخدمات ــــ في شؤون الصحة والتعليم ــــ وغيرها، إذ تبين أن نسبة تزيد على 50 % غير راضية عن مستوى الخدمات المختلفة.
غالوب الأميركية
استندت الدراسة على دراسة سنوية تقوم بها مؤسسة غالوب الاميركية لقياس الرأي العام حول ما يطلق عليه «حال الأمة» من خلال عرض مجموعة مؤسسات وقيم اخلاقية ومعرفة درجة الرضا العام عنها.
672 عيّنة عشوائية
شملت الدراسة 672 عينة عشوائية هاتفيا من المواطنين، حيث تم اختيارهم بشكل علمي على شريحة عشوائية لتمثل جميع شرائح المجتمع الكويتي في الفترة من صباح 4 فبراير 2015 الى مساء 11 فبراير 2015 وبلغ مستوى ثقة الشريحة 95 % ونسبة الخطأ الاحصائي 3.78 % .
وشملت العينه 52.2 % ذكوراً و47.8 % اناثاً تتراوح اعمارهم من 18 سنه فما فوق، متوزعة على محافظات الكويت جميعا، وتم اختيارها بشكل عشوائي، اي كان لكل فرد فوق 18 عاما ذات الفرصة بأن يكون من ضمن عينة الدراسة.
وقد بلغ مستوى الثقة 95 % بمقدار خطأ مقبول احصائيا 3.78 % للعينة المستخدمة لتمثل حجم المجتمع الكويتي كافة وبامكانية تعميم النتائج على كل المجتمع.
عضو هيئة تدريس في جامعة الكويت – قسم الإعلام
نُشِر في “القبس“