يثور الشباب العربي في معظم الدول العربية ضد حكوماتهم، مطالبين بتغيير أو استبدال أنظمة الحكم، لأسباب لا تتعلق بأي قهر أو ظلم أو كبت حريات أو بطالة أو فقر معاذ الله، ولا هو انقلاب على الأنظمة الدكتاتورية لا سمح الله، هم فقط يبحثون عن الآخر المختلف.
في إحدى «تغريداته» اقترح مشاري بويابس، وهو مغرد كويتي ذو «دم زي العسل»، أن يتم استبدال الشعب بغيره بدلا من «كركبة» استبدال أنظمة الحكم، مع الاحتفاظ برئيس الوزراء الأصلي للبلد، فربما يكون الخلل من الشعب نفسه وليس من النظام. عندها قد يكف الشباب عن مطالباتهم ويرضون ويسكتون و«يبطّلون» تظاهرات. طبعا ستعتقدون أننا سنستبدل شعباً عربياً بشعوب سويسرا أو هولندا أو اليابان. لا يا أعزائي.. الطمع مكروه، ثم إن «حلاة الثوب رقعته منه وفيه»، ومن الأفضل أن «نخلي زيتنا في دقيقنا»، يعني نبقى في محيطنا حتى لا نشعر بالغربة.
إذاً بدلا من تغيير الأنظمة التي باتت مهمة صعبة وثمنها «دم»، تعالوا نستبدل الشعوب بعضها ببعض. فلنجرب مثلا أن نأخذ الشعب اليمني ونضعه في تونس، وشعب مصر ونضعه في الأردن، والشعب اللبناني ننقله للجزائر، والشعب الكويتي نوديه لبنان (واضح عنده واسطة)، والشعب السوري نوديه السودان.. وهكذا! أعجبتني الفكرة ورحت أفكر في الفوائد التي ستعود علينا في حال طبّقنا هذه السياسة «البويابسية» نسبة الى مطلقها:
أولا: وبادئ ذي بدء، نضمن «تغيير الجو» للشعوب، فلقد ملّ الناس من «الروتين»، والتغيير صحي ويفيد في تنشيط المخ والأوعية الدموية.
ثانيا: نضمن تشجيع السياحة، فالشعب المقيم في بلده حفظ آثاره ومناطقه السياحية عن ظهر قلب، فعندما نأتي بشعب جديد، نضمن تشجيع السياحة المحلية على يد الشعب الجديد.
ثالثا: سيتمتع الشعب الجديد بتناول أطباق جديدة مختلفة عن أطباقه المعتادة، فآكلو المجبوس مثلا سيتناولون الكسكسي، ومحبو المسخن سيستمتعون بأكل الكبسة، والذي تربى على المسكوف يمكنه تجربة المجدرة.
رابعا (والأهم): عند استبدال الشعوب بعضها ببعض، سيتسنى لكل شعب، بعد انتقاله ورؤية «بلاوي الشعب الآخر»، تقدير ما كان يتمتع به في بلده سلباً وإيجاباً، وسيعود لبلده الأصلي شاكرا ممنونا، ساكتا على كل السلبيات بعد أن رأى مصيبة غيره، فهانت عليه مصيبته.
خامسا (والأهم من الأهم): ستستريح الأنظمة العربية قليلا، فتسترخي أجهزة الأمن في الدول التي تشتعل بها الثورات، وتستقبل شعباً جديداً تعيد «تدجينه» كما دجنت من قبله. وعلى هذا المبدأ يمكن للأنظمة توفير الكثير من الأموال المهدورة على مكافحة الثورات، كالرصاص المطاطي و«الحي»، والغازات المسيلة للدموع، وباقي ما تبقى من أساليب القمع، والتركيز على عملية غسل أدمغة الشعب الجديد.
وكما قال الشاعر: «إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يتم البدل»!
dalaa@fasttelco.com
* كاتبة كويتية