المركزية- كان المسؤولون الايرانيون يؤكدون حتى الامس القريب أن أمن بلاهم ممسوك بقبضة من حديد وأن شبح الارهاب الذي يرعب العالم، غير قادر على النفاذ الى الاراضي الايرانية بفضل تفوّق الأجهزة الامنية والعسكرية، حيث أعلن مسؤول العلاقات العامة في الحرس الثوري رمضان شريف منذ أشهر أن “تنظيم داعش لم يستطع تنفيذ أي خرق أمني في ايران لتوظيفه اعلاميا”، وذهب الى حد القول “لا يوجد مكان في العالم مثل ايران حيث يستطيع المسؤولون أداء مهامهم بمنتهى الامن والاستقرار”.
الا ان هذه الصورة التي تحاول القيادة الايرانية تسويقها، لم تعد بعد اليوم تعكس حقيقة الواقع في البلاد بحسب ما تقول مصادر دبلوماسية لـ”المركزية”. فالامن الايراني تعرض صباحا لأخطر خرق منذ انتصار “الثورة الاسلامية” عام 1979، تمثل في هجوم مزدوج استهدف بالتزامن مجلسَ الشورى الايراني وضريحَ زعيم الثورة الاسلامية آية الله الخميني (صورة المقال)، بما يحمله من رمزية ودلالات، أسفر عن سقوط ما لا يقل عن 12 قتيلا و40 جريحا.
وقد تبنى “داعش” العمليتين حسب ما نقلت وكالة “أعماق” التابعة للتنظيم. وفي التفاصيل -التي بدا لافتا خروجها بقوة الى الضوء هذه المرة، اذ غالبا ما تسعى ايران الى “تغطية” اي خضات تشهدها سياسيا او امنيا، بحسب المصادر- أوضح نائب وزير الداخلية الإيراني أن منفذي الهجوم على البرلمان تنكروا بملابس نسائية ودخلوا المبنى من البوابة الرئيسة.
وأفادت المعلومات أن الهجوم المسلح على مجلس الشورى الواقع وسط طهران، أسفر عن سقوط 7 قتلى واحتجاز رهائن، وأن أحد المهاجمين أقدم على تفجير نفسه. وبعد ساعات من الاشتباكات مع قوات الامن التي أحضرت تعزيزات الى المكان، انتهى الهجوم بمقتل جميع المسلحين بحسب المعطيات.
أما في مرقد الخميني، فأفيد ان مسلحين فتحوا النار قبل أن يفجر أحدهم نفسه وقد ذكرت وكالات ايرانية ان الانتحارية امرأة. واذ أشار بعض وسائل الاعلام الى ان قوات الأمن في المكان تمكنت من قتل مهاجم آخر واعتقال امرأة كانت مع المجموعة الارهابية، كما أبطلت مفعول قنبلة قبل ان تنفجر، أعلن وزير الداخلية الإيراني عن عقد اجتماع أمني طارئ، في وقت طلبت وزارة الاستخبارات الإيرانية من المواطنين عدم استخدام المواصلات العامة.
وفي أعقاب الانتكاسة الامنية هذه، غير المسبوقة منذ عقود، سارع رئيس البرلمان الايراني علي لاريجاني الى التأكيد أن ما حصل “لن يؤثر في حربنا على الارهاب”. الا ان المصادر تقول ان على الجمهورية الاسلامية قراءة الرسالة الدموية القاسية التي وجهها “داعش” اليها بتمعّن، وأن تعيد النظر في سياساتها في المنطقة. فدعمها لنظام الرئيس السوري بشار الاسد وللحوثيين في اليمن وللحشد الشعبي في العراق يساهم في تغذية النقمة عليها في تلك البلدان، ويغذي التطرف والارهاب السني الذي تمكن في نهاية المطاف من تسديد ضربة قوية لطهران في عقر دارها. لكن ليس هذا الاستهداف وحده ما يجب ان يدفع ايران الى مراجعة حساباتها، تتابع المصادر، بل هو يضاف الى واقع جيوسياسي جديد بدأ يرتسم في المنطقة بعد انتخاب الرئيس الاميركي دونالد ترامب وعزمه على تطويق النفوذ الايراني بالتعاون والتنسيق التامين مع الدول الخليجية وعلى رأسها السعودية، بعد ان كان سلفه باراك اوباما همّش الخليجيين ووضع يده في يد ايران موقعا معها الاتفاق النووي. وعلى ايران التعاطي مع توازن القوى الجديد بأسلوب أكثر مرونة وليونة، بحسب المصادر.
وكان انفجار وقع بعد منتصف ليل السبت الماضي في مركز تجاري وسط مدينة شيراز” الايرانية أدى إلى إصابة 35 شخصا بجروح، بقيت أسبابه طي الكتمان. كما قتل 26 شخصا في كانون الثاني الماضي جراء انهيار مبنى في أعقاب حريق وسط طهران، أرجعه مسؤولون إلى “ماس كهربائي”.