لم يأت الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد على ذكر سورية في خطابه امام الجمعية العامة للامم المتحدة الاسبوع المنصرم. اسهب في الحديث عن الامام المهدي وظهوره. وصف خطابه بالهادىء غير التصعيدي، ولم يتناول الملف السوري رغم الانخراط الايراني فيه، لكن علي اكبر ولايتي، مستشار الشؤون الخارجية للمرشد الاعلى السيد علي خامنئي، قال السبت الفائت من طهران ان “الرئيس السوري بشار الأسد سيدحر الانتفاضة عليه محققا نصرا على الولايات المتحدة وحلفائها في خطوة ستكون ايضا نصرا لإيران”.
يعكس موقف ولايتي النظرة الايديولوجية للسياسة الايرانية بكل ما تحمله من استعدادات لاضفاء بعد ايديولوجي في مواجهاتها في المنطقة لاسيما في تبنيها لنظام الاسد ويكشف بوضوح ان ايران طرف صريح في المواجه في سورية وفي صف الاسد، وبات، كما يقال، “اللعب على المكشوف”. هذا بعد تجاوز العامل الاخلاقي، الذي فرض ربما على الموقف الايراني في وقت سابق عدم التبني الصارخ للنظام السوري. فما هي الاسباب التي تدفع ايران الى اللعب على المكشوف في سورية؟
تقول ايران اليوم ان لا حلّ من دوني في سورية حتى لو سقط النظام
تنطلق سياسة “اللعب على المكشوف” هذه من اقتناع لدى ايران بان نظام الاسد غير قابل للحياة من جهة، ومن حقيقة موازية له مفادها ان الادارة الاميركية لا تريد التدخل لسبب بسيط وهو ان نظام مصالحها لم يمَس من جهة ثانية.
وبحسب المتابعين لموقف إيران، فان سقوط نظام الاسد ستكون له تداعيات على موقعها الاستراتيجي وسيحمّلها اعباء قد تنوء بحملها في المنطقة. وازاء هذه الحقائق، وعلى ايقاع المقولة الشهيرة ان “لا حرب بلا مصر ولا سلام من دون سورية”، تحاول ايران اليوم فرض معادلة ان لا حل من دوني في سورية حتى لو سقط النظام، وتلوح لخصومها انها تمتلك اوراقا عدة لم تستخدمها بعد.
ولعل موقف ولايتي عن حتمية انتصار الاسد، يعني ان ماكينة القتل والتدمير التي يستخدمها النظام ستستكمل دورتها وما يجري في حلب يظهر كفاءة عالية للنظام في تحقيق هذا الهدف وهو نموذج تكرر وسيتكرر لاحقا. كما سيفاقم الموقف الايراني من تسعير الموقف المذهبي، مع عدم تهيبه الدخول في هذا النفق حتى نهاياته، مع ترسخ حقيقة ان نظام الاسد فقد اي فرصة لحكم سورية مستقبلا لدى الجميع. رغم ان نظام الاسد باتت لديه قوة مقاتلة يستند اليها بشكل كامل، فهو انتقل الى مرحلة تركيب قوة عسكرية امنية غير نظامية ومنفصلة تماما عن المؤسسة العسكرية التي يتم الاستغناء عنها عمليا. وأشارت بعض الوكالات الغربية الى ان “ايران تقوم بتدريب 60 الف عنصر سوري في اطار تشكيل اطار امني وعسكري على نسق الحرس الثوري الايراني”. وهذه القوة ذاتها بتنظيمها الخاص قادرة على القتال والتدمير وعلى الانتقال بشكل تلقائي ومدروس لتشكل نواة عسكرية -امنية للدولة العلوية المفترضة، فيما لو استمر الاصرار الدولي، والتركي تحديدا، على اسقاط النظام بمعزل عن اي تسوية مع ايران.
محظور التدخل العلني في سورية تتجاوزه ايران تدريجيًا من النفي المطلق الى الحديث عن دعم متنوع للنظام الى مزيد من التصريح في الآتي من الايام بالانخراط في المواجهة، إذ أصبحت معركة دمشق بين المعارضة و”النظام” معركة طهران المتقدمة دعما للاسد. فبعدما كان الاعتقاد ان الجهد الايراني في المعركة الكبرى سيكون من جنوب لبنان ومن غزة انتقل الى دمشق. وهذا وحده كفيل بأن تبقى واشنطن على موقفها من عدم التدخل في سورية، وكفيل ايضا بأن يجعل اسرائيل تركز تهديداتها مباشرة على طهران من دون ان تصوب سهامها باتجاه لبنان ولا غزًة.
alyalamine@gmail.com
كاتب لبناني
البلد