حتى الآن، ظلّ تذمّر الإيرانيين من المليارات التي يخصّصها نظامهم لتمويل “حزب الله” وغيره من الجماعات التابعة خافتاً. ولكن تصاعد الضغوط على الطبقات الفقيرة في إيران يمكن أن يدفع هذا الموضوع إلى الواجهة.
تفيد آخر الأنباء أن الإيرانيين الغاضبين أشعلوا النار في 19 محطة وقود على الأقل وهتفوا ضد الرئيس الإيراني أحمدي نجاد. ونقلت وكالة “فارس” عن أحد القضاة أن الشرطة اعتقلت 80 مواطنا ًمن المحتجّين. كما أفادت المعلومات أن محطات بنزين أخرى تعرّضت للرشق بالحجارة في حين كان الناس يهتفون ضد أحمدي نجاد. وحدثت معظم عمليات إحراق محطات البنزين في أحياء طهران الفقيرة، أي من جماعات “المحرومين” الذي يدّعي النظام النطق بإسمهم.
ويردّد الناس ما قاله سائق تاكسي لمراسل رويتر: “نحن نسبح في بحر من النفط، وكل ما يهم السلطة هو ممارسة الضغوط على الناس.”
وأفادت تقارير صحفية أن أعمال الشغب امتدّت لمدن إيرانية أخرى، وخصوصاً منطقة الأهواز وبقية مقاطعة خوزستان. ويبدو أن أحد أسباب الإحتجاجات هو أن رفع أسعار البنزين ترافق مع ارتفاع كلفة التاكسي والباصات إلى ما يتراوح بين 3 و5 أضعاف.
وفي تبريز، أعرب الناس عن إستيائهم لأن رفع أسعار البنزين أدى إلى ارتفاع أسعار اللحوم والحبوب والأرز والفواكه. ويتذرّع التجّار برفع أسعار البنزين لتفسير ارتفاع أسعار المواد الغذائية.
ما يلي تقرير جريدة “الحياة” حول احتجاجات طهران:
طهران – حسن فحص
لم تمض ساعات على إعلان وزارة النفط الإيرانية بدء تطبيق برنامج تقنين استهلاك البنزين، حتى اندلعت أعمال عنف في محطات الوقود التي اصطفت أمامها طوابير طويلة من السيارات. وأحرقت في طهران وحدها 12 محطة وقود بحسب رجال الإطفاء، فيما لحقت أضرار بمحطات اخرى.
وسجلت صدامات بين عناصر الشرطة وسائقين غاضبين، ركنوا سياراتهم وسط الطرق السريعة والداخلية، ما تسبب في قطعها. وتناول محتجون بالصراخ والشتم أصحاب اللحى والمصورين والصحافيين وكل من يستخدم هاتفاً نقالاً، فيما طلبت وزارة الإعلام الإيرانية من الصحافة الأجنبية عدم بث صور تظهر أعمال الشغب والحرائق.
ومع تحوّل الطرق إلى مواقف سيارات مزدحمة، رشق متظاهرون عناصر الأمن بالحجارة ورددوا شعارات مناهضة للرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد. وتردد ان متظاهرين هتفوا «الموت لنجاد» الذي وعد في حملته الانتخابية العام 2005 أن يفيد الإيرانيون من العائدات المالية للنفط.
وتطورت الاحتجاجات في شرق العاصمة إلى أعمال شغب وسرقة لمراكز تجارية وقتل حارس إحداها لدى محاولته التصدي للمشاغبين. وطاولت الاحتجاجات، خارج طهران، مدينتي بيرجند (خوزستان الجنوبية) وتبريز (محافظة اذربيجان) التي شهدت قبل شهر أعمال شغب وإحراق محطات وقود، ما اجبر السلطات على إلغاء العمل بالبطاقة الإلكترونية المعتمدة في التقنين.
وجاء قرار تقنين البنزين مفاجئاً، إذ سرى مفعوله بعد ساعات على إعلانه. وينص على تحديد حصة كل سيارة بمئة ليتر بنزين شهرياً، وذلك لمدة أربعة شهور قد تمدد شهرين إضافيين.
ورفض نائب رئيس مجلس الشورى محمد رضا باهنر طلب نواب إيرانيين مناقشة خطة التقنين، فيما اعتبر نجاد ان «فوائد الخطة ستظهر مستقبلاً»، وأيده بذلك رئيس مجلس الشورى غلام حداد عادل الذي قال ان القرار «يصب في مصلحة الأمة».
من جهة أخرى، استبعد عادل ان تشن أميركا هجوماً على إيران. وقال في مؤتمر صحافي ان «صانعي القرار الذين أوجدوا مشاكل للمنطقة قد يتخذون قرارات طائشة كهذه لكن هذا الأمر مستبعد جداً». وأضاف: «نحن لا نرغب في صراع لكننا جاهزون دائماً للدفاع عن البلاد». ووصف الحديث عن هجوم على إيران بأنه «حرب نفسية ووسيلة لإثارة الخوف لدى دول الجوار التي تدرك ذلك اكثر منا».
في المقابل، اعتبر المندوب الأميركي السابق في الأمم المتحدة جون بولتون ان الخيار العسكري بات الخيار الوحيد المتبقي لمنع إيران من تطوير سلاح نووي بعد فشل العقوبات الديبلوماسية.
ونقلت صحيفة «جيروزاليم بوست» عن بولتون قوله ان الأسوأ يتمثل في ان إدارة الرئيس جورج بوش لم تقر بعد بأهمية الوقت، وبأن الخيارات محدودة الآن بين إمكان تغيير النظام من الداخل او التدخل العسكري. وقال بولتون انه «قلق جداً» على رفاه إسرائيل.
الحياة