( صندوق مستورد من أوربا وحبر سري)
لا أحد يستطيع أن يتحدث عن الإنتخابات السورية بنزاهتها وديمقراطيتها المحلية التي لا تحتاج الى أية نماذج من الديمقراطية الاوربية أو الامريكية، وهذا النموذج الوطني من الديمقراطية أفضل بكثير من النماذج ذو الماركات الأجنبية ( لأننا نحب الصناعة الوطنية ) وهذه الصناعة الوطنية لا أحد يستطيع صنعها سوى حزب البعث العربي الإشتراكي في عصر العولمة، فهو القدير والكفؤ لإنتاج الماركة المسجلة.
كثر القيل والقال حول الإنتخابات في سورية، والعديد من التساؤلات حول تسيير هذه العملية، منهم من عقد الآمال وآمن بمسيرة الإصلاح والتطوير، وأن هناك فتح مجال للمواطن لترشيح نفسه والإدلاء بصوته حرا، ومنهم من فقد الأمل من أي تغيير في إسلوب السلطة بقيادة البعث، ولا تغيير في هذه القيادة الشمولية التي ترى بأن سوريا الوطن ملك لها، وإن البعث هو الحامي الوحيد، ولا احد يستطيع تغيير هذه الآية.
ان المعارضة السورية ” العربية والكردية ” والقوى الديمقراطية والعديد من المنظمات الحقوقية في سوريا أدركت بأنه لا جدوى من هكذا نظام في تطبيق الديمقراطية ولو ليوم واحد كي يدلي المواطن بصوته حراً او ان يرشح نفسه، والمشكلة ليست هنا… ! حيث إن لم يتم الإعتراف بالتعددية الحزبية في سورية، فلا يمكن للأحزاب أن تمثل نفسها أو تمثيل الشعب بهكذا إسلوب إنتخابي وهكذا قوائم، لذلك قاطعت هذه القوى الإنتخابات بشكل حاسم وقوي، والبعض من الأحزاب فهمت ذلك بعد ” بنتين وصبي”، بعد أن رأت بأم عينيها التصرفات التعسفية من قبل النظام الأمني وأزلامه. ولكن ما الفائدة بعد أن لعبت دورا في تقسيم الصف الديمقراطي.
نعم، الجديد في الدورة التشريعية التاسعة لمجلس الشعب، هو الريكلام لصندوق الاقتراع الشفاف، وذو المزايا الخاصة التي استوردت من اوروبا بشكل خاص لهكذا عملية، رغم إننا لسنا بحاجة الى صناديق، وإنما صناديقنا الوطنية التي إعتدنا عليها كانت أفضل، والثاني هو الحبر الذي أسموه بالسري، الا انه ليس سرياً، وعلى ما اعتقد بإن هذه الطريقة نقلها أردوغان لسوريا، كونه يستخدم في تركيا الطريقة نفسها لكي يدلي كل مواطن لمرة واحدة بصوته، حتى لا يحدث تلاعب أو شيء من هذا القبيل، فلم تكن الحاجة الى هذا الحبر وهذه التكاليف، لأنه رغم ذلك امتلأت الصناديق من قبل اللجان البعثية السرية للقوائم الجاهزة والقائمة السوداء التي تسمى بالظل. وكانت الدعاية للصندوق والحبرالسري أكثر كونها تمثل ديمقراطية الصندوق والحبر، وهذا ان دل على شيء فإنه يدل على ديمقراطية النظام المصندق والمحبر، وغدا ستتحول قاعة مجلس الشعب الى مهرجان خطابي وكأنك في سوق عكاظ وقاعة إلقاء القصائد والشعر والهتافات والتصفيق، وسترجع حليمة بإدامة عادتها القديمة، وهذا البرلمان لا يمثل الشعب السوري وإنما يمثل النظام البعثي الأمني الشمولي.
فهل ستتوقف المعارضة في وضع المشاهد لهذه المسرحيات والسيناريوهات، أم أنها سترفع صوتها في وجه هكذا أساليب و هكذا ألاعيب؟، وهل ستنتظرأم أنها ستتبع إسلوبا نضاليا أكثر نشاطا؟، وماذا بوسع المنظمات الحقوقية والإنسانية أن تفعل في ظل هذا الوضع المأساوي والمزري؟ والى متى سننتظر الحرية والديمقراطية في هذا البلد والوطن ليعيش المواطن حراً نبيلاً؟.
daudcicek@yahoo.com