في جريدة «الأهرام» بتاريخ ٧ ٨ ٢٠١٠ قرأت خبراً مفاده أن موقعاً إلكترونياً «ويكيليكس» نشر أكثر من ٧٠.٠٠٠ وثيقة عن الحرب في أفعانستان تكشف عن دعم المخابرات الباكستانية لمقاتلي حركة طالبان في قتالها ضد قوات التحالف بقيادة أمريكا.
والرأي الشائع أن باكستان تحارب طالبان بدعوى أنها حركة إرهابية، وأنها بالتالي تقف مع قوات التحالف: ومن هنا ثمة سؤال لابد أن يثار: مع مَنْ تقف باكستان؟
وأظن أن هذا السؤال هو الذي دفع رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون إلى القول بأن ثمة ازدواجية من قبل باكستان في موقفها من الإرهاب، أي أنها مع الإرهاب وضده، إلا أنها فى نهاية المطاف تشجع على تصدير الإرهاب على حد تعبير كاميرون نفسه. ومغزى عبارة كاميرون أن باكستان تبدو وكأنها في حيرة من اتخاذ موقف حاسم من الإرهاب سواء بالسلب أو بالإيجاب. ويترتب على هذه العبارة إثارة السؤال الآتي: لماذا هذه الحيرة؟
جوابي عن هذا السؤال أسرده على هيئة قصة بدايتها أكتوبر عام ١٩٧٥ عندما دعيت للمشاركة في المؤتمر الفلسفي الباكستاني السابع عشر بمدينة لاهور تحت عنوان «الثقافة الباكستانية وأزمة الهوية». والمفارقة في هذا العنوان تكمن في أن باكستان دولة إسلامية كانت قد تأسست فى أغسطس ١٩٤٧ بعد أن أعلنت انفصالها عن الهند. وإذا كان ذلك كذلك فمن أين أتت أزمة الهوية؟
في إطار هذا السؤال شرعت في كتابة البحث المطلوب تحت عنوان «الأصالة والمعاصرة في العالم الثالث» فكرته المحورية أن ثمة فجوة حضارية بين الدول المتقدمة والدول المتخلفة، وأن هذه الفجوة ليس في الإمكان عبورها من غير المرور بمرحلتين إحداهما تقر سلطان العقل، والأخرى تلزم العقل بتغيير الواقع لصالح الجماهير، الأمر الذي يستلزم نقل الفكر الفلسفي من مجال السلطة الدينية إلى مجال السلطة العقلية، وقد عبر الفيلسوف الفرنسى ديكارت في القرن السابع عشر عن هذه النقلة في القاعدة الأولى من قواعد منهجه التي تنص على عدم التسليم بفكرة إلا إذا كانت واضحة ومتميزة، ولهذا قيل عن هذه القاعدة إنها قاعدة ثورية.
وبعد أن انتهيت من إلقاء بحثي دار حوار حاد مع الفلاسفة الباكستانيين حول ما ورد في بحثي من أفكار.. وبعد ذلك تناولت وسائل الإعلام، بالتحليل والنقد، ما دار في الحوار، الأمر الذي استلزم دعوتي للبقاء في لاهور لمزيد من تبادل الرأي. وفي نهاية المطاف اتفقنا على تأسيس جمعية فلسفية أطلقنا عليها اسم «الجمعية الفلسفية الأفروآسيوية»، أي جمعية تضم فلاسفة أفريقيا وآسيا وفوضوني في عقد مؤتمراتها.
وما لفت انتباهي أثناء «حوار لاهور» هو أن تعاليم أبو الأعلى المودودي «١٩٠٣- ١٩٧٩» بدأت بطرد تعاليم محمد إقبال ١٨٧٣- ١٩٣٨» من مجال التعليم. والفارق بينهما جوهري. فإقبال يرى أن ما يميز الإنسان قدرته على الإبداع وبالتالي فالاجتهاد في الدين أمر لازم لأن الامتناع عن الاجتهاد يفضي إلى تأسيس مجتمع شمولي يسحق الذات الفردية. ومن هنا جاء انفتاح إقبال على الفكر الفلسفي الأوروبي وخاصة الفيلسوف الفرنسى برجسون «١٨٥٩- ١٩٤١» لأنه الأقرب إلى روحانية إقبال. أما المودودي فهو مؤسس الجماعات الإسلامية في العالم الإسلامى برمته.
والحاكم الحقيقى، عنده، هو الله، والسلطة مختصة بذاته تعالى وحده، الأمر الذي يترتب عليه أن ليس لأحد من دون الله حق في التشريع، ومن ثم فالمسلمون لا يقدرون على تغيير ما شرع الله لهم.
القانون إذن من الله وهو أساس الدولة الإسلامية، ولهذا فإن هذه الدولة لا تستحق طاعة الناس إلا من حيث إنها تحكم بما أنزل الله. ومع حدوث انقلاب ضياء الحق «١٩٢٤-٢٠٠٩» فى ٥ يوليو ١٩٧٧ هيمن فكر المودودي واندثر فكر إقبال ومن ثم أصبحت باكستان مركزا للإرهاب. ومع ذلك توهم رؤساء أمريكا أن باكستان ليست كذلك.
والسؤال إذن: كيف حدث هذا الوهم؟
إرهاب فى باكستان
فاروق عيتاني — farouk_itani@live.com
انها المصلحة يا عزيزي.اي البراغماتية.انا اتابع واحاول اللحاق بالمواضيع الفلسفية_ طبعا دون جدوى_ ولكن اقتراحك بالتطور وارتباطه بالتنوير على علاته وبالحداثة على تباين تحديدها يجعلني اتسائل عن امكانية اللحاق باتباع نفس الطريق التي سار عليها اخر مجاور(الغرب).والتي ستبقيني خلفه باضطراد. تقدّم الصين نموذجا للتطور دون المرور في المفهوم الغربي.وتقدم نموذجا للتنمية دون المرور بالديمقراطية. وايضا تقوم بذلك ماليزيا، ويقولون ان اندونيسا تسير على نفس الشيىْ.ولن انس الهند. لعل احد مشكلة المفكرين العرب انهم حراس مفاهيمهم على تعبير الفيلسوف اللبناني على حرب !!!.