“يعكس اجتماع دول “مجلس التعاون الخليجي” المقبل في الرياض القلق حول الأحداث في سوريا، والخوف من إيران وعدم الارتياح من سياسات واشنطن.”
*
يجتمع قادة المملكة العربية السعودية والكويت والبحرين وقطر والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان عادة مرة واحدة كل عام، حيث تُعقد قمة “مجلس التعاون الخليجي” سنوياً في شهر كانون الأول/ ديسمبر. ومن ثم فإن المحادثات التي ستُجرى في 14 أيار/ مايو توصف بأنها “اجتماع تشاوري” وليس قمة حقيقية. إلا أن أهمية هذا الاجتماع يرجح أن تكون أكبر مما يشير إليه المصطلح.
ويشير الدبلوماسيون العرب إلى أن سوريا ستأتي على رأس جدول الأعمال – في دلالة على المرارة التي يشعر بها عرب الخليج جراء تزايد أعداد الضحايا وسوء احتمالات أي تحول مرتَّب إلى حكومة ما بعد الأسد، وهو ما دلّل عليه الهجوم الذي وقع في العاشر من أيار/ مايو على أحد مباني الاستخبارات التابعة للنظام في دمشق. ويشار إلى مأساة سوريا في مفردات الدبلوماسية العربية على أنها “تطور إقليمي رئيسي في العالم العربي”.
وعلاوة على ذلك، اقتبست صحيفة “عرب نيوز” السعودية الناطقة بالإنجليزية عن مسؤولين في دول “مجلس التعاون الخليجي” قولهم إن علاقات دول الخليج المضطربة مع إيران ستأتي أيضاً “على رأس جدول أعمال” الاجتماع. وتخشى دول الخليج من إيران منذ اندلاع الثورة الإسلامية في عام 1979، وقد فاقم ذلك الشعور التقدمات النووية التي حققتها طهران. ومنذ اندلاع الاضطرابات التي صاحبت الانتفاضات العربية الأخيرة في جميع أنحاء المنطقة، سعت دول “مجلس التعاون الخليجي” إلى الحفاظ على رضا شعوبها إلى حد كبير عن طريق زيادة الإعانات التي يتم تمويلها عن طريق إيرادات النفط الوفيرة. واستُثنيت دولتان من ذلك الهدوء هما عُمان (التي شهدت اضطرابات لفترة وجيزة) والبحرين ذات الأغلبية الشيعية، حيث تعزو المَلَكية السنية استمرار الاحتجاجات إلى الأعمال المثيرة للقلاقل من جانب إيران.
سوف يتم تقييم تأثير قمة الرياض وفقاً لمعيارين: من هم القادة الذين سيحضرون شخصياً وصياغة البيان الرسمي. ويرجّح أن يكون العجز عن المشاركة [المرض] سبباً لأي حالات تغيب؛ كما ستكون الرغبة في خلق مسافة دبلوماسية في أي إجماع واضح عاملاً آخر.
وتؤيد المملكة العربية السعودية وقطر الدعم العسكري للمعارضة في سوريا. أما فيما يتعلق بإيران، فإن وجهة النظر السعودية – وذلك يرجع جزئياً إلى الاضطرابات التي تسببها الأقلية الشيعية لديها – تصادمية بشكل أكبر من وجهة نظر قطر التي تتشارك في حقل بحري للغاز الطبيعي مع طهران. وتتجنب الكويت وعمان أي مظهر من مظاهر العداء والخصومة مع إيران، فيما أن الإمارات العربية المتحدة – التي انضمت إلى المملكة العربية السعودية بإرسال قوات إلى البحرين في العام الماضي – ينتابها القلق جراء تبجح طهران الأخير بشأن الجزر الثلاث التي تحتلها القوات الإيرانية منذ عام 1971. وقد قام الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في الشهر الماضي بزيارة رفيعة المستوى إلى جزيرة أبو موسى الرئيسية حيث تتشارك إيران السيادة عليها بشكل نظري مع إمارة الشارقة الإماراتية وهو ما أصاب دول “مجلس التعاون الخليجي” بالفزع.
والسبب الضمني وراء مخاوف “مجلس التعاون الخليجي” بشأن سوريا وإيران هو أن زعماء دول الخليج العربية يؤمنون بأن مصالح واشنطن في الديمقراطية والحرية تأتي على حساب التحدي الأكبر الذي تمثله – كما يتعتقدون – إيران. كما ينتابهم القلق بشأن انسحاب الولايات المتحدة من العراق وأفغانستان ينذر بتقليص الوجود الأمريكي في الخليج أو انسحاب كامل منه. بل هناك اعتقاد واسع النطاق بأن واشنطن تنظر إلى إيران على أنها شريك طبيعي مفضلة إياها على “مجلس التعاون الخليجي”، بغض النظر عن عدم معقولية هذا الاحتمال.
وفي الواقع أن العمل مع “مجلس التعاون الخليجي” يظل جزءاً حيوياً من مهمة الولايات المتحدة في المنطقة المتمثلة في حماية تدفقات الطاقة ومكافحة الإرهاب، وهو ما أثبته اكتشاف مؤامرة جديدة لـ تنظيم «القاعدة» ضد إحدى شركات خطوط الطيران هذا الأسبوع. وقد وصفت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون التزام الولايات المتحدة تجاه دول الخليج بأنه ثابت لا يتزعزع خلال زيارتها إلى المنطقة في آذار/ مارس. ورغم ذلك، يبدو أن “مجلس التعاون الخليجي” يشك في تلك الوعود وجدّد المحادثات بشأن إنشاء تحالف سياسي أكثر تقارباً بين الدول الأعضاء خلال الأسابيع الأخيرة. كما دعا “المجلس” المَلَكيات العربية في المغرب والأردن إلى الانضمام إليه العام الماضي.
ولذا فإن اجتماع الرياض يمثل أهمية كبيرة ويجب مراقبته عن كثب، رغم حقيقة إمكانية وصف العديد من القمم العربية بأنها غير ذات أهمية. ينبغي على واشنطن أن تكون قلقة من أنها سوف توسِّع نطاق اختلافات دول الخليج العربي مع السياسة الأمريكية بدلاً من التأكيد على المصالح المشتركة. وقد يواجه الدبلوماسيون الأمريكيون على الأرض مهمة صعبة لمعالجة هذه المشكلة في وقت يؤمن فيه قادة دول “مجلس التعوان الخليجي” بأن واشنطن أصبحت مشتتة مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة.
سايمون هندرسون هو زميل بيكر ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن.