**
عقد جديدة في المأزق اللبناني تتطلب حلّاً في ميثاق فيديرالي أو علمنة متدرّجة
لم تبق المسألة اللبنانية، ولم تكن في الأصل، مسألة قراءة خلافية واجتهادية للدستور اللبناني. إذ أظهرت سلسلة عقد الأزمة الأخيرة والمتوالية انها أزمة كيان ووطن وإرادات ايديولوجية وسياسية يصعب ان تتوافق بموجب دستور ونظرية دولة.
ولئلا نعود كثيراً الى الوراء، نستذكر بعض العقد بدءاً من الاشتباك اللبناني – اللبناني حول الموقف من سلاح «حزب الله»، الى الموقف من المحكمة الدولية، الى استقالة وزراء «أمل» و «حزب الله» من الحكومة باسم وتحت شعار «طائفة بكاملها»، الى معضلة المشاركة في «حكومة وحدة وطنية» على اساس الثلث «المكمّل أو المعطّل»، الى الخلاف حول تفسير المادة 49 من الدستور، فهل يعني «الثلثان» الوارد في نص المادة، ثلثي الأصوات في دورة اقتراع اولى، ام ثلثي النصاب؟ وإذا افترضنا معنى النصاب، فهل حضور النواب، يكون مُلزماً ام اختيارياً؟ وبمعنى آخر هل يجوز «لأقلية» (وكل أقلية كما كل أكثرية هي موقتة في لحظة من لحظات التمثيل الديموقراطي)، ان تعطل، بخيارها عدم الحضور، جلسة استحقاق رئاسي وكما حصل ويحصل في لبنان؟
في ظني ان الدستور اللبناني سكت عن حالة الحضور (هل هو إلزامي ام اختياري؟). ولا أظن ان السكوت يعني السماح. ذلك ان المشترع، لا في العام 1926 ولا في أزمنة التعديلات الدستورية المتعاقبة، ولا في وثيقة الطائف، كان أشار الى وجوب أو الى خيار. لكن النظرية العامة في القانون الدستوري، وهي تعادل «نظرية الدولة» حين التأسيس، لا تحتمل، ولا يمكن ان تعطي احداً حقاً في تجاوزها او في فرطها أو انتقاصها. ولعله بسبب هذه المسلّمة في النظرية العامة للدولة، سكت المشترع، أثناء التأسيس، وأثناء مراحل التعديل، وحتى في وثيقة الطائف التي أوجبت تعديلاً مهماً في الدستور، سكت عن ذكر هذا الإلزام أو هذا الوجوب. إذ لا يُتخيّل ان احداً، ممثلاً للشعب وللأمة، وجزءاً اساسياً من سلطة دولة (السلطة التشريعية)، ناهيك عن واجبات المواطنة، من حقه ان يجادل في مسلّمة تأسيسية، ويغامر بوجودها التاريخي، لأن سياسات وبرامج حكومية يعارضها أو يرفضها أحد أو فئة.
لنتصور وفقاً لما يجري في لبنان من مقاطعة، أن الأحزاب العلمانية والقومية في تركيا وقد أضحت أقلية في البرلمان التركي، وهي مدعومة دعماً كلياً من الجيش الذي يعتبر نفسه انه المؤتمن على الإرث الكمالي المؤسس للدولة التركية) قاطعت انتخابات رئاسة الجمهورية في تركيا لتعطيل اكتمال نصاب الثلثين الذي ينص عليه الدستور التركي وبهدف منع وصول إسلامي الى رئاسة جمهورية يهدد في رأيها، علمانية تركيا، فماذا كان قد جرى للجمهورية؟!
والواقع يقضي الاستدراك للقول، ان هذا الافتراض ما كان ليحصل في تركيا، بل لم يكن احد يتوقعه او يتصوره في مسار الصراع السياسي الذي نشب بين الإسلاميين الأتراك من جهة، والعلمانيين الأتراك من جهة أخرى. ذلك ان مسلّمة أو ثابتة هي فوق الصراع السياسي، حازت وتحوز الإجماع الوطني والقومي، ألا وهي الجمهورية أي الدولة.
في لبنان، تحول الدستور الى لعبة سياسية، ولكن بلا قواعد أو أصول. بل ان ضوابط اللعبة السياسية تدهورت الى ما دون اللعبة العادية. ذلك ان اللعبة العادية بين فرق رياضية أو حتى بين اولاد ملعب أو حارة، لها قواعدها الملزمة حتى نهايتها. فلا يجوز لأحد أطرافها ان يتصرف مزاجياً أو ان يُكمل او يعطل وفقاً لظروف طارئة او مزاج مستجد، أو ان يخرج ثم يعود.
في لبنان، تعوّد اللاعبون السياسيون، لا سيما في الأزمات الكبرى، ان يلعبوا في السياسة من دون قواعد ولا أصول أو ضوابط. يخرجون ساعة شاؤوا. يعودون ساعة رغبوا، يشترطون من الخارج سياسة وبرامج مسبقة, ويعينون إدارة سلفاً أو ربما اسماء من غير أي نظر في قانون او دستور أو عمل مؤسسي.
تُرى، من اين يستمد هؤلاء «قوة الحق» هذه؟
يظن كثيرون – ووراءهم حشود طبعاً، ولكثرة ما تتردد في الخطابات والمهرجانات تعابير: دستوري وغير دستوري، وميثاقي وغير ميثاقي – أن هذا الحق يُستمد من الميثاق والدستور، أو على الأقل من أحقية رأي مجتهد.
ونقول: ليت الأمر كان كذلك. فهذا خلاف مشروع، ولكن له حلبته في البرلمان والمؤسسات والهيئات، وله ايضاً وفي الدرجة الأولى مرجعياته بين الفقهاء الدستوريين.
وعلى ذكر الفقهاء الدستوريين، نتذكر ان هذا الخلاف، لا سيما الخلاف حول تفسير المادة 49 من الدستور (المادة التي تنص على انتخاب رئيس للجمهورية) كان موضع أخذ ورد ونقاش منذ الستينات والسبعينات، بين فقهاء دستوريين معتبرين في لبنان، بل منذ انتخاب الرئيس فؤاد شهاب عام 1958. ولكي لا نظل في هذا الموضوع الذي قد نعود إليه، نذكر مثالين من قراءة لمرجعين دستوريين مختلفين في تفسير المادة 49. إدمون ربّاط وأنور الخطيب.
الأول (ربّاط) يقول بنصاب الثلثين (اجتهاداً) وعلى قاعدة الملاءمة مع «روح الدستور» كما يقول، والتي هي روح توافقية أو وفاقية نظراً الى خصوصية الاجتماع اللبناني، والتي يجب ان تعطى الأولوية في تفسير النص. وله في هذا الرأي مبررات يشرحها في كتابه «الوسيط في القانون الدستوري اللبناني» 1970.
اما الثاني (الخطيب) فيقول ان منطوق المادة 49، وبمعناها الحرفي وبالعودة الى اصلها الفرنسي، تقول بانتخاب رئيس للجمهورية من دون تعيين النصاب، وأن «الثلثين» ترد بمعنى عدد الأصوات في دورة اولى، وليس بمعنى النصاب، ويعني ذلك انه «يكفي كما يقول، ليكون الاجتماع قانونياً ان يضم نصاب الجلسات العادية المنصوص عليه في المادة 34 من الدستور، أي الغالبية المطلقة من مجموع عدد النواب». وله في هذا الرأي مبرراته التي يشرحها في موسوعته: «المجموعة الدستورية: دستور لبنان، جـ2، السلطات العامة». (1970).
هذا على ان الخلاف بين السياسيين اليوم ليس خلافاً دستورياً من نوع خلاف ربّاط – الخطيب، وإن استخدم السياسيون مفردات دستورية وميثاقية في خطاباتهم النارية. يقوم الخلاف حول طبيعة الدولة اللبنانية ونظريتها ووظيفتها، ومن يحكمها ويقبض على سلطاتها ويسوس امرها بعد كل ما جرى من تغيرات اساسية وجذرية في مسارين مترابطين، كانا في أساس نشأة الدولة اللبنانية وتحولات اجتماعها السياسي وأزمات هذا الأخير.
– تغيرات في مسار الطوائف اللبنانية التي كان تشاركها في السلطات اساس الميثاق الوطني ودولة الاستقلال، بدءاً من الاستقلال الأول، حتى ميثاق الطائف.
– تغيرات في مسار التوازنات والسياسات الدولية والعربية ومسار الصراع العربي – الإسرائيلي، بدءاً من إعلان ميثاق جامعة الدول العربية الذي حسم امر شرعية الكيانات الوطنية الجديدة وتشكلها – على اساس مبدأ الجنسيات والمواطنة، بعد معاهدة لوزان 1923 (Principe des nationalites)، الى المبادرة العربية الأخيرة التي أطلقت استراتيجية جديدة في التعامل مع ملف الصراع العربي – الإسرائيلي.
إن معالم تلك التغيرات: تغيرت مواقع الطوائف اللبنانية ديموغرافياً واقتصادياً وثقافياً وإيديولوجياً وسياسياً. وكذلك تغيرت خريطة الصراع العربي – الإسرائيلي، ومواقع الاصطفافات الإيديولوجية والسياسية فيها، بين دعاة الكفاح المسلح والثورة وحرب الشعب وحرب الاستنزاف الخ… وبين دعاة الحل السلمي والتفاوض، لتستقر العلاقة بين الدول والأنظمة العربية، ومنذ مبادرة السادات وحتى اليوم على اجماع رسمي على المبادرة العربية (مبادرة الملك عبدالله) التي أقرها مؤتمر القمة العربية في بيروت، فأضحت (المبادرة) سقفاً جامعاً للمواقف، ومرجعية سياسية وديبلوماسية لإدارة الصراع العربي – الإسرائيلي من الأنظمة العربية وقواها السياسية في المجتمعات العربية، وكبديل من مشروع المقاومات والممانعات المسلحة على اختلاف ألوانها وإيديولوجياتها وأساليبها في الموت أو الانتحار أو «الاستشهاد».
وإذ لسنا في هذه المقالة بصدد الحديث عن الاجتماعيات السياسية والخلفيات الإيديولوجية والإقليمية أو الدولية لتلك الممانعات والمقاومات المسلحة، ولا بصدد التطرق الى مدى فاعلية المبادرة العربية ومدى قوتها في شق طريقها في موازين العلاقات الدولية، فإنه لا بد من الإشارة الى ان ما كان يسمى جبهة الرفض العربية، حل مكانها جبهتان أو محوران في العالمين العربي والإسلامي:
– محور إيراني واضح وصريح داعم لـ «حماس» السنية الفلسطينية و «حزب الله» الشيعي اللبناني.
– محور «القاعدة» وفروعها ومثيلاتها غير المرئية (العالمية)، والتي تتخذ من الفقر الجماهيري السني الطائفي في مدن الصفيح والأرياف الفقيرة، ومن حالة «الغضب الإسلامي» لدى النخب، مادة عمل وتحريض وتعبئة للعمليات الانتحارية الإرهابية اينما تيسّر لها ذلك.
ولا بد من الملاحظة، ان طوائف لبنان المتشاركة مبدئياً او ميثاقياً في الدولة ليست في منأى عن تأثير تلك التغيرات، بل هي في قلبها وداخل رياحها وتياراتها.
المسيحية – السياسية وبالتحديد المارونية السياسية التي كانت تطالب بحياد لبنان عن التجاذبات العربية – العربية وإقحامه في تداعيات ومضاعفات الكفاح المسلح الفلسطيني على أرض لبنان، انكفأت بعد الطائف محبطة ومنقسمة، أو مهمّشة. ولم يكن ذلك بفعل بنود الطائف، وكما يذهب الى هذا الرأي الجنرال عون بدعوى «الانتقاص من صلاحية رئاسة الجمهورية في لبنان»، بل بسبب عدم التطبيق أو سوء التطبيق تحت الوصاية السورية، وبسبب تغطية هذه الوصاية لبنانياً من طرف الشيعية – السياسية اللبنانية ومن طرف طائفيات سياسية أخرى أيضاً.
والسنية – السياسية التي انضوت في غالبيتها في ظل المشروع الحريري المواكب سياسياً واقتصادياً للتحولات العربية والعالمية، والمعبّر في خطابه عن نزعة لبنانية جديدة وعروبة جديدة، ما عادت جمهوراً داعماً لكفاح مسلح فلسطيني أينما وُجد، وما عادت تبحث عن قائد عربي وحدوي من مثال عبدالناصر لتبايعه.
اما الشيعية – السياسية، فما عادت ملحقاً بالمارونية السياسية، أو حركة إصلاح هادئ أو مسيرة «محرومين» يطالبون بحقوقهم على غرار ما كان يدعو إليه ويمارسه السيد موسى الصدر وخلفه الشيخ محمد مهدي شمس الدين، ويُعبّر عنه الرئيس نبيه بري بصيغة «حقه» في الحصص اللبنانية على غرار غيره من السياسيين اللبنانيين، بل أضحت الشيعية السياسية، بعد حصرية المقاومة بحزبها (حزب الله)، وبعد الدعم الإيراني والسوري الذي فاض عليها، وبعد كل الانتصارات التي حققتها مقاومتها بكفاءة، وبعد توزيع ميثاقي ضمني للسياسات وأدوار السلطة في لبنان (كأن يكون مشروع الحريري الإنمائي مشروعاً سنياً، وأن يكون مشروع التحرير مشروعاً شيعياً)، أضحت الشيعية السياسية المسلحة برأسمال التحرير، وبترسانة السلاح الثقيل، وبصمود في حرب تموز (يوليو) 2006 امام هجوم إسرائيلي لم يعتد العرب يوماً على صده. كما فعلت مقاومة «حزب الله»، (أضحت) قوة مركزية بين الطائفيات السياسية اللبنانية.
هكذا يتشكل وعي جديد، وثقافة سياسية جديدة لدى طوائف لبنان الرئيسة، ناهيك عن تأثيرات الديموغرافيا المتفاوتة بين الطوائف والاقتصاديات المتباينة في ثقلها التقريري والسلطوي وتأثير الانتماءات الإيديولوجية والسياسية وارتباطها بمحاور إقليمية وعربية ودولية في ذاك التشكل الجديد من الوعي والثقافة.
يعود الجنرال عون من منفاه منافساً القيادة المسيحية لقوى 14 آذار، بحجة أنه الأقوى مسيحياً، وانه الأكثر شرعية تاريخية في التصدي للوصاية السورية و «لانحيازات» الطائف، بل يعود، ومن هذا الواقع المسيحي، خصماً للحريرية السنّية المتشكلة كطرف ميثاقي جديد ونوعي والذاهبة الى اختيار شريكها الميثاقي من بين حلفائها في 14 آذار. فيختار الجنرال في المقابل حليفاً ميثاقياً شيعياً، ممثلاً بصيغة ما سمي «التفاهم» بين «التيار الوطني الحر» و «حزب الله».
إذاً، طائفتان سياسيتان إسلاميتان، أنجزت كل واحدة منهما تشكيل طائفتها في حزب سياسي واحد وزعامة سياسية غالبة ومهيمنة، وحدت كل منهما «كلمتها» في تسمية الرئيس الميثاقي المخصص لكل منهما بالأصالة والوكالة عن الطائفة: الرئيس نبيه بري للرئاسة الثانية مباركاً ومزكّى من «حزب الله» الشيعي، والرئيس فؤاد السنيورة للرئاسة الثالثة مفوضاً ومبايعاً من تيار «المستقبل» السني.
هذا، بينما تبقى المسيحية – السياسية منقسمة على نفسها، بين مسيحية شيعية، ومسيحية سنية. إذ، ثمة صيغتان تتجاذبان الميثاق الوطني. واحدة ذات طابع سني غالب، وأخرى ذات طابع شيعي غالب، فكيف يستقيم امر الميثاق الوطني والدستور مع هذا التجاذب الثنائي الإسلامي – الإسلامي.
يجاهد الجنرال عون ان يجعل من المارونية السياسية والمسيحية – السياسية عموماً وحدة تحت زعامته اسوة بما جرى في الطائفتين أو تماثلاً معهما. لكن التماثل هنا يبدو امراً صعباً، وإن اعتقد الجنرال عون – بقرارة نفسه – انه الزعيم المسيحي الواحد الأوحد، أو انه – على الأقل – ومن قبيل التواضع عنده، أنه بشارة الخوري الذي يبحث عن «رياض صلح» مسلم.
يبدو ان ذلك أمر صعب. فالتاريخ اولاً لا يعيد نفسه ولا يكرر ابطاله أو شخصياته. هذا من جهة، ومن جهة ثانية، لم يكن بشارة الخوري ليطرح نفسه زعيماً أقوى أو أوحد للطائفة المارونية أو المسيحية، ولا رياض الصلح زعيماً أوحد للطائفة السنية، ولا الزعامة الوائلية الأسعدية كانت تطرح نفسها زعامة أحادية بين العائلات الشيعية النافذة، بل لم يكن لأي زعيم شيعي القدرة ان «يمون» على وزراء الطائفة بكاملها كما هو الحال، فيكونون، رهن إشارته استقالة أو استنكافاً أو عودة وكما هو الحال اليوم.
اما التعددية السياسية في الطائفة المسيحية اليوم – وهي علامة ايجاب لا سلب – فهي من مؤشرات ما تبقى من تاريخ ميثاقي قديم، تعددت فيه الزعامات المسيحية القوية، ككميل شمعون وبيار الجميل وريمون إده وحميد فرنجية، ثم سليمان فرنجية. وتجدر الإشارة هنا، انه لم يخطر ببال احد من هؤلاء ان يقول انه «الأقوى» مسيحياً، ليوحّد الطائفة وليكتسب شرعية «التفاهم» الميثاقي مع طرف مسلم.
ما يحصل اليوم، وما يفعله الجنرال عون لتوحيد المسيحية تحت قيادته وليتماثل بها مع السنية السياسية والشيعية السياسية، هو من قبيل صناعة ميثاق جديد ينحو نحو الفيديرالية الطائفية بالكمال والتمام بعد ان أنجزت كل من الشيعية السياسية والسنية السياسية مهمات وحدة الطائفة الخاصة بها، فاحتكرت قرارها السياسي الى ما شاء الله.
فإذا استطاع الجنرال عون ان يوحّد المسيحية على غرار «أخواتها» وبحجة أضحت العودة إليها امراً مستحيلاً (العودة الى صلاحيات رئيس الجمهورية قبل الطائف)، فإنه أصبح على الطوائف الرئيسة الثلاث، ان تبحث عن ميثاق طائفي جديد، أي ميثاق فيديرالي، وبالتالي عن تعديل دستوري جديد، وأن تكف عن إسناد نزاعاتها السياسية الى الدستور أو الى المرجعية الميثاقية القديمة، وأن تعترف ان «قوة حقها» إذا جاز التعبير مستمدة من قوة «الطائفة»، لا من قوة الحق في نظرية الدولة، أو النظرية العامة للقانون الدستوري.
اما اذا كان البعض من اللبنانيين، لا سيما من الطبقة السياسية بينهم، ذاكراً بنود الطائف بكليتها، فليتذكر ان الفقرة «ح» من مقدمة الدستور اللبناني، تؤكد «ان إلغاء الطائفية السياسية هدف وطني ينبغي العمل من اجله» وأن المادة 95، جعلت المناصفة بين المسيحيين والمسلمين في التمثيل النيابي «مرحلة انتقالية»، يجب ان تؤول الى قانون انتخابي خارج القيد الطائفي، وأن بنوداً في وثيقة الطائف اقترحت آلية للوصول الى هذا الهدف.
وعليه، كان على الجنرال عون، وقد أعلن العلمانية في برنامج «تياره» ان يكون الأقرب الى هذا التوجه «المنسي» في وثيقة الطائف، بل كان عليه ان يدخل حقل الطوائف اللبنانية الأخرى عبر شبابها وقطاعها المدني «بعلمانيته» بدلاً من تأكيد عصبية إحداها واستثمارها سياسياً «بالتفاهم» من بعد، او استنفار عصبية الأخرى على الأولى بالمناكفة والاستفزاز واللعب على صراع مذهبي بين الطائفتين.
كانت المسيحية السياسية وبالأخص المارونية السياسية في اصل التكوين الميثاقي للبنان «القديم». وتستطيع اليوم بتعدديتها السياسية لا بعصبيتها ان تكون في اساس تكوين لبنان جديد.
وعلى كل حال، يقف اللبنانيون اليوم امام خيارين: اما فيديرالية طوائف، وإما دولة مدنية بعلمانية متدرجة. هذان الخياران هما اللذان يستحقان استفتاء شعبياً اليوم، وليس استحقاق «رئاسة» الجمهورية مختلف على نظريتها وطبيعتها ودورها بين الطائفيات – السياسية اللبنانية.
مؤرخ لبناني
الحياة
أين الطائف في التعبئة باتجاه طائفة واحدة وزعيم واحد وحزب واحد؟فيروس النظم الشمولية المخابراتي المدمر للبلد والامة انتقل الى المنطقة باسلوب ديني ومليشي وطائفي ويعمل على شكل طبخات-طبخة اغتيال النواب وطبخة تاجيل المحكمة الدولية في اغتيال الحريري وغيرهم من شهداء الامة وطبخة نهر البارد وطبخة حرب حزب الله الطائفي واستيلاؤه على بيروت وتهجير ابناؤه وطبخة سليمان وبعدها هل سيكون هناك طبخة اعادة استعمار لبنان من قبل النظام السوري المخابراتي؟؟؟؟- لترويض المجتمع بقبول الديكتاتورية والسير نحو الدمار فما كل ما يلمع ذهبا والكل لاحظ ان الذي يسب امريكا والصهيونية وينسب كل مشاكله الداخليه لهم هو اخطر من فيروس الايدز وانفلونزا الطيور… قراءة المزيد ..