أتحفنا اتحاد الصحافيين السوريين بما يمكن اعتباره مجازاً تحركاً عاجلاً (Urgent moves)، شبيه الى حد ما بتحركات منظمات حقوق الإنسان العالمية، لكنه تفوّق عليها جميعاً بإصداره ـ وله السبق في ذلك ـ بيانه في 14/10/2007 في عطلة عيد الفطر، نظراً لخطورة الوضع وإلحاحه، أعرب البيان عن تضامن الصحافيين السوريين مع زملائهم المصريين الذين صدرت بحقهم أحكام بالسجن في مصر، جاء في البيان الذي نشر تحت عنوان: “الصحافيون السوريون يتضامنون مع زملائهم في مصر ويطالبون بإلغاء عقوبة حبس الصحافي في جميع الدول العربية”، إن المكتب التنفيذي لاتحاد الصحافيين السوريين دعا الى “معالجة قضايا النشر بما يكفل حرية الصحافة وحماية حق الصحافي في التعبير”.
وأضاف البيان: “إن الصحافيين السوريين الذين تابعوا باهتمام هذه القضية يعربون عن تضامنهم مع الزملاء الصحافيين وحقهم في التعبير وفي متابعة القضايا الوطنية والقومية بما يخدم أهداف الأمة في استعادة كرامتها وحريتها”.
وحثّ البيان الجهات المسؤولة في مصر الى اتخاذ الإجراءات الممكنة لعدم سجن الصحافيين واستبدال العقوبة أو إلغائها من أجل تعزيز مكانة ودور الصحافة المصرية وعراقتها كما أكد الدعوة لإلغاء عقوبة حبس الصحافيين في جميع القوانين العربية.
وقفة تأملية قصيرة لما سبق لا تقودك إلا لتعليق واحد: “إذا لم تستح فاصنع ما شئت”.
لو لم أكن سورياً لما كنت وقفت عند الخبر، وربما اعتبرته تضامناً بريئاً من صحافيين ومع زملائهم، هو حق على كل صحافي أن يقدمه لزميله في محنته، ولوددت فعلاً بالتوقيع على البيان والتضامن مع الأساتذة الصحافيين في مصر، لكني أعي تماماً أن البيان المذكور لا يعدو كونه أحد أوجه المناكفة بين النظام السوري والنظام المصري، استخدم فيه اتحاد الصحافيين السوريين قضية الأحكام الصادرة بحق زملائهم في مصر لغاية في نفس يعقوب، مع العلم أنه يتفنن في تبرير اعتقال الصحافيين السوريين لسبب لا يعلمه إلا الله.
ومعلوم أن اتحاد الصحافيين الذي يسيطر عليه حزب البعث الحاكم كغيره من المؤسسات النقابية في سوريا منذ قرابة ثلاثة عقود بعد حل النقابات المنتخبة؛ يمتنع عن القيام بدوره في الدفاع والتضامن مع الصحافيين السوريين الذي يتعرضون للتضييق والاعتقال. بل إن الاتحاد يقوم باستمرار بنفي اعتقال أي صحافي في سوريا، رغم أن عدداً من هؤلاء ما زال في السجن حتى الآن.
فاتحاد الصحافيين السوريين دأب على تبرير اعتقال الصحافيين في سوريا ومحاكمتهم بتهم “نوعية”، مخولاً نفسه دور المراقب على الصحافيين بدرجة أسوأ من أجهزة الأمن، لذا فهو يقدم المبررات لاعتقال أي صحافي سوري من قبل أي فرع أمني من الفروع الخمسين المختصة بالشعور القومي وبنفسية الأمة.
وعلاوة على ذلك فإن مسؤولي الاتحاد، وهم من البعثيين، يحاولون تبرير الإجراءات القمعية بحق الصحافيين في سوريا ولم يُسمع منهم مطلقاً أي مطالبة بوقف اعتقالهم أو التضييق عليهم.
خوفاً مني على سمعة سوريا ومن أن يتحول ملف التضامن مع الغير فيها الى فاصل ترفيهي، كما هو الآن، رغبت أن أذكر الأستاذ مراد بما قاله السيد المسيح يوماً: “قبل أن ترى القشة التي في عين أخيك، أنظر الى الوتد الذي في عينك”، سيما أن ذلك الوتد هو نخبة من الكتاب والصحافيين السوريين الشرفاء ليس آخرهم الأستاذ ميشيل كيلو.
(*) كاتب وناشط حقوقي سوري
المستقبل
ma.abdallah2007@gmail.com