لنحتلَّ بيروت

2

هل نستطيع أن نحتل بيروت ذات يوم؟

سؤال لا بد من طرحه، ليس من باب الجنون، إنما من باب التسابق على اتخاذ التدابير اللازمة، للحيلولة دون اتخاذ طرف آخر القرار نفسه، وكسبه السباق معنا.

لا أتحدث هنا عن طرف سياسي، يستطيع ان يقيم البلاد ولا يقعدها، بل عن طرف غريب عن هذه الحياة السياسية التي تخضّنا وتخوِّض بنا في كل الاتجاهات صباحَ مساء.
يحق لنا أن نخاف ونستنفر لاحتلال بيروت، ذلك أن كل طرف سياسي يفترض أن السلطة يجب أن تؤول إليه، إن بالتوافق أو «بالتخانق». فإذا فشلت المساعي الخيرة، وطلع حليب النَّوَر عند اللبنانيين، فإن كل شيء يصبح مباحاً، ويصبح الجنون أحد الحلول المطروحة للصعود إلى سلّم السلطة، أو اعتلاء الكرسي المنصوب في أعلى أبراج السلطة.

أريد أن أستعير حدثاً كتبتُ عنه في «إشكال» سابق (منذ ثلاثة أسابيع)، وهو احتفالات «الليلة البيضاء» بين باريس وغزة. ففي الأولى انتشر ما يقارب مليون شاب وشابة يتابعون الأنشطة الفنية، فيسمعون الموسيقى، أو يشاهدون المعارض والاستعراضات، أو يتراقصون أمام خشبات الرقص والغناء، في كل ناحية من العاصمة الفرنسية، حتى بدا كأن جمهور الفن احتل باريس طوال تلك الليلة كما عبّر أحد المعلقين، مؤخراً.

في غزة لم يستطع رواد تلك الليلة احتلال القطاع لأسباب أمنية، فانعزل الساهرون في المركز الثقافي الفرنسي.

أما نحن في بيروت فماذا نستطيع أن نفعل؟ هل نستطيع أن نحتل بيروت ونستعيدها، قبل أن تتغلب النوايا السيئة، فيتعذر علينا، في وضع أمني صعب، النزول إلى الشارع؟

ماذا لو حشدت الجمعيات الأهلية والمدنية والسلمية وكل من يريد الخلاص في لبنان جمهوراً عارماً، واحتل العاصمة اللبنانية، ليس بتظاهرة تعلوها الشعارات والأعلام، تميد في الشوارع لساعة أو أكثر ليسود بعدها من يسود، وإنما بتظاهرة فنية عارمة ينزل فيها الموسيقيون والمغنون والفنانون على أنواع الفن وأصنافه، الكبار منهم والصغار، الرواد والشباب، لنؤكد أننا نريد الحياة، بلا نار البنادق أو الحرائق، أو التصريحات النارية. نريد الحياة على طريقتنا وحدنا، بعيداً عن «إبداعات» الموالاة ولا المعارضة، ولنؤكد أن حياة الناس قبل حياة السياسيين والزعماء وإقطاعيي السياسة والدين، وقبل نجاح طرف وفشل آخر، ما دام النجاح والفشل يمكن أن يأخذانا إلى الجحيم نفسه.

نستطيع إذاً أن نحتل بيروت، بكل العتاد المطلوب، نحتلها ونتجول فيها حتى الصباح، مبيضين ليلتنا، علّنا وعسانا نستطيع أن نثبت للراغبين في احتكار السلطة أننا نستطيع أن نكرر التجربة كلما دعت الحاجة، ونستطيع أن نجعل الليلة البيضاء ليالي عدة. ونبقى نكر ونفر حتى يستوي العرش أو الكرسي الأول في لبنان لمن يؤكد أنه واحد من أبناء الحياة.

(السفير)

2 تعليقات
Newest
Oldest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
ابو رناس
ابو رناس
16 سنوات

لنحتلَّ بيروت سيبقى لبناننري
نريد فعلا لا قولا فليزهبو هم وخيمهم الى الجحيم وسيبقى لبنان سيبقى لبنان سيبقى لبنان

ضيف
ضيف
16 سنوات

لنحتلَّ بيروت
اصلا محتلة من قبل حزب الله الطائفي الذي دمر الشعب اللبناني باسم المقاومة والخزعبلات

Share.

اكتشاف المزيد من Middle East Transparent

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading