الرجل الذي خطّط العملية الأكثر دمويّة ضد الإسرائيليين في الخارج اختار العودة مع الذين عادوا إلى الضفة الغربية بعد إتفاقات أوسلو. ولو لم تمنع إسرائيل عودته لكان ربما توفّي في “رام الله” أو في غيرها من مدن الضفّة وليس في المنفى الدمشقي. من كان الإسرائيليون يقولون عنه أنه “إرهابي” اختار طريق السلام والتعايش بعد أوسلو!
كان من الصف القيادي الثاني، ومن الجيل “العلماني” في حركة “فتح””، فلم يُقحِم الآلهة في قضية الشعب الفلسطيني!
شارك في الصدامات مع الجيش الأردني في العام 1970، وأبرزها “أيلول الأسود”، وكان قائد ميليشيا “فتح” في الأردن. اعتقلته القوات الأردنية في العام 1973 وصدر عليه حكم بالإعدام ولكن الملك حسين أصدر عفواً عنه بعد أن زاره في سجنه.
كان مقرّباً من الرجل الثاني في حركة “فتح”، أبو إياد، أما علاقاته مع “أبو عمّار” فلم تكن تخلو من التوتّر. وكان عضواً في “المجلس الثوري” لحركة “فتح”.
أبو داوود، الذي كان “الأطول” قامةً بين القادة الفلسطينيين الذين عاشوا في بيروت، أدرك منذ البداية أن الحرب الأهلية في لبنان ستكون “مقتل” حركة المقاومة الفلسطينية. ومع أنه تولّى مسؤوليات في “بيروت الغربية” أثناء القتال الأهلي، فإت موقفه منذ البداية كان أن المقاومة مستعدة “لدفع أي ثمن للخروج من ورطة القتال الداخلي” في لبنان.
*
دمشق (ا ف ب) – توفي السبت في دمشق الفلسطيني محمد داود عودة الملقب ابو داود، “العقل المدبر” لعملية احتجاز
رياضيين اسرائيليين رهائن اثناء الالعاب الاولمبية السنوية في ميونخ عام 1972، على ما علم من مصدر فلسطيني.
وصرح المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه، ان محمد داود عودة عضو المجلس الوطني الفلسطيني والمجلس الثوري لحركة فتح “كان مريضا، وتوفي هذا الصباح” عن عمر 73 عاما.
ويفترض ان يدفن في مقبرة الشهداء في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين على المدخل الجنوبي لدمشق.
واقر ابو داود في سيرته الذاتية “فلسطين: من القدس الى ميونخ” بمسؤوليته الكاملة في العملية التي استهدفت رياضيين اسرائيليين في الالعاب الاولمبية في ميونخ عام 1972.
وروى الكاتب كيف تم التخطيط للعملية التي نفذتها فرقة كوماندوس “ايلول الاسود” وادت الى مقتل 18 شخصا من بينهم 11 رياضيا اسرائيليا في 5 ايلول/سبتمبر 1972.
وفي عام 1999 عند صدور الكتاب، منعت اسرائيل ابو داود من العودة الى الاراضي الفلسطينية.
واكد ابو داود آنذاك عبر قناة الجزيرة دفاعا عن نفسه “كنا في حالة حرب مع اسرائيل. لم يكن هدفنا مدنيا. استهدفنا رياضيين هم في الواقع ضباط وجنود اسرائيليون. في اسرائيل الجميع جندي احتياط”.
وكان ابو داوود قد نجا عام 1981 من محاولة لاغتياله اتهم اسرائيل بالوقوف وراءها، حيث اطلقت عليه النار اثناء جلوسه في مقهى بالعاصمة البولندية وارسو.
وقال ابو داوود في مقابلة صحفية اجرتها معه الاسوشيتيدبريس عام 2006: “كان الجاني عميلا مزدوجا فلسطينيا جنده الموساد الاسرائيلي. وقد اعتقل بعد عشر سنوات وحوكم من قبل منظمة التحرير ونفذ فيه حكم الاعدام.”
وقال ابو داوود في تلك المقابلة الصحفية مخاطبا الاسرائيليين: “اليوم لم اعد اتمكن من مقارعتكم، ولكن حفيدي سيتمكن من ذلك وكذلك سيفعل احفاده من بعده.”
يذكر ان لابي داوود خمس بنات وولد واحد.