أمضى محسن كديور 17 سنة في حوزة “قم” كتلميذ وكمدرّس. وأشهر أعماله نقد عنيف لنظرية “ولاية الفقيه” التي يعتبر أن واضعيها هم الفقهاء وأنها ليست أمراً إلهياً.
في حديث مع مجلة “دير شبيغل” الألمانية يبحث الفقيه والفيلسوف الإيراني محسن كديور مسار طهران نحو الديكتاتورية العسكرية، ويقول أن قادة البلاد يسيئون استخدام الإسلام ويقطعون الطريق على فرص الإصلاح.
دير شبيغل: آية الله كديور، نحن نلتقي الآن في “جامعة ديوك” بولاية “نورث كارولينا” الأميركية، على مسافة 7500 كيلومتر من بلدك. أليس صحيحاً أن هنالك حاجة ملحّة لك في بلادك الآن.
محسن كديور: صدّقني أنني في هذه الساعات الدرامية كنت أفضّل أن أكون في بلدي. إن مستقبل إيران سيتقرّر خلال الأسبوعين القادمين. وجميع أصدقائي تقريباً، 95 بالمئة منهم، باتوا الآن في السجن. وأنا أجد صعوبة في الإتصال بأسرتي لأن خطوط الهاتف شبه مقطوعة.
يُقال أن شاركت في تحرير آخر البيانات الصادرة عن زعيم المعارضة “مير حسين موسوي”؟
محسن كديور: ذلك ليس صحيحاً. لقد تمتّعت ببياناته، ولكنها ليست من تأليفي. وقد نشرت بيانات بإسمي، مع أنني أؤيّد موسوي بقوة. وقد وجدنا طرقاً للتواصل في ما بيننا. وبواسطة الإنترنيت أو عبر أشخاص آخرين، فإنني على اتصال دائم مع بلدي. وأنا أتلقى 100 رسالة كل يوم.
تبدو طهران هادئة الآن، على الأقل بالمقارنة مع الإحتجاجات الشعبية التي وقعت في الأسبوع الماضي. هل نشهد الآن بداية نهاية المقاومة— أو، بالعكس، نهاية النظام الإيراني؟
محسن كديور: إن الثيوقراطية على الطريقة الإيرانية قد فشلت. إن حقوق الشعوب الإيرانية تتعرّض للسحق، وتتّجه بلادي نحو ديكتاتورية عسكرية. إن الرئيس أحمدي نجاد يتصرّف وكأنه “طالبان” إيراني. وقد ربط القائد الأعلى، السيد علي خامنئي، مصيره بمصير أحمدي نجاد، وتلك خطيئة كبرى، أخلاقية وسياسية كذلك.
ماذا كانت نصيحتك لزعيم المعارضة “مير حسين موسوي” في الأيام الأخيرة؟ وهل صحيح أنه قائد المعارضة بلا منازع؟
محسن كديور: نعم، هو القائد. إن الإصلاحيين جميعاً باتوا يدعمون موسوي، وهو صديقي منذ أن كنّا معاً في “جامعة تربية مدرّس” في طهران. وكان هو أستاذاً للعلوم السياسية، في حين كنت أنا أستاذ الفلسفة والفقه. وجهة نظري هي أن علينا أن نصرّ على إجراء إنتخابات جديدة وأن نستمر في الدعوة إلى إحتجاجات غير عنيفة….
هذه الإحتجاجات ستتعرض للسحق من جانب قوى الأمن، الباسداران والباسيج؟
محسن كديور: في المدى الطويل، لا يستطيع أي نظام أن يقف بوجه ملايين المحتجّين المسالمين— إلا إذا إرتكاب مجزرة، وهو إذا فعل سيفقد شرعيته كلياً. علينا مراراً وتكراراً أن نركّز على الحقوق التي يمنحها الدستور الإيراني للناس. المادة 27 من الدستور تنصّ بوضوح على أن كل مواطن يملك حق الإحتجاج. إن إحتجاجنا غير عنيف، ومشروع، و”أخضر”— أي أنه إسلامي كلياً.
هذا ما تقوله أنت؟
محسن كديور: المادة 56 من الدستور واضحة وتشمل إعطاء كل المواطنين الحق في الله. المواطنون ينتخبون قائدهم، ورئيسهم وبرلمانهم. الدستور واضح جداً حول ذلك: ينبغي أن يتم إنتخاب القائد، وليس إختياره من جانب من يزعمون معرفة إرادة الله.
عقيدة “ولاية الفقيه” وممثّلها الأعلى، علي خامنئي، تنظر إلى الأمور بطريقة مختلفة تماماً. وهم يزعمون أن حركة الإحتجاج موجّهة ضد القانون وضد الدين؟
محسن كديور: الشعب يهتف “الله وأكبر” من فوق السطوح. وهم يحملون يافطات كُتِبَ عليها “أين صوتي؟” المحتجّون لا يتمرّدون ضد كل شيء، ولكنهم يريدون العدالة ويريدون إنتخابات نزيهة. إن من يرفض مطالبهم قد يتسبّب بحرب أهلية.
حقاً أن المحتجّين يستخدمون لون الإسلام الأخضر ويهتفون “الله وأكبر”. ولكن، ألم يصلوا إلى نقطة المطالبة بما يتجاوز ذلك؟ لقد هتفوا أيضاً “ليسقط الديكتاتور”! ربما كان الشبّان الذين يقفون وراء الحر كة راغبين في جمهورية ديمقراطية تستند إلى النموذج الغربي الذي يقوم على فصل الدين عن الدولة؟
محسن كديور: أنا أقرّ بأن بعض الشبّان ينزعون نحو الغرب. ولكن، على المرء ألا يعطي وزناً كبيراً جداً لذلك. إن أغلبية مواطني إيران لن ترغب في الفصل الكامل بين الدولة والدين. ولا أنا كذلك. إيران بلد ذو تراث وقيم إسلامية. وأكثر من 90 بالمئة من المواطنين مسلمون.
أية قيم تقصد؟
محسن كديور: بالدرجة الأولى، العدالة وتحقيق إرادة الشعب. في عهد إمامنا الأول، علي بن أبي طالب، لم يكن هنالك سجناء سياسيون، وكانت الإحتجاجات غير العنيفة مسموحة، بل وكانت التعليقات النقدية موضع تشجيع. أن علينا ألا نخون تلك القِيَم.
هل خانها خامنئي وأحمدي نجاد؟
محسن كديور: نعم. أنا أطالب بدولة إسلامية حقاً وديمقراطية حقاً، دولة تحترم الكرامة الإنسانية ولا ترفض حقوق المرأة، دولة يمكن فيها للناس أن ينتخبوا بحرّية زعماءهم الدينيين وزعماءهم العلمانيين.
ولكنك تتحدث، هنا، عن ثورة- – عن إيران مختلفة كلياً؟
محسن كديور: أنا أتحدث عن بلد لا يملك زعماؤه الدينيون الحق في تقرير قيادة البلد بصورة مناوئة لإرادة الأغلبية، تحت زعم تنفيذ إرادة الله. إن مثل هذا الحق غير موجود، لا في التراث الشيعي ولا وفقاً للأحكام الأخرى. أنا لا أؤمن بالحقوق الإلهية لرجال الدين أو المؤمنين.
في العام 1978، قال آية الله الخميني في مقابلة مع مجلة “دير شبيغل”: “إن مجتمعنا في المستقبل سيكون مجتمعاً حرّاً، وسيتم تدمير كل عناصر القمع والقسوة والقوة”.
محسن كديور: كان الزعيم الثورة آية الله الخميني شخصية “كاريزماتية”. في بداية حكمه كان 95 بالمئة من الإيرانيين معه، وفي نهايات حكمه ظلّ 75 بالمئة من الإيرانيين معه. السيّد خامنئي لا يملك نفس “الكاريزما” وهو يقوم حالياً بتدمير رابط العدالة القائم بين زعماء الدين والشعب. وحينما يزعم، هو وأحمدي نجاد، أن بلداناً أجنبية تقف وراء الإحتجاجات في إيران، فإن ذلك يذكّرني كثيراً جداً بـ”الشاه”. فالشاه كان يستخدم ذرائع مشابهة ولم يقبل الإعتراف بأنه كان يشهد حركة إحتجاج وطنية وديمقراطية قام بها شعبه. وحتى النهاية، لم يكن الشاه يفكّر سوى بالحفاظ على نظامه. السيد خامنئي، اليوم، لا يفكّر بطريقة مختلفة.
ولكن، في حين نجحت الثورة في طرد الشاه من منصبه، فإن خامنئي وأحمدي نجاد يبدوان راسخين في منصبيهما. ويشغل أنصارهما العديد من المراكز المهمة؟
محسن كديور: هذا في الظاهر. ولكن إيران بعد الإحتجاجات لم تعد إيران كما كانت قبلها. وأنا أستطيع أن أتصوّر أن يقوم السيد هاشمي رفسنجاني، بصفته رئيساً لـ”جمعية الخبراء” بدعوة القادة الدينيين إلى نقاش صريح. ونظرياً، فإن باستطاعته أن يقيل خامنئي. وعندها، فسيسقط أحمدي نجاد معه.
ولكن، لكي يحصل ذلك، لا بد أن تقف أغلبية آيات الله العظمى في “قم” ضد خامنئي ونجاد؟
محسن كديور: هنالك تذمّر متزايد بين آيات الله العظمى في “قم” إزاء إستكبار أحمدي نجاد. وقد هنّأه (بإعادة إنتخابه) واحد فقط من آيات الله العظمى. في حين أدلى عدد منهم، وبينهم معلّمي المحترم آية الله حسين علي منتظري، الذي يحظى بإجلال كبير في عموم البلد، بتصريحات حادة ضد تزوير الإنتخابات.
هذه معركة ينبغي للإيرانيين أن ينتصروا فيها بأنفسهم
هل تستطيع البلدان الأخرى أن تفعل شيئاً لمساعدة المعارضة؟
محسن كديور: كلا. هذه معركة ينبغي للإيرانيين أن ينتصروا فيها بأنفسهم. أعتقد أن الرئيس أوباما قد تصرّف بحذر شديد حتى الآن، ولم يعطِ ذرائع لمن يبحثون عن أي سبب لمهاجمته. إن إصرار أحمدي نجاد على أن واشنطن هي التي أجّجت الإضطرابات كان بدون مفعول.
لكن أوباما شبّه أحمدي نجاد بموسوي وقال أن الفوارق بين المرشّحين ضئيلة. هل هو على حق؟
محسن كديور: هذا صحيح، ولكن، من جهة أخرى، فهو ليس صحيحاً. الفوارق ضئيلة فعلاً في ما يتعلق بالمسألة النووية أو بتقييم السياسات الإسرائيلية. وفي ما يتعلق بالحق في تخصيب اليورانيوم، لن تجد سياسياً إيرانيا ً واحداً يفكّّر بطريقة مختلفة. أما في ما يتعلق بالديمقراطية، فالفوارق كبيرة جداً. إن أحمدي نجاد يتّخذ موقفاً عدوانياً، في حين يؤمن موسوي باحترام القوانين والدستور. أنا أعتقد أن قضية التحوّل الديمقراطي هي المسألة المركزية الآن. وكل شيء آخر، بما فيه المسألة النووية، أمر ثانوي.
السياسيون الغربيون ينظرون إلى الأمور بطريقة مختلفة؟
محسن كديور: كل من يركّز على المسألة النووية الآن لن يجد آذاناً صاغية في إيران. إن الدماء تسيل في شوارعنا، وأنت تلحّ على طرح الطاقة الذرية.
البعض في الغرب يخشى أن تسوء الأمور في العالم إذا ما حصلت إيران على أسلحة نووية؟
محسن كديور: نحن نشعر بقلق خاص إزاء إسرائيل. فتلك الدولة سلّمت طاقتها النووية للعسكريين. وكل مسلم- بل كل إنسان- يشعر بالخوف من إسرائيل. إن ترسانة إسرائيل النووية ينبغي أن توضع تحت رقابة الأمم المتحدة ومعاهدة حظر الإنتشار النووي.
هل تقصد بجوابك أنه لن يكون هنالك تغيير في ما يتعلق بالموضوع النووي بغض النظر عن الرابح في الصراع على السلطة في إيران؟
محسن كديور: أية حكومة إيرانية ستصرّ على الحق في الإستخدام السلمي للطاقة النووية.
ولكن تلك ليست القضية موضوع الخلاف. نحن نتحدث عن القنبلة الذرية؟
محسن كديور: أميركا تملك القنبلة الذرية، وإسرائيل كذلك. إن ما يُقال حول إيران هو إمكانية وليس حقيقة. وإذا كانت القنبلة الذرية شرّاً، فإنها شرّ في أي مكان- وليس فقط في البلدان التي تعارض سياسة الولايات المتحدة. هذه سياسة مزدوجة المعايير.
ماذا سيحدث إذا هاجمت إسرائيل أو الولايات المتحدة المنشآت النووية في إيران؟
محسن كديور: سيكون مثل هذا الهجوم على حساب جميع القِيَم الأخلاقية. إن الإيرانيين سيقاومون، وسيقاومون موحّدين، بغض النظر عن التوجّهات السياسية والدينية.
كيف ستكون إيران بعد خمس سنوات؟
محسن كديور: آمل أنها ستكون إيران ديمقراطية. إن بلادي تملك إمكانية أن تغدو مجتمعاً ديمقراطياً نموذجياً.
وكيف ترى دورك في هذا المسار؟
محسن كديور: سأعود إلى إيران، ولكن ليس خلال الأيام القليلة المقبلة. إذا عدت إلى إيران الآن، فسأذهب إلى السجن. إن ظروف السجن سيئة جداً. صديقي الدكتور سعيد حجاريان بحاجة إلى أدوية وعناية طبية- وهو ينبغي أن يكون في المستشفى، وليس في السجن. وقد سمعت أن صديقيّ “مصطفى تاج زاده” و”عبدالله رامزان زاده” قد تعرّضا للتعذيب. إن “رامزان زاده” كان الناطق بلسان الرئيس محمد خاتمي، أما “تاج زاده” فكان نائب وزير الداخلية في عهد خاتمي.
أنت نفسك أمضيت 18 شهراً في سجن “إيفين” السيء الصبت؟
محسن كديور: سأعود إلى إيران وأنا مستعد للعودة إلى السجن، ولكن بموجب قرارات محكمة.
هل ترغب في تولّي منصب سياسي في إيران الديمقراطية؟
محسن كديور: كمفكّر، ومؤلّف، وأستاذ جامعي، لدي دور مهم ينبغي أن أؤديه. ولدينا قادة سياسيون ممتازون في إيران- مثلا، مير حسين موسوي، الذي أؤيده بقوة.
أجرى المقابلة Erich Follath و Gabor Steingart.
كلهم في الشر سواء
هذا المعمم لا يختلف كثيرا عن باقي المعممين الداعمين لموسوي صاحب الماضي الثوري الاسلامي الداعم للخميني
لا خير يرجى في كل أفراد العصابة هؤلاء فهم لا يزالون مصرين على نفس المبادئ الهدامة
ما يحدث في إيران ليس إلا خلاف بين جمع من اللصوص والقتلة…فالنار تأكل نفسها إن لم تجد (من) تأكله
ستنتظر إيران المنكوبة بالفساد أجيالا وأجيال حتى تلحق بركب الأمم المتحضرة حيث لا تقديس إلا لحرية الانسان