إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
فابريس بالانش: الرئاسة والإستخبارات تحكم سوريا، والشرع محاط بمستشارين أتراك وقطريين وغربيين، يعلمونه ما يجب أن يقول ويفعل!
لو فيغارو: هذه أول زيارة لأحمد الشرع إلى أوروبا، حيث سيُستقبل الأربعاء في باريس من قبل إيمانويل ماكرون. ما هي رهانات هذه الزيارة بالنسبة له وللحكومة السورية الجديدة؟
فابريس بالانش: الشرع يسعى أولاً للحصول على شرعية دولية. حتى الآن، استُقبل من قبل قادة عرب: ولي العهد السعودي، الرئيس التركي… وحتى أمير قطر زار دمشق. هذه هي المرة الأولى التي يزور فيها الغرب. أما الولايات المتحدة، فالوضع أكثر تعقيدًا، إذ كانت قد وضعت مكافأة على رأسه مؤخرًا. لذا يتوجه إلى أوروبا، وهو أفضل من لا شيء!
كذلك يسعى لرفع العقوبات، وهو أمر بدأ الأوروبيون بالفعل في تنفيذه. كما أنه يبحث عن المال: في مؤتمر المانحين في 17 مارس في بروكسل، تم التعهد بـ6.5 مليار يورو، منها ملياري يورو من أوروبا.
لكن العقبة الكبرى تبقى الولايات المتحدة، فهي التي تمتلك مفتاح إعادة التأهيل الحقيقي لسوريا. وطالما أن البلاد خارج نظام “سويفت”، فستظل عاجزة عن جذب الاستثمارات. حتى الدول العربية، مثل قطر، لن تُغامر بدعم النظام الجديد دون ضوء أخضر من الأميركيين.
لو فيغارو: وماذا عن مصلحة فرنسا في استقبال هذا القائد رسميًا؟
توجد منافسة بين فرنسا وألمانيا على من سيستأنف العلاقات مع سوريا أولاً. الألمان أعادوا فتح سفارتهم في دمشق، وتفوّقوا بذلك على الفرنسيين.
في فبراير، أعلن ماكرون أنه يريد أن تكون فرنسا بوابة المساعدات الإنسانية والاقتصادية إلى سوريا على المستوى الأوروبي، مستندًا إلى التاريخ الفرنسي السوري ودور فرنسا في شرق المتوسط.
لكن المشكلة أن الألمان هم من يملكون الموارد المالية، وليسوا مستعدين لتمويل سوريا بشروط فرنسا. وهذا سيجعل الأمور معقدة لماكرون.
شركة CMA CGM تمتلك نصف مرفأ اللاذقية منذ 2009
فرنسا تسعى كذلك للحصول على حصة في سوق إعادة الإعمار. تأمل أن تستفيد شركات البناء والأشغال العامة الفرنسية.
على سبيل المثال، قامت شركة CMA CGM الأسبوع الماضي بتجديد امتيازها لتشغيل ميناء اللاذقية. وقد وعدت الشركة باستثمار ما بين 200 إلى 300 مليون يورو من أجل تحديث الموانئ السورية. تمتلك CMA CGM نصف ميناء اللاذقية منذ عام 2009. لا يجب أن ننسى أن عائلة سعادة من أصل سوري، رغم أنها غادرت سوريا في ثلاثينيات القرن الماضي إلى بيروت تحديدًا، ثم انتقلوا إلى فرنسا خلال الحرب الأهلية اللبنانية. لا تزال العائلة تحتفظ بروابط قوية مع سوريا. فعلى سبيل المثال، استثمر ابن عم رودولف سعادة في كروم عنب بالقرب من اللاذقية. كما أن منزل العائلة يقع أيضًا في هذه المدينة. وفي عهد بشار الأسد، شاركوا في تأسيس شركات قابضة في سوريا بهدف تحديث الاقتصاد السوري، وها هم اليوم يعودون مجددًا إلى السوق السورية.
لو فيغارو: ماكرون اشترط على الشرع تشكيل “حكومة شاملة” وتقديم “ضمانات أمنية”. هل تم ذلك؟
لا، لم يحدث ذلك. الشرع عين درزيًا، علويًا، كرديًا، ومسيحية في حكومته. الأوروبيون يعتبرون ذلك كافيًا، لكنها مجرد واجهة. في سوريا، الوزراء – باستثناء وزيري الدفاع والداخلية – لا يملكون سلطة حقيقية. السلطة بيد القصر الرئاسي وأجهزة الاستخبارات. وأضاف الشرع مجلسًا دينيًا جديدًا تمر عبره كل القوانين والمراسيم للمصادقة.
ثم إن مجزرة العلويين في مارس والهجمات ضد الدروز الأسبوع الماضي تظهر بوضوح أن حقوق الأقليات والنساء ليست محترمة.
الدبلوماسيون الأوروبيون يقولون “كان يمكن أن يكون الأمور أسوأ” – وهذا صحيح. لكنه لا يعني أن الوضع جيد.
لو فيغارو: فرنسا تستقبل الشرع بعد أسابيع من مجزرة العلويين وفي ظل التوتر مع الدروز. هل التوقيت مناسب؟
أعتقد أن الزيارة كانت مقررة قبل هذه الأحداث. فرنسا كان بإمكانها إلغاؤها، لكنها لم تفعل بسبب المنافسة الأوروبية وضغط حلفائها، كقطر والسعودية وتركيا، الذين يريدون من فرنسا استقباله.
فرنسا تأمل أن تحقق مكاسب اقتصادية، تمامًا كما فعلت في العراق عندما زار ماكرون رئيس الوزراء السوداني، معتمدًا على موقف فرنسا المناهض لغزو 2003. لكنه عاد بمشاريع لم تُنفذ، كالمطار الذي بناه الأتراك، وعقد “توتال” تقلص كثيرًا.
لو فيغارو: هل يمكن القول إن فرنسا هي”النافع الساذج” في هذه القضية؟
أجل، فرنسا تتصرف بسذاجة، تعتقد أنها ستجني مكاسب وأن النظام سيتجه نحو الاعتدال. هذه رؤية سطحية لتاريخ سوريا والشرق الأوسط. في 2011-2012، كانت فرنسا تعتقد أن الأسد سيسقط بسرعة… .
لو فيغارو: الشرع يحاول محو ماضيه الجهادي وتقديم صورة جديدة. هل تغير حقًا أم أن أوروبا تنخدع؟
الأوروبيون ينخدعون لأنهم يخلطون بين أحلامهم والواقع. الأوروبيون يريدون استقرار سوريا لتفادي موجات الهجرة الجديدة ومنع تحولها إلى ملاذ للإرهابيين. لذا يظنون أن دعم الشرع سيساعد على الاستقرار. لكنهم يخطئون. الشرع يظهر مؤشرات اعتدال فقط لأنه ضعيف وبحاجة للمال. يوم يقوى، سيكشف وجهه الحقيقي، بما في ذلك تجاه الغرب.
حاليًا، يُظهر أنه يفي بالشروط، لأنه محاط بمستشارين أتراك وقطريين وغربيين، يعلمونه ما يجب أن يقول ويفعل.
لكنه ليس معتدلًا. هو براغماتي، نعم، لكن براغماتيته لا تعني اعتداله. هو راديكالي.
وحين يثبت حكمه، سيبني “الخلافة” التي طالما حلم بها.
لقد رقى جهاديين عالميين إلى مناصب قيادية، ولا يزال يعتمد على جماعات تابعة للقاعدة.
إقرأ أيضا:
مالبرونو: عَقد “حاويات مرفأ بيروت” مقابل عدم التعرُّض لسلاح حزب الله؟
Al-Charaa en visite à Paris : « Les Européens se laissent berner parce qu’ils prennent leurs rêves pour des réalités »