لندن/انقرة (رويترز) – تقول مصادر مطلعة على التحركات العسكرية إنه مع اقتراب الحرب السورية من بداية عامها الرابع صعدت ايران دعمها على الارض للرئيس بشار الاسد وزودت سوريا بفرق خاصة لجمع المعلومات وتدريب القوات.
ويسهم هذا الدعم الاضافي من طهران بالاضافة إلى شحنات الذخائر والعتاد من موسكو في بقاء الاسد في السلطة في وقت لم تستطع فيه قواته أو مقاتلو المعارضة حسم الوضع في ساحة المعركة.
وفشلت قوات الاسد في الاستفادة بالكامل من التقدم الذي حققته في الصيف الماضي بمساعدة ايران الحليف الاقليمي الرئيسي لسوريا ومقاتلي حزب الله اللبناني الذي تدعمه طهران وقدم دعما مهما للاسد في الحرب.
لكن الزعيم السوري استشعر قدرا من الارتياح من انحسار خطر غارات القصف الامريكية في أعقاب التوصل لاتفاق تتخلى سوريا بمقتضاه عن أسلحتها الكيماوية.
وحتى الآن أنفقت ايران الشيعية مليارات الدولارات على دعم الاسد في الحرب التي تحولت إلى حرب طائفية بالوكالة مع دول عربية سنية. ورغم أنه ليس جديدا وجود عسكريين ايرانيين في سوريا فإن كثيرا من الخبراء يعتقدون أن ايران أرسلت في الشهور الأخيرة مزيدا من الخبراء لتمكين الأسد من التفوق على خصومه في الداخل والخارج.
ويعتقد محللون أن زيادة الدعم تعني أن الاسد ليس مضطرا لتقديم تنازلات في محادثات السلام المتعثرة في جنيف.
– خبراء عسكريون
تقول مصادر ايرانية مطلعة على حركة انتقال العسكريين ومصادر بالمعارضة السورية وخبراء أمنيون إن الأسد يستفيد الآن من نشر طهران مئات من الخبراء العسكريين الاضافيين في سوريا.
ومن هؤلاء قادة كبار من قوة القدس الخاصة التي تكتنف نشاطها السرية وهي الذراع الخارجية لقوات الحرس الجمهوري الاسلامي بالاضافة إلى أفراد من الحرس الجمهوري.
وتقول مصادر في ايران وخارجها إن مهمة هذه القوات ليست الاشتراك في القتال بل توجيه القوات السورية وتدريبها والمساعدة في جمع المعلومات.
وقال مسؤول في وزارة الخارجية الايرانية “قلنا على الدوام إننا ندعم أشقاءنا السوريين ونحترم إرادتهم… ايران لم تتورط في سوريا قط بتقديم السلاح أو المال أو بإرسال قوات.”
لكن مسؤولا ايرانيا سابقا كان يشغل منصبا رفيعا على صلة وثيقة بالحرس الجمهوري قال إن قوات ايرانية تعمل في سوريا.
وقال إن قوة القدس تجمع المعلومات في سوريا التي تعتبرها ايران أولوية قصوى. وأضاف أن بضع مئات من قادة قوة القدس والحرس الجمهوري موجودون في سوريا لكنهم لا يشاركون مشاركة مباشرة في القتال.
وقال قائد في الحرس الجمهوري تقاعد في الفترة الأخيرة إن القوات الايرانية على الأرض تضم بعض المتحدثين بالعربية. وأضاف أن عدد القادة الكبار من قوة القدس يتراوح بين 60 و70 فردا في كل الاوقات.
وتابع ان مهمة هؤلاء القادة تقديم المشورة وتدريب قوات الاسد وقادته وأن الحرس الجمهوري يتولى توجيه القتال بناء على تعليمات من قادة قوة القدس.
وقال القائد السابق في الحرس الجمهوري إن هؤلاء الافراد يدعمهم أيضا الاف من مقاتلي الباسيج المتطوعين بالاضافة إلى متحدثين بالعربية من بينهم شيعة من العراق. وقدر المسؤول الايراني السابق ومصدر بالمعارضة السورية القوات الخارجية بالالاف.
ولم يتسن التأكد من صحة هذه الأرقام من مصادر مستقلة في سوريا لكن سبق الاعلان عن مقتل اثنين على الأقل من قادة الحرس الجمهوري في سوريا.
وقال مسؤولون أمنيون أوروبيون وأمريكيون إن مئات من الايرانيين يعملون في سوريا بتقديم المشورة والتدريب وفي بعض الحالات بقيادة قوات حكومية سورية.
وقال مسؤول أمريكي “وجود ايران في سوريا كان ومازال مصدر قلق في ضوء الموارد المتاحة لطهران وتأييدها المطلق لنظام الأسد.”
وجاء في تقرير لوكالة مخابرات غربية حصلت رويترز على نسخة منه إنه رغم أن قوات الأسد حققت تقدما في القتال على الأرض فإنها لا تستطيع في الوقت الحالي “أن تترجم هذه المزية إلى نصر حاسم.” وقال التقرير إن اعتماد الأسد على حزب الله وإيران يتزايد.
وأضاف التقرير “وراء تحسن قدرات النظام القتالية يوجد دعم كبير من حزب الله وإيران وروسيا في حين أن نقاط ضعف مقاتلي المعارضة تزداد وضوحا.”
وتابع “سوريا لها أهمية خاصة بالنسبة لإيران وحزب الله من الناحية الاستراتيجية الجغرافية.”
وقال سكوت لوكاس من موقع (إي.ايه. وورلد فيو) المتخصص في شؤون ايران وسوريا إن الأدلة تشير إلى وجود مئات من المستشارين والمدربين الايرانيين في سوريا.
وأضاف “هم يحاولون العمل مع السوريين على رفع عدد القوات (السورية) التي يمكن حشدها في الميدان والتأكد من أن بوسعها التمسك بمواقعها وتنفيذ عمليات هجومية بعينها.”
– عبر الحدود
قالت مصادر ايرانية ومصادر في المعارضة السورية إنه يمكن للافراد الايرانيين دخول سوريا عبر الحدود مع تركيا لان الايرانيين لا يحتاجون تأشيرات لدخول تركيا. ويأتي آخرون عن طريق الحدود العراقية بينما يصل كبار القادة جوا إلى دمشق.
وقال مسؤول تركي إن عدد الايرانيين العابرين إلى سوريا تزايد في الشهور القليلة الماضية وأغلبهم يحمل جوازات سفر غير ايرانية.
وقال مصدر بالمعارضة السورية إن قوات بقيادة ايرانية بدأت تعمل في الشهور الأخيرة في مناطق ساحلية من بينها طرطوس واللاذقية. وتحمل هذه القوات بطاقات هوية محلية وترتدي ملابس عسكرية سورية وتعمل مع وحدة استخبارات سلاح الجو السوري الخاصة.
ولم يتسن التأكد من وجود وحدات في المناطق الساحلية. وامتنعت المصادر الايرانية عن ذكر تفاصيل مواقع وجود القوات.
وقال ريول مارك جريشت الضابط السابق بالمخابرات المركزية الامريكية والذي عمل في الشرق الاوسط إن ايران تسعى لتحاشي التورط في القتال المباشر.
وقال جريشت الذي يعمل الآن لدى مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات وهي مؤسسة أبحاث أمريكية “سيكون من الصعب دمج الايرانيين في العمليات القتالية التي يقوم بها العرب وسيتعين عليهم أساسا تنفيذ عملياتهم القتالية الخاصة لانهم سيرفضون العمل تحت قيادة العلويين.”
وينتمي الاسد للطائفة العلوية.
وقال توربيورن سولفيت من مؤسسة مابلكروف لاستشارات المخاطر إن دور ايران في التدريب والتنسيق يمثل “شريان حياة للنظام”.
وأضاف “تبقى مشاركة أفراد من الحرس الجمهوري الايراني والميليشيات الشيعية مثل حزب الله أمرا حيويا للمجهود الحربي للنظام السوري.”
– شريان السلاح
قالت مصادر عدة إن سوريا واصلت في الاسابيع الأخيرة تلقي السلاح والعتاد العسكري من روسيا عن طريق أطراف ثالثة. ومن هذه المعدات طائرات تجسس بدون طيار وقنابل موجهة وقطع غيار للطائرات القتالية.
وتقول موسكو إنها لا تنتهك القوانين الدولية بما تقدمه من امدادات عسكرية لسوريا لا تتضمن أسلحة هجومية.
وقال نيك جينزن جونز خبير الاسلحة العسكرية ومدير مؤسسة ارمامنت ريسيرش سيرفسز للابحاث إن قاذفات صواريخ ايرانية الصنع من طراز فلق 1 وفلق 2 ارسلت إلى سوريا من ايران.
وأضاف “رغم أنها موجودة منذ فترة فقد شهدنا زيادة في استخدامها في الفترة الاخيرة.”
وقال إن ذخائر أسلحة ايرانية صغيرة جديدة انتجت في السنوات الثلاث أو الاربع الاخيرة وصلت الى سوريا في الاونة الاخيرة.
وقال مقاتل يعمل في محافظة حمص مع جماعة لواء الحق الاسلامية إن قوات المعارضة على علم بوصول طائرات ايرانية إلى مطار حماة بوسط سوريا لتسليم أسلحة.
وقال مصدر بصناعة السلاح الدولية مطلع على حركة نقل الاسلحة في الشرق الاوسط إن سوريا تلقت ملايين الطلقات من ذخائر الاسلحة الصغيرة في الاونة الاخيرة معظمها من الكتلة الشرقية السابقة ووصل إما بحرا أو جوا من منطقة البحر الاسود.
وقال مصدر المعارضة السورية إن مطار اللاذقية وميناءها بالاضافة إلى ميناء طرطوس تستخدم في جلب العتاد.
وقال المصدر بصناعة السلاح إن من الامدادات الأخرى مدافع رشاشة وذخائر لوحدات المدفعية والدبابات.