إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
عام 1979، تمَّ تكليف “سمير جعجع” بقيادة حملة تأديبية ضد بلدة “العاقورة” التي تقع على ارتفاع 1450 متراً، وتبعد 65 كلم ع العاصمة بيروت. وسقط فيها 30 قتيلاً من الجانبين، ولولا تدخُّل القيادي الكتائبي حينها “نادر سُكَّر”، و”الأب عنداري”، لكان سقوط الضحايا ارتفع اكثر واكثر.
يبدو ان رئيس القوات ما زال في نفسه بعضٌ من تلك الايام التي لم تفارق ذاكرته! إلا أنه هذه المرة استعان بصديق، هو النائب “زياد الحواط” لتأديب “العاقورة” من جديد، عبر مجلسها البلدي، فأوقعها ضحية صراعه مع النائب السابق الدكتور فارس سعيد.
يحكى ان النائب المرحوم “ادمون نعيم”، كان رئيس فريق الدفاع عن الدكتور جعجع أثناء سجنه، وعند خروجه من السجن، رشح جعجع نعيم لمنصب نيابي، وقاتل بشراسة لكي يصل ادمون نعيم الى المجلس النيابي، مع انه كان بلغ من العمر عتيا، وكان “الحكيم” يقول، إن نيابة ادمون نعيم بعضٌ من وفاء لكل ما تكبده أثناء دفاعه عنه!
إلا أن ما أنطبق على الدكتور “نعيم” رحمه الله، لم ينطبق على الدكتور سعيد، الذي حمل وسعى مع الراحل سمير فرنجيه لإخراج جعجع من السجن، بقانون عفو تم إقراره في المجلس النيابي، وليس عبر دفاع الراحل نعيم! فحمل “سعيد” الوثيقة النيابية التي طالبت بإقرار قانون العفو عن جعجع على وجال على النواب، مع النائب الشهيد “وليد عيدو”، وتوصلوا الى إقرار القانون الذي بموجبه خرج “الحكيم” من السجن. هذا فضلا عن إقناع الزعيم وليد جنبلاط بزيارة السيدة ستريدا جعجع في “زوق مصبح” لتكريس مصالحة، قبل اوانها، مع “القوات”.
إذا كان “الدكتور سعيد” لا يستأهل ردا للجميل، فهل تستأهل “العاقورة” كل هذه القصاص من قبل الدكتور جعجع ومن صديقه زياد الحواط؟
عند تشكيل اللوائح البلدية، وفي العاقورة، حين زارت اللائحة التي تدعمها القوات “معراب” لأخذ البركة من “الحكيم”، توجه اليه احد العناصر القواتيين، قائلا :”يا حكيم هذه اللائحة لا تمثل نُخَب البلدة وفعالياتها، فاجابه “هلقد منيح عالعاقورة”!
جرت الانتخابات، وحصدت اللائحة التي دعمها النائب السابق فارس سعيد، 8 مقاعد من اصل 15 مقعدا، وتاليا، كانت الاغلبية ستقترع لرئيس مجلس بلدي، لا يتبع “القوات”. ولكن ما حصل كان انقلابا على إرادة الناخبين، حيث تمت استعادة “شياطين” الماضي، واتُّخذ القرار القواتي بالتعاون والتنسيق مع رئيس اتحاد بلديات جبيل، بضرب الميثاقية البلدية في العاقورة وتأديبها من جديد! حيث عمل النائب “زياد الحواط” بالتعاون مع رئيس بلدية “بلاط”، “عبدو العتيّق” على تحويل الاكثرية في المجاس البلدي الى أقلية، علما ان “العتيّق” هو صهر “العاقورة”، ووجوده في القرية لا يثير شكوكا. فتدخل الثنائي حواط ـ عتيّق، لدى العضوين المنتخبين “صخر مهنا” و”جان بيار صعب”، حيث واكب العتيّق انتخاب المجلس البلدي في العاقوره في سرايا جبيل، بصفته رئيسا لبلدية، وأمن انقلاب العضوين بما أُنزل من سلاطين الترغيب التي كان من الصعب رفضها.
إنقلاب العضوين شكَّلَ سابقة تحدثُ للمرة الاولى في البلدة، إذ انه، وحسب العرف السائد منذ العام 1998، تتكون بلدية العاقوره من 15 عضوا، ثلثهم من آل الهاشم، اي 5 اعضاء، من بينهم نائب الرئيس، ويكون 10 اعضاء من سائر عائلات البلدة، من بينهم رئيس المجلس البلدي، وما انجزه ثنائي الحواط عتيّق، هو ضرب هذا العرف، حيث تم استبعاد آل الهاشم، وتم انتخاب الرئيس ونائبه من العائلات!.
حرب الالغاء التي شنتها القوات على بعض اهالي العاقورة، أثارت استياء “آل الهاشم” الذين استقالوا من المجلس البلدي، وتضامن معهم عضوان من العائلات فأصح المجلس اعرجاً يسير بعشرة اعضاء مخالفا للاعراف المعمول بها في القرية.
أهالي “العاقورة” الذي دفنوا ماضيهم، وخلافاتهم، جاء من يعيدهم اليها من جديد، وهم يتساءلون: لماذا يجب ان ندفع ثمن محاولات القوات الغاء النائب السابق الدكتور فارس سعيد؟ ولماذا يجب ان تُضرب الاعراق والميثاقية في البلدة ولصالح من؟ وهل هكذا “تُكافأ العاقورة” من قبل النائب زياد حواط الذي اعطته الكثير في الدورات الانتخابية السابقة ولم تبخل عليه بعائلاتها وآل الهاشم على حد سواء؟
يستذكرُ اهالي البلدة وصية “حليم الحواط”، والد النائب زياد حواط، بأن لا يجعل الدكتور سمير جعجع يجلس على كرسي عميد الكتلة الوطنية الراحل ريمون اده! ولكن يبدو ان “الحواط” استغنى عن كرسي “العميد” وجلس هو منتظما في الصف على كرسي من بين كراسي عدة في معراب.