إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
تشهد جبهة لبنان تصعيداً عسكرياً مع استمرار الغارات الإسرائيلية على مناطق في الجنوب والشرق، وصولاً إلى الضاحية الجنوبية لبيروت. تستهدف هذه الغارات بشكل متكرر مناطق تضم مواقع سرّية لـ”حزب الله”، من بينها مخازن للذخائر والصواريخ، ما يؤدي إلى انفجارات تطلق شظايا ومقذوفات نحو أحياء مجاورة، ناشرة الذعر بين السكان، ومؤكدة هشاشة وقف إطلاق النار المعلن منذ أشهر.
وعلى الرغم من هذا التصعيد، يلتزم “حزب الله” الصمتَ ميدانياً، مُكتفياً باستيعاب الضربات من دون ردود فعل مباشرة، باستثناء استنكارها عبر وسائل الإعلام، فيما يُقتل عناصره فرادى في مواقع متفرقة، إما على دراجاتهم النارية أو داخل سيارات يُفترض أنها آمنة. كما تستهدف الغارات الإسرائيلية آليات حفر، ومواقع بناء، ومنازل جاهزة في القرى الحدودية، حيث تتهم “حزب الله” بإعادة التحضير لبناء مواقع عسكرية تحت غطاء إعادة إعمار منازل المدنيين.
في المقابل، يواصل الجيش اللبناني، بالتعاون مع اللجنة الخماسية التي تقودها الولايات المتحدة، تنفيذَ مداهماتٍ تستهدف مخازن السلاح التابعة لـ”الحزب” جنوب نهر الليطاني، في إطار تطبيق القرار الدولي 1701. إلا أن الوضع يختلف شمال النهر، حيث يواجه الجيش عوائق عدّة، أبرزها رفض “حزب الله” السماح بتنفيذ أي مداهمات لمواقعه، وخصوصاً في مناطق سيطرته المباشرة مثل إقليم التفاح وبعض قرى النبطية والبقاعين الغربي والشمالي، والضاحية الجنوبية.
ويضع التأخر اللبناني في إزالة سلاح “حزب الله” من الأراضي اللبنانية وقف إطلاق النار أمام اختبارٍ يومي يتخلله ضربات إسرائيلية “دقيقة”. وبينما تعلن الحكومة اللبنانية رفضها لهذه الضربات، إلا أنها تتهرب من الإجابة عن سبب عجزها عن تنفيذ الاتفاق الذي أوقف الحرب، والذي أدى إلى انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة كان من أهدافها إصلاح الوضع، ومكافحة الفساد، ومنع السلاح الميليشيوي على الأراضي اللبنانية، وفقاً لخطاب القَسَم.
وفي ظل تزايد الضربات الإسرائيلية، اتخذ “حزب الله” خطوات تُعيد إلى الذاكرة ما عاشته القرى الجنوبية قبل الحرب، من خلال فتح مواجهات مع قوات الأمم المتحدة “اليونيفيل” في مناطق جنوب الليطاني، حيث تتعرض الدوريات الدولية لمضايقات من عناصر مدنيين موالين للحزب، تحت مسمى “الأهالي”، تصل أحياناً إلى حدّ التظاهر وقطع الطرق والاعتداء على جنود “القبعات الزرق”، في ظل غياب التنسيق الفعّال من قبل الجيش اللبناني، رغم أن القرار 1701 يمنح القوة الدولية صلاحية المداهمة والتحرك بحرية بحثاً عن السلاح داخل مناطق انتشارها.
وتفيد مصادر دولية مطّلعة بأن إسرائيل نبّهت في الفترة الأخيرة من تراخي الجيش اللبناني تجاه مخازن “حزب الله” شمال نهر الليطاني، رغم التبليغات المتكررة عبر اللجنة الخماسية، التي أكدت ضرورة تفريغ أي موقع مشتبه به، خصوصاً في ظل التأكيدات الإسرائيلية على وجود أسلحة وذخائر داخلها، كما حصل ليل الخميس في بلدة “تول” قرب النبطية، وفي إقليم التفاح، وفي بلدة “تولين” قضاء صور.
وتتخوف المصادر من أن يكون سبب هذا “التراخي” قراراً صادراً من أعلى المقامات، يقضي بتجنّب وقوع إشكالات مع “الحزب” في هذه المرحلة الحساسة، التي تشهد تقدماً في المفاوضات الأميركية–الإيرانية، يرافقه تصاعد في لهجة التهديدات الإسرائيلية، ما يدفع بيروت إلى تفضيل تجنّب “انفجار” ترددات المحادثات على شكل حروب داخلية فوق الأراضي اللبنانية.
وتُشير المصادر إلى اعتماد “حزب الله” أساليب جديدة لتهريب الأموال والسلاح النوعي، إلى جانب تقنيات حديثة من الخارج، عبر البحر والجو، ليتأهب لمواجهة جديدة إذا ما اضطر إلى ذلك، في ظل التهديدات الإسرائيلية للمواقع النووية الإيرانية. وتلفت إلى أن حكومة بيروت تحاول جاهدة وقف التهريب، إلا أن “ظروفاً” أقوى داخل الدولة تحول دون ذلك.
وتؤكد المصادر أن اتفاق وقف إطلاق النار يتيح لإسرائيل تنفيذ هجماتها، التي كانت منذ اليوم الأول لتطبيق الاتفاق تتوقع عدم التزام “حزب الله” ومن خلفه الإيرانيين ببنوده. وهي امتنعت عن إعادة مدنييها إلى شمال البلاد، لأنها تتخوف من أن الحرب القادمة، قادمة.