اشتهر الهندوس قديماً بطقس يدعى ساتي.. وهو ممارسة شهيرة تحتم على الأرملة أن تحرق نفسها بالنار حين يتوفى عنها زوجها.
كانت الحكمة من وراء ذلك تجديد الزواج وزفاف الأرملة للميت.
ولم يصف التاريخ طقوساً ساتية عن زفاف الأرمل للزوجة الميتة.
يقال أن الساتي كان مفروضا على المرأة الصالحة وتم شرح تلك الممارسة دينياً على أنها ليست انتحارا تمنعه الكتب المقدسة، بل عملا صالحا يغفر خطايا الزوجين ويضمن خلاصهما وحياة تجمعهما بعد الموت.
استمر الشواء الساتي حتى بدأ منعه في الأراضي الخاضعة لسيطرة الأوروبيين، فقد جرمه البرتغاليون والهولنديون والفرنسيون والانجليز.
وفي عام 1987 صدر قانون يمنع الساتي ويعتبر تمجيده أو التشجيع عليه أمرا غير قانوني. ورغم الحظر المفروض فقد مورست تلك العادة الهمجية في راجستان الشمالية لمرات قليلة جدا في السنوات الأخيرة. وفي تلك الولاية يقام في مهرجانا سنويا احياء للمرأة الهندوسية التي تقوم بحرق نفسها مع جثة زوجها الميت.
أما جزيرة صقلية بجنوب إيطاليا، فقد أجبرت بها الأرامل على ارتداء سواد خانق مدى الحياة بعد وفاة الزوج، ومنعت من الزواج مجدداً. استمر هذا التقليد الهمجي حتى سبعينيات القرن السابق، ومع الأسف فلا تزال هذه العادة معمول بها إلى اليوم عند عدد من العوائل الصقلية.
في باكستان حلقت الأرملة شعرها وأجبرت على ارتداء بياض خانق.
وتقطع أرملة قبائل الهوتنتوت الأفريقية جزءاً من أصبعها حين يتوفى عنها الزوج إشارة للوفاء الاجتماعي والرباط المقدس بينهما.
انتحار إجباري آخر في مناطق أخرى، حيث أرامل أخريات عقابهن مختلف. أو أن انتحارهن مختلف. انتحار مؤقت. الحبس لأكثر من أربعة شهور بقليل. وهو ما تمارسه مجتمعاتنا إلى اليوم. قد يختفي هذا التقليد يوماً ويتحول لذكرى ضمن الطقوس العربية القديمة. لكنه اليوم معمول به لدرجة متطرفة بعض الأحيان. إذ اختارت بعض النساء ألا يخرجن من المنزل لمدة عام كامل حدادا على الزوج المفقود.
المعروف أن تمنع الأرملة من الزواج خلال فترة الحداد أو العدة لغاية تحديد النسل وعدم اختلاط الأنساب. لكن ذلك يرافقه ممنوعات أخرى.. مثل الخروج من البيت لغير حاجة.
إذ يجب أن يكون خروجها للضرورة.
لا أعلم إن كان التنزه ومتابعة الطبيعة ضمن الضرورة. ولا أفهم علاقة اختلاط النسب بالخروج ومخالطة الرجال ومحادثتهم.
أيعني تعميم الحبس على جميع النساء، أن هناك شك في أخلاق جميع النساء؟
هل توحي نظرية حبس الأرامل بأن الأصل في النساء البعد عن الطهارة بالمعنى المحلي للطهارة، وأنهن بلا استثناء قد يمارسن الحرام في أية لحظة ومع أي غريب؟
في عزاء حضرته اجتمعت المفتية مع الأرملة. في كل عزاء تأتي مفتية لتلقي تطرفاً جديدا وتوزع إرشاداتها على أهل الميت. لا أحد يذكر الميت، لا يخصصون ساعة يجتمع بها أبنائه وأقربائه لذكر إيجابياته ومنجزاته، ووصف علاقتهم به وكم كانوا يحبونه.
ولأن المفتية تحكي وتتطرف باسم الله فقد صمت الجميع.
لا تتزيني ولا تتبرجي وأنت داخل المنزل حتى انتهاء العدة، لا تقصي شعرك ولا تصبغيه ولا تضعي الكحل ولا تستخدمي أي مادة عطرية. استحمي فقط..
– لماذا يكرهون الورود؟
لما لا يجبر الأرمل الرجل على اتباع نموذجا للحزن احتراما للزوجة المفقودة؟ كأن يحرم من الحياة. أو يجبر على معانقة الوحدة.
تتصل الأرملة بالشيوخ والوعاظ، تنشد منهم طريقة للحزن. تطلب تعذيباً مازوشياً لتحولها أرملة.
لا تخرجي من بيتك ولا تختلطي مع الرجال..
– أتعاقب لأن زوجها مات؟
ماذا عن الوحدة والاكتئاب النفسي والحاجة لالتفاف الناس من حولها في هذا الوقت المحزن.
لماذا يتحول الزوج بمجرد وفاته إلى أحد المقدسات؟
وكيف تعتد الأرملة وتمنع من الحياة كبقية البشر على جريمة لم تقترفها، بل اختارها القدر؟
هل تعتد الأرملة أيضا على رجل مارس أمورا منافية للدين؟ هل يجوز أن تمسك الحداد وفاء لشرير؟
ومن يستطيع أن يحدد للأرملة كيف تحزن وبأية لون يكون حزنها؟
Albdairnadine@hotmail.com
* كاتبة سعودية
عقاب الأرامل
يبدو لي أن الطقوس الساتية رغم القسوة والعنف وفظاعة الأسلوب إلا أنها تتكأ على جوانب روحية سامية يحط من سموها الى درجة فظاعة الجريمة ذلك الاختلال وعدم المساواة بين طرفي علاقة يفترض على الاقل أن تكون متوازنة في واقع المادة لترتقي في عالم الارواح سموا ….
أنا شخصيا مقتنع بهذا الطقس من حيث النتيجة إلا انني قد أجري تحويرا من حيث الشكل عندما أطبقه على نفسي فأنا لا احتمل هذا الكون بدون حبيبتي …يارب لا تجعلني أول ساتي وامنح حبيبتي طول العمر