بعد مرور ثلاثة أسابيع من بدء الاحتجاجات في سوريا التي مات خلالها أكثر من 200 شخص، يبدو أن الانتفاضات ضد نظام الأسد في دمشق بدأت تكتسب زخماً. ففي الأيام الأخيرة، امتدت الاحتجاجات إلى مدينة بانياس الساحلية، والأهم من ذلك، إلى مدينة حلب. وحتى مظاهرات أصغر حجماً قد وقعت في جامعة دمشق.
وتشكل احتجاجات حلب تحدياً كبيراً لنظام الأسد. فهذه المدينة التي هي ثاني أكبر مدن سوريا، تشكل بؤرة التوتر التقليدي القائم بين السنة والعلويين. وتاريخياً، تعرف هذه المدينة أيضاً كمستودع يدعم جماعة «الإخوان المسلمين» في تلك البلاد. وفي عام 1982، تحملت حلب، جنباً إلى جنب مع حماة، العبء الأكبر من حملة النظام الوحشي ضد الإسلاميين.
وفي محاولتها لسحق المظاهرات استخدمت دمشق مجموعة متنوعة من الإستراتيجيات. فقد ظهرت تقارير هذا الأسبوع أن ميليشيا «الشبيحة» — مسلحون من أنصار النظام العلوي يرتدون ملابس مدنية — قد نُشرت لمواجهة المحتجين على طول الساحل. وقد أفادت الأخبار أنه قد تم أيضاً استخدام هذه الجماعات لفرض الانضباط في صفوف الجيش السوري وأجهزته الأمنية. إن استخدام «الشبيحة» لقمع المظاهرات في المدن الساحلية المختلطة بين السنة والعلويين يهدد بإثارة شرارة صراع داخلي.
إن الفترة التي ستعقب صلاة الجمعة هذا الأسبوع تَعِد بأن تكون أكبر تحد يواجه النظام السوري حتى الآن. وإذا كان النهج الذي اتبعته حكومة دمشق حتى الآن هو أي مؤشر، فإن الخامس عشر من نيسان/أبريل سيكون بلا شك يوماً دموياً.
لدى الولايات المتحدة بواعث قلق قائمة منذ وقت طويل حول من سيحل محل النظام الحالي في حالة انهياره. ومما لا شك فيه أن واشنطن ستتردد في التعاون مع المعارضة المنقسمة تاريخياً في سوريا. ومع ذلك، فمن المهم أن تكون للإدارة الأمريكية مواقف معلنة بشأن العواقب التي ستترتب على النظام السوري إذا ما استمرت البشاعات في تلك البلاد. وعلى وجه التحديد، يجب على واشنطن أن تصدر تحذيراً علنياً قوياً قبل يوم الجمعة مفاده أن نظام الأسد سيتحمل المسؤولية عن أعماله إذا ما قام بالرد بعنف على المظاهرات السلمية.
وإذا ما ترجح قيام نظام الأسد باستخدام القوة المفرطة لقمع المظاهرات، ينبغي على الإدارة الأمريكية أن تغتنم الفرصة للتحقيق مع دمشق عن طريق رفع الموضوع فوراً أمام “لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان” في جنيف. وفي الوقت نفسه، ينبغي أن تكون واشنطن على استعداد لاتخاذ إجراءات أحادية ومتعددة الجوانب على حد سواء لفرض ثمن [باهظ] على النظام السوري نتيجة أفعاله. وفي هذا الصدد، ينبغي على البيت الأبيض أن يصدر أمراً تنفيذياً يستهدف أولئك السوريين من مسؤولي النظام المسؤولين بصورة أكثر مباشرة عن أعمال العنف الحالية ضد المدنيين. ووفقاً لـ”قانون محاسبة سوريا واستعادة سيادة لبنان”، يجب على واشنطن أيضاً أن تعلّق جميع الاستثمارات الأمريكية في سوريا. وعلى الصعيد المتعدد الجوانب، يتعين على الإدارة الأمريكية أن تعمل عن كثب مع فرنسا لإنشاء نظام عقوبات فعال — بما في ذلك العزلة الدبلوماسية — ضد زمرة الأسد.
وبغض النظر عن قلق واشنطن إزاء ما يأتي في المرحلة اللاحقة، يتعين عليها على الأقل أن تتخذ موقفاً واضحاً فيما يتعلق بدمشق وحقوق الإنسان — التي يمكن أن تكون نقطة رئيسية لتحقيق توافق في الآراء في نطاق الرد الدولي على أعمال القمع الوحشية التي يقوم بها نظام الأسد ضد مطالب سورية للقيام بإصلاح ديمقراطي.
ديفيد شينكر هو مدير برنامج السياسة العربية في معهد واشنطن. أندرو جيه. تابلر هو زميل الجيل القادم في نفس البرنامج.