ولد خالد حسيني عام 1965، في كابول، المدينة التي عاش فيها طفولته، والمدينة التي كانت في ذلك الوقت جاذبة ومنفتحة على العالم، المدينة التي كان فيها دار للسينما تعرض الأفلام الأجنبية، وكان فيها جامعة و مراكز ثقافية ومدارس ثانوية، والتي كانت توفر التعليم للبنين والبنات، على حد سواء.
في كابول تلك، وفي ذلك الوقت كانت عائلة خالد حسيني تختلط مع الشعراء والكتاب والدبلوماسيين والصحفيين والأطباء والمحامين. حيث كان والده دبلوماسيا يعمل في وزارة الخارجية، بينما كانت والدته تدرس اللغة الفارسية والتاريخ في اكبر مدرسة ثانوية في كابول.
انتقلت عائلة حسيني إلى سان خوسيه، في كاليفورنيا في أيلول،سبتمبر عام 1980 و استقرت هناك، حيث تعلم خالد وصار طبيبا، لكنه بدأ بكتابة أولى رواياته، “سباق الطائرة الورقية” في آذار،مارس من عام 2001.
في عام 2003، نشرت “سباق الطائرة الورقية” وأصبحت منذ ذلك الحين من أكثر الكتب الرائجة دوليا، حيث بيعت منها 4 ملايين نسخة في خلال ثلاث سنوات، ونشرت في 40 بلدا، وترجمت إلى لغات عديدة.
أما روايته الثانية، “ألف شموس ساطعة” فقد نشرت في أيار مايو من عام 2007.
تستمد الروايتان مادتهما من صلب وقائع التاريخ الأفغاني، وفيهما حكايات العديد من الأسر الإفغانية، وحكايات عن الصداقة، والأمل والإيمان، وعن معاناة الشعب الأفغاني والخلاص الذي يمكن العثور عليه في الحب.
تقوم ” سباق الطائرة الورقية” على قصة صداقة وخيانة وإحساس بالذنب وفداء بين صبيين هما أمير وحسن، اللذان يترعرعان معا في عوالم مختلفة في مدينة كابول في الستينات والسبعينات من القرن الماضي. إنها قصة صداقة أمير الحميمة مع حسن، والتي تتحول لتكون الخيط الذي يشد الرواية بشكل كامل، لكن هشاشة هذه الصداقة، التي ترمز لها الطائرات الورقية التي يطيرها الصبيان معا، تخضع للاختبار، حين يبدآن بمراقبة أسلوبهما في الحياة، فوالد أمير ثري و له وضعه الاجتماعي في البلد، في حين أن حسن هو ابن خادم العائلة. وأمير من قبيلة (البشتون)، وهم قبيلة سنية، في حين أن حسن من قبيلة (الهزارة)، وهم من الأقليات العرقية الأفغانية، وهم قبيلة شيعية.
تتحول حياة الصبيين و مصيرهما المتشابك، في نهاية المطاف إلى مأساة، فحينما قام الاتحاد السوفييتي بغزو أفغانستان، فر أمير مع والده وأسرته من البلاد من أجل حياة جديدة، إلى ولاية كاليفورنيا، ويذلك أعتقد أمير أنه هرب من ماضيه، ومع ذلك فإنه لم يتمكن من ترك ذكرى حسن وراءه.
“سباق الطائرة الورقية” هي رواية عن الصداقة والخيانة ، وعن ثمن الولاء، وهي قصة عن علاقة الآباء و الأبناء من خلال ثقافة غنية وجميلة لبلد دمرت أراضيها.
أما في الرواية الثانية “ألف شموس ساطعة” فيتعرض حسيني إلى مجموعة من الأحداث المتقلبة في أفغانستان، خلال الثلاثين عاما الماضية، بدءاً من الغزو السوفييتي، وحتى عهد طالبان، إلى إعادة البناء، في مرحلة ما بعد طالبان.
تسرد الرواية قصة امرأتين ليلى ومريم وهما زوجتان لنفس الرجل واقترنتا به قسرا. ورغم الشكوك التي حملتها كل منهما تجاه الأخرى في البداية، فقد ربطتهما صداقة عميقة، تروى على خلفية ثلاثة عقود من التاريخ الأفغاني. إنها قصة مريم و ليلى، اللتين تعرضت حياتهما لمآسي عديدة، وعاشتا معا ظروفا قاسية بسبب الحروب المأساوية ، حيث تأثرت حياتهما الشخصية، التي لا تنفصل عن تاريخ البلد التي عاشتا فيها، وعما حولهما من صراعات ولعب بها من حولها، وعاشتا الصراع من أجل البقاء و تربية الأسرة، و إيجاد السعادة.
إنها قصة امرأتين من خلفيات مختلفة، ومن وجهات نظر مختلفة، وحتى من جيل مختلف، والتي انتهت بهما أن تعيشا و تعملا وتظلا على قيد الحياة معا، فبينما ولدت مريم كفتاة غير شرعية، وكانت غير مرغوبة من قبل والدها، وأرغمت على الزواج من رجل أعمال في كابول، وأرسلت بعيدا عن عائلتها، فإن ليلى كانت شابة متميزة، لكنها تيتمت بسبب الحرب، وانضمت إلأى مريم لتعيش كزوجة ثانية لرجل استغل وضعها السيئ.
يمكن القول أن روايات خالد حسيني ساعدت القارئ على إدراك وتصور، ما فرضته دوامة الحروب والنزاعات العرقية، التي عانت منها أفغانستان في العقود الأخيرة، وهي تنم عن موهبة عالية وتمكن من تقنيات السرد وأدواته، وكشف المخبوء من أسرار الثقافة الأفغانية، ومزجها بالتاريخ والأحداث التي مرت بها بلاده و العلاقات الإنسانية و مفاهيم الحب وعلاقة الرجل بالمرأة و علاقة الآباء و الأبناء والصداقة والوفاء والخيانة والتكفير عن الذنب، كل هذه القضايا والقيم مكنته من تحقيق عملين روائيين في غاية المتعة والجودة حيث مزج مع كل ذلك، عمق الطرح و عنصر التشويق و الإثارة.
abir.zaki@gmail.com
* كاتبة سعودية
حول كتاب خالد حسيني، إقرأ أيضاً: