إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
تناولت صحيفة “نويه تسورخير تسايتونغ” السويسرية قرار السلطات الأردنية بحظر جماعة الإخوان المسلمين ، معتبرةً أن الخطوة تمثل تحوّلاً في علاقة المملكة بالجماعة، التي سُمح لها بالنشاط لعقود داخل البلاد.
وربطت الصحفية انا الميلينغ هذا القرار بسياق أمني داخلي متوتر، وبضغوط إقليمية متزايدة، لاسيما في ظل استمرار الحرب في غزة، والعلاقات الحساسة التي تربط الأردن بحلفائه التقليديين، خاصة الولايات المتحدة والسعودية، مشيرة إلى أن الخطوة تحمل أبعادًا تتجاوز الاعتبارات الأمنية الداخلية.
وينقل التقرير تصريح وزير الداخلية الأردني مازن الفراية، الذي تضمن مجموعة قرارات منها: “اعتبار الانتساب لجماعة الإخوان المسلمين أمرًا محظورًا، كما يُحظر الترويج لأفكارها، وتحت طائلة المساءلة القانونية. وإغلاق أي مكاتب أو مقار تُستخدم من قبل جماعة الإخوان المسلمين، ومصادرة ممتلكاتها”.
وأعلنت السلطات الأردنية يوم الثلاثاء (13 أبريل) اعتقال 16 شخصا مرتبطين بجماعة الإخوان المسلمين تلقوا تدريبا وتمويلا في لبنان وخططوا لشن هجمات على أهداف داخل المملكة باستخدام صواريخ وطائرات مُسيرة. وأفات الصحيفة بأن السلطات الأردنية قد أحبطت في العام السابق محاولة لتهريب أسلحة، نُسبت بدورها إلى شبكات مرتبطة بالإخوان المسلمين.
وتحلل الكاتبة الوضع السياسي في الأردن، مشيرة إلى أن المؤسسة السياسية تتهم أنصار الإخوان المسلمين ببناء ميليشيا سرية وتحدي الدولة. ويضيف أن هذا الأمر حساس بشكل خاص في سياق حرب غزة، حيث لا يقتصر دعم الكثير من الأردنيين على جبهة العمل الإسلامي، بل يُبدي العديد منهم تعاطفًا أيضًا مع الحركة الإسلامية المسلحة حماس في قطاع غزة، التي تُعد امتدادًا لجماعة الإخوان المسلمين. وتُشير التقديرات إلى أن غالبية السكان في الأردن ينحدرون من أصول فلسطينية. وفي ظل الحرب الدائرة في غزة، ينظر كثيرون في المملكة بانتقاد إلى تمسّك الأردن بمعاهدة السلام المبرمة مع إسرائيل، وفق الصحيفة.
ولفت التقرير إلى أن الجماعة كانت تحظى بحضور قوي في المدن الأردنية، وتُعتبر حزب “جبهة العمل الإسلامي” ذراعها السياسي. وبحسب الصحيفة، فإن الحزب يمثّل الكتلة الأكبر في البرلمان الأردني، لكنه لا يشارك في الحكومة.
ورغم تأكيد وائل السقا، الأمين العام للحزب، أن جبهة العمل الإسلامي مستقلة تنظيميًا عن الجماعة، إلا أن الصحيفة لفتت إلى أن هذا الفصل بين التنظيمين لم يكن كافيًا لتخفيف الضغوط على الحزب في السياق الحالي.
وتوقف التقرير عند السياق الإقليمي الذي جاء فيه القرار، مشيرًا إلى أن الإعلان عن الحظر تزامن مع زيارة العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إلى المملكة العربية السعودية، ولقائه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. ويشير التقرير إلى أن هذا الحظر يأتي في سياق إقليمي أوسع، حيث تم حظر الإخوان المسلمين بالفعل في مصر والسعودية والإمارات العربية المتحدة.
وترى الصحيفة أن توقيت الخطوة قد يحمل رسائل متعددة، لا سيما في ظل ضغوط أمريكية وخليجية، إذ يحصل الأردن على أكثر من 1.4 مليار دولار سنويًا كمساعدات من واشنطن، منها دعم عسكري وإنساني، وهو ما قد يفسّر الرغبة الأردنية في إثبات التزامها بخط واضح ضد التنظيمات المصنّفة في بعض العواصم كإرهابية.
واستعرض التقرير تاريخ الإخوان المسلمين، مشيرًا إلى تأسيسها في مصر عام 1928 على يد حسن البنا، وسعيها إلى إقامة دولة إسلامية تقوم على الشريعة.و تحوّل الإخوان المسلمون في العقود التالية إلى تيار إسلامي واسع النفوذ في عدد من الدول، وتمكّنوا من بناء هياكل اجتماعية وسياسية مستقلة، لكنهم اصطدموا مرارًا بالسلطات، خاصة في أعقاب الربيع العربي.
وسلّطت الصحيفة الضوء على الدور المحوري للداعية المصري يوسف القرضاوي في نشر أفكار جماعة الإخوان المسلمين، لا سيما عبر قناة الجزيرة القطرية، التي وفّرت منذ التسعينيات منبرًا للمعارضات الإسلامية. وأضافت أن قطر، رغم حظرها الرسمي للجماعة، استضافت المكتب السياسي لحركة حماس منذ عام 2012. وأشارت الصحيفة إلى أن تركيا، بقيادة حزب العدالة والتنمية، تحتفظ بعلاقة أيديولوجية وثيقة مع الجماعة.
وبحسب الصحيفة، فإن القرار الأردني بحظر جماعة الإخوان المسلمين لا ينفصل عن محيطه الجغرافي والسياسي، ولا عن شبكة المصالح الإقليمية والدولية التي يتحرك في إطارها النظام الأردني. وبينما تقدمه الحكومة كخطوة لحماية الأمن الداخلي، يرى آخرون فيه مؤشرًا على اصطفاف سياسي يتجاوز حدود المملكة.