*الخدمة لا علاقة لها اطلاقا بأي موضوع أمني أو عسكري * الخدمة ليست الزامية انما تطوعية * لا توجد أماكن كافية لجميع الراغبين في التطوع * قريبا سيقر القانون الذي ينظم الخدمة المدنية *
أجرى باحثان من جامعة حيفا، هما البروفيسور سامي سموحة، والدكتور نهاد علي، استطلاعاً للرأي حول القضية الملتهبة التي تشغل الوسط العربي في الاشهر الاخيرة، قضية الخدمة المدنية.
النتائج التي نشرت أثارت وما تزال تثير ردود فعل واسعة بين الدهشة والاستهجان، لدرجة ان بعض الاوساط السياسية المعارضة، ذهبت نحو تكذيب نتائج الاستطلاع، والادعاء ان البروفيسور سامي سموحة صاغ الاسئلة بشكل يوصله الى هذه النتيجة. والبعض وضع مصداقية استطلاعات بروفيسور سموحة موضع الشك، وتجاهل مشاركة باحث عربي مرموق في الاستطلاع هو الدكتور نهاد علي. وكان من اندر ما قيل ان عدد مؤيدي الخدمة المدنية من بين المشاركين بالاستطلاع لم يتجاوز الـ 10%. والملاحظ ان العديد من السياسيين العرب المعارضين يتحدثون عن الخدمة المدنية الالزامية، بينما المطروح هو خدمة مدنية تطوعية وغير الزامية. أي هناك حرية كاملة للشباب العرب، بعدم الخدمة المدنية، ويستطيع كل من يعرف القراءة ان يطلع على وثائق مديرية الخدمة المدنية التي صدرت عن مكتب رئيس الحكومة ووزارة الرفاه الاجتماعي، حيث يجري التأكيد الواضح ان الخدمة المدنية هي خدمة تطوعية غير الزامية. وهي مقترحة، مقترحة وليست مفروضة، على الشباب المعفيين من الخدمة العسكرية يهودا وعربا على حد سواء.
وكان من المثير ما قاله رئيس انشاء مديرية الخدمة المدنية الدكتور روبين غال بأن الموضوع بيدأ يأخذ معالمه على أثر التماس للمحكمة العليا قدمته صبية عربية قبل عدة سنوات من منطلق رؤيتها انه من حقها ان تخدم مجتمعها وتنال نفس الهبات والامتيازات التي تنالها الفتاة أو الشاب اليهودي. وصدر في وقته قرار من العليا يلزم الحكومة بتوفير الحق في الخدمة المدنية لمن يطلبها من مواطني الدولة العرب او اليهود وبنفس الشروط ، وهي خدمة تطوعية لمن لا يخدمون في الجيش أو المجالات الأمنية والذين لا يستدعون لمثل تلك الخدمة بموجب القانون.
ويؤكد البند الثالث من قرار انشاء مديرية الخدمة المدنية ان المشاركة في الخدمة المدنية الوطنية ستكون تطوعية وتقوم على رغبة الفرد في توظيف اوقاته وقدراته في خدمة المجتمع. ويذكر ان لجنة المتابعة العربية العليا، وممثلي القوى السياسية المختلفة، اتخذت موقفاً ضد الخدمة المدنية خوفاً من ان تكون باباً للخدمة العسكرية.
نتائج الاستطلاع : يستدل من نتائج الاستطلاع ان 73.6% من الجمهور العربي يؤيد الخدمة المدنية، رغم انه لا يعرف الكثير عن تفاصيل المشروع، ورغم اجواء العداء من الاجسام السياسية العربية للمشروع.
شمل الاستطلاع 910 اشخاص من الوسط العربي في اسرائيل من القسم الأول من الفئات السكانية العامة، والقسم الثاني من اهالي لهم ابناء في جيل الخدمة المدنية. والقسم الثالث من الاستطلاع شمل فئة من الشبان والفتيان بجيل الخدمة – وكانت صيغة السؤال كالتالي:
هل توافق على اداء الخدمة المدنية مقابل الحصول على الحقوق التي يتمتع بها الجنود الذين يؤدون الخدمة العسكرية؟
وكانت نسبة المؤيدين من الفئات العامة 73.6% وبين الاهالي 72.5% وبين الشباب انفسهم 65%. واشار الدكتور نهاد علي الى ان نسبة كبيرة من الجمهور (60%) لا تعرف شيئاً عن الخدمة المدنية، وقد بنت مواقفها بناء على صيغة السؤال. واضاف ان وجود 60 % من الجمهور يجهل أي شيء عن الخدمة المدنية، يعتبر فشلاً للقيادات السياسية. ومن المتوقع ان يثير هذا الاستطلاع ردود فعل اوسع في الاسابيع القادمة. وقد علمت من مديرية الخدمة المدنية ان عدد المتطوعين يفوق قدرة المديرية على استيعابهم، لعدم وجود ميزانيات كافية ولأن الخدمة في اساسها تطوعية منظمة مقابل أجر ومنح وهبات مختلفة تساعد الشاب على شق طريقهم التعليمية أو المهنية، وان هناك آلاف الشباب (يقدر عدد المسجلين للتطوع بين 4000 – 5000 شاب وفتاة) المستعدين للتطوع فوراً من مختلف انحاء البلاد، وان عدد المتطوعين هذه السنة فاق بأكثر من الضعف عدد الملاكات الموجودة لدي مديرية الخدمة المدنية (المفروض 250 متطوعا) مما أقتضي التوجه للوزارة للحصول على زيادة الملاكات والميزانيات لاستيعاب المزيد من الشباب والفتيات العرب، فوصل عدد المتطوعين الى 900 متطوع. وتستطع الأحزاب ان تجمع في اجتماعها القطري ضد الخدمة المدنية في حيفا تحت شعار “انا مش خادم” الا ربع هذا الرقم. بل وبرامج لجنة المتنابعة العربية العليا لا تجند هذا العدد في نشاطاتها السياسية، فكيف لو كان بالأمكان قبول كل من أبدى استعداده وحماسته للتطوع؟
زمن المثير ما قاله الدكتور نهاد حداد في تلخيصه للاستطلاع بأن هناك معطى مهماً في الإستطلاع، انه عندما وجه للمستطلع سؤالاً عما اذا كانت موافقته على مشروع الخدمة المدنية هي مبدأية ام قابلة للتغيير اذا ما عارضتها غالبية القيادات السياسية العربية او غالبية القيادات الدينية او العائلية المقربة، فالملاحظ هنا ان النسبة هبطت الى أقل من 50%.
من هنا يمكن القول ان نصف المواطنين العرب لن يثنيهم أي شيء عن تأييد الخدمة المدنية، وهو الأمر الذي يجب ان يدفع القيادات السياسية لإعادة حساباتها، وربما لتتعلم المنطق السياسي والمصلحة الاجتماعية والرؤية المستقبلية من جماهيرها. وقد تعيد النظر نحو المشاركة في صياغة قانون الخدمة المدنية الذي يجري اعداده وسيكون مفتوحا للمناقشة أمام مختلف الهيئات، بما فيها الناشطين العرب أيضا.
وكانت لجنة عبري قد دعت من اليوم الاول ممثلي الجماهير العربية، وعلى رأسهم رئيس لجنة المتابعة العربية العليا، شوقي خطيب، للمشاركة في صياغة مشروع الخدمة المدنية بما يتلاءم واحتياجات المجتمع العربي في اسرائيل. ولكنهم رفضوا وبعضهم وافق ثم تراجع أمام المعمعة الحزبية العربية. وبعضهم أعلن تأييده للمشروع، واعتذر عن المشاركة حتى لا يدخل في صدام مع أصحاب سياسة الرفض.
يقول الدكتور روبين غال ان أبواب المديرية مفتوحة دائما لمشاركة الأحزاب العربية في صياغة بنود القانون ومناقشتها واقرارها بالشكل الذي تراه مناسبا لخدمة مجتمعها في المجالات المدنية الحيوية لكل مجتمع انساني.
ويذكر ان هذا المشروع ليس اكتشافا اسرائيليا، انما هو مشروع ينفذ في اكثر من 55 دولة في العالم على اساس تطوعي، الا في الدولة الألمانية التي تنفذه بشكل الزامي لكل من يرفض بخياره ولأسباب ضميرية الخدمة العسكرية.
* حيفا