بدأ الاصطفاف اللبناني في مرحلة الاستقلال بين أحزاب وقوى متشابهة تقريبا على جانبي الحكم، وشذ عن ذلك حركة يسارية ضعيفة وقوى قومية ناهضة . أهل السلطة والمعارضة تشاركوا في تصورهم بناء الدولة ، فكانت دولتهم دولة محاصصة، لكن تحت سقف القانون والدستور والمؤسسات، التي لم تسلم من تحايل وتواطؤ بين جناحي الحكم، إلى أن قوي ساعد اليسار والحركة القومية واشتد عودهما، فتجمعت المعارضة بقيادتهما .
على علات النظام اللبناني الطائفي ودستوره الاستقلالي، ففي ظله قرر رجال الدولة يومذاك أن يبنوا دولة، وأن ينظموا الاختلاف على حصصهم فيها ، لكن “تحت سقف الدستور”، الذي استمر ضمانة لوجود “دولة القانون” ، في حدود معقولة، حتى في ظل ما سمي ب”ثورة 1958″ ضد حلف بغداد. إلى أن جاءت معارضة جديدة قوامها اليسار والحركة القومية ، واستهوتها لعبة المحاصصة فانتصرت للمسلمين اعتراضا على امتيازات رئيس الجمهورية، ودعما للقضايا القومية، الخ. وما لبثت أن انفجرت الحرب الأهلية ، وتبدلت معايير الصراع ومعه تبدلت معايير الاصطفاف السياسي، وانتهت حقبة من الحرب الداخلية بترجيح صلاحيات رئيس الحكومة الذي كان ” يحاسب من غير أن يحكم” على صلاحيات رئيس الجمهورية الذي كان “يحكم ولا يحاسب” حسب تعبير الفريق اليساري القومي آنذاك.
كان من الممكن أن يحصل ذلك ، أي أن يجرى تعديل دستوري من داخل النظام الديمقراطي، غير أن القوى السياسية اللبنانية، سلطة ومعارضة، فقدت القدرة على التحكم وحدها بلعبة الصراع على السلطة، وذلك لأنها استسهلت استدراج العوامل الخارجية المنتظرة بفارغ الصبر إشارة التدخل ، لتزحف بكثافة وقوة وشهية، ولم يعد تعديل الدستور كافيا لوقف زحفها، وصار الصراع الداخلي على الحصص كله محكوما بالتوازنات الخارجية ، وتحولت القوى الداخلية إلى مجرد أدواة في لعبة الصراع الدولي والاقليمي. وللأسف لم تتعلم بعض تلك القوى من تجاربها ، ولا تعلم سواها من هذه التجارب.
شيئا فشيئا لم تعد القوى السياسية تحتكم إلى الدستور بل إلى السلاح و إلى الاستقواء بقوى خارجية، وتساوت في ذلك كل القوى ، اليسارية التي استقوت بالسلاح الفلسطيني وعلاقاتها القومية والدولية، والتقليدية من أهل المحاصصة الذين استقووا بالعمق العربي وبإسرائيل على حد سواء. يعني ذلك ، من بين ما يعنيه، تفكك الوحدة الوطنية التي هي الأساس في قيام الدولة الحديثة، دولة الدستور والقانون والمؤسسات، وقيام اصطفاف سياسي أساسه البحث عن صيغة جديدة للدولة على أنقاض دولة الاستقلال . بصرف النظر عن النوايا، انتهت المساعي، على اختلافها، إلى الانضواء في كنف دولة هي في ظاهرها دولة دستور الطائف ، وهي في حقيقتها دولة حكمتها أجهزة المخابرات السورية وادواتها اللبنانية ، حكمتها بالقوة العسكرية وبغطاء الدستور.
في دولة الطائف ألغيت الاصطفافات القديمة ، وبات الجميع تحت خيمة نظام الوصاية ، وحلت الأجهزة محل الدستور والقانون، ورضي المحاصصون بما أنعم به عليهم النظام الأمني ، ومن بين ذلك نافذة صغيرة على الحريات ، واستؤصلت الديمقراطية من جذورها ، وباتت الانتخابات النيابية مجرد ديكور خارجي لحكم الأجهزة الأمنية. استمر ذلك حتى اغتيال الرئيس الحريري وما نجم عنه من اصطفاف جديد انقسم فيه اللبنانيون بين مؤيد لنفوذ سوري في لبنان بعد انسحاب الجيش ورافض له.
مؤيدو النفوذ السوري برروا موقفهم بالانحياز للعروبة والقضية القومية والعداء للصهيونية والإمبريالية والشيطان الأكبر، فصار من الطبيعي، أن يرشق المؤيدون خصومهم بتهمة العمالة للامبريالية والصهيونية، ومن قبيل الرد قيل إن المؤيدين هم أدوات سوريا ثم إيران، وتكرس بالتالي اصطفاف القوى السياسية جهارا نهارا على أساس معيار وحيد هو الولاء للخارج، مع فارق أساسي بين الموالين لسوريا ، وقد صاروا أقلية ، والمتحالفين مع سواها وقد صاروا أكثرية في المجلس النيابي، هو أن الأقلية صارت تتصرف نيابة عن حكم الأجهزة ودفاعا عنه، فيما راحت الاكثرية تدافع عن مشروع الدولة من غير أي برنامج أو خطة لإعادة صياغة مشروع يعاد بناء الدولة على أساسه.
قيل الكثير عن اسباب الصراع بين الفريقين ، وكان موضوع المحكمة الدولية في طليعة تلك الأسباب، وهذا صحيح من دون شك. غير أن الخيط الجامع بين هذا الصراع وكل الصراعات و الاصطفافات ، منذ الاستقلال حتى اليوم هو الموقف المبدئي من قيام الدولة الحديثة ، وهنا بيت القصيد في اللعبة الإنكشارية…بلدان العالم الثالث عموما والإسلامية على وجه الخصوص أظهرت مناعة ضد قيام دول حديثة فيها، ولم تبدأ هذه المناعة منذ مرحلة الاستقلال بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، بل قبل ذلك بنحو قرن ونصف ، عندما رمي المصلحون المتنورون من رجال الدين الإسلامي بتهمة العمالة للاستعمار لأنهم قالوا بضرورة اللحاق بالغرب عن طريق المدرسة ( الشيخ محمد عبده)، ورمي طه حسين بالفرعونية لأنه نادى بالعقل النقدي، وقتل الكواكبي لأنه ندد بالاستبداد والمستبدين ، ونفي رفاعة الطهطاوي مؤسس النهضة الثقافية العربية، الخ.
حين قامت في المنطقة، بمساعدة الاستعمارأو غصبا عنه، دول تحمل بذور الحداثة ،سارعت القوى المحلية إلى وأدها باسم القضايا القومية ، فقتلت من بذور الحداثة فيها على وجه الخصوص بذرة الديمقراطية( في كل من مصر وسوريا والعراق مثلا في أعقاب الثورات المزعومة) ونمت على حسابها،على الصعيد السياسي،أنظمة استلهمت ما كان قائما أيام الحكم العثماني بآلياتها الانكشارية (نسبة إلى أحسن أفواج الجيش من الخيالة وأكثرها تدريبا). لذلك ليست الإنكشارية شتيمة ، إن هي إلا وصف لحال الأمة التي كانت محكومة بقوة السلطان وبآليات الجيوش ، ومنها الانكشاري، لا بقوة القانون الذي ظل السلاطين يتفادونه إلى أن جاء أتاتورك.
فعند أول فرصة سنحت في لبنان ، أعلن “الحلف الثلاثي” اعتراضه على الشهابية ، من باب اعتراضه على حكم الأجهزة وعلى تسلل النفوذ العربي إلى داخل النظام ، في مواجهة “النهج ” الذي استقوى بالأجهزة. والحقيقة أن الاعتراض على الأجهزة جرف في طريقه الإنجازات التي حققتها الشهابية على صعيد بناء المؤسسات. لقد ظل هذا الصراع بين الفريقين ينموعلى حساب الدولة ، وسعيا إلى صيغة جديدة للدولة أو إلى إصلاح الصيغة القديمة، حتى انتهى بانفجار الحرب الأهلية في نيسان 1975. وللأسف ، تعلمت القوى السياسية اللبنانية الدروس بالمقلوب.
مشروع الإصلاح السياسي المرحلي للحركة الوطنية دخلت بنوده شكليا في متن اتفاق الطائف ، غير أن القوى التي حملته تحولت إلى أدوات في يد النظام السوري، بعضها مطواع وبعضها مشاكس، والويل لمن عصى(رحم الله مارون عبود)؛ المشاريع القومية طويت لتندمج كلها، بقدرة قادر، في النظام الامني اللبناني السوري؛ مشروع الوطن القومي المسيحي بنسخه المتعددة: التقسيم والفدرالية والكونفدرالية، انتهى بتشريد عدد كبير من المسيحيين؛ كما انتهى مشروع الدولة الاشتراكية ( حكم وطني ديمقراطي يفسح في المجال أمام الانتقال إلى الاشتراكية، بلغة الشيوعيين) إلى ما انتهت إليه المنظومة الاشتراكية كلها؛ لم يبق في الميدان إلا حديدان، مشروع الدولة الإسلامية الناهض في إيران عليه أن يجرب حظه، وحقل التجربة هو فلسطين. ولا يستغربن أنصار إيران ذلك، فقد كانت فلسطين حقل تجربة أيضا في بلاد البلقان وفي الشيشان وبلاد الأفغان ، حتى صار عندنا إتنية جديدة هي العرب الأفغان!!!
حاولوا إقناع اللبنانيين ، بالعنف أو بالحسنى، ان راية القضية القومية وتحرير فلسطين لا يمكن أن ترفع من غير طريق السياسة المرسومة على يد النظام السوري، تحت طائلة اتهام كل معارض لسوريا بالعداء لفلسطين!!! إذن ينبغي على اللبنانيين أن يختاروا اصطفافاتهم ، مع القضية الفلسطينية وحاملي لوائها القدامى والجدد، سوريا وإيران، أو ضدها، ولم يعد للشأن الداخلي اي تأثير في عملية الاصطفاف تلك. ماذا يعني ذلك على الصعيد العملي؟ إن اللعبة السياسية ،التي كانت تديرها الأجهزة ويحميها الجيش السوري الموجود في لبنان ، ينبغي أن تظل تدار بالطريقة ذاتها بعد انسحاب الجيش السوري وانكفاء أجهزته ؟! الشرط الأساسي لتطبيق ذلك هو غياب الدولة أو تغييبها أو إلغاؤها أو تحطيمها أو تدميرها أو قل ما شئت من عبارات الشطب والسحل والمسح والمحو والمحق والإبادة والقضاء على … وبديلها هو النظام الإنكشاري، إي الحكم من غير قانون ولا دستور، اي بالأعراف والتقاليد المستجدة واللغة غير المألوفة في العلاقات السياسية وفي الأمور القضائية والمشاكل الاقتصادية والقضايا الأخلاقية والاجتماعية ، وخصوصا في قضية تشكيل الحكومة.
المجتمعات الحديثة ، ومنها لبنان ، وكل العالم العربي طبعا، موضوعة أمام خيارين اثنين لا ثالث لهما، إما الديمقراطية أي الدولة الحديثة والدستور والقانون، إما الحروب الاهلية الداهمة أو المؤجلة، واستنادا إلى هذه الحقيقة القاطعة، فإن كل اصطفاف ضد الدولة والقانون هو بالضرورة انحياز إلى خيار الحروب الأهلية، لا هم إن حصل ذلك باسم الدفاع عن القضايا القومية والدينية و عن الشقيقة سوريا وعن إيران، أو حصل باسم الدفاع عن الفقراء والتصدي للعدوان الاستعماري ومحاربة الفساد، أو حصل باسم الدفاع المزعوم عن الطوائف والتنافس على المحاصصات الشخصية باسم الطوائف.
ماذا يعني أن تطالب الأقلية بحكومة وحدة وطنية ، والوحدة الوطنية غير موجودة؟ ماذا يعني أن يكلف مسؤول سياسي بتشكيل الحكومة ثم يشكلونها عنه ثم يتعاملون معه كأنه ، حين يختار وزراءه، يتدخل بما لا يعنيه؟ ماذا يعني أن يتباهى سياسي لبناني بتحالفه ، من خارج الدولة، أي من خارج الوحدة الوطنية، مع قوة خارجية صديقة أو معادية؟ ماذا يعني أن يتباهى آخر بأنه ناطق رسمي باسم أجهزة النظام السوري، من خلف ظهر سفير سوريا الحاضر الغائب ومن خلف ظهر وزير الخارجية اللبناني؟ وماذا يعني أن ترمى الأكثرية بتهمة الاستئثار؟ ولماذا إذن هي أكثرية ؟ وأن تغتصب الأقلية حقا بالفيتو؟ ولماذا إذن هي أقلية ؟ ولماذا يعدون جمهورهم بالاحتكام إلى الانتخابات ولا يحتكمون إليها؟
الجواب على هذه الأسئلة كلها وعلى سواها من أسئلة كثيرة مماثلة موجود في المحاولات الحثيثة لإلغاء مقومات الدولة واحدا بعد الآخر: لقد ألغى النظام الأمني الديمقراطية وصار يتم تعيين نواب الشعب تعيينا ( الفرق بين الانتخابات في بلادنا وفي اليابان مثلا هو أن نتائجها عندهم تعرف بعد حصولها ، بينما تعرف عندنا قبل حصولها…من حديث لأحد مسؤولي المعارضة مع السفير الياباني)، وهذا ليس غريبا على حكومات الأمة العربية كلها ، بما فيها تلك التي تنظم فيها الانتخابات، ، من جزائر الثورة حتى عراق صدام ، مرورا بملوك أو برؤساء يحتفلون بولايتهم الخامسة …فيها كلها يتم اختيار الحاكم عن طريق التعيين أو بالوراثة ، إذن لماذا هذا الشذوذ اللبناني؟؟؟ لقد ألغيت من الديمقراطية الأكثرية والأقلية ونتائج صناديق الاقتراع وسوى ذلك من مظاهر، ولم يبق من أسسها إلا قليل من الحرية، التي حولوا معظمها إلى سباب وشتيمة وقلة أخلاق وخروج على آداب التواصل وإلى لغة التهديد والوعيد والنعال والسبابات والكلام المعيب. هذا معنى أن في لبنان الكثير من الحريات والقليل من الديمقراطية.
وألغي الفصل بين السلطات ، حتى بات المواطن أو المراقب لا يميز السلطة من المعارضة، إذ اختلط حابل هذه بنابل تلك ، وصار الوزير يحضر اجتماعات مجلس الوزراء ، لا ليشارك في إدارة شؤون الدولة بل ليعطل قرارات الأكثرية، وزير للتعطيل وثلث للتعطيل …أليست هذه لغة انكشارية؟ على أن ذلك هو ايضا من إنجازات النظام الأمني وحكم الأجهزة ، يوم صارت الترويكا خير وسيلة للمحاصصة بين الطوائف ، أي لتأمين الغطاء الرسمي لحصة الأجهزة ، وهي الأكبر والأدسم!
وألغيت المؤسسات، أو صار سعي لإلغائها، أليس هذا ما حصل مع القضاء، وهو السلطة الثالثة، ابتداء بإلغاء استقلاليته ثم بترهيبه ثم بالالتفاف عليه والاستغناء عنه واستبداله بالمصالحات العشائرية والقبلية وبرعاية حزبية أو مخابراتية ومباركة أحد رجال الدين ، فيدفع الجاني ” الحق العام” على شكل أتاوة كالتي كان يشرف على جبايتها الجيش الانكشاري؟ أوليس ذلك أيضا ما جرى ويجري في الجامعة اللبنانية التي صارت تباع فيها الشهادات بالمال أو بالنفوذ ، فكم من مسؤول أمني صار من حملة الإجازات والدكتوراه، وكم من شخص غنم بعقد للتدريس أو حاز رتبة الأستاذية بفضل دعم مسؤول أمني ؟ أوليس هذا ما حصل مع أم المؤسسات ، البرلمان اللبناني الذي لم يكن تعطيله في ولايته السابقة الشكل الوحيد لإلغاء دوره ، بل سبق له أن تدرب على إهانة نفسه واحتقار دوره أكثر من مرة حين كانت تملى عليه من قبل الأجهزة( مع أنه سيد نفسه !) صيغة القانون الذي ينبغي عليه أن يصدره؟
بقي من مؤسسات الدولة السلطة التنفيذية، ممثلة برئيسي الجمهورية والحكومة. لقد تعرضت هذه المؤسسة مثل سواها لمحاولات شلها وتعطيلها ، بدءا بسيطرة الجهاز الامني عليها وتحكمه بالكثير من قراراتها من خلال ولاء أغلبية الوزراء مباشرة لغير مؤسسة مجلس الوزراء( كان نواب ووزراء يعرجون حين عودتهم إلى بيروت من الجنوب على مركز المخابرات السورية في الرميلة لتقديم تقاريرهم، وهكذا كان يحصل في مناطق أخرى، فضلا عن الزيارات المكوكية التي كانت تربط المسؤولين مباشرة إما بعنجر أو بالشام). في ظل هذه الآلية لم تكن هناك حاجة إلى ثلث معطل ، فالثلث وما يزيد كان موجودا في حوزة العراب ، وإذا لم ينفع العدد فهناك وسائل أخرى للإقناع.
بعد خروج الجيش السوري من لبنان بات تعطيل الدولة بحاجة إلى آلية جديدة، من بينها الثلث المعطل الذي لا اساس له في الدستور، ولهذا خجلت المعارضة من التسمية وحاولت استبدال المعطل بالضامن، ( في المقابل حاول سواها استبدال المعطل بالعاطل)، وراح سياسيون يبتكرون لغة ليست موجودة في أي قاموس قانوني أو سياسي أو إداري، وتجرأ أميون على الخوض في فقه القانون، وفرغ المجلس النيابي من المشرعين فبحثوا عن متعاقدين من خارجه ليقوموا مقام النواب الحزبيين ، ونخر الفساد الإدارة اللبنانية بعد أن حولها السياسيون إلى مطايا لمصالحهم ولأزلامهم ، وتوزعوها على محاسيبهم باسم الطوائف التي يمثلونها، فصار لكل مسؤول إدارة وصار لكل موظف مسؤول عنه من خارج التراتب الوظيفي، الخ. حتى صرنا نخجل مما آلت إليه بلاد الإشعاع والنور في عصر الرويبضة ( العصر الذي يسوس فيه العامة سفهاء العامة)
نعم ، الدولة . من معها ومن ضدها، هذا هو الاصطفاف الوحيد السليم. الدولة هي المجسدة للوحدة الوطنية، فلا وحدة وطنية ولا حكومة وحدة وطنية من غير الدولة . من خلال الدولة علينا أن نكون مع سوريا ضد إسرائيل ، ومع النووي الإيراني طالما أن إسرائيل نووية ، ومن خلالها ندعو إلى وقف الحرب على الدولة في اليمن . من خلالها نحارب الفساد ، لأن الفساد الأكبر هو تعطيلها وإلغاؤها والعودة بالوطن إلى حكم الإنكشارية.
ولن تقوم دولة بغير قانون انتخاب يقوم على النسبية ويعتمد لبنان دائرة واحدة مع الحفاظ على القيد الطائفي، حفاظا على التوازن الحالي وحتى لا تطغى الأكثرية العددية في الطوائف على طوائف أخرى… إلى أن تقوم دولة مدنية وتلغى الطائفية من النصوص والنفوس.
ولن تقوم دولة بآليات المماحكة السياسية التافهة التي تشحن نفوس الدهماء من رعاع الطوائف وراء شعارات براقة وزائفة
ولن تقوم دولة إذا لم تتعلم القوى السياسية دروسا مفيدة من الحرب الاهلية، من بينها أن على الطوائف أن تستقوي ببعضها ضد كل تدخل خارجي ،لأن الخارج ، إن تدخّل ، فمن أجل مصالحه هو لا من أجل مصالح من يستدرجه، وأن تستقوي بالدولة ، لأن البديل عن الدولة هو حكم الميليشيات، إي الحكم الذي لا يعترف بالقانون، بل الحكم الخارج على القانون، وكل قوة خارجة على القانون، حتى لو كانت قضيتها مقدسة كقضية المقاومة، هي مشروع حرب أهلية قبل أي شيء آخر، وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم (شاعر جاهلي)، فكيف إذا كانت حربا أهلية.
moukaled47@hotmail.com
جامعي لبناني