في الأسبوع الأول من شباط/ فبراير الماضي، وفي مواجهة دعوة على الفيس بوك للتظاهر سلمياً بما عرف بيوم الغضب السوري، تمّ توزيع رسائل نصية على الهاتف الجوال من قبل جهات شبه رسمية مضمونها: أن الشعوب تحرق نفسها لتغيّر رئيسها، ونحن نحرق العالم ليبقى قائدنا. فهل أحس هؤلاء ومن وراءهم بالعطب حتى بدؤوا بحرق العالم ابتداءً من ليبيا حيث أرسلوا طيّاريهم ومقاتليهم لمنازلة أحفاد عمر المختار؟
عندما أذاع التلفزيون الفرنسي على قناته الثانية تقريراً مصوراً الأحد 6 آذار (مارس) 2011 أن قائد المقاتلة الليبية التي كانت تقصف الثوار سقطت في راس لانوف ولدى توجه كاميرا القناة مع الثوار لموقع سقوطها، شوهدت أشلاء طيارين قتيلين مع أجزاء الطائرة المتحطمة على الأرض كما أظهرت أوراق القتيلين أن أحدهما سوريّ والآخر ليبيّ، وعندما أوردت أيضاً قناة الجزيرة الفضائية الخبر نقلاً عن مراسلها بيبه ولد امهادي عن شهود عيان من رأس لانوف أن الثوار أسقطوا طائرتين مقاتلتين، وأنهم أسروا قائديهما اللذين تبين أنهما سوريان. كما أكّد موقع “إنتلجنس أون لاين” الفرنسي نقلاً عن مصادر سورية، أن الرئيس السوري بشّار الأسد أمر الطيارين العسكريين السوريين، الموجودين في ليبيا من قبل في مهمات لتدريب الطيارين الليبيين، بسدّ النقص في الطيارين المتوفّرين لدى القذافي وبالمشاركة في عمليات القصف ضد الثائرين، وقد ذكرت وكالة أنباء رويترز نقلاً عن السيد أحمد حرام، وهو من مؤيدى المعارضين المسلحين قوله: رأيت بأم عيني طائرة أسقطت وفيها طياران قتيلان مقيدان بحزام مقعديهما، وكان رأس أحدهما مفتوحاً، ونضيف إلى ماذكرناه آنفاً ماقالته جبهة التبو لإنقاذ ليبيا في بيان لها حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه بأن خمسين طياراً سوريا تم إرسالهم بمعرفة السلطات السورية يقودون الطائرات الحربية الليبية التي تقصف مواقع الثوار، مشيرة إلى أن عددا مماثلا من الطيارين السوريين قد وصل نهار أمس، وأن دفعات أخرى من قوات المغاوير السورية الخاصة والحرس الجمهوري السوري تشارك في عمليات قتل الليبين في شوارع طرابلس والزنتان، وحذرت الجبهة النظام السوري من مغبة التورط في قتل الشعب الليبي، وقالت إن الثورة لن تعود إلى الوراء، وإنها لن تترك أي حليف للنظام الليبي، موضحة أنها تنتظر من الشعب السوري أن يقول كلمته بحق النظام.
بالمناسبة، فقد نفت صحيفة الوطن الالكترونية السورية شبه الرسمية الأخبار السابقة نقلاً عن مصدر رسمي لم يذكر اسمه معتبراً إياها أخباراً عارية عن الصحة تماماً. ولكن ماأوردته لاحقاً نشرة كلنا شركاء الالكترونية السورية شبه الرسمية أيضاً ينفي نفي الوطن، ويؤكد نقلاً عن شهود عيان أن مدينة السلمية شيعت يوم أمس الاثنين جثماناً لجثة غير واضحة المعالم للعقيد الطيّار أحمد الغريب إلى مثواه الأخير وسط أجواء من اعتقادات واسعة بأن طائرته قد سقطت في ليبيا على الرغم من أن أهله أبلغوا بأن طائرته سقطت ودون أية معلومات أخرى. وكمتابعين للأخبار الليبية، تلفتنا أنه عقب زيارة قذاف الدم ابن عم العقيد ومندوبه الشخصي إلى دمشق للقاء السوريين، وحديث القذافي الهاتفي مع الرئيس السوري، بدأت قوات القذافي هجومات عنيفة وضارية تحركت فيها الطائرات والدبابات مما يدعم روايات مختلفة، يقويها أن هناك قوات خاصة سورية مع طيارين تشارك في مثل هذه الحملات الباطشة. ولاسيما أن للنظام السوري من أيام الرئيس الأسد الأب خبرة لا تضاهى في قمع الاحتجاجات بطريقة ساحقة حارقة ماحقة لاتبقي ولا تذر، ومازالت مجازر مدينة حماة والتي بلغ عدد ضحاياها عشرات الآلاف نساءً ورجالاً وأطفالاً وشباباً وكهولاً بين قتل وحرق وتعذيب شاهداً على الخبرة الخاصة للنظام. وأذكر هنا أني تلقيت اتصالاً هاتفياً من صديق عزيز مقيم في سورية يناشدني عدم التأخر والصراخ لأن ماتعرضه الفضائيات عن الهجوم الوحشي للقوات الخاصة والطيران والدبابات على مدينة الزاوية وطريقته، هو عينه مارآه في مدينة حماة أثناء اجتياحها من قبل الجيش والقوات الخاصة وقصفها بالدبابات والطيران والمدفعية وكأن المعلم واحد.
فيا ناس…!! يا عالم…!! لئن كان الوقت الذي ارتُكبت فيه مجزرة حماة وغيرها له ما له من الأغطية الإقليمية والدولية فإن الوقت الآن يضع المجتمع الدولي بالضمير الذي يملك وبالقيم والمباديء التي يعتقد في مواجهة مسؤوليته الإنساينة، ليعمل بكل طاقته ويبذل كل جهده للعمل على وقف هذه المجازر الوحشية بأية طريقة وألا يُترك الليبيّون يموتون، وهم مكبّلون بتوازن قوى محسوم لرجل طاغية متوحش. ونناشد بهذه المناسبة أيضاً كل أصحاب الرأي الحر أن يواصلوا واجبهم بفضح ممارسات القذافي وجوقته وأمثاله في كل ميادين الإعلام والسعي مع كل المنظمات الإنسانية والحقوقية لكشف جرائمهم وانتهاكاتهم الفاضحة. ونذكّر كل السوريين الأخيار، في جيشنا أنكم أنتم حماة الديار، ولستم حماة العار، من أمثال القذافي وغيره في مواجهته مع شعبه من أحفاد شيخ الشهداء المختار. أنتم أرخصتم الروح في مواطن الشرف دفاعاً عن سورية الأرض والشعب والكرامة، فلا تكونوا في مكان الارتزاق والعار حيث يضعكم المستبدون، وإلا لماذا يخجلون من إعلام أهلكم وأسركم عن قصة الواجب الذي قُتلتم فيه؟ أنتم أبطال وطن، يفخر بكم عربكم وأهلكم مقاومين ومحرّرين تزودون عن الأرض والعرض، ويأسى النشامى من أهل النخوة والمروءة على امتداد أرض العرب أن يروكم تُلقون بالموت حمماً من طياراتكم ودباباتكم على شعب أصيل تمرّد على مستبده وقامعه الذي لم ير فيهم غير جرذاناً ومهلوسين وإرهابيين ومقمّلين، كما تمرّد من قبل على الطليان مستعمريه ومستعبديه
أرّخ المخرج السوري مصطفى العقاد لمعارك الليبين مع مستعمرهم، ونقل للعالم الصورة المشرّفة عن الليبي الأبي الشهم الذي ترخص روحه وحياته في سبيل عزته وأنفته وكبريائه حتى بات المختار في فيلم العقاد كبرياء أمة، ورائد مقاومة وقامة حرية وتحرر. فماذا سيؤرخ تلاميذ العقاد لثورة أحفاد المختار، وماذا سيسجلون لنا في فيلمهم عن المرتزقة الذين استُقدِموا من مختلف الديار غير أنهم حملة عار..!؟
الرحمة والرضوان لشهداء الانتفاضة الليبية الذين قدموا ويقدمون أرواحهم رافضين الخنوع لقيم القمع والاحتقار، وجوههم يومئذ ناضرة. ولملك ملوك أفريقيا ولحلفائه يوم يساقون فيه إلى ساحات العدالة مقيدين في الأصفاد، قلوبهم هواء، ووجوههم مسودة كالحة باسرة. ويقولون: متى هو ..! قل: عسـى أن يكون قريباً.
cbc@hotmailme.com
* كاتب سوري
السوريون في معارك التحرير والمقاومة الكذابي يستحق السحق لما يفعله بشعبه ولا شك بذلك، ليبيا الحرة لشعبها تعني أن يُخلع هذا الطاغية ولاشك، سوريا يجب ان يكون شعبها حرا بكل اطيافه وطوائفه كشعب سوري واحد ولا شك بذلك، محاربة الفساد ودستور دولة ديمقراطية حديثة ولاشك في ذلك.. لكن القليل من احترام العقل والابتعاد عن التهويل من اجل الحفاظ على المصداقية لا ننساق وراء ما يُشاع عن طيارين سوريين وجنود سوريين.. لماذا؟ لأنه باختصار الطيار حين يطير بطائرته لا يحمل معه جواز سفره.. والعقيد الطيار احمد غريب الذي ودعه اهله بالسلمية سقطت طائرته في سوريا وهذا بشهادة شهود الناس وعلينا توخي… قراءة المزيد ..