أصابتني حالة من الذهول.. ارتفع عندي الضغط والسكر، وكادت خلايا مخي ان تنفجر من الغضب، عندما تسلمت رسالة الكترونية من «أحدهم» يحذرني فيها وينبهني بل وينذرني بعذاب جهنم إن تجرأت وتواقحت وتعاطفت مع كارثة اليابان واهلها. فقد قال المرسل في جزء من رسالته الطويلة «إن ما حدث في اليابان بلد الكفر والإلحاد وعبدة الأصنام هو صيحة تحذير ونذير لأولئك الكفرة والملحدين، الذين كفروا بالله وعصوه وتكبروا وطغوا في الأرض. وإن ما يحزن اننا نجد من بعض جهلاء المسلمين، هداهم الله، من يترحمون على هؤلاء الكفرة والفجار المشركين عبدة الأصنام».
غريب..! لم نسمع عن ياباني طغى وتكبر، فهم قوم عرفت عنهم الدماثة والتواضع، ولم نعرف انهم طغوا في الأرض، وهم الذين دمرت مدنهم عن بكرة أبيها في الحرب العالمية الثانية، لكنهم اعادوا بناءها من جديد بكل عزيمة وإصرار لتصبح اليابان من أكبر دول العالم واهمها! وعندما بُثت الصور لحظة وقوع الزلزال المدمر في اليابان، ذهلنا لرؤية اليابانيين وهم يتصرفون بكامل هدوئهم رغم حالة الهلع التي أصابتهم. فبدل أن يتراكض موظفو سوق مركزي هربا بأرواحهم، راحوا يسندون الرفوف لمنع سقوط الزجاجات عنها، وبدلا من التدافع «المعتاد»، وقف المئات من الناس بانتظار اشارة المرور لتسمح لهم بالمرور بينما الأرض ترتج من تحتهم. وبالرغم من كل الذي حصل، لم تحدث حوادث سرقة وسلب ونهب كما تعودنا أن نرى في ظروف كهذه! وفي لقاء على محطة بي.بي.سي، قال مسؤول عملية انقاذ أميركي انه لا يكاد يصدق تلك السكينة والتزام الادب والاحترام والغيرية التي تحلى بها اليابانيون وهم في هذه المحنة. أهؤلاء هم اليابانيون الكفرة الفجرة الطغاة الذين تحدث عنهم الاخ في رسالته؟
استغرب فوقية البعض وكأنهم احتكروا رحمة الله وجنته حصريا لهم.. وأندهش من أشخاص (كالأخ المرسل) ممن يشمتون بكارثة حلت على بشر مثلهم، ويحزنني ان يلصقوا بشاعة مشاعرهم بديننا الحنيف، فيستخدمون أحداثا وأحاديث غير صحيحة لتزوير رحمة ديننا وسلامه. فهل يعقل ان ينظر أحد لزلزال مدمر، وتسونامي هائل، وتسرب اشعاعي في مفاعل يهدد الكرة الارضية، بنظرة حاقدة كتلك؟! ثم عندي سؤال للأخ الشامت، إن كانت الكوارث الطبيعية تستهدف الكفار، حصراً، فلماذا اصابت ايضاً اندونيسيا وأفغانستان وإيران والجزائر وباقي الدول المسلمة.. أم أن هناك زلزالاً اسلامياً وزلزالاً كافراً؟
من المؤكد أن اليابان لم تسأل على أي دين هم الكويتيون، عندما قدمت لنا 12 مليار دولار، عدا ونقدا، أثناء الغزو الصدامي، وها نحن نرد لها الجميل ببؤس فكري مقيت وتسونامي جهل يغرق أدمغة البعض منا. لكن في النهاية لا يسعنا إلا ان ندعو الله الذي نعرفه نحن (وليس الذي يدّعي الاخ معرفته)، أن يرحم اليابانيين وان يعينهم في النهوض من كبوتهم، ليعيدوا إثراء البشرية بعلمهم واخلاقهم وحضارتهم.
dalaa@fasttelco.com
تعليقان
الزلزال الكافر
لقد أثبت موقع كلنا شركاء بالدليل منذ أسبوعين أن هناك أشخاص من مخبري النظام السوري يدخلون على مواقع ويكتبون بطريقة تدل على أنهم إسلاميون شديدو التطرف (يكتبون بطريقة تشبه الرسالة التي تقولين أنها وصلتك) وذلك لتخويف الناس من بديل إسلامي متطرف! ولشق صفوف المعارضة ولتحذير الغرب من التخلي عن النظام. لا تنسي أنك تتعاملين مع أشخاص افتراضيين، وأن الإنسان يستطيع تقمص دور عدوه!
الزلزال الكافر
بعد قرائتي السريعة للمقالةوقبل التدقيق والتفتيش ساعتين عن الكاتبة، أصلها وفصلها،أقول :”و الله ، الذهول أصابني…بت متسائلا: أأسلوب في الكتابةيتوسل بعدا “يسمسر”لنظام وكل نظام من مراكش إلى دار السلام سابقاويحذر فيه من التمادي في الثورات لوصولها عند خطوط”الممانعة”!!!”عمليا ممكن هذا القول.ولما كنت غير متابع للكاتبة،فأخشى على نفسي أن أنساق وراء “منهجي” الخاص بي في الوجود((أنا أشك إذا أنا افكر”))وهو يتجاوز مقولة: أنا أفكر إذا أنا موجود، والتي لا أتذكر متى وأين قرأت تللك التحليلات الجميلة المتوسعة فيها،ومن بعدها “خطرت” لي خاطرة “أنا أشك إذا أنا موجود”وهي خاطرة ظلامية وعدائية وإن كان الشك مدخل كل معرفة وذلك لإرتباطها(الخاطرة) بنظرية “المؤامرة”،
أقول صحيح قول الكاتبة، هذا التفكير موجود!،وقد حدثني عنه بعضهم…فأستقبلته منه بمرح ، وأجبته وأنا أعرف أنه يكره حزب أسودت الوجوه..قلت له : ” ليك تعا نحسبها..نحسبها بس.شو رأيك لو تسونامي بحري بددون زلزال ،ضرب بيروت.. لنتأمل كيف ستكون النتائج…من ينجو ومن يغرق..أولا قريطم عالية، ثانيا ،وهذا المهم ،عندك برج ابي حيدر عاليةو الاشرفية عاليةايضا.. سوف تندفع المياه من مدرح المطار وتلف على العمروسية وتذهب باتجاه الحارة وعندما تصل ما بين دويرة الشهداء و دويرة الطيونة ، ستدخل ارض جلول وتاخذ صبراو شاتيلا وحي فرحات ومدرسة “الثقافة”، إنت هروب بتجاه مأوى العجزة ، عالي .( كنا واقفين في سوق صبرا نتسوق بعا ما نطبخه)..ثم والاهم ستنزل من فرن الشباك وتسحب الى التحويطة وتاخذ كمب شرشبوك وبرج حمود..إنت مع الطاشناق والا ضدهم”…هنا لاحظت وقوف واحد أو أكثر يتابع كلامنا مستمتعا بالسرد..هذا يسأل عن طريق الجديدة ثالث عن البسطة.واحد قال أنه من الاقليم ،بنايات داوود العلي ؟، فقلنا له :”أنت نافد بس الجية تحت (أقصد في نفسي، مكان رواية حسن داود 180 غروبا)، رايحة ..في حدا بيزعل. ويبدو ان صيداويا أحس بالقلق وسأل،شو صيدا راحت،! أجبناه لأ هوي تسونامي على الخفيف فقط بيوصل الى الجية”. وعندنا نستأنف سرد التسونامي المتخيل لبيروت … وطرحت السؤال المهم:وبالاسم الواضح ..”أولئكم وين بيكون طايف؟” فاجأوني كلهم بالاجابة.”.بيفطس تحت..ها ها ها”.
طبعا هذا مزح لبناني “سني” محلي.
أمام الكوارث البشرية ، ننسى خلافاتنا السياسية و نزاعاتنا مع أعدائنا ونعتبر نفسنا أننا امام عدو موحد هوالطبيعةو نهب جميعا لنتعاطف معالانسان بصرف النظر عن أي إعتبار.
هنا أعود إلى المقالة، وإنطلاقا من صدقية الرواية التي حصلت معي ومن رد فعل الجمهور الذي شعر بالقلق من هذه الكارثة ورفض حلولها حتى على من يصارعهم يوميا، أعود إلى فولي السابق:”أنا أشك فانا موجود” ومع تمنياتي بان يكون شكي في غير محله.