طهران- شفاف الشرق الأوسط
يجب أن تتم عملية إشراف مكثّفة على الترجمة لتحاشي التأثير السلبي الذي تتركه المصطلحات الفلسفية الغربية على الثقافة الايرانية وكبح جماح دخول الثقافة الغربية في ثقافتنا الاسلامية من خلال إستخدام تلك المفردات في الترجمة ـــ هنالك تيار مكشوف يسعى الى زرع الشقاق والفتنة في البلاد ـــ لدينا ما يكفي من المستمسكات ضد قادة الفتنة لمحاكمتهم ـــ على الاجهزة الامنية عدم التدخّل في عمل السلطة القضائية ــ هنالك موظـّـفون قاموا بكل وقاحة بتزوير الوثائق الحكومية وعملوا على سرقة المليارات ، يجب على هؤلاء أن يخافوا وأن يتحوّل أمنهم الى خوف. إنّ الجهاز(السلطة القضائية أم النظام؟؟!!) مصاب بالفساد؛ فعدم بقائه أفضل من بقائه.
ما سبق كان عيّنة من تصريحات رئيس السلطة القضائية في إيران “اية الله صادق لاريجاني”.
عندما تولّى رئيس السلطة القضائية في إيران منصبه الجديد في 8 أبريل 2009 اشتدّ النقاش بين المؤيدين لإختياره وبين من وجد في هذا الاختيار تشديداً للوضع القائم في إيران وقمعا مفرطا للحريّات المدنيّة بسبب خلفيّة “لاريجاني” التي يعرف عنها الكثير من الانغلاقيّة بسبب نقده العنيف لكتاب أصدره المفكرّر الايراني الاصلاحي “عبد الكريم سروش” يحمل إسم “القبض والبسط في الشريعة” ويدعو فيه الى مزيد من الانفتاح في الشريعة أمام الحداثة والعصرنة، وبسبب تكفير”لاريجاني” لأفكار هذا المفكّر.
إلّا أنه وبعد أن أخذ زمام المبادرة في السلطة القضائية وسلك إتّجاهات معارضة للمدعي العام السابق لطهران “سعيد مرتضوي”، المدان بجرائم قتل السجناء السياسيين في معتقل “كهريزك” من قبل التشريعيين في إيران وعزله عن منصبه وإستبداله بأخر، إتّجهت انظار بعض محللي الشأن الايراني الى اسباب هذا الانفتاح المفاجئ في فكر ورؤى “اية الله لاريجاني”. وعزا البعض هذا الامر الى التأثير الذي يمكن أن يتركه البعض من اشقائه أمثال “علي لاريجاني” ، رئيس البرلمان والذي يعرف بنهجه الاعتدالي القريب من توجّهات “رفسنجاني”. لكن لم يستمر هذا التفاؤل طويلاً، وأطلق رئيس السلطة القضائية في إيران تصريحاته النارية المعتادة ضدّ الاصلاحيين والحركة الخضراء ليوجّه لهم التهم قبل أن يدانوا وهو خرّيج مدرسة دينية عليه يفترض به أن يتريّث بأحكامه وأن لا يتسرّع وأن يأخذ بمبدأ أن المتـّهم برئ قبل أن تثبت إدانته.
في حين أنّ تصريحات رئيس هذه السلطة حوّلت هذا الجهاز الى سلطة منحازة بيد تيار ضاغط في النظام وقام بتحويل السلطة القضائية الى قضاء السلطة. وتثبت هذه التصريحات أنّ رئيس السلطة منزوع القدرة أمام إرادة تحكّمية لسلطات الامنية تعتقل من تشاء وتطلق سراح من تشاء وتدين من تشاء وتبرّؤ من تشاء. فقاضي محاكم الثورة يقول لعوائل السجناء بكل صراحة أنّ القرار يعود للقوى الامنية والـ”محققين” في وزارة المخابرات. وكان المحققون في السجون يقولون للمعتقلين السياسيين، (وقد سمعت ذلك منهم عندما كنت نزيلاً معهم) أنّ القاضي يوقـّّـع على الحكم الذي يوصي به المحقق في الأمن. إنّ معظم قضاة محاكم الثورة يعملون كسكرتيرين لمحققي الامن، وهذا طبعاً حسبما يقوله المحققون للمعتقلين السياسيين.
فأين من إستقلالية القضاء وفصل السلطات؟ وأين العدل الذي دوّخ الرئيس الايراني العالم به؟ فالقضاء في إيران يسير نحو التراجع في الاحكام وفي الضوابط القانونية. فاليوم نسمع بإقرار لائحة دعم الاسرة في البرلمان التي تتيح للرجل تعدد الزوجات دون إستئذان زوجته الاولى، ويوم أمس سمعنا بـ”إقرار قانون العقوبات الاسلامية”، وهو قانون يعود بالقضاء الايراني الى عصور أكل الدهر عليها وشرب.
فلن يحصل أي تطور ولا تنمية بشرية وديمقراطية في إيران ما دامت السلطات تخضع لرقابة شخص واحد وليس هنالك من فصل حقيقي بين السلطات الثلاث وخاصة القضائية التي تمثّل ديمومة المجتمع نحو الرقي وبسط العدل الانساني دون تمييز بين عرق أو ديانة. ولاتأتي عملية فصل السلطات مادامت عقلية الهيمنة على الانسان هي التي تحكم من يقود إيران اليوم.
falahiya25@yahoo.com
محمد حسن فلاحية صحفي ومعتقل سياسي قضى ثلاث سنوات في سجن “إفين ” بطهران*