بخطاب “خشبي”!: “المنظّمة” تعتذر عن خوض الحرب الأهلية وتتخلّى عن “الشيوعية”!

2

مثل غيرنا، فوجئنا بأن “منظمة العمل الشيوعي” ما زالت على قيد الحياة! فهي نتاج مرحلة اندثرت.. وربما لحسن الحظ!

مع ذلك..

–  لا يقول بيان “المنظمة” متى انعقد مؤتمرها “الرابع” الذي سيتم تنفيذ قراره بالتخلي عن “الشيوعية” في مؤتمر “خامس” نفترض أنه سيُعقد قريباً. لكن الإتحاد السوفياتي “العظيم” سقط في ١٩٨٩، وتبعته بقية “المنظومة” غير مأسوفٍ عليها! فلماذا انتظرت “المنظمة” حتى الآن (٣٠ عاماً) لتقول: “لم تعد هويتنا الشيوعية”؟
–  وسبق لـ”المنظمة” أن اعتذرت عن مشاركتها في “الحرب الأهلية”، والإعتذار يستحق التقدير!  ولكنه، هنا، يبدو متأخّراً لأن الحرب الأهلية توقفت “منذ حوالي العقود الثلاثة” كما يقول بيان “المنظمة”. وكان جديراً بـ”المنظمة” في معرض “النقد الذاتي” أن تسجّل أن أبرز مؤسّسيها ومنظّريها، “وضّاح شرارة”، كان ضد المشاركة في الحرب الأهلية منذ أول يوم من اندلاعها. وهو موقف متفرّد ومميّز (وربما كان وحيداً) يُسجّل له!

لكن، المفجع في خطاب ممثل “المنظمة” هو أن تغيير الإسم لا يبشّر بتغيير في “المضمون”!

– هل صحيح وصف “نظام الطائف القائم على المحاصصة الطائفية، المولد للصراعات والأزمات”؟ حتى لو نسينا دور المنظمات الفلسطينية في السبعينات، فماذا عن “الإحتلال الأسدي” ولاحقه “الإحتلال الإيراني”؟ هل سيطرة حزب الله المذهبي-الإيراني على الدولة اللبنانية أفضل من “اتفاق الطائف”؟
استطراداً، أين تقف “المنظمة” من الصراع الإيراني-الإسرائيلي انطلاقاً من الأراضي اللبنانية؟ مع لبنان، أم مع إيران؟ ولماذا “تعتذر” المنظمة عن مشاركتها في الحرب الأهلية ثم “تصمت وكأن على رأسها الطير” عن المشروع الإيراني لاستخدام لبنان “ساحة” في الصراع مع الإيراني مع إسرائيل؟
– هل صحيح “أن نظامنا (اللبناني) هو من أكثر الأنظمة العربية مناعة، بسبب طبيعته الطائفية والمذهبية..”؟ (ومع ذلك يحسدنا معظم العرب عليه!)
– ماذا يعني “بناء معارضة تقدمية، تنهل من فكر كمال جنبلاط، وتدافع عما استشهد من أجله القائد جورج حاوي، وتأخذ بنقاء وصفاء وانتماء أبو عمار وعبد الناصر”؟
هذا “شِعر” أم مشروع سياسي؟ 
ما المميّز في أن “شعب فلسطين يعيش ثورة دائمة في ظل حصار عربي ودولي، يتآمر عليه ببدعة صفقة القرن. التحية لفلسطين وشعبها الموحد في مواجهة صفقة العار.. إلخ. إلخ”؟
هل صحيح أن استثمار مليارات الدولارات في البنية التحتية للأراضي التي يعتبرها القانون الدولي “أراضي محتلة” أسوأ من حكم الإخوان المسلمين الأسود لقطاع غزة؟ وهل سيندثر الشعب الفلسطيني، فعلاً، إذا نجحت “مؤامرة” بناء إقتصاد فلسطيني حديث ومنتج في الضفة الغربية؟  بيان “المنظمة” لا يجيب، بل يكتفي بترداد مقولة “صفقة العار” و”المؤامرة”! فليلاً من الخيال..!
أخيراً، عند تأسيسها ابتعدت منظمة العمل الشيوعي “في لبنان”، بتأثير جناحها القادم من تنظيم “لبنان الإشتراكي” عن النزعة “العروبية” التي كانت “متفشّية في حينه! فلماذا تعود “المنظمة” الآن إلى هذه “الدوشة العروبية” والناس راجعة منها؟

*

وطنية – أقامت “منظمة العمل الشيوعي”- فرع البقاع، عشاءها السنوي الحاشد في الذكرى ال48 لانطلاقتها، في مطعم “وادي شمسين” في بر الياس، في حضور فاعليات سياسية وحزبية.

بعد النشيد الوطني، القى عضو الهيئة التنفيذية أمين سر فرع البقاع حاتم الخشن كلمة أكد فيها أن “يوم انطلاق المنظمة كانت راية العروبة خفاقة، والوطنية وسام والوحدة الاجتماعية تظلل جميع الفئات في كافة المناطق، وتدق الناس بقبضاتها الواثقة على جدار النظام الطائفي المذهبي المتحجر، معلنة أزمنة التغيير السلمي وفجر الديمقراطية”.

وتطرق الى الحرب الاهلية، وقال: “غلب منطق السلاح على العقول، واندلعت نيران الحرب الأهلية التي فتكت بالبشر، واحرقت الشجر، ودمرت الحجر. ورغم توقفها منذ حوالي العقود الثلاثة، فما زلنا ندفع أثمانها الباهظة من أعصابنا وفي اجتماعنا وسبل عيشنا وشعورنا بالأمن والهناءة في ربوع بلادنا ووطننا. والواضح أنه إلى الآن لا تزال اسبابها قائمة، وتطل برأسها بين الحين والآخر، عنفا عاريا وتقوقعا على الذوات الطائفية، وخرابا في بيئتنا، جبالا وسهولا، ومجاري ووديان أنهر وأمراضا تفتك بنا. يضاعف ذلك ديون متصاعدة، ما ينذر بالخراب والعجز والركود والبطالة لجيلنا، وأجيال آتية تطمح إلى العيش في وطن معافى وسط شعب هانئ. وفي سابقة هي الاولى من نوعها في الاحزاب السياسية اللبنانية كافة قدمت المنظمة الاعتذار من جميع اللبنانيين على استسهال ركوب الحرب الاهلية. نتوجه من كل اللبنانيين بالاعتذار عن مغامرة التغيير بواسطة الحرب الأهلية، التي نتذكرها كي لا ننسى، فتتكرر، ونعدكم بالوقوف معكم، في وجه كل من يسعى لإشعال نارها الكامنة تحت رماد الطوائف وتنازعها على الحصص. إن العهود السابقة والحالية لم ولن تفلح في معالجة الأزمات التي لا تحصى ولا تعد. والمؤكد أن السبب الجوهري هو نظام الطائف القائم على المحاصصة الطائفية، والمولد للصراعات والأزمات”.

وعن الواقع الاقتصادي والموازنة، قال: “يجمع خبراء الاقتصاد والمجتمع الدولي على أننا نغرق في أزمة اقتصادية خانقة، واننا دولة فاشلة إذا لم نجد الحلول التي تعيد الفاعلية لنظامنا ومؤسساتنا. وقيل إن من أهم أسباب الأزمة الفساد. ونحن نقول إن كل من في السلطة هو فاسد ومسؤول عن الأزمة، وقد ردوا بوعدنا أن موازنة اصلاحية سترى النور، فتمخض جبلهم ببعض البنود التي تخفض العجز على حساب الموظفين وأصحاب الدخل المحدود، وهي مجرد مسكنات لن تحقق سوى تأخير الكارثة التي تحوم فوق البلاد والعباد”.

وعن اسباب عزوف اللبنانيين عن النزول الى الشارع، قال: “ندرك أن نظامنا هو من أكثر الأنظمة العربية مناعة، بسبب طبيعته الطائفية والمذهبية التي تفيض نحو الأتباع والأزلام والمحاسيب. ورغم مناخات اليأس أدعوكم للتحلي بالأمل والإصرار على أن هذا الوطن لنا نحن المواطنين اللبنانيين الديمقراطيين العلمانيين العروبيين المؤمنين بقيام دولة العدالة الاجتماعية والقانون. وهذه لن تقوم إلا من خلال الصراع السلمي الديموقراطي، وبواسطة قوى علمانية عابرة للطوائف، بأحزاب يسارية وقومية وقوى مجتمع مدني وروابط، ونقابات تزخر بفلاحيها وعمالها وموظفيها وطلابها واساتذتها وحركاتها النسائية. نعلم أن ذلك صعب الآن، ولكنه غير مستحيل متى ننجح في تأسيس حركة شعبية ذات استقلالية صارمة عن السلطة وممثلي الطوائف. هي دعوة الى بناء معارضة تقدمية، تنهل من فكر كمال جنبلاط، وتدافع عما استشهد من أجله القائد جورج حاوي، وتأخذ بنقاء وصفاء وانتماء أبو عمار وعبد الناصر، وتقتدي بالمعاني الوطنية والقومية والثورية لنضال جميع من سبقنا. ولا تقنطوا من قدرة الشعوب، فمهما تردى واقع عالمنا العربي، واستبيحت أرضه للطامعين والطامحين، وارتهنت انظمته فليس ذلك قدرا يدوم، فالربيع سيتجدد لاسقاط انظمة الديكتاتورية والأصولية، وها قد عادت شمس العروبة والديمقراطية تشرق من السودان إلى الجزائر على أمل انتصارهم بعيدا عن العنف، وها هو شعب فلسطين يعيش ثورة دائمة في ظل حصار عربي ودولي، يتآمر عليه ببدعة صفقة القرن. التحية لفلسطين وشعبها الموحد في مواجهة صفقة العار، وندعو للرد على هذا التآمر بالوحدة الوطنية والقرار المستقل والنضال المثابر، لتبقى قضيتنا نابضة بالحياة”.

وأخيرا تحدث الخشن عن واقع “منظمة العمل الشيوعي في لبنان”، فقال: “إن هذاالاسم سيتغير حتما تنفيذا لقرار مؤتمرنا الرابع لدى انعقاد مؤتمرنا الخامس. إذ لم تعد هويتنا الشيوعية، ولقد قدمنا مبادرة فكرية سياسية تنظيمية تدعو إلى تأسيس حزب يساري ديمقراطي علماني يطلق شرارة التقدم والحريات العامة والفردية في ربوع بلادنا العربية. هذه المبادرة برسمنا وبرسم كل قوى اليسار والتقدم، وهي برسم كل دعاة التغيير والحالمين به، حيث نأمل أن تضيق التعارضات بيننا، وتتراكم قضايا نضالنا المشترك على قاعدة يسار مستقل استقلالا صارما عن الطوائف وأربابها. إن هذه المبادرة أعد بنودها وخطوطها وأسسها الرفيق أبو خالد محسن ابراهيم”. 

Leave a Reply

2 Comments
Newest
Oldest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
trackback

[…] جورج كتن على بخطاب “خشبي”!: “المنظّمة” تعتذر عن خوض الحرب الأهلية … […]

جورج كتن
جورج كتن
4 years ago

الصديق بيار .. اتفق معك في ان التخلي عن “الشيوعية” ونقد المشاركة في الحرب الاهلية جاء متأخرا ثلاثة عقود والخطاب لا يتحدث اي شيء عن ماذا يعني تغيير الاسم ، ويحق لنا ان نقول “رايحين على الحج والناس راجعة” الا اذا كان هناك وثائق قديمة لم نتطلع عليها توضح هذا الاتجاه. وخاصة الى اي مدى جرى التخلي عن الشيوعية، الذي يجب ان يكون مرفقا بنقد للنظرية وللخطأ الذي جرى بتبنيها، وما هو البديل .. الخطاب كما تقول عنه خشبي وكأنه خارج عن مهرجانات الستينات والسبعينات ، وخاصة النفس “العروبي” !! فهل ياترى لم يجر التخلي، مع عفش الشيوعية، عن عفش… Read more »

Share.

Discover more from Middle East Transparent

Subscribe now to keep reading and get access to the full archive.

Continue reading