الصورة: هاشم صفي الدين مع إبن مصطفى بدر الدين
استوقفني وانا اتصفح موقع فيس بوك للتواصل الاجتماعي، تعليق للشيوعي القح واليساري الراسخ في التاريخ “احمد اسماعيل” ابن بلدة زوطر الجنوبية، يقول فيه ما نصه “مصطفى بدرالدين ورد اسمه في اكثر من دولة ومطلوب لديه.. من الكويت الى روسيا الى اسرائيل.. ونتذكر خطف الدبلوماسيين السوفيات في بيروت.. وعلى ارض السورية اصبحت التصفيات بين الدول والمجموعات والجميع راضي بهيك لعبة…”
ما قله احمد، ايقض ذاكرتي، وانا منذ سمعت الخبر بمقتل بدر الدين، الذي يصفه كل من يعرفه بانه “ثعلب الامن والعسكر”، وانا افتش عن الاسباب التي ادت الى اصطياده او وقوعه في كمين الموت, خاصةً وانه لا بد تعلم درسا واضحا من عملية اغتيال سلفه و”صهره” ورفيق دربه “عماد مغنية” عام 2008 في سوريا، ومؤخرا عملية اغتيال “سمير القنطار” قبل نحو سنة وعلى الارض السورية، وانه رفع من مستوى احتياطاته الامنية في اسلوب تنقله على الارض السورية ومنها الى لبنان او خارجه.
ولا شك ان بدرالدين هو الذي وضع او كان احد اهم الواضعين مع عماد مغنية، كل الأسس الامنية والعسكرية التي يتبعها حزب الله، ان كان على مستوى حماية الاشخاص او حتى في الاحتياطات الامنية للمسؤولين العسكريين والافراد حتى! لذلك، فمن الصعب القبول بان اهمالاً قد حدث من قِبل بدرالدين ادى الى تسهيل عملية اصطياده، في مرحلة هي من الحساسية بمكان، اضافة الى اهمية دوره على الساحة السورية وحتى في هرمية الحزب واجهزتها وقربه من الامين العام، فهو المتهم الاول في ملف اغتيال الرئيس رفيق الحريري من قبل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان.
الاشارة التي استوقفتني في كلام “احمد اسماعيل” هي كلامه عن “خطف الدبلوماسيين السوفيات في بيروت” والتي جرت قرب السفارة الروسية في شارع المزرعة في بيروت بعد الاجتياح الاسرائيلي عام 1982، وحسب ما اذكر انها وقعت في بدايات عام 1983.
نبشتُ الذاكرة وما فيها، حتى استعدت حديثا ردده على مسامعي احد الاشخاص، بتاريخ 12/5/2012، وهو معروف بعلاقته مع الرفاق السوفيات سابقا ولاحقا مع الاخوة الروس، حديث حول حيثيات اختطاف الدبلوماسيين السوفيات في بيروت مطلع الثمانينيات، وان الاجهزة الامنية السوفياتية والروسية تحمل المسؤولية لعماد مغنية وفريقه، خاصة وانها انتهت الى مقتل ضباط في المخابرات السوفياتية، وانهم مازالوا يبحثون عن المشاركين في العملية من اجل الانتقام منهم. وانهم يعتقدون بان احد المسؤولين عن عملية الخطف يحمل اسما مزورا هو عزت خالد.
عندها لم اكن لدي اي اشارة الى امكانية مشاركة مصطفى بدرالدين في هذه العملية حتى جاءت اشارة المدون اليساري “احمد اسماعيل”على الفيس بوك، وبدا ان عملية الربط بين مقتل بدر الدين وهذه الاشارة قد تكون ممكنة، وان مقتله في هذه اللحظة التي يسود فيها “صمت قتالي” ووقف للعمليات الحربية على كل الجبهات في سوريا بين النظام وحلفائه من جهة والفصائل المعارضة وتنظيمي داعش والنصرة من جهة اخرى، يحمل الكثير من علامات الاستفهام! خاصة وان قيادة الحزب سارعت الى نفي تعرض اي من مقراتها في سوريا لهجوم او غارة من الطيران الاسرائيلي. وهذا النفي التقى ايضا مع نفي اسرائيلي اكد عدم قيام طيرانه الحربي باي عملية على الاراضي السورية، اضافة الى تأكيد البيت الابيض الامريكي ايضا بان اياً من طائراته او طائرات التحالف الدولي قد قامت بعملية او اقتربت من المكان الذي تعرض فيه بدرالدين للقتل.
نتائج التحقيق التي كشف عنها حزب الله ذهبت الى ان مقر اقامة بدرالدين تعرض لقصف من الجماعات المسلحة السورية، في وقت لم تتحرك هذه الجماعات، ولاول مرة، لتبنّي هذه العملية، على العكس من موقفها في عملية اغتيال سمير القنطار! اذ لم تترك حينها اي وسيلة تساعدها على ان تضع اغتيال القنطار في رصيدها، في مقابل صمتٍ اسرائيلي مريب، اعترف لاحقا انه الفاعل من داخل اجواء مرتفعات الجولان حتى لا يحرج صديقه الروسي. وكان الحزب واضحا في موقفه واتهامه وتأكيده على الرد الذي لم يتأخر من خلال العملية الدقيقة في الزمان والمكان للرد على مقتل القنطار بحيث لا تسمح باتهامه بخرق قرار وقف العمليات الحربية 1701.
قد يكون حزب الله على معرفة اكيدة بالجهة التي قامت بقتل بدرالدين، وان الانفجار الهائل الذي وصفه بيان الحزب لا يمكن عن يحدث من عدة قذائف، لانه من المستبعد ان يتزامن انفجارها في وقت واحد. واتهام الجماعات المسلحة يعني ان الحزب قد تلقف الرسالة بكل وضوح، وهو يحاول ان يوظفها من اجل استعادة السيطرة على شارعه ومقاتليه من اجل الاستمرار بالمعركة السورية، بما يسمح له بفرض معادلة جديدة خارج الحسابات والتفاهمات الروسية الامريكية.
اسرائيل تنفي، وواشنطن وبيتها الابيض ينفيان ايضا، والمسلحون في سوريا لم يتبنّوا! فهل طبق الروس مقولة سبق لامين عام حزب الله السيد حسن نصرالله ان اطقها “نحن قوم لا نترك اسرانا او شهداءنا من دون ان نثأر لهم”؟ سؤال قد تكون الاجابة عليه مبكرة، الا انه يفتح الطريق امام تقديرات بان التباين بين الاهداف الروسية في سوريا والاهداف الايرانية ومعها الحزبية بدأت بالظهور، وقد لا تقف عند هذا الحد، وسيكون لها تداعيات، وماذا وكيف سيكون الرد او الموقف الايراني على هذه التطورات؟
مقال مثير عن الانتقام مهما طال الزمن .حتى عند الدول الكبرى.
الاكثر اثاره التعليقين الدقيقين بقلمين يعرفان تفاصيل الأحداث..
أولاً، رواية المقالة اعلاه غير دقيقة، ثانياً، عملية خطف الرهائن الروس بعهد الاتحاد السوفياتي حصلت بتاريخ 16 مارس 1985 على يد عماد مغنية، ثالثاً، مصطفى بدر الدين كان داخل سجن دولة الكويت منذ عام 1983 الى عام 1991 بعدما فر منه على اثر احتلال الكويت من قبل القوات العراقية بعهد صدام حسين الراحل.
هناك مغالطة في تاريخ خطف اليبلوماسيين الروس التاريخ عام 1986 أثناء معارك طرابلس بين الجيش السوري وحركة التوحيد الأسلامية الطرابلسية بزعامة الراحل الشيخ سعيد شعبان يومها ساند كل من حزب البعث السوري والحزب القومي والحزب الشيوعي وساعدوه على دخول طرابلس فسهل مسؤول الأمن للحزب الأشتراكي أبو هيثم خطف الديبلوماسيين الروس الأرعة من شارع مارألياس فوق ثكنة الحلو وقتل يومها الديبلوماسي الروسي أركادي كاتاكوف الذي قاوم خاطفيه وأحتجزوا في الرويس بمعمل أنجي والذي خطفهم عماد مغنية لوجود مصطفى بدرالدين في سجن دولة الكويت لضلوعه بعمليات أغتيال امير الكويت الشيخ جابر أثناء دعم الكويت لصدام في حربه ضد الخميني بدر الدين ليس… قراءة المزيد ..