انتخب السويسري – الإيطالي جياني إينفانتينو رئيسا جديدا للإتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) خلفا لمواطنه سيب بلاتر خلال اجتماع الجمعية العمومية غير العادية الذي انعقد يوم الجمعة 26 فبراير في زيورخ بعد تحصله في الجولة الثانية من التصويت على 115 صوتا من إجمالي 207. وبعدما أخفقت الجولة الاولى في الخروج بفائز حصل إنفانتينو الذي كان يشغل منصب الامين العام للاتحاد الاوروبي للعبة على 115 صوتا مقابل 88 للبحريني الشيخ سلمان بن ابراهيم ال خليفة رئيس الاتحاد الآسيوي. ونال الأمير الأردني علي بن الحسين أربعة أصوات بينما لم يحصل الفرنسي جيروم شامبين على أي صوت.
وكانت الجمعيةُ العمومية للفيفا قد عقدت ابتداء من صباح الجمعة مؤتمرا استثنائيا لاختيار خلف سيب بلاتر. وقبيل لحظات من بداية عملية الإقتراع أعلن رجل الأعمال الجنوب إفريقي طوكيو سيكسويل، أحد المرشحين الخمسة، انسحابه من السباق. وكان المندوبون قد اعتمدوا في بداية فعاليات المؤتمر برنامجا إصلاحيا شاملا، الأهم في تاريخ الفيفا منذ نشأتها قبل 112 عاما، بهدف إصلاح صورة المنظمة التي اهتزت بسبب فضائح الفساد العديدة التي عصفت بها.
وقد رفضت محكمة التحكيم الرياضية طلب الأمير الأردني علي بن الحسين (40 عاما) – النائب السابق لرئيس الإتحاد الدولي لكرة القدم وأحد المرشحين الأربعة لخلافة بلاتر – بتأجيل انتخابات رئاسة الفيفا [بسبب يتعلق بحجرات التصويت]. أما المرشحون الثلاثة الآخرون، فهم الفرنسي جيروم شامباني (57 عاما)، الذي شغل في السابق منصب أمين عام مساعد للفيفا، والبحريني الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة (50 عاما)، رئيس الإتحاد الآسيوي لكرة القدم، والإيطالي السويسري جياني إنفانتينو (45 عاما)، الأمين العام لـ الإتحاد الأوروبي لكرة القدم.
وقبل الشروع في عملية التصويت، أعلن طوكيو سيكسويل، وهو سجين سياسي سابق كان من مناهضي نظام الميز العنصري في جنوب افريقيا، وصديق الراحل نيلسون مانديلا، انسحابه من المعركة لتكريس جهوده “لخدمة الرئيس المقبل”.اعتماد إصلاحات “حاسمة”
وكانت فعاليات المؤتمر الإستثنائي للفيفا قد استُهلت صباح الجمعة بالمصادقة وبأغلبية ساحقة على الإصلاحات المقترحة للتطبيق في الاتحاد في أعقاب فضيحة الفساد الكبرى التي تعصف به. ووافق 89% من الأعضاء على الإصلاحات التي تتضمن وضع قيود على استمرار كبار المسؤولين في مناصبهم بحد أقصى 12 عاما على ثلاث ولايات، تمتد كل واحدة منها لأربع سنوات بالنسبة لرئيس الفيفا، وكذا لكل أعضاء مجلس الفيفا، ولجنة التدقيق المالي والإمتثال، والأجهزة القضائية، وكذلك الكشف عن تفاصيل رواتبهم ومكاسبهم المالية، ومنح النساء فرصا أفضل.
ويذكر أن بلاتر (79 عاما) قد تولى رئاسة الفيفا منذ عام 1998، وأعيد انتخابه لولاية خامسة في شهر مايو 2015، لكنه استقال بعد بضعة أيام من فوزره. وفي ديسمبر 2015، أعلنت لجنة الأخلاقيات بالاتحاد الدولي لكرة القدم معاقبة سيب بلاتر بالإيقاف لمدة ثماني سنوات عن كافة الأنشطة المتعلقة بكرة القدم، بسبب تحقيقات في مدفوعات بقيمة مليوني فرنك سويسري (2,2 مليون دولار) من الفيفا إلى الفرنسي ميشيل بلاتيني (60 عاما) – رئيس الإتحاد الأوروبي لكرة القدم الموقوف أيضا عن مزاولة مهامه – عام 2011 بخصوص مهمة أُنجزت ما بين 1998 و2002.
في افتتاح الجلسة (التي يمكن متابعتها مباشرة هنا)، دافع رئيس الفيفا المؤقت، عيسى حياتو، بقوة عن هذه الإصلاحات التي اعتبرها “حاسمة” بالنسبة لمستقبل المنظمة. وقال ضمن السياق نفسه: “إن أنظار العالم تتركز علينا هذا الأسبوع بعد واحدة من أصعب الفترات في تاريخنا. واعتماد هذه الإصلاحات سيبعث برسالة قوية، تشير إلى أننا أصغينا [للإنتقادات] ونتخذ التدابير اللازمة لاستعادة الثقة وتحسين أدائنا”.
وكما هو معلوم، تسعى الهيئة المُسيِّرة للرياضة الأكثر شعبية في العالم إلى استعادة سمعتها التي تلطخت في شهر مايو 2015 بسبب الكشف عن فضيحة فساد كبيرة. وقد أطلقت وزارة العدل الأمريكية ملاحقات قضائية ضد العديد من قادة الفيفا، ومُدراء شركات ذات صلة بنشاطات التسويق والترويج لكرة القدم بسبب دفع رشاوى تقدر قيمتها بأكثر من 150 مليون دولار.لا بلاتر ولا بلاتيني
كان سيب بلاتر يأمل في المشاركة في المؤتمر ولكن لجنة الإستئناف بالإتحاد الدولي لكرة القدم قرّرت يوم 24 فبراير الجاري رفض إلغاء العقوبة على كل من سيب بلاتر وميشيل بلاتيني، بسبب انتهاك لوائح القيم، غير أنها قلصت الإيقاف المفروض على الرجلين إلى ستة أعوام بدلا من ثمانية.
ومن جهته، كان بلاتيني يأمل في الترشح لخلافة بلاتر، لكن آماله اندثرت بعدما تقرر منعه من مزاولة أي نشاط في مجال كرة القدم، على الصعيدين الوطني والدولي.
*
طريقة التصويت
تم التصويت على الرئيس الجديد من طرف الإتحادات الوطنية الأعضاء في الفيفا المسموح لها بالتصويت أي 207 من أصل 209 (بما أن فدراليتي الكويت وأندونسيا ممنوعتان من المشاركة في هذا الإقتراع بسبب ما وصف بـ “تدخلات حكومية” في أسلوب عمل الإتحادين، في تعارض مع قوانين الفيفا).
ومن الناحية الإجرائية، يُصوت كل اتحاد بشكل سري، ما يتيح له نظريا حرية كاملة إزاء أية تعليمات يمكن أن تصدر عن الكنفدراليات القارية. ولكل اتحاد صوت واحد، ما يعني أنه لا فرق بين أصغر دولة وأكبرها،بغض النظر عن ثقلها الكروي أو الاقتصادي أو السكاني، وبالتالي تتساوى دول مثل بروناي أو أندورا مع دول أخرى مثل الولايات المتحدة، وإيطاليا وألمانيا.
ولحسم النتيجة من الجولة الأولى، يتطلب الأمر الحصول على ثلثي عدد الأصوات، أي 138 صوتا، وإن لم ذلك في الجولة الأولى، تُجرى جولة ثانية يفوز بها من يحصل على الأغلبية البسيطة، أي أكثر من 50% من الأصوات (104).
وفي حالة عدم حصول أي مرشح على الأغلبية، يتم إقصاء المرشح الذي حصل على أقل عدد من الأصوات، ثم تُجرى جولة أخرى من التصويت حتى تحسم النتيجة بحصول أحد المرشحين على الأغلبية.
ويظل المرشحان الأوفر حظا لخلافة بلاتر، السويسري – الإيطالي جياني إنفانتينو (45 عاما)، والشيخ البحريني سلمان بن إبراهيم آل خليفة (50 عاما). ويذكر أن إنفانتينو كان قد تلقى في يناير الماضي تأييدا “كاسحا” من الإتحادات الوطنية الأعضاء في الإتحاد الأوروبي (ما يمثل 53 صوتا)، بينما أعلن الاتحاد الافريقي الشهر الماضي أيضا عن مساندته للمرشح البحريني (46 صوتا).