إستماع
Getting your Trinity Audio player ready...
|
في ذكرى اغتيالِ والديه وشقيقته، خرج سليمان فرنجيه من الصف واعتبر انه، عملاً بمقررات لقاء بكركي الذي جمعَ من صنَفَهم البطريرك الراعي “الاقوياء في الطائفة المارونية” ليعتبرَ ان رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، هو الاحق بترشيح التيار العوني لمنصب رئاسة الجمهورية! لقاءُ بكركي الذي جمع حينها كلاً من الجنرال ميشال عون والدكتور جعجع والرئيس الاسبق امين الجميل، وسليمان فرنجيه، برعاية البطريرك الراعي، اتخذ حينها قرار بترشيح العماد عون لرئاسة الجمهورية باعتباره الاكثر تمثيلا لدى المسيحيين.
ولكن من هو سليمان فرنجيه الذي يعتبر نفسه اليوم صاحب حق في تولي رئاسة الجمهورية اللبنانية؟
“الشفاف” يعيد نشرَ المقال التالي (وتاريخُه الأصلي هو 14 كانو الثاني/يناير 2022) الذي يلقي الضوء على سيرة الرجل.
*
خاص بـ”الشفّاف”
قِلَّةُ منَ القادة والزعماء في لبنان حُظوا بقدرٍ لا متناهٍ من المُسامحة والتَسامح على أخطائهم وهَفواتهم السياسية في حقِّ مُواطنيهم وفي حقِّ البلاد! ويتقدمُ هؤلاء، من دون منازع، سليمان بيك فرنجيه « الزغير »، اللقبُ الذي رافقهُ خلال نشأته في كَنَفِ جَدِّهِ الرئيس الراحل سُليمان فرنجيه، للتمييز بين الجد والحفيد.
الذين لا يَعرفون، او الذين يَعرفون، تَدَرُّجَ مَسيرتهِ السياسية الى اليوم، كُلُّهُم يَعطفونَ على « البيك » الذي تمَّ اغتيالُ أهله وشقيقتِه الطفلة بطريقة تراجيدية! ولم يَنجُ الطفلُ سليمان فرنجيه من الاغتيال بمحضِ الصدفة إلا لأنه لم يكن مع أهله في قصرِهم الصيفي في بلدة « اهدن » شمال لبنان، في الثالث عشر من حزيران من العام 1978.
في ذلك العام كان الخلافُ بين والِده « طوني فرنجيه »، وقائدِ ميليشا القوات النظاميه الكتائبية، « بشير الجميّل »، قد بلغَ ذُروتَه. ولم تنجح محاولاتُ البطريرك الماروني، بُطرس خريش، في مصالحة الرجلين، بل تعمّقَ الخلافُ بينهما في اللقاء الذي حصل في البطريركية، برعايةِ البطريرك، وغادرا على خلافٍ وليس على وِفاق.
ا
من عاصرَ تلكَ المرحلة، يَعرفُ ان الخِلافَ لم يَكُن سياسياً بين الرَّجُلين!
بشير الجميل، لَمعَ نَجمهُ في أوساط المَوَارنة قائداُ عسكريا، لا يهابٌ الموتَ يقتلُ ويقاتلُ على الجبهات، منذ العام 1975. وطوني فرنجيه، وزيرٌ ونائبٌ ونجلُ رئيس جمهورية، وقائدٌ عسكري، قاتلَ على الجبهات، وأنشأَ لواءَ “المردة »، وخاض معارك في وجه مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية وحلفائها من قوى اليسار اللبناني على مَحاوِر « مِرياطه » و« عِشاش » وصولاً الى تخومِ بلدة « زغَرتا ».
وعندما أراد بشير الجميّل، توحيدَ البندقية “المسيحية“، تطلع الى طوني فرنجيه، بوصفه الندَُ الأبعد والذي يمكن تطويعُهُ بسرعة، تمهيداً لتطويع سائر التنظيمات المسلحة المسيحية، التي نشأت خلال الحرب! من « نمورِ الاحرار »، بقيادة داني شمعون، نجلِ رئيسِ الجمهورية اللبنانية كميل شمعون، و« التنظيم » بقيادة جورج عدوان، و« حراس الارز » بقيادة إتيان صقر المعروف بـ« أبو ارز” »، و« الباش مارون »، في الدكوانة، وسواهم.
بدأَ الجميّل توحيدَ البندقيةِ المسيحية، بالسعي الى توحيد « الجباية المالية »! وهي عَمليّاَ “الخُوّات” التي كانت تُفرَض على المؤسساتِ في المناطق المسيحية، دعماً لما أسموه حينِها “المجهودَ الحربي“ للمقاتلين على الجبهات. وكانت عين الجميل على شركات “الترابة” (الإسمنت) في “شكا” في شمال لبنان، التي كانت الجِباية منها معقودةً لدعمِ لواءِ “المردة »، كونُهُ يتولّى الدفاعَ عن الشمال المسيحي. فأرادَ الجميل الابن، مُصادرةَ “الجباية” من شكا، وتحويلها الى صندوقٍ مركزي في بيروت، ليعادَ في ما بعد تحويلُ حاجاتِ لواء “المردة » الى قيادته.
رفض طوني فرنجيه توحيدَ “الجباية المالية”، خصوصاً ان ميليشيا الكتائب كانت تضعُ يَدها على “الحوض الخامس” في مرفأ بيروت، وعلى جميعِ المؤسسات في العاصمة وجبل لبنان، ولم تكن في حاجة الى مواردِ الشمال. ورأى في موقفَ الجميّل سعياً الى وَضعهِ ولواءِ “المردة »، تحتَ هيمنة ميليشيا الكتائب اللبنانية، من جهة، وقيادة الجميّل من جهة ثانية.
وعلى هذا، كان الصدامُ واقعاً حتما. فبدأَ في “شِكّا”، حيث اقتحمَ مُسلّحون من “المَرَدة » مكاتبَ “القَطع” التي كان يتولاها رئيس اقليم كتائب زغرتا، جود البايع، فَقُتِلَ مع عددٍ من مرافقيه.
لم يتأخر رد بشير الجميّل! فجرّد حملةً عسكرية على بلدة « إهدِن »، مَسقطَ رأس طوني فرنجيه، ونَقلَ الى الشمال اكثر من الفي مقاتل من ميليشياته، من سائر الاراضي اللبنانية، تحت اعين ونظر ومراقبة قوات “الردع العربية“. وعلى مدى اكثر من اسبوعين، جمعَ مُقاتليه في تُخوم « بشري »، وقرية “كرم سَده“، وهاجم « إهدن » في الثالث عشر من حزيران من العام 1978. قُتل في الهجوم النائب طوني فرنجيه وزوجته فيرا وابنته جيهان، التي لم تكن قد تجاوز عمرها السنتين ونصف السنة، وثلاثين شخصا من انصار فرنجيه، والعديد من مقاتلي الكتائب. واصيب حينها سمير جعجع، وكان احد القادة العسكريين المولجين بالحملة على اهدن، الى جانب ايلي حبيقة الذي لم يكن نجمُه قد سطع بعد.
نجا سليمانُ الصغير من الإغتيال. فسارع جدُهُ الرئيس فرنجيه الى احتضانِه. وعلى الأثر، بدأَ فرنجيه الجدّ مسيرةً سياسيةً جديدة. فانسحبَ من “الجبهةِ اللبنانية“، وأحيا علاقاتِه القديمة، التي لم تنقطع أصلا، بالقيادة السورية، التي ربطته بها معرفة وثيقة، وصداقة شخصية مع آل الاسد، تعود الى مرحلة لجوئه الى سوريا، مع عدد من انصاره، إثر ما يُعرف في الشمال بـ« مجزرة مزيارة »، التي ادت الى مقتل 32 شخصا من آل الدويهي في كنيسة “مِزيارة”، في صراعِ الدُيوك بين عائلاتِ زغرتا.
سليمان الصغير المفجوع بمقتل والديه، تَعرَّضَ لمحاولةِ اغتيال في « مدرسة الفرير » في طرابلس، حيث كان يقيمُ مع عَمَّتِهِ في طرابلس لاستكمال تعليمه. فقد اكتُشِفَت عبوةٌ ناسفة تمَّ دَسُّها في مَقعده الدراسي، في الصف الثاني تكميلي! فاستدعاهُ جَدُّهُ الى زغرتا، وهو في الثالثة عشرة من العمر وابقاهُ الى جانبه! ففي زغرتا حمايته مضمونة، اكثر من طرابلس التي تتنازع شوارعها تنظيماتٌ مختلفة ومتعددةُ الولاءات ويَسهلُ اختراقها.
في زغرتا، حُظي الحفيدُ بدعم ورعاية الجَد، في حين ان عمَّهُ روبير فرنجيه انصرفَ الى تولّي الشؤون السياسية والعسكرية للعائلة ولتنظيم “المَرَدة”، برعايةِ سوريا الاسد، واحتضانِها للصديق الرئيس سليمان فرنيجه وعائلته، ما سهل للواءِ “المَرَدة » السيطرة على معظمِ الشمال المسيحي، من « المَدفون » جنوب زغرتا، مروراً بوسط قَضائَي “البترون” و”الكورة” وصولاً الى “زغرتا”، وقضاء “بشَرّي”.
استفردت عائلة فرنجيه بالشمال المسيحي، مدعومةً بجيشٍ سوري، لا يرفض طلبا للعائلة، حتى ان مقاتلي “المردة » كانوا أكثر سطوةً في الشمال المسيحي، من عناصرِ الجيش السوري.
وحين يَنشأُ خلافٌ بين “المَرَدة » والجيشِ السوري، او اي تنظيم عسكري في محافظة الشمال، كان يكفي اتصالٌ من الرئيسِ فرنجيه ليُحسِم الخلاف لصالحِ “المردة » ظالمينَ كانوا او مظلومين..
تولى روبير فرنجيه قيادة لواء “المَرَدة” خلفاً لشقيقه المغدور، وهو بِطبعِه كان يميلُ الى حياةٍ مختلفة لا تُغريه العسكرةُ والفُتوة، ولا القبضايات، يميل اكثر الى القراءة، والهدوء، في حين ان ابنَ شقيقه، استهوتهُ حياة والده وجَدِّهِ، في “المَرجلةّ والفُتوّة، فكان اقرب اليهما من عمه، وكان يمضي الكثير من اوقاته بين المقاتلين، الذين كانوا يراعونه، فطلباته اوامر وتَمنياته اوامر! كيف لا، وهو الزعيم الُمرتَقب، ليخلفَ والِدَه حين يشتدًّ عودُه، وكيف يشتدُّ عُوده، ما لم يكن يخالط هؤلاء الاشدّاءَ المَزهوين بأصولهم وانتسابِهم الى “المردة ».
في السابعة عشر من العمر، أنشأ سليمان الصغير كتيبةً عسكرية، من ضمن “لواء المردة”، أطلق عليها تسمية (3/400) ضمت قرابة 600 مقاتل، أشرف على تدريبهم وتنظيمهم وتجهيزهم ضُبّاطٌ من الجيشِ السوري، وحَلّت الكتيبة تدريجياً مكان اللواء الذي أسسه والدُه، ويقوده عمُّه، وصولا الى إقصاءِ عمِّه بهدوء عن القيادة العسكرية، ولاحقا عن الشأن السياسي.
مدعوما من جده، ظالما كان سليمان الحفيد ام مظلوما، ومحتضناً بالكامل من عائلة الاسد الذي انتقلت اليه صداقتها العائلية، فربطته بباسل الاسد نجل الرئيس السوري حافظ الاسد صداقة شخصية، انتقلت لاحقا الى شقيه بشار الاسد قبل ان يتولى رئاسة الجمهورية السورية، صداقة كانت كافية لجعل اكبر ضابط سوري، يعمل لصالح فرنجيه على مساحة الوطن وليس في الشمال فقط.
في مطلع شبابه، تزوج للمرة الاولى، من ماريان ابنة رياض سركيس المعروف بقربه من الحزب الشيوعي، وذات يوم قصد حميّه، ليسأله: “كيف يمكن الغاء الطائفية من البلاد؟” وفي يقينه ان هناك وصفة سحرية يملكها انصار الحزب الشيوعي لالغاء الطائفية!
عيّن فرنجيه نائبا خلفا لوالده في العام 1992، وواصل فوزه في الدورات الانتخابية اللاحقة حتى سقوطه في العام 2005. وحين كان والي لبنان غازي كنعان يحدد من يدخل جنة البرلمان البناني ومن يخرج منه، رأس فرنجيه كتلة نيابية من نواب 11 نائبا، وهو لم يتجاوز التاسعة والعشرين من العمر، تضم نواب البترون والكورة وزغرتا وبشري وابن عمته كريم الراسي الذي فاز بمقعد الروم عن عكار.
منذ حداثة سنه سياسيا، فاخر فرنجيه الحفيد، بانتسابه الى ما يسميه “الخط“، والخط بالنسبة لفرنجيه، ترجمته اليوم محور الممانعة، ولا يكف يردد كلما سنحت له الفرصة انه ما زال ضمن “الخط” العروبي بقيادة سوريا الاسد، ويشيد بعلاقاته الشخصية مع الرئيس السوري بشار الاسد، والتي لم ولن يقطعها.
وبأمر الوالي كنعان، كانت طلبات فرنجيه في الوزارات لا تًرد، وتمت ترقيته وهو حديث السن في السياسة الى مرتبة الاقطاب السياسيين، فكان ندأ لرفيق الحريري ولوليد جنبلاط ونبيه بري، ومدللا عند حزب الله، وله حصة الموارنة في زمن الوصاية والاحتلال السوري، صديقا لميشال المر وايلي حبيقه وكل من يطلب فرنجيه صداقته كانت تصله الى منزله.
ولانه حديث السن في السياسة، وهو يجلس الى طاولة مجلس وزراء برئاسة عملاق مثل رفيق الحريري، أشاع أنصاره، ان فرنجيه احتلف مع رفيق الحريري، على موضوع « أسلمة لبنان »! وان الخلاف اشتد حتى ان فرنجيه ضرب الحريري بمنفضة كانت امامه!
بطبيعة الحال، لم يكن الحريري يسعى لـ « أسلمة لبنان »، ولا تجرأ فرنجيه على ضربه بمنفضة! ولكنها إشاعة اراد منها انصار فرنجيه ايجاد مكان له في عهد الحريرية السياسية من موقع الندية للحريري.
وكان لفرنجيه مع كل العهود سلطة مدعومة من ولي الامر السوري، بأوامر مباشرة من الرئيس السوري حافظ الاسد وبعده نجله بشار.
فكيف لا يكون فرنجيه مؤتمنا وأمينا على علاقته بـ« الخط »، ذلك « الخط » الذي بقي يدعمه حتى اليوم!.
حين كان وزيرا للصحة العامة، أوقف فرنجيه عقد مستشفى رزق في الاشرفيه مع وزارة الصحة، ونقل المرضى الذين يتعالجون على حساب وزارة الصحة من مستشفى رزق الى مستشفيات أخرى! والسبب ان الوزير اسعد رزق رفض إجراء عمليات زرع كلى لثلاثة عشر مواطنا سوريا على حساب وزارة الصحة، واعتبر ان اللبنانيين احق بمال الوزراة من السوريين، وان من يريد العلاج في لبنان عليه أن يدفع ثمن علاجه من حسابه او من حساب دولته وليس من حساب اللبنانيين! فعوقب بتوقيف عقد مستشفاه مع الوزارة.
يُسَجَّل لفرنجيه، وكان يتولى منصبَ وزيرِ الداخلية، يوم اغتيلَ الرئيسُ الشهيد رفيق الحريري، انه رفضَ ردمَ الحُفرة التي نتجت عن تفجير الاغتيال المشؤوم، وأمرَ بالمحافظة عليها لجمع الادلة. ويُسجل عليه ان محلات العاب “البينغو” انتَشرت، أثناء تولّيه الوزارة مثل الفِطر في جمبع المناطق اللبنانية، فكانت تمنح تراخيص الالعاب لكل من يرغب من المقربين والمحاسيب والانصار، وكذلك من الحلفاء.
في العام 2005، خسر فرنجيه الانتخابات النيابية، لصالح اين عم والده سمير فرنجيه. ولانه لم يعتَد الخسارة يوما، وحين غادر جيشُ الاسد لبنان، واغتيلَ رئيس الحكومة رفيق الحريري، أثناء تولي فرنجيه وزارة الداخلية، كان على فرنجيه ان يدفع ثمن انتمائه الى « الخط »، وثمن مسؤوليته وإن غير المباشرة عن اغتيال رئيس حكومة اثناء توليه وزارة الداخلية. حينَها، أوعز لانصارِه بمهاجمة منزلِ ابن عم والده، في اهدن، وراحوا يرشقون المنزل بالبيض والبندورة، ومنهم من كان مُسلّحاً، رافضين نتيجة الانتخابات، وسقوط البيك! فما كان من سمير فرنجيه الا ان غادرَ اهدن ولم يعد اليها حتى مماته ليُدفنَ في ترابها!
في الانتخابات الاخيرة، خرج سليمان فرنجيه من الندوة البرلمانية مفسحاً المجالَ امام نجله “طوني” ليحلَّ محله نائبا، وعينُ الاب على رئاسة الجمهورية! وهو، لدرجة امانته لـ« الخط »، رفض ان يكون رئيساً في احدى جلسات انتخاب رئيس للجمهورية، حين رشحه زعيم تيار المستقبل، الرئيس سعد الحريري، والتأمت الجلسة، وكان ينقص حضور نائبين ليكتمل النصاب القانوني للانتخاب! وكان بامكان فرنجيه ان يحضر الجلسة مع كتلته النيابية التي تراجعت من 11 نائبا الى 3 نواب، لكي يكتملَ نصابُ الجلسة القانوني ولكي يتم انتخابُ سليمان فرنجيه رئيسا! إلا أن أمانة الاخير لـ « الخط »، وانصياعهِ لرغبةِ امين عام حزب الله حسن نصرالله، حالا دون مشاركته في الجلسة، ودون انتخابه رئيسا!
وبِمَونة « الراعي »، امين عام حزب ايران، صعد فرنجيه الى بعبدا ليؤكد ان لا خلاف بينه وبين الرئيس عون، مع انه هاجمه أكثر من مرة!! حتى انه عبّرَ عن تشاؤمه من اكتشاف النفط في لبنان، لأن “الرئيس عون، كان يقود السفينة التي بدأت أعمال التنقيب“! إلا أنه عاد، وبناءً على تمني الراعي “نصرالله”، واعربَ عن صداقته من ضمن « الخط »، مع الرئيس عون. ولكنه لن يحضر جلسات الحوار، عاتباً على الوزير باسيل، متسائلاً كيف يمكنه التحالفُ مع باسيل، والاخير يتهمه بالفساد!
يقال عن فرنجيه إنه “مبدئي”، وانه “لا يساوم”! ولكنه، في الحقيقة، يساومُ حيث تدعو الحاجة. فهو فاوض حزب « القوات اللبنانية » قبيل انتخاب الجنرال عون رئيساً، ليضمنَ حصولَهُ على موافقة « القوات » لترشيحه من قِبَل حليف « القوات » سعد الحريري. واستمرت المفاوضات رَدحا من الزمن، حيث ابدى فرنجيه استعداده لزيارة « معراب »، ولقاءِ قائد « القوات » الذي لطالما اتهمه باغتيال والده، مع علمه ان جعجع شارك في العملية العسكرية، ولكنه اصيب على بعد عشرات الامتار من قصر والده ونُقل الى “مستشفى اوتيل ديو” في بيروت، وهو قاربَ ان يفارقَ الحياة، قبل ان يُقتلَ والدُه ووالدته وشقيقته.
فرنجيه تراجع عن زيارة « معراب »، ليس لسبب سياسي او ثأري شخصي، بل لأنه طلب ان يصدر عن الزيارة بيانٌ يؤكد ُتأييدَ « القوات » لترشيح فرنجيه للرئاسة. الامر الذي رفضه جعجع، بحجة ان المصالحة بين « القوات » و« المردة » تعلو وتفوق انتخابات الرئاسة، الامر الذي اعتبره فرنجيه تهربا من جعجع لتبني ترشيحه، وان جعجع يريد الافادة من زيارة فرنجيه من دون ان يعطيه في المقابل اي تعهد.
وبعد انتخاب عون رئيساً، تقدمت « القوات » في علاقتها مع التيار العوني، فنشطت الاتصالات على خط « معراب » – « بنشعي »، لتسفرَ عن مصالحة بين جعجع وفرنجيه برعاية البطريرك الراعي.
مبدئية فرنجيه تتوقفُ عند حدود “قصر المهاجرين” في دمشق، و “حارة حريك” في العاصمة بيروت! لعله يدرك ان حجمه اكبر بكثير من الدور المنوط به، لذلك هو لن يتنازل عن الانتماءِ لـ« الخط »، الذي لم يعرف سواه، وسيبقى علامة فارقة في السياسة اللبنانية، حيث انه دخلها يافعا، وتخبّط في مطباتها منفردا ومتحالفا مع آخرين من « الخط ».
يقف فرنجيه اليوم بين سلسلة رغبات. اولها رغبة الامين العام لحزب الله، حسن نصرالله، وتوازيا رغبة صديقه الدائم الرئيس السوري بشار الاسد، ورغبتهِ هو بأن يتبوأ منصب رئيس الجمهورية، ما يلزمهُ مراعاة رغبات المملكة العربية السعودية، وأخصام ما يُسمّى الثنائي الشيعي في بيروت، ومقتضيات مصلحة المجتمع الدولي، الذي يصنّف حزبَ الله، اي حليف فرنجيه وداعمه الرئيسي الى اليوم، حزباً ارهابيا!
هل يستطيع فرنجيه ان يجمع في شخصه كل هذه الاضداد؟ ام انه سيتّكل كالعادة على تقاطع الظروف والدعم غير المشروط له من سوريا ومن « الحزب »؟ وهل ما زال هذا الدعم فاعلا ومؤثرا؟
الايام المقبلة كفيلة بالجواب على هذه التساؤلات.